الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ
(130)
- 2966 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ؟ قَالَ:
===
(58)
- (1065) - (باب الدفع من عرفة)
(130)
- 2966 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(وعمرو بن عبد الله) بن حنش الأودي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح.
(حدثنا هشام بن عروة) الأسدي المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أسامة بن زيد) بن حارثة الهاشمي مولاهم المدني؛ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحِبِّه رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنه) أي: أن أسامة (سئل: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حين دفع) وذهب وأفاض (من عرفة) إلى مزدلفة بعدما غربت شمس يوم عرفة؟ أي: سئل هل يسير سيرًا سريعًا أو بطيئًا أو وسطًا؟ (قال) أسامة
كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً .. نَصَّ، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي: فَوْقَ الْعَنَقِ.
===
في جواب سؤال السائل: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يسير) السير (العنق) أي: المعتدل (فإذا وجد فجوة) أي: متسعًا من المكان .. (نص) أي: أسرع (قال وكيع) في تفسير النص: (يعني) أسامة بالنص: السير (فوق العنق) أي: فوق المعتدل؛ ومعنى نص؛ أي: حرك الناقة يَسْتَخْرِجُ أَقْصَى سيرِها.
قوله: (سئل أسامة) والسائل هو عروة بن الزبير؛ كما يدل عليه رواية مسلم: (حدثنا هشام عن أبيه قال: سئل أسامة وأنا شاهد، أو قال) عروة: (سألت أسامة بن زيد) والشك من هشام أو ابن عباس؛ كما في رواية أخرى له (عن ابن عباس قال: قال) لي (أسامة بن زيد) وإنما سئل أسامة؛ لأنه كان رديفه صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى جمع.
قوله: (قال) أسامة في جواب السائل: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يسير) السير (العنق) - بفتحتين - أي: السير السريع الوسط (فإذا وجد فجوة) - بفتح الفاء وسكون الجيم - أي: مكانًا متسعًا بين شيئين .. (نص) أي: أسرع إسراعًا بليغًا، وقوله أيضًا:(يسير العنق) - بفتح المهملة والنون - هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع، وقال في "المشارق": هو سير بمهلٍ في سرعة، وقال القزاز: العنق: سير سريع، وقيل: هو المشي الذي يتحرك فيه عنق الدابة.
وفي "الفائق": العنق: الخطو الفسيح، وانتصب على المصدر المؤكد من لفظ الفعل؛ أي: يسير سيرًا سريعًا مع رفق فيه. كذا في "الفتح".
قوله: (فإذا وجد فجوة) أي: ساحةً واسعةً، وبها فسر قوله تعالى:{وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} (1)، والفجوة - بفتح الفاء وسكون الجيم -: المكان المتسع، وفي
(1) سورة الكهف: (17).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بعض الروايات: (فرجة) - بضم الفاء وسكون الراء - وهو بمعنى الفجوة.
قوله: (نص) أي: زاد سرعةً، قال أبو عبيد: النص: تحريك الدابة حتى يستخرج به أقصى ما عندها، وأصل النص: غاية المشي، ومنه: نصصت الشيء؛ رفعته، ثم استعمل في ضرب سريع من السير.
قال ابن خزيمة: في هذا الحديث دليل على أن الحديث الذي رواه ابن عباس عن أسامة أنه قال: (فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رافعةً يديها حتى أتى جمعًا) أنه محمول على حال الزحام دون غيره. انتهى.
وقال ابن عبد البر: في هذا الحديث بيان كيفية السير في الدفع من عرفة إلى مزدلفة؛ لأجل الاستعجال للصلاة؛ لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة، فجمع بين المصلحتين؛ من الوقار والسكينة عند الزحمة، ومن الإسراع عند عدم الزحام.
وفيه أن السلف كانوا يحرصون على السؤال عن كيفية أحواله صلى الله عليه وسلم في جميع حركاته وسكناته؛ ليقتدوا به في ذلك. انتهى "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب السير إذا دفع من عرفة، وفي كتاب الجهاد، وفي كتاب المغازي، ومسلم في كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الدفعة من عرفات، والنسائي في كتاب الحج، باب كيف السير من عرفة، باب الرخصة للضعفة، والإمام مالك في "الموطأ".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
(131)
- 2967 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَتْ قُرَيْشٌ: نَحْنُ قَوَاطِنُ الْبَيْتِ لَا نُجَاوِزُ الْحَرَمَ،
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أسامة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(131)
- 2967 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني الحميري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا) سفيان (الثوري) الكوفي، حجة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة.
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (قالت قريش: نحن قواطن البيت) وسكانه؛ أي: مقيمون عنده (لا نجاوز الحرم) أي: أرض الحرم؛ وهي المزدلفة، ولا نمر عليها إلى الحل الذي هو عرفة؛ أي: لا نجاوز في وقوفنا في الحج الحرم الذي هو الوقوف فيها، قال سفيان بن عيينة: وكان الشيطان قد استهواهم، فقال لهم: إنكم إن عظمتم غير حرمكم .. استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون منه، رواه الحميدي في "مسنده"، فأمرهم الله عز وجل بالخروج إلى عرفة مع الناس، ثم بالوقوف فيها، ثم بالإفاضة إلى مزدلفة، ثم بالإفاضة
فَقَالَ اللهُ عز وجل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} .
===
من مزدلفة إلى منًى، (فقال الله عز وجل في أمرهم:({ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ})(1).
أي: ({ثُمَّ}) بعد وقوفكم بعرفة يا معشر قريش وذكركم عند المشعر الحرام ({أَفِيضُوا}) أي: ارجعوا يا معشر قريش ({مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}) غيركم من سائر العرب وعامة الناس؛ أي: ارجعوا من المزدلفة إلى منًى قبل طلوع الشمس للرمي والنحر، إن قلنا: إنه خطاب لقريش، وأمر لهم بالإفاضة من حيث أفاض غيرهم، فعلى هذا القول؛ المراد بالناس: جميع العرب سوى الحمس، والقول الثاني: إنه خطاب لسائر المسلمين؛ والمراد بالناس: إبراهيم وإسماعيل وأتباعهما، والمعنى على هذا القول: ثم بعد ذكركم أيها المسلمون عند المشعر الحرام ارجعوا من المزدلفة إلى منًى حيث أفاض الناس؛ أي: ارجعوا إلى منًى للرمي والنحر في الوقت الذي أفاض ورجع فيه الناس؛ أي: إبراهيم وإسماعيل وأتباعهما؛ أي: ارجعوا قبل طلوع الشمس؛ كما رجع منها إبراهيم وإسماعيل في ذلك الوقت إلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان العرب الذين وقفوا بالمزدلفة يرجعون إلى منًى بعد طلوع الشمس، وهذا القول اختاره الضحاك، لكن القول الأول هو الأصح الذي عليه جمهور المفسرين. انتهى من "الحدائق".
قال الخطابي: تضمَّنَ قولُه تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ، الأَمْرَ بالوقوف بعرفة؛ لأن الإفاضة إنما تكون بعد اجتماعٍ قبله، وكذا قال ابن بطال، وزاد: وبيَّن الشارعُ مبتدأَ الوقوف بعرفة ومنتهاه. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه صحيح بما في "الصحيحين"
(1) سورة البقرة: (199).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وإن كان سنده موقوفًا؛ لأنه في حكم الرفع؛ لأنه في سبب النزول، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم