الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسئلة:
س1/ يقول الحديث الوارد في شرح ابن أبي العز للطحاوية في موضوع الشفاعة فيه خلط بين أنواع الشفاعة، ثم لو أراد شخص الاستزادة هل يرجع إلى هذه الكتب؟
ج/ الحمد لله مسألة الشفاعة ليست من المسائل الغامضة أو العزيزة، هي موجودة في كل كتب العقيدة؛ لكن من حيث الحديث الذي ورد حديث الشفاعة الطويل كلام ابن أبي العز عليه حسن فيُرْجَعْ إليه.
س2/ ما حكم قول من قال لمن ذهب إلى الغزو: إن استشهدت فاجعلني من السبعين الذين تشفع لهم. وهل إذا قُتل يكون شهيدا؟
ج/ الله المستعان، كما جاء في البخاري أنَّ عمر رضي الله عنه لمَّا كَثُرَ قول الناس في ذلك، لما رجعوا من معاركهم يقول (تقولون فلان شهيد وفلان شهيد، والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله، والله أعلم بمن يُستشهد في سبيله)(1) .
فالمسألة عسيرة ولذلك لا يقال لأحد إنه شهيد، الشهيد فلان، هذا جزم لأنّ الشهداء معلومة منزلتهم في الأحاديث، فلا يجوز أن يقال فلان شهيد لأنه حكم له من أنه من أهل الجنة وهذا موقوف على معرفة النية والخاتمة.
وقد ذُكِرَ رجل بأنه استشهد فقال صلى الله عليه وسلم في حقه «لا هو في النار» (2) فلما رأوا إذا هو قد غلَّ شَمْلَةْ، نسأل الله العافية.
وما أحسن قول أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه لما رأى الناس وما توسعوا فيه قال (إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نَعُدُّها على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات)(3) .
والناس لا يتوسعون في الألفاظ خاصة العالم، طالب العلم ما يتلاعب بالألفاظ الشرعية بالمدح؛ لأنه بالتلاعب بالألفاظ تذهب معالم الدين وتذهب حراسته، فلابد لطالب العلم أن يكون حريصاً على ألفاظه حتى يسلم أولاً وحتى لا ينشر شراً بالألفاظ، ولهذا صار من علامات يوم القيامة أو مما يكون قرب الساعة أن يُقَالَ فلان أمين فلان فيه كذا فيه كذا من أنواع المدح، كما جاء في الحديث «فلان أمين ما أجلده ما أظرفه وليس في قلبه من الإيمان حبة خرذل» (4) .
فالثناء يكون بما فيه إذا أراد المرء أن يُثني على أحد يكون بما فيه وبما لا يتضمن محظوراً شرعياً؛ لأنّ الثناء على المرء بما فيه يشجّع ويحثّ المرء به الآخرين على الخير وينتشر الخير، ولكن لا يكون في وجهه حتى لا يكون مدحا إلا لمصلحة شرعية.
ولهذا ينبغي على طلاّب العلم ألا يتوسّعوا في الألفاظ الخادشة بالشرع أو التي ليس لها أصل في الشرع أو التي فيها مؤاخذة في الاعتقاد كلفظ الشهيد، الشهيد فلان، الشهيد فلان، والله المستعان.
س3/ هل يشفع الغريق والمحروق بسبعين من أهل بيته؟
ج/ لا أعلم.
س4/ ذكر بعض أهل العلم أنَّ من أنواع الشفاعة: الشفاعة بأقوام استحقوا النار بأن لا يدخلوها، فما الدليل على هذا النوع من أنواع الشفاعة؟
ج/ الدليل «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» ، بعض أهل العلم قال وهذا النوع لا دليل عليه؛ لكن هذا ليس بصحيح، لأن قوله صلى الله عليه وسلم «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» هذا يعم نوعي أهل الكبائر فيمن استحق النار وفيمن دخل النار، ولذلك جعلتهم لك في التقسيم في نوع واحد، في جعلتها لك في أحد (5) أنواع الشفاعة لأجل أن الدليل واحد في النوعين معا.
س5/ ما توجيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث «أسألك بحق السائلين عليك» (6) ؟
ج/ هذا ذكره الشارح والبحث فيه معروف، وخلاصة الكلام أنَّ دعاء الخارج إلى المسجد في قوله أسألك بحق السائلين عليك في الحديث المعروف الذي رواه ابن ماجه وغيره بإسناد ضعيف وحسَّنَهُ بعض أهل العلم كالحافظ ابن حجر وغيره، معنى «أسألك بحق السائلين عليك» يعني أسألك بصفة الإجابة أسألك بصفة إجابتك للسائل؛ لأن حق السائل على الله ? أن يجيبه أو أن يثيبه، كما قال سبحانه {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] .
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الدعاء:
- منه دعاء مسألة.
- ومنه دعاء عبادة.
{أَسْتَجِبْ لَكُمْ} في دعاء المسألة بإعطائكم السؤال.
و {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} في دعاء العبادة بالإثابة.
ولهذا قول القائل: «أسألك بحق السائلين عليك» حق السائلين صفة الله ? وهي إثابتهم أو إجابتهم.
فإذاً هو سأل بصفة من الصفات، والسؤال بالصفة جائز.
س6/ ما رأيك في من يقول إن شروط طلب الشفاعة أن يكون حاضراً حيّاً قادراً، وأنها تتوفر في الجن، وكيف نرد على ذلك؟
ج/ هذا ربما أنه من أصحاب الجن؛ لأنه إذا كان عَلِمْ أنه حاضر وحي، كيف علم أنه قادر؟
ثم كيف علم أنَّهُ مسلم؟ لأنَّ الجن عند أهل العلم خبرهم ضعيف وشهادتهم غير مقبولة.
(1) النسائي (3349) / المسند (285) / المستدرك (2521)
(2)
البخاري (2898) مسلم (320)
(3)
البخاري (6492) / المسند (12625)
(4)
البخاري (6497) / مسلم (384) / الترمذي (2179) / ابن ماجه (4053)
(5)
وهو النوع الثاني من الشفاعة في المسألة الرابعة.
(6)
ابن ماجه (778)
ولهذا الأحاديث التي يرويها أهل العلم وفي إسنادها جني عندهم ضعيفة كما هو معروف في مصطلح الحديث.
كذلك قَبول الخبر -فضلاً عن الشفاعة- متوقّف على معرفة العدالة، والجني إنما يُسْمَعُ صوته عند من سمع صوته ولا يعرف عدالته، وقول القائل أنا مسلم وأنا أشهد، يعني لو قال الجني خاطبه بهذا الكلام، فإنه لا يعني أنه صادق في ذلك؛ لأنه تراه في الإنس يقول كذا وهو كاذب، فإذا كان شيطاناً فإنه قد يكذب في ذلك.
لهذا نقول: قبول قول الجني في هذه الأشياء متوقّف على القول بعدالته، والعدالة مبنية على الرؤية والمشاهدة، وهذه غير حاصلة، فلذلك لا يؤخذ بقول الجن ولا بشهادتهم، نعم قد يكون خبرهم خبراً من الأخبار التي يُتَثَبَتْ منها كما يقال، يعني قيل لا يعتمد ولا يؤخذ به.
هذا في مسألة قبول الخبر. فكيف بأن تُطْلَبْ منه الشفاعة؟
فإذا كان طلب الشفاعة من الإنسان فيها ما فيها، فكيف تطلب من جني لا يُرى ولا يُعرف حاله، لا شك أن هذا من وسائل الشرك ومن ذرائع التعلق بالجن والغائبين.
نسأل الله ? أن يعيذني وإياكم من مضلات الفتن، ومما يقرب إلى مساخطه، وأن يوفقنا إلى ما فيه رضاه، وأن يشرح صدورنا لطاعته، وأن يُعلي مقامنا في الجنة إنّه جواد كريم.
كما أسأل المولى جل جلاله أن لا يحرمنا شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا ممن حظي بها ومُنَّ عليه بها.
اللهم فاغفر ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا واجعلنا من الصّالحين وثبت أقدامنا إنك على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد. (1)
(1) انتهى الشريط الخامس عشر.
: [[الشريط السادس عشر]] :
الحمد لله رب العالمين وولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليما كثيرا.
نجيب على بعض الأسئلة فيما يجتمع الإخوة.
الأسئلة:
س1/ هل يجوز لعن من فيه نَصٌّ بدخول النار كقاتل الزبير بن العوام رضي الله عنه، هذا إن صَحَّ حديث «بشّر قاتل ابن صفية بالنار» (1) ، إلى آخره؟
ج/ هذه المسألة مبنية على حكم اللعن، وهل يجوز للمسلم أن يلعن أم لا؟
واللعن:
- إما أن يكون لمسلم، يعني أن يلعن مسلمٌ مُسْلِمَاً.
- وإما أن يلعن المسلم كافِرَاً.
فهاتان مسألتان.
ولعْن المسلم اختلف فيه أهل العلم؛ هل يجوز لعْن المسلم الذي ارتكب شيئا يستحق به اللعن أم لا؟ على أقوال.
والصحيح منها أنّ اللعن يجوز أن يتوجه للجنس لا للمُعَيَّنِ من المسلمين، فلا يجوز أن يَلعَنَ مُسْلِمٌ مُسْلِماً معيّنا، ولو كان قد فعل كبيرة أو كان فَعَلَ أو كان كاذباً أو كان ظالماً ونحو ذلك، فلا يجوز أن يُلعَنَ المسلم، واستدلّوا على ذلك بقول الصحابة لرجل كان يشرب الخمر وجُلِدَ مرة ومرتين، ثم لما أوتي به بعد ذلك قال أحدهم (لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به) فقال صلى الله عليه وسلم «لا تقولوا هذا فإنه يحب الله ورسوله» (2) فدل هذا على أنَّ المسلم المعين الذي يشرب الخمر لا يُلعن مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعن الجنس فَلَعَنَ في الخمر عشرة؛ لعن شاربها وساقيها إلى آخره، فدلَّ على التفريق ما بين الجنس وما بين المعين، وهذا من مثل الآيات التي في هذا الباب {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18] ، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:78-79] ، فالذي لا يتناهى عن المنكر من المسلمين لا يُلعن بعينيه وإنما قد يُلعن بوصفه، وكذلك أشباه هذه لعنة الظالم ولعنة الكاذب إلى آخره.
فإذاً هذا النوع وهو لعن مسلم مسلماً فإنه لا يجوز لعن المعين؛ لكن قد يُلعن الصفة، يُلعن الجنس كما لَعن الله ? ولعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك لعن الكاسيات العاريات وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حقهن «أينما لقيتموهن فالعنوهن فإنهن ملعونات» (3) ، هذا لعنٌ للجنس، والقاعدة منطبقة عليه لأنَّ المرء لا يجوز أن يلعن مُعَيَّنَة مسلمة لكونها كاسية عارية، فقوله «أينما لقيتموهن فالعنوهن» يعني لعن الجنس لا لعن المعينة، مثل لعن شارب الخمر ولعن المرابي وأشباه ذلك.
أما المسألة الثانية وهي لعن مُسْلِمٍ كافراً فالعلماء اختلفوا فيها على قولين:
1-
القول الأول: جواز أن يُلعن الكافر المعين؛ لأنَّ الكافر المعين ليس له حق وعِرضه غير مصان؛ ولأنَّ معنى اللعن طلب الطرد والإبعاد من رحمة الله وهو متحقق في الكافر، فجاز عند هؤلاء أن يَلْعَنُ المسلم الكافر المعين كما يلعن جنس الكفرة، واستدلوا لذلك أيضا بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ أقواما بعينهم من كفار قريش. (4)
(1) المسند (681) / المستدرك (5580)
(2)
البخاري (6780)
(3)
المسند (7083) / ابن حبان (5753) / المستدرك (8346)
(4)
لما رواه البخاري (240) وغيرخ من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ا (أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَجِىءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِى فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ، لَا أُغَيِّرُ شَيْئاً، لَوْ كَانَ لِى مَنْعَةٌ. قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ» . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ - قَالَ وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِى ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ - ثُمَّ سَمَّى: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ» . وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْهُ قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَرْعَى فِى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ)
2-
القول الثاني: وهو الصحيح أنَّ الكافر أيضا لا يُلْعَنْ بعينه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما لعن أقواما نزل قول الله ? في حقهم {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128] ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يلعن؛ ولأنَّ اللَّعَّانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة، يعني من جرى اللعن على ألسنتهم.
وكذلك يدل عليه أيضا -يعني على امتناع لعن الكافر المعين- أنَّ السنة لم تأتِ به، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يلعن كافرا بعينه إلا هؤلاء ونزل فيهم قول الله ? {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، لهذا قال طائفة من العلماء: إنّ لعن الكافر المعين منسوخ بهذه الآية.
ويلحق ببحث لعن الكافر لعن الشيطان أو لعن إبليس، وهذا أيضا اختلف فيه أهل العلم على قولين:
1-
القول الأول: منهم من أجاز لعنه بعينه لقول الله ? {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ} [النساء:117-118] ، وما جاء في الآيات في لعن إبليس وطرده عن رحمة الله ?.
2-
القول الثاني: أنه لا يُلْعَنْ إبليس ولا الشيطان لما صَحَّ في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن الشيطان أو عن لعن إبليس وقال «لا تلعنوه فإنه يتعاظم» (1) رواه تمَّام في فوائده وغيره بإسناد جيد، قالوا: فهذا يدل على النهي عن اللّعن، وهذا متّجه في أنَّ اللعن عموماً في القاعدة الشرعية أنَّ المسلم لا يلعن؛ لأنّ اللعن منهي عنه المؤمن بعامة، ومن أعظم ما يكون أثراً للعن أنَّ اللَّعان لا يكون شفيعاً ولا شهيداً يوم القيامة.
والمسألة فيها أيضاً مزيد بحث فيما جرى من لعن يزيد، ولعن بعض المعينين؛ ولكن الإمام أحمد لما سئل عن حال يزيد قال: أليس هو الذي فعل بأهل المدينة يوم الحرة ما فعل، أليس هو كذا؟
فقال له: لم لا تلعنه؟
فقال: وهل رأيت أباك يلعن أحداً.
وهذا يدل على أنَّ ترك اللعن من صفات الأتقياء، وأنَّ اللَّعن من صفات من دونهم إذا كان في حقّ من يجوز لعنه عند بعض العلماء، أما لعن من لا يستحق اللعن فهذا يعود على صاحبه؛ يعني من لَعَنَ من لا يستحق اللعن عادت اللعنة؛ يعني الدعاء بالطرد والإبعاد من رحمة الله على اللاعن والعياذ بالله.
(1) المسند (23141) / شعب الإيمان (5184)