الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرابعة والعشرون من سبق إلى المباحات فهو أحق بها من غيره
هذه جاء فيها حديث، أنه عليه الصلاة والسلام قال:"من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به"(1). رواه أبو داود، والحديث ضعيف، وهو من رواية أسمر بن مضرس رضي الله عنه، لكن الأصل في المباحات أن من سبق فهو أحق
(1) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الخراج والأمارة والفئ، باب في إقطاع الأرضين (3/ 3071) من طريق عبد الحميد بن عبد الواحد قال: حدثتنى أم جنوب بنت نميلة عن أمها سويدة بنت جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر بن مضرس عن أبيها أسمر بن مضرس رضى الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته فقال: "من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له" قال: فخرج الناس يتعادَوْن ويتخاطبون.
والحديث ضعيف لا يصح وإسناده مسلسل بالمجاهيل الذين لا يُعرفون، وهم:
1) عبد الحميد بن عبد الواحد الغنوي: بصري، قال عنه الحافظ في التقريب:"مقبول "، وقال الذهبى في الميزان (2/ 542): ما أعرف أحداً روى عنه سوى بندار سمع أم جنوب.
2) أم جنوب بنت نميلة: قال عنها الذهبى في الميزان (4/ 1101): "لا تعرف، عن أمها سويدة روى عنها عبد الحميد بن عبد الواحد الغنوي".
3) أمها سويدة بنت جابر: مجهولة لا تعرف، قال الذهبى:"سويدة بنت جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر عن أبيها تفردت عنها أم جنوب".
4) عقيلة بنت أسمر بن مضرس عن أبيها لا تعرف قاله الذهبي.
فالحديث ضعيف لا يصح، فجميع رجال الإسناد لا يُعرفون سوى بندار "محمد بن بشار" شيخ أبي داود، وقال الحافظ في التلخيص (3/ 72):"رواه أبو داود من حديث أسمر بن مضرس، قال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث، وصححه الضياء في المختارة".
بها؛ لأنها مباحة في الأصل ولا يملكها أحد، فمن ادّعى ملكها أو أخذها لم تقبل دعواه، لأن الأصل في المباحات أن من سبق فهو أحق بها كما قلنا، وهذا الأصل مجمع عليه في الجملة، وهذا يشمل أشياء كثيرة، فمن سبق إلى إحياء أرض ميتة فهى له للأخبار الصحيحة التى جاءت في هذا من حديث جابر، ومن حديث عائشة، ومن حديث سمرة، على تفصيل مذكور في باب إحياء الموات الذي ذكره أهل العلم، وما هو الإحياء وكيفية الإحياء إلى غير ذلك، لكن الأصل هو ما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام:"من أحيا أرضاً ميتة فهي له"(1)، ويشترط آخذ
(1) جاء من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه وله عنه طرف: الطريق الأول: من طريق وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه به فذكره ".
وهذا الطريق أخرجه الترمذى في جامعه (1/ 259) وقال بعد سياقه: "هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه أيضاً الإمام أحمد في مسنده (3/ 304).
وذكره البخاري في صحيحه معلقاً في باب من أحيا أرضًا مواتاً (1/ 581).
الطريق الثاني: عن أبى الزبير المكى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه. . . به " وهذا الطريق عند الإمام أحمد في مسنده (3/ 356) من طريق حماد بن سلمة عن أبى الزبير عن جابر رضى الله عنه. . . فذكره". ورجاله ثقات.
الطريق الثالث: عن هشام بن عروة عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصارى عن جابر رضي الله عنه به، وزاد فيه:"وما أكلت العافية منها فهو صدقة".
وهذا الطريق عند الإمام أحمد في المسند (3/ 313)، وعند الدارمي في سننه (2/ 267) وفيه عبيد الله ابن عبد الرحمن الأنصاري الراوى عن جابر وفيه جهالة، قال عنه الحافظ في "التقريب":"مستور".
والحديث له شاهد من حديث عائشة رضى الله عنها مرفوعاً بلفظ: "من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق" قال عروة: "قضى به عمر في خلافته". أخرجه البخاري ما في صحيحه باب من أحيا أرضاً مواتاً (1/ 584).
الأرض أن يكون قادراً على إحيائها كما فعل عمر - رضى الله عنه - حينما أخذ من أحد الصحابة ما لم يستطع إحياءه، ومنعه منه ومكَّن المسلمين من إحيائه.
ومنها - أيضاً - السبق إلى الأماكن العامة والبيع والشراء فيها.
ومنها - أيضاً - السبق إلى حلق العلم للجلوس فيها، فمن سبق لما مكان فهو أحق به ما لم يقم منه، إلا إن كان يريد الرجوع فهو أحق به، وكذلك الأماكن في الصلاة من سبق فهو أحق بها.
وكذلك لو كان هناك نهر صغير ولا يتأتى إلى أن يكون لأحدهما فمن سبق فهو أحق به، فإذا فرغ منه وشرب وروى لنفسه أو لبهيمته أو لبستانه فعليه أن يجريه إلى جاره، هذا هو الأصل في المباحات.
ومنها أشياء لا اختصاص فيها، فالناس شركاء فيها:"الماء والنار والكلأ"(1)،
=وله شاهد أيضًا من حديث سعيد بن زيد رضى الله عنه مرفوعاً ولفظه: "من أحيا أرضاً ميتةً فهي له وليس لعرق ظالم حق". أخرجه أبو داود في سننه (3073) في كتاب الخراج، باب في إحياء الموات، من طريق عبد الوهاب الثقفى أخبرنا أيوب عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد رضى الله عنه به فذكره ". وإسناده صحيح.
وله شاهد رابع عند أبى داود في سننه (3077) من حديث سمرة رضى الله عنه ولفظه "من أحاط حائطاً على أرض فهي له من طريق قتادة عن الحسن البصرى عن سمرة رضي الله عنه به فذكره. . .".
قال الحافظ في التلخيص (3/ 71): "من حديث الحسن عنه وفي صحة سماعه منه خلف. . ". والله أعلم.
(1)
أخرجه ابن ماجه فى سننه في كتاب الرهون (2/ 2472) من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس رضى الله عنهما به فذكره بلفظ: "المسلمون شركاء فى ثلاثة. . " وهذا=
لأنها يخرج عامة وتوجد في كل مكان، وهذا الحديث قال بعض أهل العلم إنه ورد في الماء الذي يكون في الأرض المملوكة أو في الأرض المحياة، وكذلك النار والكلأ، وهذا أظهر، لأن هذه الأشياء إذا كانت ليست مملوكة لأحد، أي إذا كانت فى الصحارى والبراري فالناس شركاء فيهما وهذا ليس فيه إشكال، لكن في هذا الحديث أرادوا نوعاً خاصاً وهو ما إذا ملك أرضاً بالإحياء أي أحياها بنوع خاص بأن أحاطها بحائط، وأجرى فيها شيئاً من الماء وفيها أماكن نبت فيها شيء من النبات فهذا يجوز رعيه ولا يجوز منحه إذا كان مستغنياً عنه.
فإذا كان ليس عليه ضرر في الدخول عليه مثل أن لا يكون بستاناً ولا نخلاً ولا
= إسناد ضعيف جداً من أجل ابن خراش هذا.
قال البوصيرى في "الزوائد"(1/ 153): "هذا إسناد ضعيف، عبد الله بن خراش، ضعّفه أبو زرعة والبخارى والنسائي وابن حبان وغيرهم ".
قال الحافظ في "التلخيص"(3/ 74): "وفيه عبد الله بن خراش وهو متروك ".
ولكن صحَّ في هذا الباب حديثان:
1 -
ما أخرجه ابن ماجه فى سننه في كتاب الرهون (2/ 2473) من حديث أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعاً: " ثلاث لا يُمنعن: الماء والكلأ والنار".
قال البوصيري (1/ 153): "هذا إسناد صحيح، رجاله موثقون؛ لأن محمد بن عبد الله بن يزيد أبا يحيى المكى وثقه النسائى وابن أبى حاتم وغيرهما، وباقى رجال الإسناد على شرط الشيخين".
وممن صحح إسناده الحافظ ابن حجر في "التخليص "(3/ 75).
2 -
ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 364)، وأبو داود في سننه في كتاب البيع (3477) عن حريز بن عثمان حدثنا أبو خداش عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ: غزوت مع رسول الله ثلاثاً، أسمعه يقول:"المسلمون شركاء في ثلاثة:. . . الحديث". وإسناده صحيح. والله أعلم.
زراعةً فلا يجوز منع من أراد رعيها والشرب من مائها أو أراد أن يوقد ناراً، أما إذا كان في الدخول مَضرّة ولم يكن فاضلًا عن حاجته فهذا لا يجب بذل شيء منه، ولا شك أن ما كان مُضراً في بذله من الماء أو النبات فإنه لا يجب بذله ويجب إزالة الضرر، لكن إن كان يفضل عن حاجته والدخول مؤذٍ فهذا أيضًا لا يجوز بذله؛ بل يجب تمكين المحتاج إليه بلا ضرر.