الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ
(114)
- 2950 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ فَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ.
===
(48)
- (1055) - (باب العمرة من التنعيم)
(114)
- 2950 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الشافعي) منسوب إلى جده الآتي (إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع) المطلبي الشافعي المكي ابن عم الإمام الشافعي، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومئتين (238 هـ). يروي عنه:(س ق).
كلاهما (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبرني عمرو بن أوس) بن أبي أوس الثقفي الطائفي تابعي كبير، من الثانية، وَهِمَ من ذكره في الصحابة، مات بعد التسعين من الهجرة. يروي عنه:(ع).
(حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق أخو عائشة أم المؤمنين شقيقها رضي الله تعالى عنهما وعن أبيهما أجمعين، التيمي المدني.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف) ويركب (عائشة) شقيقته خلفه على دابته (فيعمرها) أي: فيجعلها محرمة بالعمرة (من التنعيم) فيه جواز الخلوة بالمحارم سفرًا وحضرًا، وإرداف المحرم محرمه.
(115)
- 2951 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
===
وإنما أرسلها إلى التنعيم؛ لأن العمرة لا بد لها أن يجمع فيها بين الحل والحرم، وهو بفتح المثناة الفوقية وسكون النون وكسر المهملة: مكان معروف خارج مكة، وهو على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة؛ كما نقله الفاكهي.
قال السندي: قوله: (أن يردف عائشة) من أردف غيره؛ إذا جعله رديفًا له، وكذا قوله:(فيعمرها) من أعمر غيره؛ إذا أعانه على أداء العمرة (والتنعيم): موضع على ثلاث أميال من مكة. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، وأبو داوود في كتاب المناسك، بابُ المُهِلَّةِ بالعمرةِ فتَحِيضُ فيُدْرِكُها الحجُّ فتَنْقُضُ عمرتَها وتُهِلُّ بالحج هل تَقْضِي عمرتَها، والترمذي في كتاب الحج، باب العمرة عن التنعيم، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الرحمن بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(115)
- 2951 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، قيل: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ نُوَافِي هِلَالَ ذِي الْحِجَّة، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ
===
(عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة.
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة (في) عام (حجة الوداع) حالة كوننا (نوافي) ونقارب لطلوع (هلال ذي الحجة) وظهوره؛ من أوفى على الشيء؛ إذا أشرف عليه.
وفي رواية لمسلم أنها قالت: (خرجنا لخمس بقين من ذي القعدة) والخمس قريبة لآخر الشهر، فوافاهم الهلال وهم في الطريق؛ لأنهم دخلوا مكة في الرابع من ذي الحجة.
قال القرطبي: قولها: (نوافي هلال ذي الحجة) من أوفى على الشيء وأشرف عليه؛ إِذا أَطَلَّ علَيه وشَارفَ، يقال: أوفى على ثنية كذا؛ أي: شارفها وأَطَلَّ عليها، ولا يلزم منه أن يكون دخل فيها.
وقد دل على صحة هذا قولها في الرواية الأخرى: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة) وكذلك كان، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة لأربع أو خمس خلون من ذي الحجة، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكة تسعة أيام أو عشرة، والله تعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في ذي الحليفة: (من أراد منكم) أيها المسلمون (أن يهل) ويحرم (بعمرة) مفردة؛ من أهل الرباعي
فَلْيُهْلِلْ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ .. لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ"، قَالَتْ: فَكَانَ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ،
===
بضم الياء وكسر الهاء .. (فليهلل) أي: فليحرم بها (فلولا أني أهديت) أي: سقت الهدي من المدينة إلى مكة لفقرائها؛ أي: فلولا إهداء الهدي وسوقه موجود مني .. (لأهللت) ولبيت (بعمرة) أي: بإحرامها.
وفي هذا إشعار بكون التمتع أفضل لمن لم يسق الهدي؛ فإن هذا القولَ صدر من النبي صلى الله عليه وسلم قبل الأمر بالفسخ في ابتداء الإحرام؛ كما هو الظاهر. انتهى "فتح".
(قالت) عائشة: (فكان من القوم) أي: من الصحابة (من أهلَّ) وأحرم (بعمرة) فقط (ومنهم من أهل بحج) أي: أحرم بحج مفردًا، قالت:(فكنت أنا ممن أهل بعمرة) قال القرطبي: وهذا يعارضه قولها في الرواية الأخرى: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج)، وفي أخرى:(لا نرى إلا الحج).
فاختلف العلماء في تأويل هذه الألفاظ المختلفة المضطربة: فمنهم من رجح الروايات التي فيها أنها أهلت بحج، وغَلَّط من روى أنها أهلت بعمرة، وإليه ذهب إسماعيل - أظنه ابن علية - ومنهم من ذهب مذهب الجمع بين هذه الروايات، وهو الأولى؛ إذ الرواة لتلك الألفاظ المختلفة أئمة ثقات مشاهير، ولا سبيل إلى إطلاق لفظ الغلط على بعضهم بالوهم، فالجمع أولى من الترجيح إذا أمكن؛ فمما ذكر في ذلك أنها كانت أحرمت بالحج ولم تسق الهدي، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة .. فسخت فيمن فسخ، وجعلته عمرة وأهلت بها، وهي التي حاضت فيها، ثم إنها لم تحل منها حتى حاضت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم
قَالَتْ: فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَحِلَّ
===
بالحج، فتكون حينئذ مردفةً، فأحرمت بالحج، ووقفت بعرفة وهي حائض، ثم إنها طهرت يوم النحر، فطافت طواف الإفاضة، فلما كملت مناسك حجها .. اعتمرت عمرة أخرى مع أخيها من التنعيم.
قال: فعن تلك العمرة التي دخلت فيها بعد الفسخ عبر بعض الرواة بأنها أحرمت بعمرة، وعلى ذلك يحمل قولها:(أهللت بعمرة) تعني: بعد فسخها الحج، فلما كان منها الأمران .. صدق كل قول من أقوالها، وكل راو روى شيئًا من تلك الألفاظ المختلفة.
قلت: ويعتضد هذا التأويل بقولها في بعض رواياته: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل، قالت: فحل من لم يسق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن، فهذا فيما يبدو تأويل حسن، غير أنه يبعده مساق قولها أيضًا في رواية أخرى: قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من أراد أن يهل بحج وعمرة .. فليهل، ومن أراد أن يهل بحج .. فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة .. فليفعل"، قالت: فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج، وكنت فيمن أهل بعمرة، وظاهره الإخبار عن مبدأ الإحرام للكل، وعلى هذا؛ فيمكن التأويل على وجه آخر، وهو أن يبقى هذا الحديث على ظاهره، ويتأول قولها لبينا بالحج على أن ذلك كان إحرام أكثر الناس؛ لأنه لما أحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالحج .. اقتدى به أكثر الناس في ذلك، وأما هي .. فإنما أحرمت بعمرةٍ؛ كما نصت عليه، وناهيك من قولها: ولم أهل أنا إلا بعمرة. انتهى من "المفهم".
(قالت) عائشة: (فخرجنا) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة (حتى قدمنا مكة، فأدركني) أي: جاءني (يوم عرفة وأنا حائض لم أحل
مِنْ عُمْرَتِي، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"دَعِي عُمْرَتَك، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ"، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ وَقَدْ قَضَى اللهُ حَجَّنَا .. أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي وَخَرَجَ
===
من عمرتي، فشكوت ذلك) أي: فأخبرت بأني حائض على سبيل الشكوى (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال) لي النبي صلى الله عليه وسلم: (دعي) أي: اتركي (عمرتك) التي فسخت الحج إليها وأحرمت بها؛ أي: اتركي إتمام عملها لعارض الحيض (وانقضي) أي: فكي ضفر شعر (رأسك وامتشطي) أي: سرحي بالمشط واغتسلي غسل الإحرام (وأهلي بالحج) أي: أحرمي به.
(قالت) عائشة: (ففعلت) ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم من إدخال الحج على العمرة (فلما كانت) وجاءت (ليلة) المبيت بـ (الحصبة) أي: بالمحصب؛ وهي ليلة أربع عشرة من ذي الحجة ليلة نزول الحجاج بالمحصب حين نفروا من منًى بعد أيام التشريق، ويسمى ذلك النزول تحصيبًا؛ والمحصب: موضع بمكة على طريق منًى. انتهى "نووي".
(و) الحال أنه (قد قضى الله حجنا) أي: ختمه وأتمه بمنه وكرمه، والجملة حالية، ولم تقل هنا: حجنا وعمرتنا؛ كما قالت فيما بعد؛ أي: بعد عمرة التنعيم، ففيه دلالة على أنها صارت مفردةً بعد رفض العمرة، والله أعلم. انتهى "فتح".
وذكر جواب لما بقوله: (أرسل معي) رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي (عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنهما (فأردفني) عبد الرحمن؛ أي: أركبني خلفه على راحلته (وخرج) بي أي: ذهب بي
إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَضَى اللهُ حَجَّنَا وَعُمْرَتَنَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَوْمٌ.
===
عبد الرحمن (إلى التنعيم، فأهللت بعمرة) من التنعيم (فقضى الله) سبحانه وتعالى (حجنا وعمرتنا) أي: أتمهما لنا، فلله الحمد.
قال هشام بالسند السابق: (ولم يكن في ذلك) الذي فعلته عائشة (هدي) أي: ذبح (ولا صدقة) أي: إطعام (ولا صوم).
قال النووي: هذا كلام أدرجه هشام بن عروة في الحديث، وليس من كلام الصديقة. انتهى.
كما سيأتي التصريح به في الرواية الآتية في "مسلم"، وإن كان الظاهر هنا كونه من كلام الصديقة.
وفي "فتح الملهم": ظاهره أن ذلك من كلام الصديقة رضي الله تعالى عنها، وكذا أخرجه البخاري من طريق يحيى القطان عن هشام، والإسماعيلي من طريق علي بن مسهر وغيره، لكن أخرج البخاري في الحيض من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة
…
إلى آخره، فقال في آخره: قال هشام: ولم يكن في ذلك شيء
…
إلى آخره، فتبين أنه في رواية عبدة وابن نمير ويحيى ومن وافقهم مدرج، وكذا أخرجه من طريق وهيب والحمادين عن هشام، ورواه ابن جريج عن هشام، فلم يذكر الزيادة، أخرجه أبو عوانة، وكذا أخرجه الشيخان من طريق الزهري وأبي الأسود عن عروة بدون زيادة.
قال ابن بطال: فظهر بذلك أن لا دليل فيه لمن قال: إن عائشة لم تكن قارنة؛ حيث قال: لو كانت عائشة قارنة .. لوجب عليها الهدي بالقران.
قال الحافظ: والجواب عن ذلك أن هذا الكلام مدرج من قول هشام؛ كأنه نفى ذلك بحسب علمه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العمرة، باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، وأبو داوود في كتاب الحج، باب في إفراد الحج، والنسائي في كتاب الطهارة، وفي كتاب الحج، باب الأمر بنقض الشعر عند الاغتسال، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم