الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة التاسعة والأربعون الحوائح الأصلية للإنسان لا تُعَدّ مالاً فاضلاً
وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى وإن كان يستغنى عنها بعض الوقت فلا يلزم بيعها وينفق على من تجب عليه نفقته.
فجميع ما يكون عنده من فرش وأوانٍ أو مملوك أو كتب أو سيارة فإنه لا يلزم ببيعها ويصرفها فيما وجب عليه من دين، أو نفقة واجبة عليه؛ لأن هذه حوائج أصلية، وبعضها ضروري وبعضها حاجى، ففى هذه الحال لا تكون فاضلاً فلا يُلزم ببيعها، وهذا مثل ما ذكره أهل العلم في مسألة الغني، فإن الإنسان قد يكون غنياً في باب وفقيرًا في باب، فقد يكون الإنسان غنياً في باب دفع الزكاة، فقيراً في باب أخذها.
مثاله: إنسان فقير وعنده نصاب من الدراهم أو أكثر، وحال عليه الحول، فإنه يجب عليه أن يدفع زكاة هذه الدراهم، ويجوز له أن يأخذ الزكاة.
مثاله - أيضاً -: زكاة الفطر إذا وجد زائداً عن قوته وقوت من يعول يوم العيد وليلة العيد فإنه على قول جماهير أهل العلم يجب عليه أن يخرج الزائد.
وهكذا - أيضاً - في مسألة السؤال، قد لا يجوز السؤال وإن كان فقيراً في باب إعطاء الزكاة، وفي باب أخذها إذا كان يجد قوت يومه وليلته، وكلما مضى يوم وجد قوته ولا يجد على الدوام فهذا لا يجوز له السؤال؛ لما جاء من
الأدلة في النهي عن السؤال في بعضها، إذا وجد ما يغدِّيه ويعشِّيه (1)، وهذا هو الصحيح في باب السؤال، لأن باب السؤال أشد من باب أخذ الزكاة لأجل شدة السؤال لأن الأصل في السؤال التحريم.
المقصود أن الحوائج الأصلية للإنسان لا تعتبر مالاً فاضلاً، فالإنسان إذا كان عليه دين وعنده فُرُش لا نقول له بغ هذه الفرش وأبقِ فراشاً واحداً تجلس عليه، وإذا كان عنده أوانٍ لا نقول له بعْ هذه الأوانى وأبقِ الضروري منها، وكذلك لو كان عنده سيارة لا نقول له بع السيارة، ويمكنك أن تمشى على قدميك وسدِّد دَينك، لأن هذه حوائج أصلية، وعلى صاحب الدين أن ينظر المعسر لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (2)، ويجب الإنظار ولا يجوز حبسه ولا ملازمته.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/ 195) من طريق الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد حدثني أبو كبشة السلولي، أنه سمع سهل بن الحنظلية الأنصاري رضى الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه من سأل وعندهُ ما يغنيه فإنما يستكثر من نار جهنم" قالوا: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال:"ما يُغدّيه أو يُعشِّيه".
فالحديث إسناده صحيح ورجاله ثقات.
وقد تكلم عبد الحق الإشبيلى في أبى كبشة السلولي هذا وقال: هو مجهول.
وقد تعقبه الحافظ الذهبي في "الميزان"(4/ 564) بقوله: "وهذا خطأ، بل الرجل مشهور موثّق، روى أيضاً عن ثوبان وعن سهل بن الحنظلية وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، روى عنه أبو سلام ممطور، وربيعة القصير وحسان بن عطية وغيرهم، واحتج به البخاري ولا يعرف اسمه وهو شامى". اهـ.
(2)
سورة البقرة، الآية 280.
وكذلك إذا وجب عليه الحج وليس عنده مال وعنده هذه الأشياء التى سبق ذكرها فلا نقول له بعْ هذه الأشياء لأن وجود مثل هذه الأشياء لا يجعله مستطيعاً؛ لأن هذه حوائج أصلية فلا يلزمه بيعها، المقصود أن هذه الأشياء لا تؤخذ من الإنسان لأنها أمور حاجية، ومع كثرة الاحتياج إليها تنزل منزلة الضرورة، فلا يجوز مطالبته وإن كان عليه دين لله أو للآدميين.