الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجدت اعتبرت هذه، ولا يجب هذا الحكم الذي كُلِّف به الإنسان؛ لأنه في هذه الحال غير واجب.
ب) مشقة يسيرة جداً:
تنفك عنه العبادات غالباً، مثل أدنى مرض، فإن هذه لا تمنع وجوب الصوم ولا تمنع وجوب الحج.
ج) مشقة وسط:
فهذه لا ترتفع وتصل إلى درجة تلك المشاق العظيمة فتلحق بها مثل: الوحل وشدة المطر، فإنه في هذه الحال يشرع الجمع بين الصلاتين في المسجد بين الظهرين على الأظهر والعشاءين أيضاً، وقد تكون مشقة يسيرة تلحق بأدنى المشاق.
إذن القسم الأول المشقة العظيمة وتقابلها المشقة اليسيرة جداً.
المشقة الوسط يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام:
أ/ قسم قد يصل إلى الدرجة الدنيا من المشاق فيلحق بها فلا يعتبر.
ب/ قسم قد يصل إلى الدرجة العليا من المشاق اليسيرة فيلحق بها فيعتبر.
ج/ قسم اختلف العلماء فيه هل يلحق بالمشاق اليسيرة أو يلحق بالمشاق العظيمة.
المقصود أن هذه هي أنواع المشاق التي تعرض للعبادات والتى لا تعرض لها.
وخفف الله سبحانه وتعالى فيما شرع في مواضع كثيرة في الشرع.
فأنواع التخفيف كثيرة لأجل المشقة:
1 -
القصر للمسافر.
2 -
تخفيف إبدال، مثل: إذا شق عليه الغسل أو الوضوء له أن يتيمم.
3 -
تخفيف تغيير، مثل: صلاة الخوف، فإن تغيير هيئتها لأجل مراعاة حال - المقاتلين في سبيل الله.
4 -
تخفيف إسقاط: كإسقاط الحج على غير القادر، وإسقاط الجمعة عن المريض والنساء والمسافر.
5 -
تخفيف ترخيص، مثل: من غصّ ولم يكن عنده ماء، فخشي على نفسه من الهلاك جاز له شرب الخمر لدفع ذلك.
6 -
تخفيف جمع: وهو جمع الصلاتين لأجل المطر وغيرها من الأعذار.
7 -
تخفيف تقديم، مثل: جمع الصلاة "العصر مع الظهر" و"العشاء مع المغرب" لأجل ما يعرض للإنسان من مشقة كالمرض أو لحاجته إلى الجمع كالمسافر ونحوهم.
8 -
تخفيف تأخير، مثل: تأخير صلاة المغرب مع العشاء للمسافر إذا كان أيسر له، والظهر مع العصر تأخيراً.
مسألة: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطّر قدماه (1)، وكان يقرأ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة (2)، وفي رواية الأنعام، وثبت أنه قام ليلة كاملة (3)، فالأخبار عن السلف الصالح من الصيام والقيام أمر متواتر.
قد اختلف أهل العلم في الجواب عن مثل هذا، منهم من قال إن هذه
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 283) كتاب التهجد، باب قيام النبى صلى الله عليه وسلم حتى ترم قدماه، من طريق مسعر عن زياد قال: سمعت المغيرة رضى الله عنه يقول:. . . . الحديث فذكره".
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة (2/ 168)، من حديث حذيفة رضى الله عنه.
(3)
أخرجه النسائى بإسناد صحيح.
الأخبار عن التابعين والصحابة لا تقابل بما جاء به عليه الصلاة والسلام بالأمر بالتيسير على النفس وعدم الشدة عليها، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أنكر على عبد الله بن عمرو - رضى الله عنهما - أن يصوم شيئاً من الأيام، والذي يظهر - والله أعلم - كما قال بعض أهل العلم أنه عليه الصلاة والسلام ارتاحت نفسه إلى العبادة، فكانت هى راحته واطمئنانه في الصلاة فيأنس بها، أما غيره من الناس فليس مثله، وليس شبيهاً له عليه الصلاة والسلام فإذا حمل نفسه على الشدة فلا يستطيع، ثم هو عليه الصلاة والسلام لم يكن يقطع الليل كله بالصوم في هذا الشيء، ولا يقطع الدهر كله بل قال عن إفطار يومين وصيام يوم أو إفطار يوم وصيام يومين، وجاء أنه قال:"لَوَدِدتُ أني طُوِّقتُ هذا".
وهكذا ما جاء عن بعض السلف لعلهم ارتاحت نفوسهم إلى هذا فأحبوه، فإذا هذا يختلف بحسب اختلاف النفوس، فمن كانت نفسه قد تتأذى وتؤدي به إلى الملل فلا يشرع له مثل هذا، ثم إن كان يؤدي إلى مخالفة السنة في قطع الليل مثلاً بالصلاة، وقطع الدهر كله بالصوم، لاشك أنه منهي عنه، وما جاء من هذه الشدة عنه عليه الصلاة والسلام وعن بعض خواص الصحابة، فإنهم قد أنِسَتْ نفوسهم لهذا الشيء، ومن ذلك ما جاء عن عثمان رضي الله عنه أنه ختم القرآن في ليلة، وقيل أنه قرأه في ركعة رضي الله عنه. اهـ.