المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم كما أمكن في العقود والفسوخ والإقرارات وغيرها - شرح القواعد السعدية

[عبد المحسن الزامل]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أولاً: تعريف القاعدة:

- ‌القاعدة معناها لغة:

- ‌فالحسي:

- ‌والمعنوي:

- ‌واصطلاحاً:

- ‌ ثانياً: يذكر العلماء في باب القواعد ما يسمى الضابط، فهل هو ومسمى القاعدة واحد أو بينهما فرق

- ‌ ثالثاً:‌‌ الأشباهوالنظائر هل هي مختلفة، أو معناها واحد

- ‌ الأشباه

- ‌الأمثال

- ‌النظائر:

- ‌ رابعاً: ال‌‌قواعد الأصولية و‌‌القواعد الفقهية:

- ‌قواعد الأصول

- ‌القواعد الفقهية:

- ‌القواعد الأصولية:

- ‌ خامساً: كيف تصاغ القواعد الفقهية:

- ‌ سادسًا: كم عدد القواعد

- ‌ سابعاً: القاعدة هل يُحتج بها أو لا يُحتج بها

- ‌ ثامناً: إذا خالف الحاكم أو القاضي القاعدة، هل يقبل حكمه أو لا يُقبل

- ‌القاعدة الأولى الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة

- ‌القاعدة الثانية الوسائل لها أحكام المقاصد، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون، وطرق الحرام والمكروهات تابعة لها ووسيلة المباح مباح، ويتفرع عليها الأعمال ومكملاتها تابعة لها

- ‌القاعدة الثالثة المشقة تجلب التيسير

- ‌1) مشاق لا تنفك عنها العبادة

- ‌2) مشاق تنفك عنها العبادات غالباً

- ‌أ) مشقة عظيمة جداً:

- ‌ب) مشقة يسيرة جداً:

- ‌ج) مشقة وسط:

- ‌القاعدة الرابعة الوجوب يتعلق بالاستطاعة، فلا واجب مع العجز، ولا حرام مع الضرورة

- ‌الحالة الأولى: أن يكون قادرًا ببدنه قادرًا على ما أمر به:

- ‌الحالة الثانية: قادر ببدنه عاجز عن الآلة المأمور بها:

- ‌الحالة الثالثة: عاجز ببدنه، قادر على الآلة التي أمر بها:

- ‌القاعدة الخامسةالشريعة مبنية على أصلين:

- ‌القاعدة السادسة الأصل في العبادات الحظر، فلا يُشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والأصل في العادات الإباحة، فلا يحرّم إلا ما حرَمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌القاعدة السابعة التكليف وهو البلوغ، والعقل شرط لوجوب العبادات، والتمييز شرط لصحتها إلا الحج والعمرة، ويشترط لصحة التصرف التكليف والرشد، ولصحة التبرع التكليف والرشد والملك

- ‌1 - الاحتلام:

- ‌2 - استكمال خمس عشرة سنة:

- ‌3 - نبوت الشعر الحسين حول القُبُل:

- ‌القاعدة الثامنة الأحكام الأصولية والفروعية لا تتم إلا بأمرين وجود الشروط وانتفاء الموانع

- ‌القاعدة التاسعة العرف والعادة يرجع إليه في كل حُكمٍ حَكَم الشارع به ولم يَحدّه

- ‌القاعدة العاشرة البينة على المدّعي، واليمين على من أنكر في جميع الدعاوي والحقوق وغيرها

- ‌القاعدة الحادية عشر الأصل بقاء ما كان على ما كان، واليقين لا يزول بالشك

- ‌القاعدة الثانية عشر لابد من التراضي في عقود المعاوضات والتبرعات والفسوخ الاختيارية

- ‌1) اللفظ:

- ‌2) الفعل:

- ‌3) الكتابة:

- ‌4) الإشارة:

- ‌5) السكوت:

- ‌القاعدة الثالثة عشر الإتلاف يستوي فيه المتعمد والجاهل والناسي

- ‌القاعدة الرابعة عشر التلف في يد الأمين غير مضمون إذا لم يتعد أو يفرّط، وفي يد الظالم مضمون مطلقاً أو يقال ما ترتب على المأذون فيه فهو غير مضمون، والعكس بالعكس

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌القاعدة الخامسة عشر لا ضرر ولا ضرار

- ‌القاعدة السادسة عشر العدل واجب في كل شيء، والفضل مسنون

- ‌القاعدة السابعة عشر من تعجَّل شيئاً قبل أوانه، عوقب بحرمانه

- ‌القاعدة الثامنة عشر تضمن المثليات بمثلها، والمتقوِّمات بقيمتها

- ‌القاعدة التاسعة عشر إذا تعذّر المسمّى رجِع إلى القيمة

- ‌القاعدة العشرون إذا تعذر معرفة من له الحق، جُعِل كالمعدوم

- ‌القاعدة الحادية والعشرون الغرر والميسر محرّم في المعاوضات والمغالبات

- ‌القاعدة الثانية والعشرون الصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون من سبق إلى المباحات فهو أحق بها من غيره

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون تُستعمل القُرعة عند التزاحم ولا مُميز لأحدهما أو إذا علمنا أنا الشيء لأحدهما وجهلناه

- ‌القاعدة السادسة والعشرون يُقبَل قول الأُمناء فى التصرف أو التلف ما لم يخالف العادة

- ‌القاعدة السابعة والعشرون من ترك المأمور لم يبرأ إلا بفعله، ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان فهو معذور ولا يلزمه شيء

- ‌القاعدة الثامنة والعشرون يقوم البدل مكان المبْدَل إذا تعذر المُبدل منه

- ‌القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف أو شرط أو استثناء أو غيرها من القيود

- ‌القاعدة الثلاثون الشركاء في الأملاك يشتركون في زيادتها ونقصانها، ويشتركون في التعمير اللازم، وتُقسَّط المصاريف بحسب مِلكِهم، ومع الجهل بمقدار ما لكل منهم يتساوون

- ‌القاعدة الحادية والثلاثون قد تتبعّض الأحكام بحسب تفاوت أسبابها

- ‌القاعدة الثانية والثلاثون من أدّى عن غيره واجبًا بنية الرجوع عليه؛ رجع وإلا فلا

- ‌القاعدة الثالثة والثلاثون إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، فيقدم الواجب على المستحب، والراجح من الأمرين على المرجوح، وإذا تزاحمت المفاسد واضطر إلى واحد منها قدّم الأخف منها

- ‌القاعدة الرابعة والثلاثون إذا خُيِّر العبد بين شيئين فأكثر فإن كان التخيير لمصلحته فهو تخيير يرجع إلى شهوته واختياره، وإن كان لمصلحة الغير فهو تغيير يلزمه فيه الاجتهاد

- ‌القاعدة الخامسة والثلاثون من سقطت عنه العقوبة لموجِب ضُعِّفَ عليه الضمان

- ‌القاعدة السادسة والثلاثون من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه، وإن كان لمضرته فلا ضمان عليه

- ‌القاعدة السابعة والثلاثون إذا اختلف المتعاملان في شيء من متعلقات المعاملة يرجع أقواهما دليلًا

- ‌القاعدة الثامنة والثلاثون إذا عاد التحريم إلى نفس العبادة، أو إلى شرطها فسدت، وإذا عاد إلى أمر خارج لم تفسد، وكذلك المعاوضات، فرجوع التحريم إلى نفس العبادة أو إلى شرطها: إما إلى ذاتها أو ماهيتها أو ركن من أركانها

- ‌القاعدة التاسعة والثلاثون لا يجوز تقديم العبادة على سبب الوجوب، ويجوز تقديمها بعد وجود السبب وقبل شرط الوجوب وتحققه

- ‌القاعدة الأربعون يجب فعل المأمور به كله، فإنه قدر على بعض وعجز عن باقيه فعل ما قدر عليه

- ‌القاعدة الحادية والأربعون إذا اجمتعت عبادتان من جنس واحد تداخلت أفعالها واكتفى عنهما بفعل واحد إذا كان المقصود واحدًا

- ‌القسم الأول: أن تكون الحدود خالصة لله تعالى أي محض حق لله تعالى:

- ‌الأول: أنا لا يكون فيها قتل:

- ‌الثاني: أنا يكون فيها قتل:

- ‌القسم الثاني: إذا كانت محض حق الآدميين:

- ‌القسم الثالث: أن تجتمع حدود الله وحقوق الآدميين:

- ‌الأول: أن لا يكون فيها قتل فيُستَوفَى الجميع:

- ‌الثاني: أن تجتمع كالأول ولكن فيها قتل:

- ‌الثالث: أن يتفق الحدّان في المحل ويكون تفويتًا كالقتل والقطع:

- ‌القاعدة الثانية والأربعون استثناء المنافع المعلومة في العين المنتقلة بمعاوضة جائز، وفي التبرعات يجوز استثناء المدة المعلومة والمجهولة

- ‌القاعدة الثالثة والأربعون من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة، فإنه قبضها لحظ مالكها قبل

- ‌القاعدة الرابعة والأربعون إذا أدّي ما عليه، وجب له ما جُعِلَ له عليه

- ‌القاعدة الخامسة والأربعون من لا يُعتبر رضاه في عقد أو فسخ لا يعتبر علمه

- ‌القاعدة السادسة والأربعون من له الحق على الغَير وكان سبب الحق ظاهرًا فله الأخد من ماله بقدر حقه إذا امتنع أو تعذر استئذانه، وإن كان السبب خفيًا فليس له ذلك

- ‌القاعدة السابعة والأربعون الواجب بالنذر يلحق بالواجب بالشرع

- ‌القاعدة الثامنة والأربعون الفعل الواحد ينبني بعضه على بعض مع الاتصال المعتاد

- ‌القاعدة التاسعة والأربعون الحوائح الأصلية للإنسان لا تُعَدّ مالاً فاضلاً

- ‌القاعدة الخمسون يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً

- ‌القاعدة الحادية والخمسون الأسباب والدواعي للعقود والتبرعات معتبرة

- ‌القاعدة الثانية والخمسون إذا قويت القرائن قُدّمت على الأصل

- ‌القاعدة الثالثة والخمسون إذا تبين فساد العقد بطل ما بُني عليه، وإن فسخ فسخاً اختيارياً لم تبطل العقود الطارئة قبل الفسخ

- ‌القاعدة الرابعة والخمسون العبرة في المعاملات بما في نفس الأمر

- ‌القاعدة الخامسة والخمسون لا عذر لمن أقرّ

- ‌القاعدة السادسة والخمسون يقوم الوارث مقام مورّثه في كل شيء

- ‌القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم كما أمكن في العقود والفسوخ والإقرارات وغيرها

- ‌القاعدة الثامنة والخمسون الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً

- ‌القاعدة التاسعة والخمسون الفكرة إذا كانت بعد النفي أو الاستفهام أو الشرط تفيد العموم

- ‌القاعدة الستون (من)، و (ما) و (أي)، و (متى)، و (أل)، والمفرد المضاف يدل كل واحد منها على العموم

الفصل: ‌القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم كما أمكن في العقود والفسوخ والإقرارات وغيرها

‌القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم كما أمكن في العقود والفسوخ والإقرارات وغيرها

كلام الناطقين لا شك أنه يكون أحياناً صريحاً في المراد، وأحياناً صريحاً في غيره، وأحياناً محتمل، وكلام الناطقين يختلف بحسب النية وبحسب القرائن، وهذا سبقت الإشارة إلى شيء منه، لكن حمله على مراده هو الواجب، وكذلك كلام الله سبحانه وتعالى فإنه يجب حمله على مراده، فلا يجوز حمله على ظاهر ظهر لنا أن الناطق لا يريده، أو أنه يريد خلافه فيجب حمل كلام الناطقين في العقود والإقرارات، وكذلك الواقفين والموصين، وما أشبه ذلك، كلها يجب حملها على مراده، فمن حملها على الظاهر المطلق الذي يظهر أن الناطق لم يرده اضطرب عليه كلام الناس ولم ينضبط، فهذا جار في كلام الناس، وكلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وكلام الناطقين ومرادهم ونياتهم على أقسام:

القسم الأول: أن تظهر مطابقة القصد للفظ مطابقة تامة، وأن يعرف أن الظاهر مطابق للقصد تماماً، وهذا يختلف، وقد يكون درجات يصل في بعض الأحيان إلى درجة القطع واليقين أنه أراد ذلك الشيء، وهذا هو الأصل في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام.

ص: 275

وكلما كانت الأمور أعظم التى يتكلم بها الشارع كلما كان وضوح القصد أظهر وأبين، ولهذا تجد أن النصوص في أسماء الله وصفاته سبحانه وتعالى فيها من الوضوح والبيان في الدلالة على معانيها الغاية من ذلك والبيان التام الذي لا فوقه بيان في إثبات أسمائه تعالى وصفاته، ولهذا تجد من ضل عن هذه لا يضل إلا عن بدعة أو مرض أو ضلال والعياذ بالله؛ لوضوح النصوص وأنها غاية في تمام البيان والفصاحة والبلاغة في المراد منها.

من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "أنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تُضامون في رؤيته. . . "(1) هذا من أوضح المراد في رؤيته سبحانه وتعالى وأنه يراه أهل الجنة في الجنة، فلو أراد إنسان أن يثبت الرؤية بطريق لم يستطيع أن يثبتها بطريق أوضح من هذا الطريق فليس فوق هذا اللفظ شيء يوضح مراده في إثبات المعنى الذي قصد إليه.

القسم الثاني: ما يظهر أن المتكلم لم يرد معناه ولم يقصد إليه، عكس القسم الذي قبله، وهذا على ثلاثة أنواع:

النوع الأولى: أن لا يكون مريداً لمقتضاه مطلقاً: ككلام المكره.

مثاله: إنسان أكره على إقرار أو على عقد من العقود فباع بيته مكرهاً بالتهديد أو بالضرب، أو إنسان نائم فتكلم بكلام فصار يبيع ويشتري ويعقد العقود وهو

(1) رواه البخارى في كتاب التوحيد برقم (7436)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم (1002) كلاهما من حديث جرير بن عبد اللة البجلى رضي الله عنه ولفظه مرفوعاً:"إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تُضامون في رؤيته".

ص: 276

نائم، أو السكران، فهذا نقطع أنّه لم يرد ما نطق به، بل نطق لكونه مكرهاً أو مغلوباً على عقله لكونه سكراناً أو مغمى عليه، أو لكونه مسلوب العقل، فهو إما مسلوب العقل كالمجنون أو محجوب العقل كالنائم، أو مغلوب العقل كالمغمى عليه، فهؤلاء كلهم تصرفاتهم غير معتبرة.

النوع الثاني: أن يكون مريداً لخلافه كالمورّي الملغِز الذي يأتي بألغار ولها ظاهر لكنه في باطن الأمر يريد خلافه.

مثال: إنسان سُئل: هل عندك فلان؟ قال: لا، فهذا ظاهره أنه ليس موجودًا عنده في البيت، لكنه لم يقصد ذلك بل قصد أنه ليس موجودًا أمامه، أو ليس موجودًا بجانبه، أو ليس موجودًا في المجلس، فهذا يريد خلف ظاهر الأمر.

النوع الثالث: ما هو ظاهر في المراد ويحتمل غيره، وهذا النوع هو الذي وقع فيه الخلاف، فهل يعتبر الظاهر أم يعتبر القصد؟.

والصحيح أنه يعتبر القصد، وعلى هذا أدلة الشرع وهذا جار في أشياء كثيرة، مثاله: في عقد العينة من باع سيارة بمائة ألف ريال إلى أجل على إنسان، ثم اشتراها منه بثمانين ألف ريال، ثم دفعها إليه، فهذا ظاهره أنه بيع لكنه في الباطن قصدوا دراهم بدراهم، وإلا فإن السيارة مستعارة، وكما قيل حرف معناه في غيره وليس مقصوداً، كما قال ابن عباس: دراهم بدراهم بينهما حريرة، فبعض أهل العلم قال: إن هذا الظاهر معتبر، وإن كان محتملاً لغيره فهو

ص: 277

ظاهر في المراد، وأنه بيع صحيح كما هو مذهب الشافعي رحمه الله، وإن كان يقول إن كانوا قاصدين للربا فهم يأثمون، لكن يصحح العقد بمقتضى الظاهر؛ لأن الظاهر من عقود المسلمين السلامة والصحة.

لكن الصواب أنه يجب إبطاله، ولهذا نهى عنه عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (1)، وهو داخل في عموم النصوص في كونه ربا.

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 28) من طريق الأعمش عن عطاء بن أبى رباح وهو إسناد صحيح كما أشار إلى ذلك المحقق في الحاشية على المسند الشيخ شاكر.

وأخرجه أبو داود في سننه مع عون المعبود (9/ 3445) في كتاب البيوع باب في النهي عن العينة من طريق أبى عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعاً حدثه عن ابن عمر رضى الله عنهما به فذكره. . ".

وهذا السند قال فيه المنذري في تهذيب السنن (3317): "في إسناده إسحاق بن أسيد أبو عبد الرحمن الخراساني لا يحتج بحديثه، وفيه أيضاً: عطاء الخراساني، وفيه مقالٌ". اهـ.

وإسحاق بن أسيد هذا قال عنه أبو حاتم: لا يُشتغل به.

قال الذهبى في الميزان (1/ 184): "قلت حدث عنه يحيى بن أيوب والليث وهو جائز الحديث".

وأما عطاء الخراساني قال عنه النسائى: ليس به بأس.

وقال أحمد ويحيى والعجليّ وغيرهم: ثقة.

وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره البخارى في الضعفاء".

وأما الرواية التى عند أحمد في المسند من طريق الأعمش عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عمر رضي الله عنهما فهذه الرواية تكلَّم عليها الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 21) بقوله: "وعندي أن إسناد الحديث الذى صححه ابن القطان معلول لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً؛ لأن الأعمش مدلس ولم ينكر سماعه عن عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخراساني فيكون فيه تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر فرجع الحديث إلى الإسناد الأول وهو المشهور". اهـ.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (9/ 335) مع العون، للحديث بعض الشواهد فقال رحمه الله في ذلك: "وفي الباب حديث أبى إسحاق السبيعى عن امرأته: أنها دخلت على عائشة فدخلت =

ص: 278

ومثله أيضاً المحلل الذي تزوج امرأة ليحلّها، وجرى العقد في الظاهر أنه نكاح صحيح، ولم يشترطوا في العقد أن يحلها بل اتفقوا قبل ذلك، فهل يعتبر الظاهر وهو أن العقد تم بشروطه في الظاهر؟

والصحيح أنه يعتبر القصد، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص، ويكاد يقطع به، ولذلك أبطل الصحابة نكاح المحلل للأدلة في هذا منها حديث ابن مسعود أنه عليه الصلاة والسلام قال:"لعنَ الله المحلّل والمحلل له"(2).

= معها ولد زيد بن أرقم فقالت: يا أم المؤمنين، إنى بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم وإني ابتعتهُ منه بستمائة نقداً فقالت لها عائشة: بئسما اشتريت، وبئسما شريت، أخبرنى زيداً أن جهاده مع رسول الله قد بطل إلا أن يتوب".

هذا الحديث رواه البيهقى والدارقطني وذكره الشافعى وأعله بالجهالة بحال امرأة أبى إسحاق وقال: لو ثبت فإنما عابت عليها بيعاً إلى العطاء، لأنه أجل غير معلوم، ثم قال: ولا يثبت مثل هذا عن عائشة وزيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالاً.

قال البيهقي: ورواه يونس بن أبى إسحاق عن أمه العالية بنت أنفع "أنها دخلت على عائشة مع أم محمد".

وقال غيره: هذا الحديث حسن ويحتج بمثله، لأنه قد رواه عن العالية ثقتان ثبتان: أبو إسحاق زوجها ويونس ابنها ولم يعلم فيها جرح، والجهالة ترتفع عن الراوي بمثل ذلك ثم إن هذا مما ضبطت فيه القصة ومن دخل معها على عائشة، وقد صدقها زوجها وابنها وهما من هما، فالحديث محفوظ". اهـ.

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 450 - 451)، والنسائى في سننه في كتاب الطلاق، باب: إحلال المطلقة ثلاثاً وما فيه من التغليظ (6/ 149)، والترمذى في جامعه في كتاب النكاح، باب ما جاء في المحلِّل والمحلل له (2/ 294) كلهم من طريق سفيان عن أبى قيس عن هُزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه به. . فذكره.

وقال الترمذي عقِب سياقه: "هذا حديث حسن صحيح".

ص: 279

فلذلك يجب حمله على القصد، وهكذا في سائر العقود التي لها قصود خاصة، وهذا جار في أشياء كثيرة، وقد فصّل هذا العلاّمة ابن القيم رحمه الله، وذكر هذا التقسيم وبسطه بسطاً حسناً، وقد ذكر أمثلة مهمة ينبغى لطالب العلم مراجعتها، وذكر هذا في إعلام الموقعين - المجلد الثالث.

ص: 280