الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة السابعة والعشرون من ترك المأمور لم يبرأ إلا بفعله، ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان فهو معذور ولا يلزمه شيء
هذه القاعدة قال بها أهل العلم في الجملة لكن اختلفوا في تفريعاتها، والذي أشار إليه المصنف رحمه الله هو الذي ذهب إليه جمع من أهل العلم.
فلو ترك ركناً من أركان الصلاة جاهلاً أو ناسياً فإنه يجب عليه أن يأتي به، وكذلك من ترك شرطاً من شروط الصلاة فإنه يجب عليه أن يأتى به، ولا يجوز له أن يؤدىِ الصلاة بغير شرطها، ولو وقعت بغير شرطها جهلاً أو نسياناً لم يخرج من عهدة المأمور إلا بفعله، فمن صلى بغير وضوء لا تصح صلاته لأنه مأمور بإيجاد الطهارة فيجب عليه أن يأتي بالمأمور، فلا يبرأ إلا بفعله، فإذا كان هذا من العذر ففى غير العذر من باب أولى، فيكون آثماً ولا تبرأ ذمته إلا بأن يأتى به، وهذا في جميع المأمورات في الشريعة.
وقوله: "ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان فهو معذور لا يلزمه شيء": لأن المطلوب هو ترك المحظور وعدم فعله، فإذا فعله فإنه يكون مخالفاً للنهي، وتبرأ ذمته إذا كان جاهلاً أو ناسياً فلا يكون آثماً، ومن كان غير آثم فإنه لا يُلزم بشيء ولا يُنسب إلى ذم لقوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (1).
ويدخل تحت هذه القاعدة أشياء كثيرة دلت عليها الأدلة بمجموعها يتبين أن
(1) سورة البقرة، الآية:286.
فعل المحظور جهلاً أو نسياناً لا شيء فيه ولا عتب عليه.
ومن ذلك لو صلى وعليه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الانتهاء من الصلاة، فإن صلاته صحيحة ولا شيء عليه.
كذلك في الحج لو تطيب ناسياً أو جاهلاً فإنه لا شيء عليه، كما هو قول جماهير أهل العلم، وكذلك لو قص شعره أو قلّم أظفاره ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ولا إثم عليه، هذا هو الصحيح؛ لأن هذا الإتلاف لا قيمة له خلافاً لجماهير أهل العلم، واختاره ابن القيم رحمه الله، لكن لو قتل صيداً فإنه لا يعذر وعليه مثله إن كان له مثل؛ لأنه في حال قتل الصيد من باب ضمان المتلفات فلا يُشذّ عن القاعدة، هذا عن جمهور العلماء، وقال بعضهم: إن كان خطأ فلا شيء عليه؛ لظاهر الآية في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} (1)، وجاء هذا عن عمر رضي الله عنه (2).
وكذلك لو حلف أن لا يفعل هذا الشيء ففعله ناسياً فإنه لا شيء عليه، وكذلك على الصحيح لو حلف بالطلاق أو بالعتاق أن لا يفعل هذا الشيء ففعله ناسياً فإنه لا يقع هذا الطلاق، خلافاً لمن قال بوقوع الطلاق فيهما أو فرّق بين العتق والطلاق. . فالصواب كما قلنا أن من حلف بأن لا يفعل هذا الشيء ففعله ناسياً أو جاهلاً فإنه لا شيء.
(1) سورة المائدة، الآية 95.
(2)
سبق تخريجه ص: 136.