الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة السابعة التكليف وهو البلوغ، والعقل شرط لوجوب العبادات، والتمييز شرط لصحتها إلا الحج والعمرة، ويشترط لصحة التصرف التكليف والرشد، ولصحة التبرع التكليف والرشد والملك
هذه القاعدة كما قال المصنف رحمه الله التكليف وهو البلوغ، والعقل شرط لوجوب العبادات.
أولًا: قال المصنف رحمه الله "التكليف هو البلوغ والعقل" كأنه يريد أن تعريف التكليف، وأن حد التكليف هو البلوغ والعقل، وهذا قد يكون تعريفًا للشيء بشرطه، أو بلازمه؛ لأن التكليف ليس هو البلوغ والعقل، وقد اختلف أهل العلم في معناه، قيل: هو إلزام خطاب الشرع، أو ما جاء من الشرع بالأمر والنهي، وقيل: هو إلزام مقتضى خطاب الشرع، وهذا صححه جمع من علماء الأصول، وقالوا إنه أقرب التعاريف وأحسنها وأسلمها من الاعتراض، والانتقاض هو إلزام مقتضى خطاب الشرع وخطاب الشرع أمر ونهي وإباحة، فهذا التعريف يشمل جميع الأحكام الخمسة فهو يدخل فيه الأمر وهو الوجوب والاستحباب، فما كان واجبًا فهو مأمور به، وما كان مستحبًا فهو مأمور به، والنهى ما كان حرامًا فهو منهيٌ عنه، وما كان مكروهًا فهو منهي عنه، والمباح أيضًا هو أن يُخيّر المكلف بين الإقدام على الفعل والترك، والمعنى أنه يعتقد إباحة ذلك الشيء وهذا هو خطاب الشرع، وأنه ليس بحرام ترك الإقدام عليه فهذا هو
معنى التكليف.
أما البلوغ والعقل فهما شرطان للتكليف، وهما ليسا التكليف، بل هما شرطان للتكليف.
وقد يقول قائل: إن المباح ليس لازمًا، وإنما اللازم هما الأمر إن كان على جهة الوجوب أو الاستحباب، والنهى إن كان على جهة التحريم أو الكراهة، أما المباح فهو مخير بين الفعل والترك، فكيف نقول إن التكليف هو إلزام مقتضى خطاب الشرع والمباح ليس لازمًا؟
نقول كما قال كثير من أهل العلم: إن المراد هنا هو اعتقاد أنه مباح، وهذا الاعتقاد هو الإلزام المذكور في حد التكليف؛ لأنه لا يجوز أن تعتقد أن المباح يجب فعله، أو يجب تركه، فهذا هو المراد من إلزام مقتضى خطاب الشرع.
فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه لم يوجب التكاليف الشرعية على كل إنسان بل جعل لها علامات تدل عليها، وجعل لها وقتًا يكون المأمور قابلًا للفعل وقابلًا للترك، أي قابلًا لخطاب الشرع من جهة الفعل ومن جهة الترك، فيختلف حال الإنسان في حال الصغر بل يختلف حينما كان جَنينًا في بطن أمه، ثم بعد ذلك إذا وُلد وهو صغير، ثم إذا بلغ سن التمييز، ثم إذا بلغ الحُلم، فهذا له أحوال، فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل التكليف له علامات محدّدة، بها يلزم التكليف، قبل ذلك لا حرج عليه لأنه غير ملزم بخطاب الشرع، هذا من حيث العموم،
ولهذا جَعَلَ البلوغ والعقلَ شرطين للتكليف، فلابد من هذين الشرطين: أن يكون له قدرة في بدنه وقدرة في عقله، البلوغ يتعلق بقدرة البدن، والعقل يتعلق بقدرة الفهم، فقبل هذين الشرطين هو غير مكلف، فلابد من هاتين القدرتين، أي لابد من اجتماعهما حتى يكون مكلفًا.
والإنسان إذا كان صغيرًا ولم يكن مُتهيئًا لخطاب الشرع فإنه غير قابل للأمر والنهي؛ لأنه لا يفهم خطاب الشرع، ولو فرض أنه فهم فإنه لا يقدر لضعفه وعدم قدرة بدنه، لكنهما في الغالب متلازمان، وقد ينفك أحدهما عن الآخر في حق المعتوه مثلًا، فإنه قد يكون قوي البدن لكنه غير قادر على الفهم، وكذلك المجنون من باب أولى، والمراد بالخطاب هنا أن يكون مخاطبًا بالأحكام التكليفية لا الأحكام الوضعية، والأحكام التكليفة هي: الوجوب والتحريم والإباحة والاستحباب والكراهة.
أما الأحكام الوضعية فهي: الأسباب والشروط والموانع وغيرها، فهذه أمور معلقة على أسباب وعلى شروط وعلى موانع، فمتى ما وُجدت ربط الشرع أحكامه على أسبابها، فمثلًا: الصبي إذا كان عنده مال فإنه تجب فيه الزكاة، وكذلك المجنون على الصحيح من قولي العلماء، كما هو قول جمهور أهل العلم.
فإذا بلغ التكليف وكان عاقلًا غير معتوه ولا مجنون في هذه الحال يكون مكلفًا، ويكون لديه أهلية الأداء الكامل، فيعلق به حكم الشرع من جهة التكليف، فيكون مأمورًا منهيًا ولديه أهلية تامة للأداء، ولديه استعداد للإلزام