الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ
(17)
- 2853 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا
===
(7)
- (1014) - (باب المرأة تحج بغير ولي) ومحرم أو زوج
* * *
(17)
- 2853 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري الخدري رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة) البالغة العاقلة، والجملة خبرية اللفظ إنشائية المعنى؛ والمراد بها: النهي (سفرًا) تبلغ مسافته (ثلاثة أيام) مع لياليها (فصاعدًا) أي: فما فوقها كأربعة
إِلَّا مَعَ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ زَوْجِهَا أَوْ ذِي مَحْرَمٍ".
===
أيام (إلا مع أبيها أو أخيها أو ابنها أو زوجها أو) مع (ذي محرم) لها.
قوله: "أو زوجها" ذكر الزوج ورد في هذه الرواية، فلا بد من إلحاقه بالمحرم في جواز السفر معه؛ كما في "المبارق"، فالروايات التي لم يذكر فيها الزوج محمولة على التي ذكر فيها.
قوله: "أو ذي محرم" والمراد بالمحرم: من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب قرابة أو رضاع أو مصاهرة؛ بشرط أن يكون الرجل مكلفًا ليس بمجوسي ولا غير مأمون، ويشترط مع المرأة أيضًا ألا تكون معتدة؛ كما في "المرقاة".
وفي "المبارق": قوله: "ذي محرم" وهو من لا يحل له نكاحها؛ لحرمتها على التأبيد، وقولنا:(لحرمتها) احتراز عن الملاعنة؛ فإن تحريمها ليس لحرمتها، بل للتغليظ، وقولنا:(على التأبيد) احتراز عن أخت الزوجة. انتهى منه.
واختلفت الروايات في مدة المسير: ففي بعضها: مسيرة يوم؛ كما في حديث أبي هريرة الآتي، وفي بعضها: مسيرة ليلة، وفي بعضها: مسيرة يوم وليلة، وفي بعضها: مسيرة يومين، وفي بعضها؛ مسيرة ثلاثة أيام.
قال النووي: الروايات كلها صحيحة، لكن لم يُرِدِ النبي صلى الله عليه وسلم تحديد المدة، بل المراد: حرمة السفر عليها بغير محرم، والاختلاف وقع لاختلاف السائلين، ويؤيده إطلاق رواية ابن عباس:"لا تسافر امرأة إلا مع ذي رحم محرم".
قوله: "فصاعدًا" أي: فما فوقها، وهو من الحال التي بُيِّن بها ازديادٌ في المقدار شيئًا فشيئًا، فحذف عاملها وجوبًا؛ لقيام الحال مقامه، ويشترط لنصب هذه الحال كونها مصحوبة بالفاء أو بثم دون الواو، لفوات معنى التدريج معها؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
نظير قولهم: بعته بدرهم فصاعدًا، والفاء عاطفة للعامل المحذوف على ما قبلها؛ والتقدير: لا تسافر سفرًا يكون مقداره ثلاثة أيام، فزاد مقداره أو ذهب مقداره صاعدًا إلى فوق؛ كما هو مبين في محله. انتهى من "رفع الحجاب".
وقوله: "إلا مع أبيها
…
" إلى آخره، والاستثناء فيه من أعم الأحوال؛ أي: لا يحل لها أن تسافر سفرًا يكون مقداره ثلاثة أيام فأكثر في حال من الأحوال إلا في حال كون أبيها معها "أو أخيها" الكبير أو المميز، لا الصغير الذي لا يُستحيا منه؛ كابن سنتين أو ثلاث أو أربع مثلًا "أو ابنِها" كذالك "أو زوجها" الكبير أو المميز "أو ذي محرم" وقرابة "منها" كعمها وخالها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب في المرأة تخرج بغير محرم، والترمذي في كتاب الرضاع، باب كراهية أن تسافر المرأة وحدها، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم"، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ يكرهون للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم.
واختلف أهل العلم في المرأة إذا كانت موسرة ولم يكن لها محرم، هل تحج؟
فقال بعض أهل العلم: لا يجب عليها الحج؛ لأن المحرم من السبيل؛ لقوله عز وجل: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (1)، فإذا لم يكن لها محرم .. فلا تستطيع إليه سبيلًا، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، وقال بعض أهل العلم: إذا
(1) سورة آل عمران: (97).
(18)
- 2854 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
كان الطريق آمنًا .. فإنها تخرج مع الناس في الحج، وهو قول مالك والشافعي. انتهى.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد الخدري بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(18)
- 2854 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا شبابة) بن سوار المدائني، أصله من خراسان، يقال: كان اسمه مروان مولى بني فزارة، ثقة حافظ رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس أو ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) القرشي العامري أبي الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن سعيد) بن أبي سعيد كيسان (المقبري) أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ لَيْسَ لَهَا ذُو حُرْمَةٍ".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر) سفرًا يكون قدره (مسيرة يوم واحد ليس لها) أي: حالة كونها ليس معها (ذو حرمة) أي: صاحب قرابة أو نحوه؛ كزوج.
قال في هذه الطريق: (مسيرة يوم واحد)، وفي أخرى:(ليلة واحدة)، ويقال فيه: لما كان ذكر أحدهما يدل على الآخر ويستلزمه .. اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، وقد جمعهما في رواية أخرى؛ حيث قال: مسيرة يوم وليلة، والروايات يفسر بعضها بعضًا، وقد وقع في بعض الروايات:(لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، ولم يذكر مدة، فيقتضي بحكم إطلاقه منع السفر قصيره وطويله عليها إلا مع ذي محرم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب في كم يقصر الصلاة، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب في المرأة تحج بغير محرم، والترمذي في كتاب الرضاع، باب كراهية أن تسافر المرأة وحدها، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند".
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(19)
- 2855 - (3) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا
===
(19)
- 2855 - (3)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن الأموي مولاهم البصري ثم الدمشقي، ثقة، رمي بالإرجاء، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه (خ م د س ق).
(حدثنا) عبد الملك (ابن جريج) الأموي المكي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثني عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنه سمع أبا معبد) نافذًا - بفاء ومعجمة - (مولى ابن عباس) المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عباس: (جاء أعرابي) أي: رجل من سكان البادية، لم أر من ذكر اسمه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فـ (قال) ذلك الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم:(إني اكتتبت) - بالبناء للمجهول المسند إلى المتكلم؛ من باب الافتعال - أي: كتب اسمي (في) أسماء من عين لـ (غزوة كذا وكذا)
وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ قَالَ: "فَارْجِعْ مَعَهَا".
===
أي: أثبت اسمي في أسماء من يخرج فيها، قال القرطبي: أي: ألزمت وأثبت اسمي في ديوان ذلك البعث. انتهى "مفهم".
ولم أر من عين تلك الغزوة (وامرأتي حاجة) أي: زوجتي مريدة الخروج للسفر قاصدة للحج، وليس معها أحد من محارمها، وفي بعض روايات مسلم:(وامرأتي تريد الحج) فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فارجع) عن الخروج للجهاد، واذهب (معها) إلى الحج، فيه تقديم الأهم، إذ في الجهاد يقوم غيره مقامه، بخلاف الحج معها. انتهى "نووي".
قال الحافظ: أخذ بظاهره بعض أهل العلم؛ فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه الخروج معها؛ كالولي في الحج عن المريض، فلو امتنع إلا بأجرة .. لزمتها؛ لأنها من سبيل حجها، فصارت في حقها كالمؤنة، واستدل به على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها؛ لكون الحج على التراخي، وأما ما رواه الدارقطني من طريق الصائغ عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا في امرأة لها زوج ولها مال، ولا يأذن لها في الحج، فليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها .. فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع؛ عملًا بالحديثين، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن للرجل منع زوجته في الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فيما كان واجبًا. انتهى "فتح الملهم".
قال القرطبي: قوله: "فارجع معها" هو فسخ لما كان التزم من المضي للجهاد، ويدل على تأكد أمر صيانة النساء في الأسفار، وعلى أن الزوج أحق بالسفر مع زوجته من ذوي رحمها؛ ألا ترى أنه لم يسأله هل لها محرم أم لا؟ !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولأن الزوج يطلع من الزوجة على ما لا يطلع منها ذو المحرم، فكان أحق بالسفر معها من غيره، فإذًا قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث:"إلا ومعها محرم" إنما خرج خطابًا لمن لا زوج لها، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجهاد، باب كتابة الإمام الناس، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، وأحمد في "المسند".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد، وكلها من المتفق عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم