الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ
(1)
- 2837 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ
===
ووجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة، وأجمعوا على أنه لا يتكرر إلا بعارض؛ كالنذر، واختلف هل هو على الفور أو التراخي؟ وفي وقت ابتداء فرضه، والجمهور على أنها سنة سِتٍّ؛ لأنها نزل فيها قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1).
وأما فَضْلُه .. فمشهور في الأحاديث الصحيحة، ولا سيما في الوعيد على تركه.
* * *
(1)
- (1008) - (باب الخروج إلى الحج)
(1)
- 2837 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، من كبار العاشرة، صدوق مقرئ خطيب، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(وأبو مصعب) أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف (الزهري) المدني الفقيه، صدوق، عابه أبو خيثمة للفتوى بالرأي، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ع).
(وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).
(1) سورة البقرة: (196).
قَالُوا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ؛ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ .. فَلْيُعَجِّلِ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ".
===
كلهم (قالوا: حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، ثقة، إمام الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سمي) بصيغة التصغير (مولى أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام، ثقة، من السادسة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) القيسي مولاهم ذكوان (السمان) المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السفر قطعة من العذاب) أي: جزء منه؛ والمراد بالعذاب: الألم الناشئ من المشقة؛ لما يحصل في الركوب والمشي من ترك المألوف، والاستعراض للشمس والبرد والخوف، إلى غير ذلك؛ (يمنع أحدكم نومه) أي: كماله لا أصله (وطعامه وشرابه) أي: لذيذهما (فإذا قضى أحدكم) وأدى (نهمته) وحاجته (من سفره .. فليعجل الرجوع إلى أهله) وعياله.
قوله: "السفر قطعة من العذاب" قال القرطبي: أي: لما فيه من المشقات والأنكاد، ومكابدة الأضداد، والامتناع من الراحات واللذات.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقوله: "يمنع أحدكم نومه
…
" إلى آخره، وقد وقع عند الطبراني بلفظ: (لا يهنأ أحدكم بنومه ولا طعامه ولا شرابه)، ذكره الحافظ في "الفتح" (3/ 623).
وهذا جار على الأكثر والأغلب؛ والمقصود منه: ألا يسافر الرجل إلا لحاجة، فإذا قضى وحَصَّل أحدكم نهمته - بفتح النون وسكون الهاء - أي: حاجته من سفره؛ أي: في سفره، أو المعنى: غرضه من سفره، وفي رواية مسلم:(من وجهه) أي: من مقصده .. فليعجل؛ أي: فليسرع الرجوع إلى أهله؛ أي: لا يتأخر لغير حاجة مقصودة له؛ أي: فليرجع إلى أهله بسرعة؛ ليزول عذابه، ويطيب له طعامه وشرابه، وتزول مشقته.
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 623): قال ابن عبد البر: زاد فيه بعض الضعفاء عن مالك: (وليتخذ لأهله هدية وإن لم يجد إلا حجرًا) يعني: حجر الزناد، قال: وهي زيادة منكرة.
وفي الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولا سيما من يخشى عليهم الضياع بالغيبة، ولما في الإقامة عند الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة.
قال ابن بطال: ولا تعارض بين هذا الحديث، وحديث ابن عمر مرفوعًا:"سافروا .. تصحوا" لأنه لا يلزم من الصحة بالسفر - لما فيه من الرياضة - ألا يكون قطعة من العذاب؛ لما فيه من المشقة، فصار كالدواء المر المعقب للصحة، وإن كان في تناوله الكراهة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العمرة، باب
(1)
- 2837 - (م) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
===
السفر قطعة من العذاب، ومسلم في كتاب الإمارة، باب السفر قطعة من العذاب، وأحمد في "مسنده".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(1)
- 2837 - (م)(حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب) المدني نزيل مكة، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة أربعين، أو إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني مولاهم المدني، صدوق، من الثامنة، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سهيل) بن أبي صالح السمان أبي يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) أبي صالح ذكوان الزيات، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله صدوقون، غرضه
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.
(2)
- 2838 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو إِسْرَائِيلَ،
===
بسوقه: بيان متابعة سهيل لسمي مولى أبي بكر في الرواية عن أبي صالح السمان، وفائدتها: بيان كثرة طرقه.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق سهيل (بنحوه) أي: بنحو حديث سمي وقريبه لفظًا ومعنىً.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(2)
- 2838 - (2)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(وعمرو بن عبد الله) بن حنش - بفتح المهملة والنون بعدها معجمة - ويقال: ابن محمد بن حنش الأودي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بنُ الجَرَّاحِ الرُّؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا إسماعيل) بن خليفة العبسي - بالموحدة - (أبو إسرائيل) الملائي الكوفي معروف بكنيته، وقيل: اسمه عبد العزيز، صدوق سيئ الحفظ، نسب
عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ .. فَلْيَتَعَجَّلْ؛ فَإِنَّهُ
===
إلى الغلو في التشيع، من السابعة، مات سنة تسع وستين ومئة (169 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(عن فضيل بن عمرو) الفُقيمي - بالفاء والقاف مصغرًا - أبي النضر الكوفي، ثقة، من السادسة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(عن سعيد بن جبير) - مصغرًا - الأسدي أبي النضر الكوفي، ثقة ثبت، من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس، عن) أخيه (الفضل) بن عباس، رضي الله تعالى عنهم (أو) قال سعيد بن جبير: حدثت هذا الحديث عن (أحدهما) أي: عن أحد ابني عباس، حالة كون ذلك الأحد راويًا (عن الآخر) منهما، شك في عن أيهما حدث؛ هل حدث عن عبد الله عن الفضل أو هل حدث عن الفضل عن عبد الله؟
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه أبا إسرائيل الملائي، وهو مختلف فيه.
(قال) الفضل، أو قال ابن عباس:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد الحج) أي: من استطاع الحج وقدر على أدائه؛ باستكمال شروط الاستطاعة، وأراد أداءه في أول سني الإمكان .. (فليتعجل) أي: فليفعله معجلًا في أول سني الإمكان استحبابًا؛ مسارعةً إلى براءة الذمة من حقوق الله تعالى.
والفاء في قوله: (فإنه) علة للتعجيل؛ أي: وإنما أمر بالتعجيل؛ لأنه
قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ".
===
(قد يمرض المريض) من باب طرب؛ أي: قد يأخذه المرض في السنة الثانية، فيعجز عن أدائه؛ بسبب المرض، والواو في قوله:(وتضل الضالة، وتعرض الحاجة) بمعنى (أو) في كل من الموضعين، وعرض من باب ضرب، وإنما أمر بالتعجل في أول سني الإمكان؛ لأنه قد يمرض في السنة الثانية، فيمنعه المرض من أداء الحج، أو تضل الضالة؛ أي: والراحلة التي يحج عليها، فيفوته الحج، أو تعرض له الحاجة؛ أي: أو تعرض وتأتي له الحاجة والضرورة التي تمنعه من الحج؛ كغصب ماله أو سرقته، أو منع الدولة من سفر الحج، أو كون الطريق مخوفًا من القطاع، أو غير ذلك.
قوله: "من أراد الحج .. فليتعجل" أي: استحبابًا، زاد البيهقي:(فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة)، وفي لفظ:(فإنه قد يمرض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة).
وفي الحديث دليل على أن الحج واجب على الفور، وإلى القول بالفور ذهب مالك وأبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي.
وقال الشافعي والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد: إنه على التراخي، واحتجوا أنه صلى الله عليه وسلم حج سنة عشر، وفرض الحج كان سنة ست أو خمس.
وأجيب: بأنه قد اختلف في الوقت الذي فرض فيه الحج، ومن جملة الأقوال: إنه فرض في سنة عشر، فلا تأخير، ولو سلم أنه فرض قبل العاشرة .. فتراخيه صلى الله عليه وسلم إنما كان لكراهة اختلاط المسلمين في الحج بأهل الشرك؛ لأنهم كانوا يحجون ويطوفون بالبيت عراة، فلما طهر الله البيت الحرام منهم .. حج صلى الله عليه وسلم، فتراخيه لعذر، ومحل النزاع: التراخي مع عدمه، ذكره في "نيل الأوطار". انتهى من "العون".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود مقتصرًا على قوله: "من أراد الحج .. فليتعجل"، وكذا رواه الحاكم مقتصرًا عليه، وقال: هذا حديث صحيح، ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في "سننه"، وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه، وهو الحديث الذي ذكره ابن ماجه في أول الباب.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله من حديث أبي هريرة المذكور أول الباب، وإن كان سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والثالث للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم