الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ
(92)
- 2928 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَب ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ - يَعْنِي: دُحَيْمًا - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ،
===
(40)
- (1047) - (باب التمتع بالعمرة إلى الحج)
(92)
- 2928 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن مصعب) بن صدقة القَرْقَسَائيُّ - بقافين ومهملة - صدوق كثير الغَلَطِ، من صغار التاسعة، مات سنة ثمان ومئتين (208 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(ح وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) أبو سعيد (يعني: دحيمًا) هو لقبه - بمهملتين مصغرًا - ابن اليتيم، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).
(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع، أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما (قالا): أي: محمد بن مصعب والوليد بن مسلم: (حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الفقيه، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ بِالْعَقِيقِ: "أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَك، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ"، وَاللَّفْظُ لِدُحَيْمٍ.
===
(حدثني عكرمة) أبو عبد الله مولى ابن عباس، ثقة ثبت عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(قال: حدثنا ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنهم.
وهذان السندان من سباعياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات.
(قال) عمر بن الخطاب: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو) صلى الله عليه وسلم (بالعقيق) وهو واد بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال:(أتاني) أي: جاءني (آت من ربي) وهو جبريل؛ كما في "الفتح"(فقال) لي ذلك الآتي: (صل في هذا الوادي المبارك) ركعتين سنة الإحرام، وقيل: صلاة الفرض، أو أي صلاة (وقل) في إحرامك: نسكي (عمرة في حجة) أي: مع حجة.
وقوله: "عمرة" بالرفع خبر لمبتدأ محذوف؛ كما قَدَّرْنَاهُ، والجملة في محل النصب مقول لقل؛ والتقدير: وقل: إحرامي عمرة في ضمن حجة، أو هذه عمرة في ضمن حجة، وهو يفيد أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا، أو يكون أُمر بأن يقول ذلك لأصحابه؛ ليعلمهم مشروعية القران. انتهى من "الإرشاد".
(واللفظ) أي: ولفظ الحديث المذكور هنا (لدحيم) لا لأبي بكر، وإنما روى أبو بكر معناه لا لفظه.
وفي "العون" أنه برفع (عمرة) في أكثر الروايات، وبنصبها بإضمار فعل؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أي: جَعَلْتُها عمرة، وهو دليل على أن حجه صلى الله عليه وسلم كان قرانًا، قال الشوكاني: وأَبْعدَ من قال: إن معناه: أنه يعتمر في تلك السنة بعد فراغ حجه، وظاهر حديث عمر هذا: أن كون حجه صلى الله عليه وسلم القران كان بأمر من الله تعالى، فكيف يقول صلى الله عليه وسلم:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت .. لجعلتها عمرة" فينظر في هذا؛ فإن أجيب بأنه إنما قال ذلك تطييبًا لخواطر أصحابه .. فهو تغرير لا يليق نسبة مثله إلى الشارع. انتهى كلام الشوكاني.
واعلم: أن هذه الجملة وردت بثلاثة ألفاظ؛ أي: روايات:
1 -
فقال مِسْكِينٌ عن الأَوزاعي: (قال: عمرة في حجة) بلفظ (قال) وحرفِ (في) بين عمرة وحجة.
2 -
وقال الوليدُ بن مسلم وعُمرُ بن عبد الواحد عن الأوزاعي: (قُلْ: عمرةٌ في حجة) بلفظ (قل) صيغة أمر، وكذا رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير بلفظ (قل) وحرف (في)، فهذه متابعة للأوزاعي.
3 -
وفي روايةٍ للبخاري: (وقل: عمرة وحجة) بحرف (الواو) العاطفة بين عمرة وحجة، قال بعضهم: أي: قل ذلك لأصحابك؛ أي: أعلمهم أن القران جائز، واحتج به من يقول: إن القران أفضل، وقال: لأنه هو الذي أُمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأَحَبَّ، فالرواية الصحيحة هي قوله:(عمرة وحجة) بالفصل بينهما بالواو. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"العقيقُ واد مبارك"، وأبو داوود في كتاب الحج، باب في الإِقْران.
(93)
- 2929 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوسٍ،
===
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ولكن هذا الحديث والذي بعده لا يطابقان الترجمة، بل إنما يطابقان ترجمة القران، فحقهما أن يُقدَّما على هذه الترجمة؛ كما فعله أبو داوود.
ثم استشهد المؤلف لحديث عمر بحديث سراقة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(93)
- 2929 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن مسعر) بن كدام - بكسر الكاف وتخفيف الدال - ابن ظهير الهلالي أبي سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين ومئة (155 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الملك بن) أبي سليمان (ميسرة) العرزمي - بفتح المهملة وسكون الراء وبالزاي المفتوحة - صدوق له أوهام، من الخامسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن طاووس) بن كيسان اليماني أبي عبد الرحمن الحميري مولاهم
عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فِي هَذَا الْوَادِي فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
===
الفارسي، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن سراقة) - بضم المهملة وتخفيف الراء - ابن مالك (بن جعشم) - بضم الجيم والمعجمة بينهما عين مهملة ساكنة - الكناني ثم المدلجي، أبي سفيان المكي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، من مسلمة الفتح، مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين (24 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة إن سلم من الانقطاع، قال المزي في "التهذيب": سراقة مات سنة أربع وعشرين، فلم يدركه طاووس، فتكون روايته عنه مرسلة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) سراقة: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا في هذا الوادي) المبارك؛ يعني: العقيق (فقال) في خطبته: (ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم: (إن العمرة) أي: إن أعمالها من الطواف والسعي (قد دخلت في) أعمال (الحج) أي: في طواف الحج وسعيه (إلى يوم القيامة) يعني: إن قارن بينهما في الإحرام، أو أدخل الحج عليها قبل الشروع في عملها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب المناسك، باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي، والطبراني في "الكبير".
قال السندي: قوله: "ألا إن العمرة قد دخلت في الحج" من لم يقل بوجوب العمرة .. يقول: إنه سقط افتراضها بالحج، فكأنها دخلت فيه، ومن يقول به .. يقول: إن خصال العمرة دخلت في أفعال الحج، فلا يجب على القارن إلا إحرام واحد وطواف واحد، وهكذا، وإنها دخلت في وقت الحج
(94)
- 2930 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّير،
===
وشهوره، وبطل ما كانت عليه الجاهلية من عدم حل العمرة في أشهر الحج.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ لأن رجاله ثقات إن لم يكن الانقطاع في السند، وإلا .. فالسند ضعيف؛ لانقطاعه، والحديث صحيح بما قبله من حديث عمر، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عمر.
فهو أيضًا من أدلة القران لا من أدلة التمتع.
* * *
ثم استدل المؤلف على الترجمة بحديث عمران بن الحصن رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(94)
- 2930 - (3)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الجريري) - مصغرًا - سعيد بن إياس أبي مسعود البصري، ثقة، من الخامسة، اختلط قبل موته بثلاث سنين، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي العلاء يزيد ابن الشخير) - بكسر أوله وتشديد ثانيه المكسور - العامري البصري، نسب إلى جده؛ لشهرته به؛ لأنه يزيد بن عبد الله بن الشخير، ثقة، من الثانية، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ)، أو قبلها،
عَنْ أَخِيهِ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: إِنِّي أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ بَعْدَ الْيَوْم، اعْلَمْ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اعْتَمَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
===
وكان مولده في خلافة عمر بن الخطاب، فوهم من زعم أن له رؤية. يروي عنه:(ع).
(عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير) العامري الحرشي - بمهملتين مفتوحتين ثم معجمة - أبي عبد الله البصري، ثقة عابد فاضل، من الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال) مطرف: (قال لي عمران بن الحصن) بن عُبيد بن خلف الخُزاعي البصري أبو نجيد - بنون وجيم مصغرًا - أسلم عام خيبر، وصحب وكان فاضلًا رضي الله تعالى عنه وعن أبيه، مات سنة اثنتين وخمسين (52 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(إني أحدثك) اليوم يا مطرف (حديثًا) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: أحدثك في هذا اليوم الحاضر حديثًا (لعل الله) عز وجل؛ أي: أرجو الله سبحانه (أن ينفعك به) أي: بذلك الحديث الذي حدثتك به (بعد اليوم) أي: في حياتك؛ بالعمل به وبتعليمه للناس، ثم قال عمران في بيان ذلك الحديث:(اعلم) يا مطرف (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر) أي: أحرموا بالعمرة (طائفة) أي: جماعة (من أهله) أي: من أهل بيته، قال القرطبي: أي: أباح وأذن لهم أن يحرموا بالعمرة حين أحرموا من ذي الحليفة، ثم أمرهم بأعمالها (في العشر) الأول (من ذي الحجة) فحلوا بفراغهم من عمل العمرة في الخامس منه.
فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْزِلْ نَسْخُهُ، قَالَ فِي ذَلِكَ بَعْدُ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ أَنْ يَقُولَ.
===
قال عمران: (فلم ينه عنه) أي: عن الاعتمار في أشهر الحج (رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل نسخه) من السماء؛ أي: نسخ جواز الاعتمار في أشهر الحج في شيء من القرآن في حياته صلى الله عليه وسلم ثم (قال في ذلك) أي: في الاعتمار في أشهر الحج (بعد) أي: بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (رجل) من المسلمين (برأيه) واجتهاده (ما شاء أن يقول) من منع الاعتمار في أشهر الحج.
وفي رواية البخاري زيادة: (يعني: عمر) قال الحافظ: يعني عمران بن الحصن بذلك الرجل: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو أول من نهى عن الاعتمار في أشهر الحج، وكأن من بعده كان تابعًا له في ذلك؛ كما في "الفتح".
وفيه وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص؛ كعمران على عمر، وأما تعبيره عنه بقوله:(رجل) .. فلسقوط هذا القول في زعمه لا لتوهين القائل؛ لأنه أشار إلى أن مثل هذا القول المخالف للنص لا يليق بشأن المجتهد الخبير صدوره عنه، بل ينبغي أن ينسب إلى رجل من آحاد الناس، وهذا هو محمل ما أكثر البخاري في "صحيحه" من قوله:(قال بعض الناس) في حق بعض الأئمة الكبار رحمهم الله تعالى وإيانا، وهو أرحم الراحمين.
قال السندي: قوله: (لعل الله أن ينفعك به بعد اليوم) كلمة (أن) زائدة في خبر لعل؛ لمشابهتها بعسى في المعنى؛ والمراد: لعلك تعمل به بعد وفاة عمر، (بعد) أي: بعد فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعدم نسخه أو بعد وفاته (رجل) تعرض لعمر في بيان أنه لا عبرة بنهيه. انتهى منه.
(95)
- 2931 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَم،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب جواز التمتع.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف لحديث عمران بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(95)
- 2931 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار) العبدي البصري.
(قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي ربيب شعبة المعروف بغندر البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(ح وحدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثني أبي) علي بن نصر بن علي الجهضمي البصري، ثقة، من كبار التاسعة. يروي عنه:(ع). مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ).
(قالا) أي: قال محمد بن جعفر ونصر بن علي: (حدثنا شعبة، عن الحكم) بن عتيبة - بالمثناة ثم بالموحدة مصغرًا - أبي محمد الكندي الكوفي،
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ،
===
ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومئة (113 هـ) أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن عمارة بن عمير) التيمي الكوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات بعد المئة، وَقِيلَ: قَبْلَها بسنتين. يروي عنه: (ع).
(عن إبراهيم بن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسماه وحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة، عداده في أهل الكوفة. روى عن: أبيه، والمغيرة بن شعبة، ويروي عنه: الشعبي، وعمارة بن عمير، وهو كوفي ثقة، مات في حدود السبعين (70 هـ). يروي عنه:(م س ق).
(عن أبي موسى الأشعري) رضي الله تعالى عنه.
وهذان السندان من سباعياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.
(أنه) أي: أن أبا موسى (كان يفتي) ويخبر الناس (بالمتعة) أي: بجواز المتعة؛ أي: بجواز فسخ الحج إلى العمرة والتحلل منه بها، ثم إحرام الحج يوم التروية؛ كالمكيين، ويكون متمتعًا؛ أي: يخبر بجوازها لمن سألة من الناس؛ أي: يخبرهم بجواز الفسخ، ومستنده في فتياه: اعتقاده عموم مشروعية الفسخ وعدم قصره على الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ كما اعتقده ذلك غيره، قاله الأبي.
وقال عياض: قوله: (يفتي بالمتعة) أي: يفتي بجواز التمتع بالعمرة إلى الحج؛ كما جاء مفسرًا كذلك بعد. انتهى.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ، حَتَّى لَقِيتُهُ بَعْدُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ،
===
وعبارة القرطبي: يعني: أنه أفتى الناس بجواز التحلل لمن أحرم بالحج بعمل العمرة، وكأنَّ أبا موسى رضي الله تعالى عنه اعتقد عموم مشروعية ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التحلل بعمل العمرة وتعديه لغير الصحابة، ولم ير أن ذلك خاص بالصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ كما اعتقده غيره منهم. انتهى من "المفهم".
أي: أفتى بذلك أبو موسى للناس في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر (فقال له) أي: لأبي موسى (رجل) من المسلمين - لم أر من ذكر اسمه -: يا أبا موسى (رويدك) أي: تمهل (بعض فتياك) قليلًا وأمسك عنه واتركه، قال النووي: أي: ارفق قليلًا وأمسك عن فتياك، ويقال: فتيا وفتوى لغتان، وقال القرطبي: أي: ارفق رفقك، أو كف بعض فتياك، فيصح أن يكون مصدرًا أو مفعولًا.
(فإنك) يا أبا موسى (لا تدري) ولا تعلم (ما أحدث) وأظهر (أمير المؤمنين في) حكم (النسك بعدك) أي: بعد فتواك، قال أبو موسى: فأمسكت عن إفتائي للناس جواز فسخ الحج إلى العمرة والتحلل بعملها (حتى لقيته) أي: حتى لقيت عمر ورأيته (بعد) أي: بعد إمساكي عن فتواي (فسألته) أي: فسألت عمر عن سبب نهيه الناس عن فسخ الحج إلى العمرة والتحلل بعملها (فقال عمر) لأبي موسى اعتذارًا عن نهيه الناس عن الفسخ: (قد علمت) أنا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله) هو؛ أي: فعل هو فسخ الحج إلى العمرة إلا من ساق الهدي؛ أي: أمر هو به (و) فعله (أصحابه) إلا من ساق
وَلكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا بِهِنَّ مُعْرِسِينَ تَحْتَ الْأَرَاكِ،
===
الهدي منهم، وإلا .. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل الفسخ، بل أدخل العمرة على الحج، وكذلك كل من ساق الهدي لم يفعله؛ لأنه لا يحل من إحرامه حتى يبلغ الهدي محله.
قال الأبي: قوله: (قد فعله وأصحابه) إن كان المراد به الفسخ .. فنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من حيث إنه أمر به؛ لأنه لم يفعله، واعتذار عمر عن النهي بقوله:(ولكني كرهت أن يظلوا) ويكونوا في النهار (بهن معرسين) أي: واطئين بالنساء (تحت الأراك) أي: تحت أشجار عرفة، بين تحللهم من العمرة وإحرامهم بالحج؛ معناه: أن يحلوا من حجهم بالفسخ فيطؤوا النساء قبل تمام حجهم الذي كانوا أحرموا به أولًا، ولا يُظَنُّ بمثل عمر رضي الله تعالى عنه الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه أنه منع ما جوزه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرأي والمصلحة؛ فإن ذلك ظن من لا يعرف عمر، ولا فهم استدلاله المذكور في الحديث، وإنما تمسك عمر رضي الله تعالى عنه بقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1).
وظن أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله تعالى عنهم إنما كان لعلة، وقد ارتفعت، ثم إنه أطلق الكراهة وأراد التحريم، وقد فعل ذلك كثير، يطلقون الكراهة وهم يريدون التحريم؛ حذرًا من قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} (2)؛ لأنه مما أدى إليه اجتهاده، وهذا طريقة كبراء الأئمة؛ كمالك والشافعي. انتهى من "المفهم" بتصرف.
(1) سورة البقرة: (196).
(2)
سورة النحل: (116).
ثُمَّ يَرُوحُونَ بِالْحَجِّ تَقْطُرُ رُؤُوسُهُمْ.
===
وقوله: (أن يظلوا مُعْرِسِينَ) -بضم الميم وسكون العين وكسر الراء- جمع معرس؛ وهو الذي يخلو بعُرسه؛ أي: بزوجته؛ ولا يصح أن يكون من التعريس؛ لأن الرواية بسكون العين وتخفيف الراء، ولأن التعريس إنما هو النزول من آخر الليل، ويناقضه:(يظلون ويروحون) فإنهما إنما يقالان على عمل النهار، والله تعالى أعلم، يقال: أعرس الرجل؛ إذا صار ذا عروس ودخل بامرأته عند بنائها.
والمراد هنا: الوطء، والضمير في:(بهن) للنساء وإن لم يذكر؛ لعلمه من المقام؛ أي: كرهت أن يكونوا أول النهار واطئين بالنساء (في الأراك) أي: في موضع يسمى بالأراك، بقرب نمرة؛ لتحللهم من الحج بالفسخ.
(ثم يروحون) أي: يكونون في الرواح؛ أي: في آخر النهار متلبسين (بالحج) أي: في أعمال الحج حالة كونهم (تَقْطُر) وتُمطر (رؤوسُهم) من مياه الاغتسال المسببة من الوقاع بعهد قريب، فبيَّن عمر رضي الله تعالى عنه العلة التي لأجلها كره التمتع، وكان من رأيه كما قال الزرقاني عدم الترفه للحاج بكل طريق، فكره قرب عهدهم بالنساء؛ لئلا يستمر البلل إلى ذلك الحين، بخلاف من بعد عهده بهن، ومن تفطم ينفطم. انتهى.
والأراك كسحاب: القطعة من الأرض فيها أراك؛ وهو شجر معروف يستاك بأغصانه؛ والمراد به هنا: موضع بعرنة كثير الأراك. كذا في "القاموس وشرحه".
والمعنى: أني أكره التمتع؛ لأن التحلل الذي فيه يفضي إلى مواقعة النساء إلى حين الخروج إلى عرفات. انتهى من "الكوكب".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الأبي: فإن قلت: كيف رجع أبو موسى عن اجتهاده، والمجتهد لا يحل له أَنْ يَرجِعَ إلى اجتهادِ غيره؟
قلتُ: يحتمل أنه قال ذلك تقية من أمير المؤمنين، فليس برجوع حقيقة، والمجتهد له أن يفعل ذلك، فإذا زالت التقية .. رجع إلى قول نفسه، وبالجملة: فهو رجوع في الظاهر لا في الباطن، ويحتمل أنه رجوع حقيقة؛ لأجل أنه ظهر له دليل الغير، لا أنه تقليد له، لأن المجتهد لا يقلد غيره. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام، والنسائي في كتاب الحج، باب التمتع.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عمران بن حصين.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأولان منها: حقهما أن يذكرا في باب القارن؛ لأنهما ليسا من أحاديث التمتع؛ كما ذكرناه في موضعهما.
والثالث: للاستدلال به على هذه الترجمة.
والرابع: للاستشهاد به للحديث الثالث.
والله سبحانه وتعالى أعلم