الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الخامسة
الشريعة مبنية على أصلين:
1 -
الإخلاص لله.
2 -
المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذان الأصلان محل إجماع من أهل العلم لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (1)، وقال عليه الصلاة والسلام:"إنما الأعمال بالنيات"(2)، وقال:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(3)، وقال تعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4).
{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} يعني صوابًا على السنة، {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} أن يكون خالصًا يريد به وجه الله سبحانه وتعالى.
(1) سورة الكهف، الآية:110.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب بدء الوحي (1/ 2)، ومسلم في صحيحه في كتاب الإمارة (8/ 86)، كلاهما من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث مشهور، قال عنه النووي رحمه الله: وهو حديث جمع على عظمته وجلاله، وهو أحد قواعد الدين وأول دعائمه وأشد أركانه، وهو أعظم الأحاديث التي عليها مدار الإِسلام".
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردودٌ، ومسلم في الأقضية رقم (1718) (1/ 597). كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها. واللفظ الآخر للحديث:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد": عند البخاري في صحيحه تعليقًا بصيغة الجزم في كتاب البيوع، باب: النجش (1/ 535)، ومسلم في صحيحه في كتاب الأقضية (1718).
(4)
سورة الزمر، الآية:3.
وهذان الأصلان - والحمد لله - محل إجماع كما قلنا، ودلت عليهما الأدلة، والقاعدة واضحة، وأنه يجب الاتباع في الظاهر والباطن، فهذه القاعدة مبينة على أصلين:
1 -
الاتباع في الظاهر.
2 -
الاتباع في الباطن.
ولا يصح أحد الأصلين دون الآخر، فمن اتبع باطنًا بأن أخلص عمله لله سبحانه وتعالى لكنه عمل على بدعة أو على طريقة منحرفة فعمله مردود عليه "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ"(1)، وقد بَيَّنَ عليه الصلاة والسلام كما قلنا في حديث "إنما الأعمال بالنيات"(2) الأعمال الباطنة المتعلقة باعتقادات القلوب وأعمالها، وأنه يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، وحديث "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" الأعمال الظاهرة وأنه يجب أن تكون صوابًا، فاشتمل هذا الأصل الأعمال الباطنة بأن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، والأعمال الظاهرة أن تكون صوابًا، والعمل مثلًا كالصلاة، فإنه يجب عليه أن يصلي لله سبحانه وتعالى، يعني أن يقصد بهذه الصلاة وجه الله سبحانه وتعالى، وأن يحج يقصد وجه الله سبحانه وتعالى، ويخرج زكاة ماله يقصد وجهه سبحانه وتعالى، ويصوم مخلصًا لله سبحانه وتعالى، والصوم في أصله لا رياء فيه لكن يكون الرياء فيما إذا أخبر أنه صائم على جهة الرياء، أما الصوم من جهة إيقاعه ونيته
(1) سبق تخريجه ص: 62.
(2)
سبق تخريجه ص: 62.
فلا رياء فيه، قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي:"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا جزئ به"(1)، لا يكون الرياء في نفس نية الصوم؛ لأنه لا يُطَّلَع عليه لكن يكون الرياء بأن يخبر بأنه صائم على جهة المراءاة، أما إذا أخبر على غير جهة الرياء فلا بأس.
فالمقصود أنه لا يصح العمل إلا بهذين الشرطين، فمن صلى صلاة على الوجه المطلوب ولم يبتدع فيها بدعة من جهة الظاهر، لكنه غير مخلص في الباطن فعمله باطل مردود عليه على تفصيل لأهل العلم في مسألة الرياء، إذا كان في أصل العمل أو حدث بعد ذلك، هذا هو الأصل في هذه القاعدة وأنه لا بد من المتابعة، وأن يكون العمل خالصًا لله سبحانه وتعالى وهذا في سائر أحكام الشرع، وعلى هذا تكون جميع الاعتقادات وجميع الأعمال التي جاء بها المبتدعون مردودة وباطلة، وجميع البدع المتعلقة بأعمال القلوب والبدع المتعلقة بأعمال الجوارح تكون باطلة مردودة، ومن هذه البدع التي جاءت به الفرق الضالة من جهمية ومعتزلة ومرجئة، وهكذا ما حدث من الفرق بعد ذلك التي هي: مخالفة للشرع ومصادمة له تكون أعمالها باطلة ومردودة لمناقضتها الشرع ظاهرًا وباطنًا، هذا هو الأصل فيما يتعلق بهذه، وهذا فيما يكون مأمورًا به منهيًا عنه؛ لأنه هو محل الأمر والنهي ومحل التحريم والإيجاب.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم، باب: هل يقول إنى صائم إذا شُتِمَ (1/ 478)، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام:(807/ 2) كلاهما من حديث أبى هريرة رضي الله عنه به فذكره. . . ".