الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المسألة الرابعة] :
في إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)
.
(لا) نافية للجنس.
(إله) هو اسمها مبني على الفتح.
و (لا) النافية للجنس مع اسمها: في محل رفع مبتدأ.
وحق: هو الخبر؛ وحق المحذوف هو خبر، والعامل فيه هو الابتداء أو العامل فيه (لا) النافية للجنس على الاختلاف بين النحويين في العمل.
و (إلا الله)
(إلا) استثناء؛ أداة استثناء.
(الله) مرفوع، وهو بدل من الخبر، لا من المبتدأ؛ لأنه لم يدخل في الآلهة حتى يُخرَج منها؛ لأن المنفي هي الآلهة الباطلة، فلا يَدخل فيها -كما يقوله من لم يفهم- حتى يكون بدلا من اسم لا النافية للجنس، بل هو بدل من الخبر.
وكون الخبر مرفوعا والاسم هذا مرفوعا، يُبيِّنُ ذلك أن التابع مع المتبوع في الإعراب والنفي والإثبات واحد.
وهنا تَنْتَبِهْ إلى أن الخبر لما قُدِّرَ بـ (حق) صار المُثبَتْ هو استحقاق الله عز وجل للعبادة.
ومعلوم أنّ الإثبات بعد النفي أعظم دلالة في الإثبات من إثباتٍ مجرد بلا نفي.
ولهذا صار قوله (لا إله إلا الله) وقول (لا إله غير الله) هذا أبلغ في الإثبات من قول: الله إله واحد، لأن هذا قد ينفي التقسيم ولكن لا ينفي استحقاق غيره للعبادة.
ولهذا صار قوله عز وجل {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، وقول القائل (لا إله إلا الله) بل قوله تعالى {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات:35] جمعت بين النفي والإثبات، وهذا يسمى الحصر والقصر، ففي الآية حصر وقصر.
وبعض أهل العلم يعبر عنها بالاستثناء المفرّغ وهذا ليس بجيد، بل الصواب فيها أن يقال هذا حصر وقصر، فجاءت (لا) نافية وجاءت (إلا) مثبتة ليكون ثَمَّ حصرٌ وقصرٌ لاستحقاق العبادة في الله عز وجل دون غيره.
وهذا عند علماء المعاني في البلاغة يفيد الحصر والقصر والتخصيص، يعني أنَّهُ فيه لا في غيره.
وهذا أعظم دلالة فيما اشتمل عليه النفي والإثبات.
ومعنى كلمة التوحيد وتفصيل الكلام عليها ترجعون إليه في موضعه من كلام أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى.
[المسألة الخامسة] :
على قوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ) أنَّ هذه الكلمة فيها إثبات توحيد العبادة لله عز وجل كما ذكرنا.
وتوحيد العبادة لله عز وجل لا يستقيم إلا بشيئين كما ذكرنا: بنفي وبإثبات.
فالنفي وحده لا يكون به المرء موحداً، والإثبات وحده لا يكون به المرء موحداً، حتى يجمع ما بين النفي والإثبات.
نفي استحقاق العبادة لأحد من هذه الآلهة الباطلة، وإثبات استحقاق العبادة الحقة لله عز وجل وحده دون ما سواه.
وهذا هو معنى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، فلا يستقيم توحيد أحد حتى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله.
ومن كان إيمانه بالله صحيحا كان كفره بالطاغوت صحيحا، إذ ثَمَّ ملازمة ما بين هذا وهذا.
وإثبات توحيد الإلهية على هذا المعنى بين النفي والإثبات يتضمن إثبات توحيد الربوبية؛ لأنَّ كل موحد لله في الإلهية موحد لله عز وجل في الربوبية، وكذلك مستلزم لإثبات صفات الكمال لله عز وجل؛ لأنه لا يُعبد إلا من كان متصفا بصفات الكمال.
هذا خلاصة ما يشتمل عليه قوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ) .
في هذا القدر كفاية وأسأل؛ الله عز وجل لي ولكم النور في الدنيا وفي الآخرة والإهتداء التام والأمن التام إنه كريم جواد سميع الدعاء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.