المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف أو شرط أو استثناء أو غيرها من القيود - شرح القواعد السعدية

[عبد المحسن الزامل]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أولاً: تعريف القاعدة:

- ‌القاعدة معناها لغة:

- ‌فالحسي:

- ‌والمعنوي:

- ‌واصطلاحاً:

- ‌ ثانياً: يذكر العلماء في باب القواعد ما يسمى الضابط، فهل هو ومسمى القاعدة واحد أو بينهما فرق

- ‌ ثالثاً:‌‌ الأشباهوالنظائر هل هي مختلفة، أو معناها واحد

- ‌ الأشباه

- ‌الأمثال

- ‌النظائر:

- ‌ رابعاً: ال‌‌قواعد الأصولية و‌‌القواعد الفقهية:

- ‌قواعد الأصول

- ‌القواعد الفقهية:

- ‌القواعد الأصولية:

- ‌ خامساً: كيف تصاغ القواعد الفقهية:

- ‌ سادسًا: كم عدد القواعد

- ‌ سابعاً: القاعدة هل يُحتج بها أو لا يُحتج بها

- ‌ ثامناً: إذا خالف الحاكم أو القاضي القاعدة، هل يقبل حكمه أو لا يُقبل

- ‌القاعدة الأولى الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة

- ‌القاعدة الثانية الوسائل لها أحكام المقاصد، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون، وطرق الحرام والمكروهات تابعة لها ووسيلة المباح مباح، ويتفرع عليها الأعمال ومكملاتها تابعة لها

- ‌القاعدة الثالثة المشقة تجلب التيسير

- ‌1) مشاق لا تنفك عنها العبادة

- ‌2) مشاق تنفك عنها العبادات غالباً

- ‌أ) مشقة عظيمة جداً:

- ‌ب) مشقة يسيرة جداً:

- ‌ج) مشقة وسط:

- ‌القاعدة الرابعة الوجوب يتعلق بالاستطاعة، فلا واجب مع العجز، ولا حرام مع الضرورة

- ‌الحالة الأولى: أن يكون قادرًا ببدنه قادرًا على ما أمر به:

- ‌الحالة الثانية: قادر ببدنه عاجز عن الآلة المأمور بها:

- ‌الحالة الثالثة: عاجز ببدنه، قادر على الآلة التي أمر بها:

- ‌القاعدة الخامسةالشريعة مبنية على أصلين:

- ‌القاعدة السادسة الأصل في العبادات الحظر، فلا يُشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والأصل في العادات الإباحة، فلا يحرّم إلا ما حرَمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌القاعدة السابعة التكليف وهو البلوغ، والعقل شرط لوجوب العبادات، والتمييز شرط لصحتها إلا الحج والعمرة، ويشترط لصحة التصرف التكليف والرشد، ولصحة التبرع التكليف والرشد والملك

- ‌1 - الاحتلام:

- ‌2 - استكمال خمس عشرة سنة:

- ‌3 - نبوت الشعر الحسين حول القُبُل:

- ‌القاعدة الثامنة الأحكام الأصولية والفروعية لا تتم إلا بأمرين وجود الشروط وانتفاء الموانع

- ‌القاعدة التاسعة العرف والعادة يرجع إليه في كل حُكمٍ حَكَم الشارع به ولم يَحدّه

- ‌القاعدة العاشرة البينة على المدّعي، واليمين على من أنكر في جميع الدعاوي والحقوق وغيرها

- ‌القاعدة الحادية عشر الأصل بقاء ما كان على ما كان، واليقين لا يزول بالشك

- ‌القاعدة الثانية عشر لابد من التراضي في عقود المعاوضات والتبرعات والفسوخ الاختيارية

- ‌1) اللفظ:

- ‌2) الفعل:

- ‌3) الكتابة:

- ‌4) الإشارة:

- ‌5) السكوت:

- ‌القاعدة الثالثة عشر الإتلاف يستوي فيه المتعمد والجاهل والناسي

- ‌القاعدة الرابعة عشر التلف في يد الأمين غير مضمون إذا لم يتعد أو يفرّط، وفي يد الظالم مضمون مطلقاً أو يقال ما ترتب على المأذون فيه فهو غير مضمون، والعكس بالعكس

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌القاعدة الخامسة عشر لا ضرر ولا ضرار

- ‌القاعدة السادسة عشر العدل واجب في كل شيء، والفضل مسنون

- ‌القاعدة السابعة عشر من تعجَّل شيئاً قبل أوانه، عوقب بحرمانه

- ‌القاعدة الثامنة عشر تضمن المثليات بمثلها، والمتقوِّمات بقيمتها

- ‌القاعدة التاسعة عشر إذا تعذّر المسمّى رجِع إلى القيمة

- ‌القاعدة العشرون إذا تعذر معرفة من له الحق، جُعِل كالمعدوم

- ‌القاعدة الحادية والعشرون الغرر والميسر محرّم في المعاوضات والمغالبات

- ‌القاعدة الثانية والعشرون الصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون من سبق إلى المباحات فهو أحق بها من غيره

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون تُستعمل القُرعة عند التزاحم ولا مُميز لأحدهما أو إذا علمنا أنا الشيء لأحدهما وجهلناه

- ‌القاعدة السادسة والعشرون يُقبَل قول الأُمناء فى التصرف أو التلف ما لم يخالف العادة

- ‌القاعدة السابعة والعشرون من ترك المأمور لم يبرأ إلا بفعله، ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان فهو معذور ولا يلزمه شيء

- ‌القاعدة الثامنة والعشرون يقوم البدل مكان المبْدَل إذا تعذر المُبدل منه

- ‌القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف أو شرط أو استثناء أو غيرها من القيود

- ‌القاعدة الثلاثون الشركاء في الأملاك يشتركون في زيادتها ونقصانها، ويشتركون في التعمير اللازم، وتُقسَّط المصاريف بحسب مِلكِهم، ومع الجهل بمقدار ما لكل منهم يتساوون

- ‌القاعدة الحادية والثلاثون قد تتبعّض الأحكام بحسب تفاوت أسبابها

- ‌القاعدة الثانية والثلاثون من أدّى عن غيره واجبًا بنية الرجوع عليه؛ رجع وإلا فلا

- ‌القاعدة الثالثة والثلاثون إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، فيقدم الواجب على المستحب، والراجح من الأمرين على المرجوح، وإذا تزاحمت المفاسد واضطر إلى واحد منها قدّم الأخف منها

- ‌القاعدة الرابعة والثلاثون إذا خُيِّر العبد بين شيئين فأكثر فإن كان التخيير لمصلحته فهو تخيير يرجع إلى شهوته واختياره، وإن كان لمصلحة الغير فهو تغيير يلزمه فيه الاجتهاد

- ‌القاعدة الخامسة والثلاثون من سقطت عنه العقوبة لموجِب ضُعِّفَ عليه الضمان

- ‌القاعدة السادسة والثلاثون من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه، وإن كان لمضرته فلا ضمان عليه

- ‌القاعدة السابعة والثلاثون إذا اختلف المتعاملان في شيء من متعلقات المعاملة يرجع أقواهما دليلًا

- ‌القاعدة الثامنة والثلاثون إذا عاد التحريم إلى نفس العبادة، أو إلى شرطها فسدت، وإذا عاد إلى أمر خارج لم تفسد، وكذلك المعاوضات، فرجوع التحريم إلى نفس العبادة أو إلى شرطها: إما إلى ذاتها أو ماهيتها أو ركن من أركانها

- ‌القاعدة التاسعة والثلاثون لا يجوز تقديم العبادة على سبب الوجوب، ويجوز تقديمها بعد وجود السبب وقبل شرط الوجوب وتحققه

- ‌القاعدة الأربعون يجب فعل المأمور به كله، فإنه قدر على بعض وعجز عن باقيه فعل ما قدر عليه

- ‌القاعدة الحادية والأربعون إذا اجمتعت عبادتان من جنس واحد تداخلت أفعالها واكتفى عنهما بفعل واحد إذا كان المقصود واحدًا

- ‌القسم الأول: أن تكون الحدود خالصة لله تعالى أي محض حق لله تعالى:

- ‌الأول: أنا لا يكون فيها قتل:

- ‌الثاني: أنا يكون فيها قتل:

- ‌القسم الثاني: إذا كانت محض حق الآدميين:

- ‌القسم الثالث: أن تجتمع حدود الله وحقوق الآدميين:

- ‌الأول: أن لا يكون فيها قتل فيُستَوفَى الجميع:

- ‌الثاني: أن تجتمع كالأول ولكن فيها قتل:

- ‌الثالث: أن يتفق الحدّان في المحل ويكون تفويتًا كالقتل والقطع:

- ‌القاعدة الثانية والأربعون استثناء المنافع المعلومة في العين المنتقلة بمعاوضة جائز، وفي التبرعات يجوز استثناء المدة المعلومة والمجهولة

- ‌القاعدة الثالثة والأربعون من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة، فإنه قبضها لحظ مالكها قبل

- ‌القاعدة الرابعة والأربعون إذا أدّي ما عليه، وجب له ما جُعِلَ له عليه

- ‌القاعدة الخامسة والأربعون من لا يُعتبر رضاه في عقد أو فسخ لا يعتبر علمه

- ‌القاعدة السادسة والأربعون من له الحق على الغَير وكان سبب الحق ظاهرًا فله الأخد من ماله بقدر حقه إذا امتنع أو تعذر استئذانه، وإن كان السبب خفيًا فليس له ذلك

- ‌القاعدة السابعة والأربعون الواجب بالنذر يلحق بالواجب بالشرع

- ‌القاعدة الثامنة والأربعون الفعل الواحد ينبني بعضه على بعض مع الاتصال المعتاد

- ‌القاعدة التاسعة والأربعون الحوائح الأصلية للإنسان لا تُعَدّ مالاً فاضلاً

- ‌القاعدة الخمسون يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً

- ‌القاعدة الحادية والخمسون الأسباب والدواعي للعقود والتبرعات معتبرة

- ‌القاعدة الثانية والخمسون إذا قويت القرائن قُدّمت على الأصل

- ‌القاعدة الثالثة والخمسون إذا تبين فساد العقد بطل ما بُني عليه، وإن فسخ فسخاً اختيارياً لم تبطل العقود الطارئة قبل الفسخ

- ‌القاعدة الرابعة والخمسون العبرة في المعاملات بما في نفس الأمر

- ‌القاعدة الخامسة والخمسون لا عذر لمن أقرّ

- ‌القاعدة السادسة والخمسون يقوم الوارث مقام مورّثه في كل شيء

- ‌القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم كما أمكن في العقود والفسوخ والإقرارات وغيرها

- ‌القاعدة الثامنة والخمسون الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً

- ‌القاعدة التاسعة والخمسون الفكرة إذا كانت بعد النفي أو الاستفهام أو الشرط تفيد العموم

- ‌القاعدة الستون (من)، و (ما) و (أي)، و (متى)، و (أل)، والمفرد المضاف يدل كل واحد منها على العموم

الفصل: ‌القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف أو شرط أو استثناء أو غيرها من القيود

‌القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف أو شرط أو استثناء أو غيرها من القيود

هذه واضحة في لغة العرب كما أشار المصنف رحمه الله، كبدل أو توكيد أو ما أشبه ذلك مما هو لاحق باللفظ، وهذا جار في مخاطبات الناس ومعاملاتهم، كما هو جار في سائر العقود وفي الوقوف والوصايا.

في مسألة الوقف يقول المصنف "يجب تقيد اللفظ بملحقاته من وصف": فإذا وقف الإنسان وقفاً قال: هذه الدار أو هذا البيت وقف على الفقهاء، هذا وصف يشمل أهل الفقه وأهل العلم بالكتاب والسنة، فلا يدخل فيه من ليس فقيهاً، أو وقفته على الفقراء يكون خاصاً بالفقراء كل من كان فقيراً قريباً للموقف أم بعيداً يدخل فيه، أو قال وقفته على المحتاجين أو ما أشبه ذلك، فهذا وصف يجب تقييد اللفظ به، وكذلك أيضاً في الصفة يجب الالتزام بها سواء كانت صفة متقدمة أم متأخرة، فلو قال: هذا البيت وقفٌ على محتاجي أولادي وأولاد أولادي. هذه صفة متقدمة يجب أن يكون الوقف خاصاً بالمحتاج من أولاده وأولاد أولاده، ومن لم يكن محتاجاً فلا يدخل في الوقف، ولو كانت الصفة متأخرة فقال: وقفته على أولادي وأولاد أولادي المحتاج منهم، أو كانت متوسطة، فلو قال: وقفته على أولادي المحتاجين وأولاد أولادي، فالتقييد بصفة الحاجة لأولاده من صلبه، ثم يجب التساوي في الوقف واشتراكهم جميعاً؛ لأن الواو تقتضي المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه، فإذا قاله: أولادي وأولاد أولادي

ص: 192

اقتضت المشاركة لا الترتيب، أما إذا أتى بثم فقال: وقفته على أولادي ثم أولاد أولادي، هذه تقتضي الترتيب، ويجب تقييد اللفظ بما دل عليه كلام المُوقِف فلا يكون لأولاد البطن الثاني شيء حتى ينقرض أولاد البطن الأول، وهذه المسألة فيها خلاف، ومذهب كثير من أهل العلم يقولون إنه لا يستحق أولاد البطن الثاني حتى ينقرض أولاد البطن الأول، وقالوا إنه ترتيب بطن على بطن، أو ترتيب جملة على جملة.

فإذا وقف إنسان هذا البيت أو هذا البستان على أولاده وهم أربعة ذكور وإناث أو ذكور أو إناث، فلا يستحق أولاد البطن الثانى شيئاً أي أولاد الأولاد حتى ينقرض أبناء البطن الأول، ولو لم يبقَ إلا واحد، فإذا كان له أربعة أولاد فتوفوا إلاّ واحداً ولهم أولاد فإن أولادهم لا يستحقون شيئًا حتى ينقرض البطن الأول أي حتى يتوفى الرابع، وذهب تقي الدين ابن تيمية رحمه الله إلى أنه ترتيب فرد على فرد، فإذا توفى مثلا رجل من البطن الأول فإن نصيبه يكون وقفا على أولاده.

وهذا فيه خلاف: هل هم يتلقون الوقف عن الواقف؟ أم يتلقونه عن الموقوف عليهم؟:

المذهب وقول الكثيرين: أنهم يتلقون الوقف عن الموقوف عليهم، وقال آخرون: إنهم يتلقون الوقف عن الواقف.

وكل هذه المسائل خلافية، وكذلك مسألة أولاد البنات هل يدخلون عند الإطلاق أم لا يدخلون؟، إلى غير ذلك.

أما مسألة الوقف على الأولاد فإن بعض أهل العلم يرى عدم صحته، وقالوا:

ص: 193

إن هذا وقف جَنَف ووقف إثم ويجب إبطاله.

وجماهير أهل العلم على صحة مثل هذا الوقف، وأن الإنسان يجوز له أن يقف على أولاده وأولاد أولاده، واختار إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عدم صحة مثل هذا الوقف وسماه وقف الجنف والإثم، وتبعه بعض أحفاده من أئمة الدعوة رحمهم الله وأبطلوا كثيراً من الوقوف التي فيها وقف على الأولاد، وقالوا: إن هذا وقف جنف وإثم، وهو وصية لوارث وفيه حرمان لغير الاولاد إذا كان له أب أو جد أو أم أو جدة أو كان له زوجة فإن في هذا حرمان لهؤلاء، ثم فيه - أيضاً - منع لهم من التصرف في هذا الوقف والله سبحانه وتعالى جعله لهم يتصرفون فيه بالبيع والشراء فقد يكون حيلة على حرمان بعض الورثة؛ فلأجل هذه العلل أبطلوا مثل هذا الوقف، المقصود أنه يجب تقييده بما دل عليه من وصف أو شرط.

وقوله: "أو شرط": أي لو وقف هذه الدار فقال هي وقف على زيد وعمرو، لزيد الثلث، ولعمرو الثلثان، فإنه يجب التقيد بما دلّ عليه لفظ الموقف.

وقولع: "أو استثناء": فلو قال وقفت على أولاد فلان إلا فلاناً، أوقفت على أولاد فلان إلا الفاسق منهم، أوقفت على أولاد فلان إلا من استغنى منهم. . إلى غير ذلك.

ومنها أيضاً التوكيد، فلو قال: أوقفت على أولاد فلان، فهذا يحتمل أنه أراد أولاده من صلبه، وأولاد أولاده، ويحتمل أنه أراد أولاده من صلبه دون أولاد أولاده؛ فإذا قال: أوقفت على أولاد زيد نفسه فإن الوقف يكون لأولاد زيد من

ص: 194

صلبه دون أولاد أولاده، لأن التوكيد يُخرِج ما أوهم دخوله فيه، وكذلك - أيضاً - في البدل لو قال: أوقفت على أولاد محمد: عبد الله، وصالح، وأحمد، وكان له أربعة أولاد وله ولد آخر اسمه زيد، العبارة الأولى على أولاد فلان يعم أولاده جميعهم، ولكن لما ذكر عبد الله وصالح وأحمد هذا بدل بعض من كل فلا يكون أراد زيداً إنما أراد بعض أولاده، فإذا قال مثلاً: وأولادهم يكون عطفاً على الأول فيدخل في الوقف أولاده الثلاثة وأولاد أولاد الأربعة، يعنى يدخل فيه عبد الله وصالح وأحمد ولا يدخل فيه زيد، أما أولادهم فيدخل فيه أولاد الأربعة لأنه في أولادهم لم يقيّدها كما قيّده في أولاده من صلبه.

وهكذا مثلاً في العطف: في عطف البيان، لو قال وقفت على ولد زيد أبي محمد وله ولدان كلاهما يقال له أبو محمد لو وقفنا على هذا قلنا إنه يريد الاثنين جميعاً، لكن لو قال ولد أبى محمد عبد الله يكون عطف بيان أنه أراد واحداً منهم وهو من يسمى عبد الله، أما الآخر فلم يدخل في الوقف، فالمقصود أنه يقيد اللفظ بما يلحقه مما يبين مراد الموقِف وهذا كله واضح عند تجرد اللفظ عن القرائن، أما إذا دلت القرائن على أنه أراد العموم أو أراد إدخال إنسان آخر ولم يُذكر صراحة لكن دلت القرائن والعرف والعادة، أو لأن هذا لفظهم وهو منطقهم فإنه يدخل لأن العبرة في مثل هذا بما يقصده الموقف وما يريده، وما دلت عليه القرائن وكل هذا عند التجرد وإلا فإن الموقف قد لا يكون له غرض ولا يكون له معرفة بهذه الدلالات من جهة الاستثناء والبدل والتوكيد وما أشبه ذلك، فإذا دلّت القرائن على ذلك أو ظهر من عادة أهل البلد أو الموقفين أنه لا يريد مثل هذه الأشياء فلا يلتفت إلى هذه التقييدات اللفظية التي تخالف قصود الموقفين، بل قد يقول بعض

ص: 195

الموقفين أوقفت على أولاد فلان ويكون كما هو جار أنهم يريدون بالأولاد الذكور مع أنه في كتاب الله وفي اللغة يشمل الذكر والأنثى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (1)، لكن إذا ظهرت دلالات على إرادة شيءٍ خاصٍ عمل به، فهذا شرط لابد منه في عقود المتعاقدين.

وهنالك - أيضاً - شرط آخر وهو ألاّ يكون هذا العقد مخالفاً لكتاب الله، فلو شرط بعض الشروط وقيد بعض القيود التي هي تخالف كتاب الله لا يلتفت إليها، فلو أنه وقف وقفاً لمن يصلي عند المقبرة، أو لمن يختم القرآن كل شهر عند القبر الفلاني، أو وقف هذا الوقف لمن هو على مذهب أحمد، أما من كان على مذهب الشافعي وأبي حنيفة فلا يعطى من الوقف، فهذه الأوقاف وإن صححها بعض العلماء لكنها أوقاف تخالف النصوص؛ لأن مثل هذه لا اعتبار لها، ولا يُلتزم بها، فإذا لابد من الانتباه إلى مثل هذا، وأن يشترط ألا يكون مخالفاً لكتاب الله بل هو موافق أو غير مخالف، وكذلك في ألفاظ الموقفين أن يكون قصد إلى هذا التقييد فلو جهلنا الأمر أو لم يكن هناك عُرف ولا عادة في هذه الحالة نحمل اللفظ على ظاهره من كلام الموقف لأن هذا هو اليقين.

(1) سورة النساء، الآية:11.

ص: 196