المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِنَّ. === فئتين؛ إحداهما ترى المستعجل - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِنَّ. === فئتين؛ إحداهما ترى المستعجل

ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِنَّ.

===

فئتين؛ إحداهما ترى المستعجل آثمًا، والأخرى ترى المتأخر آثمًا، فورد التنزيل بنفي الحرج عنهما، ودل فعله صلى الله عليه وسلم على بيان الأفضل منهما، كذا في "المرقاة".

وقال الزرقاني في "شرح الموطأ": أيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر؛ أولها اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، وهو قول ابن عمر وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وقتادة، وهو مذهب الشافعي، وقيل: إن الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده، وهو قول علي بن أبي طالب، ويروى عن ابن عمر أيضًا، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال المنذري: أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديثِ سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري، وذكر أن سفيان بن عيينة قال: وهذا أجود حديث رواه سفيان الثوري. انتهى من "العون".

(ثم أردف) أي: أركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه (رجلًا) من الصحابة؛ وهو أسامة بن زيد (خلفه) أي: وراءه إلى أن وصل مزدلفة (فجعل) أي: شرع الرديف بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينادي) الناسَ وهو راكب، (بهنَّ) أي: بهذه الكلمات المذكورة؛ يعني: من قوله: "الحج عرفة

" إلى قوله: "فمن تأخر .. فلا إثم عليه".

‌فائدة

فإن قلت: قوله: ({وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ})(1) فيه إشكال؛ وهو أن الذي أتى بأفعال الحج كاملةً تامّةً .. فقد أتى بما يلزمه، فما معنى قوله: (فلا

(1) سورة البقرة: (203).

ص: 402

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إثم عليه) إنما يخاف من الإثم هو الذي قصر فيما يلزمه؟

قلت: فيه أجوبة:

أولها: أنه تعالى لما أذن في التعجيل على سبيل الرخصة .. احتمل أن يخطر ببال قوم أن من لم يجر على موجب هذه الرخصة .. فإنه يأثم، فأزال الله تعالى هذه الشبهة، وبين أنه لا إثم عليه في الأمرين؛ فإن شاء .. عجل، وإن شاء .. أخر.

وثانيها: أن من الناس من كان يتعجل، ومنهم من كان يتأخر، وكل فريق يصوب فعله على فعل الآخر، فبين الله تعالى أن كل واحد من الفريقين مصيب في فعله، وأنه لا إثم عليه.

وثالثها: إنما قال: "ومن تأخر فلا إثم عليه" لمشاكلة اللفظة الأولى؛ فهو كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (1)، ومعلوم أن جزاء السيئة ليست سيئة.

ورابعها: أن فيه دلالة على جواز الأمرين، فكأنه تعالى قال: فتعجلوا أو تأخروا، فلا إثم في التعجل ولا في التأخر. انتهى من "الخازن". انتهى من "الحدائق".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام في جمع .. فقد أدرك الحج، وفي كتاب التفسير، باب تفسير سورة البقرة فمن تعجل في يومين، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في

(1) سورة الشورى: (40).

ص: 403

(128)

- 2964 - (م) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ اللَّيْثِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، فَجَاءَهُ نَفَرٌ

===

"المجتبى" في كتاب مناسك الحج، باب فرض الوقوف بعرفة.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله تعالى عنه، فقال:

(128)

- 2964 - (م)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنبأنا الثوري) سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن بكير بن عطاء الليثي) الكوفي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(عم).

(عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، غرضه: بيان متابعة عبد الرزاق لوكيع في الرواية عن الثوري.

(قال) الديلي: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فجاءه نفر

ص: 404

مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: مَا أُرَى لِلثَّوْرِيِّ حَدِيثًا أَشْرَفَ مِنْهُ.

(129)

- 2965 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ - يَعْنِي: الشَّعْبِيَّ - عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ

===

من أهل نجد، فذكر) عبد الرزاق (نحوه) أي: نحو حديث وكيع.

(قال محمد بن يحيى) شيخ المؤلف: (ما أرى) مضارع مسند للمتكلم على صيغة المبني للمجهول، أي: ما أظن أنا (للثوري حديثًا أشرف) وأكثر فائدة (منه) أي: من هذا الحديث؛ لاشتماله على أحكام كثيرة من أحكام المناسك.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الرحمن بن يعمر بحديث عروة بن مضرس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(129)

- 2965 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وأربعين ومئة (146 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عامر) بن شراحيل الحميري؛ (يعني: الشعبي) ثقة فقيه، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن عروة بن مضرس) - بمعجمة ثم راء مشددة مكسورة ثم مهملة - على صيغة اسم الفاعل، (الطائي) الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه.

ص: 405

أَنَّهُ حَجَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ بِجَمْعٍ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللهِ؛ إِنْ تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْه، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ مَعَنَا الصَّلَاةَ

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أنه) أي: أن مضرسًا (حج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يدرك) مضرس (الناس) الواقفين بعرفة (إلا وهم) نازلون (بجمع) أي: بمزدلفة (قال) مضرس: (فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت) له: (يا رسول الله؛ إني أنضيت راحلتي) - بنون وضاد معجمة - في "الصحاح": النضو - بالكسر -: البعير المهزول، والناقة نضوة، وقد أنضتها الأسفار؛ أي: هزلتها بطول السفر عليها (وأتعبت نفسي) بطول السفر (والله؛ إن تركت) أي: ما تركت (من حبل) - بحاء مهملة مفتوحة وموحدة ساكنة -: المستطيل من الرمل؛ أي: والله ما تركت حبلًا ورملًا من حبال عرفة (إلا وقفت عليه) أي: على ذلك الحبل (فهل لي من حج؟ ) أي: فهل يقع لي حج؟ (فقال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: (من شهد) وحضر (معنا) هذه (الصلاة) أي: صلاة الفجر في مزدلفة.

قال الخطابي: وظاهر قوله: "من أدرك معنا هذه الصلاة" .. شرط لا يصح حجه إلا بشهوده جمعًا، وقد قال به غير واحد من أعيان أهل العلم.

قال علقمة والشعبي والنخعي: إذا فاته جمع ولم يقف به .. فقد فاته الحج، ويجعل إحرامه عمرةً، وممن تابعهم على ذلك: أبو عبد الرحمن الشافعي، وإليه ذهب ابن خزيمة وابن جرير الطبري، واحتجوا بقوله

ص: 406

وَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا .. فَقَدْ قَضَى تَفَثَهُ وَتَمَّ حَجُّهُ".

===

تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (1)، وهذا نص، والأمر على الوجوب، فتركه لا يجوز بوجه.

وقال أكثر الفقهاء: إن فاته المبيت بالمزدلفة والوقوف بها .. أجزأه وعليه دم. انتهى كلامه.

أي: من شهد معنا صلاة الصبح بمزدلفة ليلة النحر (و) قد (أفاض من عرفات) أي: والحال أنه قد وقف بعرفات (ليلًا) أي: ليلة النحر (أو نهارًا) أي: نهار يوم عرفة؛ أي: أفاض ورجع من عرفات إلى مزدلفة، تمسك بهذا أحمد بن حنبل فقال: وقت الوقوف لا يختص بما بعد الزوال، بل وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم العيد؛ لأن لفظ الليل والنهار مطلقان يصدقان بأي جزء منهما، وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال، ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيدًا لذلك المطلق.

(فقد قضى) ذلك الحاج؛ أي: أدى وحصل وفعل (تفثه) مفعول لقضى؛ أي: اجتماع وسخه عليه بجعل نفسه شعثًا غبرًا (وتم حجه) أي: من الفوات على أحسن وجه وأكمله.

قوله: "فقد قضى" أي: أتم "تفثه" أي: اجتماع التفث والوسخ عليه؛ والمراد بالتفث: الوسخ وغيره مما يناسب المحرم، فحل له أن يزيل التفث؛ بحلق الرأس، وقص الشارب والأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، وإزالة الشعث والدرن والوسخ مطلقًا "وتم حجه" على أحسن وجه وأكمله، والأصل

(1) سورة البقرة: (198).

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

التمام بهذا المعنى بالوقوف؛ كما هو صريح الحديث السابق، وأيضًا شهود الصلاة مع الإمام ليس بشرط للتمام عند أحد. انتهى من "السندي".

"وقضى" ذلك الحاج "تفثه" مفعول (قضى) قيل: المراد به: أنه أتى بما عليه من المناسك، والمشهور أن التفث ما يصنعه المحرم عند حله؛ من تقصير شعر أو حلقه، وحلق العانة، ونَتْفِ الإبط، وغيره من خصال الفطرة؛ كحلق الشارب والسبالة، ويدخل في ضمن ذلك نحر البدن، وقضاء جميع المناسك؛ لأنه لا يقضى التفث إلا بعد ذلك، وأصل التفث: الوسخ والقذر. انتهى من "العون".

قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه: أن من وقف بعرفات بعد الزوال من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر .. فقد أدرك الحج.

وقال أصحاب مالك: النهار تبع الليل في الوقوف؛ فمن لم يقف بعرفة حتى تغرب الشمس .. فقد فاته الحج، وعليه حج من قابل، وروي عن الحسن أنه قال: عليه هدي من الإبل، وحجته تامة.

وقال أكثر الفقهاء: من صدر يوم عرفة قبل غروب الشمس .. فعليه دم، وحجته تامة، كذلك قال عطاء وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل.

وقال مالك والشافعي: فمن دفع من عرفة قبل غروب الشمس، ثم رجع إليها قبل طلوع الفجر .. فلا شيء عليه.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا رجع بعد غروب الشمس ووقف .. لم يسقط عنه الدم. انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، والترمذي في كتاب الحج، باب من أدرك الإمام بجمع،

ص: 408

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الحج، باب من لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام، باب المزدلفة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول من الباب.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والثالث للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 409