الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثانية والأربعون استثناء المنافع المعلومة في العين المنتقلة بمعاوضة جائز، وفي التبرعات يجوز استثناء المدة المعلومة والمجهولة
في هذه القاعدة استثناء المنافع وكذلك استثناء الأعيان جائز.
مثاله: إنسان باع أرضًا واستثنى منها بقعة معينة، فهذه عين معينة، في هذه الحال البيع جائز وصحيح.
كذلك لو باع بستانًا واستثنى نخلة معينة، أو بئرًا معينًا، أو ما أشبه ذلك، صح البيع؛ لأن المنهى عنه الجهالة، أما إذا كان المستثنى معلومًا فلا جهالة إذن، والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن الثَّنيا ألا تعلم (1)، فهذه الرواية وضّحت المراد، وأن الثنيا المنهي عنها الثنيا المجهولة.
وكذلك في المنافع، مثاله: إذا باع إنسان بيته واستثنى منفعته سنة صح البيع، وهذا كله على القول الصحيح، ولهذا جاء في سنن أبي داود من حديث سفينة أنها أعتقت مملوكًا لها واشترطت عليه أن يخدم
(1) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب البيوع برقم (2859)(5/ 18) ولفظه من حديث جابر رضى الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُحَاقلة والمُزابنة والمعاومة والمخابرة وعن الثنيا، ورخّص في العرايا"، فلفظ مسلم بدون زيادة "إلا أن تُعلم"، وأما بلفظ "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثنيا إلا أن تُعلم" فأخرجه أبو داود فى سننه في كتاب البيوع (3/ 695)، باب فى المخابرة، وأخرجه النسائى في كتاب البيوع (7/ 296)، باب النهى عن بيع الثُّنيا حتى تُعلم، والترمذي في سننه (2/ 388) في كتاب البيوع، باب ما جاء في المخابرة والمعاومة وقال:"حديث حسن صحيح". والله أعلم.
النبى صلى الله عليه وسلم ما عاش (1).
ثم عموم الحديث السابق دال عليه، لأنه عام في المعاوضات وغيرها فهو أصرح من غيره؛ حديث سفينة في التبرعات، لكن لو أنه باع أرضًا مساحتها عشرة آلاف متر مثلًا واستثنى ألف متر منها، ولا يقصد ألفًا معينة إنما يريد ألف متر أي عشرها أي عُشر الأرض، فهذا لا يصح، أو باع بستانًا واستثنى الثلث أي المشاركة في هذا البستان بالثلث فهذا يصح لأنه مشاع فيكون نصيبه شائعًا في الكل.
أما قوله: "وفي التبرعات يجوز استثناء المدة المعلومة والمجهولة": لأن باب التبرعات أوسع.
مثاله: إنسان وقف أرضًا واستثنى منفعتها مدة حياته فإنه يصح وإن كانت مدة حياته مجهولة مثل ما ذكرنا في الحديث السابق، حديث سفينة.
ومن المسائل التى في هذا الباب مسألة الإقرار، فإنه يصح الاستثناء ولو لم يبين مقدار المستثنى.
مثاله: إنسانٌ قال: لهذا الإنسان ألف ريال إلا شيئًا، فهذا الإقرار صحيح ويكون قد اعترف بهذا المال الذي عليه، لكن في هذه الحال كيف نعرف المستثنى، نقول إنه يجب عليه أن يبينه ويجبر على تبيين المستثنى.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 221) في مسند سفينة، وأبو داود في سننه في كتاب العتق (4/ 250 - 251) باب في العتق على الشرط، وابن ماجه في سننه في كتاب العتق (2/ 844) باب من أعتق عبدًا واشترط خدمته، والنسائى في السنن الكبرى كما عزاه له المزي في تحفة الأشراف (4/ 22)، والحاكم في المستدرك في كتاب العتق، باب العتق على الشرط (2/ 213 - 214) وقال بعد سياقه له:"هذا حديث صحيح الإسناد".