الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثالثة المشقة تجلب التيسير
هذه قاعدة متفق عليها بين أهل العلم، وهى قاعدة عظيمة ولها فروع كثيرة، وجاءت الأدلة إلى مشروعية هذا الحكم، قال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (1)، وقال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)، وقال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (3)، وقال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4)، وقال عليه الصلاة والسلام:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(5)، وقالت عائشة - رضى الله عنها -:"ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما"(6). فما كان خارج الاستطاعة فهو مشقة، وقد يكون في غير مقدور الشخص، فيكون غير مطلوب، وأخبر عليه - الصلاة والسلام - في عدة أخبار من حديث عائشة، ومن حديث ابن عباس - رضى الله عنهم -:"أن أحبَّ الدين
(1) سورة البقرة، الآية:185.
(2)
سورة البقرة، الآية:286.
(3)
سورة الطلاق، الآية:7.
(4)
سورة التغابن، الآية:16.
(5)
اخرجه البخارى في صحيحه (4/ 2275)، ومسلم في صحيحه في كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (7/ 91) كلاهما من طريق أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عنه به فذكره".
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء (2/ 203)، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل 7/ 80) كلاهما من حديث عائشة رضى الله عنها.
الحنيفية السمحة" (1)، فهى حنيفية في التوحيد سمحة في العمل، وقاله عليه الصلاة والسلام: "إن خير دينكم أيسره" (2) إلى غير ذلك من الأدلة التى جاءت في تقرير هذا الأصل.
(1) أخرجه البخارى في الأدب المفرد (287) من طريق محمد بن إسحاق حدثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحبُّ إلى الله عز وجل؟ قال: "الحنيفية السمحة" وأخرجه أحمد في المسند برقم (2107).
والحديث إسناده حسن لأجل محمد بن إسحاق، وداود بن الحصين ثقة، قد وثقه أكثر الحفاظ كعلى ابن المديني وابن معين إلا في روايته عن عكرمة ففيها شيء من الضعف لأجل وجود أحاديث منكرة استنكرها الحفاظ من أهل الحديث على داود، ولذا قال فيه على بن المدينى: ما رواه عن عكرمة فمنكر، وقال أبو داود: أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وقد ساق له ابن عدي في ترجمته في الكامل بعض الأحاديث التى استنكرت عليه لكنه لم يورد هذا الحديث منها، وبعض هذه الأحاديث ليس الغلط فيها من داود وإنما الغلط فيها أتى ممن بعده من الرواة، فالحديث في الجملة صالح للاحتجاج به. والله أعلم.
وهذا الحديث المعلّق لم يُسنده المؤلف في هذا الكتاب الصحيح؛ لأنه ليس على شرطه، نعم وصله في كتاب الأدب المفرد وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن حصين عن عكرمة وإسناده حسن، استعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصراً عن شرطه وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر (1/ 117).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 56) من طريق حُميد بن هلال العدوي عن أبى قتادة عن الأعرابى الذى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره" وإسناده صحيح، فحُميد بن هلال العدوى ثقة عالم كما قال عنه الحافظ في التقريب وتوقف فيه ابن سيرين لأجل دخوله في عمل السلطان.
وجاء له شاهد في المسند أيضاً من طريق عبد الله بن شقيق عن رجاء بن أبى رجاء عن بريدة رضى الله عنه وذكر في آخر الحديث قال: "إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره"(3/ 338).