الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ
(37)
- 2873 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ
===
(15)
- (1022) - (باب التلبية)
والتلبية: هي مصدر لبى؛ أي: قال: لبيك، ولا يكونُ عَامِلُهُ إلا مضمرًا؛ أي: ألببت يا رب بخدمتك إلبابًا بعد إلباب؛ من ألب المقام: أقام به؛ أي: أقمت على طاعتك إقامةً بعد إقامة، وقيل: أجبت دعوتك إجابةً بعد إجابة؛ والمراد بالتثنية: التكثير؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} (1)؛ أي: كرةً بعد كرة، وحذف الزوائد؛ للتخفيف، وحذف النون؛ للإضافة، قاله القاري.
وقال الحافظ في "الفتح": وعن الفراء: هو منصوب على المصدر، وأصله لبًّا لك، فثني على التأكيد؛ أي: إلبابًا بعد إلباب، وهذه التثنية ليست حقيقيةً، بل هي للتَّكْثيرِ أو المبالغةِ؛ ومعناه: إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة.
وقيل معنى لبيك: اتجاهي وقصدي إليك؛ مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك؛ أي: تواجهها، وقيل معناه: أنا مقيم على طاعتك؛ من قولهم: لب الرجل بالمكان؛ إذا أقام، وقيل معناه: قربًا منك؛ من الإلباب؛ وهو القرب، والأول أظهر وأشهر؛ لأن المحرم مستجيب لدعاء الله إياه حج بيته، ولذا من دعي، فقال: لبيك .. فقد استجاب. انتهى "تحفة" باختصار.
* * *
(37)
- 2873 - (1)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من
(1) سورة الملك: (4).
وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ
===
التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(وأبو أسامة) حمادُ بن أُسَامَةَ الكوفي الهاشمي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومىتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(وعبد الله بن نمير) الهمداني، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
كلهم رووا (عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع) مولى بن عمر.
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (تلقفت) أي: أخذت (التلبية) في النسك؛ أي: أخذت صيغتها (من) فم (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) صلى الله عليه وسلم (يقول) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم يقول في تلبيته: البيك اللهم) أي: أجبت لك يا إلهي إجابةً بعد إجابة إلى ما دعوتنا إليه، وروى ابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت .. قيل له: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (1)، قال: رب؛ وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعلي البلاغ،
(1) سورة الحج: (27).
لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ
===
فصعد إبراهيم جبل الرحمة في عرفة؛ كما في القرطبي، فنادى: يا أيها الناس؛ كتب الله عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، ألا ترون الناس يجيىون إليه من أقصى الأرض يلبون.
ومن طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وفيه: فأجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة، إلا من كان أجاب إبراهيم عليه السلام يومئذ.
زاد غيره: فمن لبى مرة .. حج مرة، ومن لبى مرتين .. حج مرتين، ومن لبى أكثر .. حج أكثر بقدر تلبيته، وقد وقع في المرفوع تكرير لفظة: البيك لبيك لا شريك لك لبيك) ثلاث مرات، وكذا في الموقوف، إلا أن في المرفوع الفصل بين الأولى والثانية بقوله:(اللهم) وقد نقل اتفاق الأدباء على أن التكرير اللفظي لا يزاد على ثلاث مرات.
(إن الحمد) روي بكسر الهمزة على الاستىناف؛ كأنه لما قال: لبيك .. استأنف كلامًا آخر، فقال: إن الحمد، وبالفتح على التعليل؛ كأنه قال: أجبتك؛ لأن الحمد والنعمة لك، والكسر أجود عند الجمهور، وحكاه الزمخشري عن أبي حنيفة، وابن قدامة عن أحمد بن حنبل، وابن عبد البر عن اختيار أهل العربية؛ لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة، فكأنه قال: إن الحمد والنعمة لك على كل حال، والفتح يقتضي التعليل، فكأنه قال: أجبتك؛ لأن الحمد والنعمة لك.
(والنعمة لك) - بكسر النون -: الإحسان والمنة، وهي بالنصب على الأشهر عطفًا على الحمد، ويجوز الرفع على الابتداء، والخبر محذوف؛ لدلالة خبر إن عليه؛ تقديره: إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك.
وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ"، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.
===
(والملك) بضم الميم وبالنصب عطفًا على اسم إن، وبالرفع على الابتداء، والخبر محذوف؛ تقديره: والملك كذلك واستحسن الوقف عليه؛ لئلا يتوهم أن ما بعده خبره، كذا في "شرح اللباب"، ونقل بعضهم: أنه مستحب عند الأئمة الأربعة.
(لا شريك لك) في الملك، يقف عليه الملبي، قال في "اللباب وشرحه": ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية، ثم يخفضه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء، ومن المأثور:(اللهم؛ إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من غضبك والنار).
وفيه أيضًا: وتكرارها سنة في المجلس الأول، وكذا في غيره، وعند تغير الحالات مستحب مؤكدًا، والإكثار مطلقًا مندوب، ويستحب أن يكررها كلما شرع فيها ثلاثًا على الولاء ولا يقطعها بكلام آخر.
قال الدِّهلوي: وإنما اختار هذه الصيغة في التلبية؛ لأنها تعبيرٌ عن قيامه بطاعة مولاه وتذكر له ذلك، وكان أهل الجاهلية يعظمون شركاءهم، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم:"لا شريك لك" ردًّا على هؤلاء، وتمييزاَّ للمسلمين منهم. انتهى "فتح الملهم".
(قال) نافع بالسند السابق: (وكان ابن عمر) دائمًا (يزيد فيها) أي: على هذه التلبية التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أخر؛ وهي قوله: (لبيك لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل).
قوله: (وسعديك) أي: أسعدني على طاعتك إسعادًا بعد إسعاد، فهو على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
هذا مصدر مضاف إلى فاعله، ويحتمل أن يكون مصدرًا مضافًا إلى المفعول.
والمعنى: أسعدك بالإجابة إسعادًا بعد إسعاد، وقيل المعنى: مساعدة على طاعتك بعد مساعدة، أو أطيعك إطاعةً بعد إطاعة، وفي "القاموس":(سُبحانه وسُعْدَانه) أي: أسبحه وأطيعه. انتهى.
ولا يذكر (سعديك) إلا بعد (لبيك)، فيكون له توكيدًا لفظيًّا بالمرادف، (والخير) أي: كله دينيةً أو دنيويةً ظاهريةً أو باطنية (بيديك) المقدستين عما لا يليق بهما، ويحتمل أن هذا من باب الاكتفاء، وإلا .. فالأمر كله لله بقدره وقضائه، أو من باب حسن الأدب في الإضافة والنسب؛ كما قيل ذلك في قوله تعالى:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)} (1)، ومن هنا ورد:(والشر ليس إليك) أي: لا ينسب إليك أدبًا، قاله القاري. انتهى "فتح الملهم".
(لبيك والرغباء إليك) بفتح الراء والمد وبضمها مع القصر؛ كالعلاء والعلا، وبالفتح مع القصر؛ ومعناه: الطلب والمسألة؛ يعني: أنه تعالى هو المطلوب المسؤول منه، فبيده جميع الأمور (والعمل) له سبحانه وتعالى؛ لأنه المستحق للعبادة وحده، قال النووي: ومعناه هنا: الطلب والمسألة والرغبة إلى من بيده الخير، وهو المقصود بالعمل المستحق للعبادة. انتهى كلامه.
وقال ملا علي: والأظهر أن التقدير: والعمل لك؛ أي: لوجهك ورضاك، أو العمل بك؛ أي: بأمرك وتوفيقك، أو المعنى: أمر العمل راجع إليك في الرد والقبول، ونسبة هذا الأثر إلى ابن عمر انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وفي رواية سالم عن أبيه عن عمر رضي الله تعالى عنه، وكان عبد الله بن عمر يقول: كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
(1) سورة الشعراء: (80).
(38)
- 2874 - (2) حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ،
===
هؤلاء الكلمات، ويقول:(لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل) فعرف من هذا أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه، ولم يقله من عند نفسه، واستدل به على استحباب الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. انتهى من "العون".
فإن قلت: اللائق بورعه وكثرة اتباعه السنة ألا يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قلت: رأى أن الزيادة على النَّقْصِ ليست نسخًا، وأن الشيء وحده كذلك هو مع غيره، فزيادته لا تمنع من إتيانه بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فهم عدم القصر على تلك الكلمات، وأن الثواب يتضاعف بكثرة العمل، واقتصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان لأقل ما يكفي. انتهى من "الأبي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب التلبية، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب كيفية التلبية، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في التلبية، والنسائي في كتاب الحج، باب كيفية التلبية.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث جابر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(38)
- 2874 - (2)(حدثنا زيد بن أخزم) - بمعجمتين - الطائي النبهاني أبو طالب البصري، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، استشهد في حادثة
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتْ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ".
===
الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومىتين (257 هـ). يروي عنه: (خ عم).
(حدثنا مؤمل) بهمزة على وزن محمد (ابن إسماعيل) البصري أبو عبد الرحمن نزيل مكة، صدوق سيئ الحفظ، من صغار التاسعة، مات سنة ست ومىتين (206 هـ). يروي عنه:(ت س ق).
(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جعفر) الصادق (ابن محمد) الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مؤمل بن إسماعيل وكان سيئ الحفظ.
(قال) جابر: (كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) تقدم في الحديث الذي قبله البحث عن معاني التلبية، فراجعه.
(39)
- 2875 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْل، عَنِ الْأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب التلبية ومسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داوود في كتاب المناسك باب كيفية التلبية.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
تم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(39)
- 2875 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة) الماجشون المدني نزيل بغداد، ثقة فقيه مصنف، من السابعة، مات سنة أربع وستين ومئة (164 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).
(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي مولاهم المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا الحديث من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ: "لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ".
(40)
- 2876 - (4) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ
===
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته: لبيك إله الحق لبيك
…
) إلى آخرها.
والمراد: أنه أتى في هذه الرواية بدل الكلمة الثانية من كلمات التلبية الثلاث بلفظة: (إله الحق) أي: أجبت لك يا إلهأ عُبِدَ بالحق لا بالباطل، أو يا خالق الحق، أو يا مشرع الدين الحق لعباده لا الدين الباطل.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النساىي في كتاب المناسك، باب كيفية التلبية.
فدرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عمر بحديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(40)
- 2876 - (4)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومىتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم العنسي - بالنون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مُخلِّط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).
(حدثنا عمارة بن غزية) - بفتح المعجمة وكسر الزاي بعدها تحتانية
الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي .. إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ؛ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ؛
===
مشددة - ابن الحارث (الأنصاري) المازني المدني، لا بأس به، ورِوَايَتُهُ عن أنس مرسلة، من السادسة، مات سنة أربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني القاصّ مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).
(عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي (الساعدي) أبي العباس، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما، مشهور، مات سنة ثمان وثمانين (88 هـ)، وقيل بعدها، وقد جاوز المئة. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إسماعيل بن عياش، وهو مخلط فيما روى عن غير أهل بلده، وشيخه هنا وهو عمارة مدني، وعمارة أيضًا لا بأس به؛ فليس من أهل الصدق والحفظ، ولكن وَثَّقَ عُمارةَ محمدُ بن سعد وابن حبان والعجلي، وأما إسماعيل بن عياش .. فقد تابعه في الرواية عن عمارة عبيد - مكبرًا - بن حميد - مصغرًا - فحكم السند حينئذ: الصحة.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (قال: ما من ملب يلبي) أيًّا كان .. (إلا لبى ما عن يمينه وشماله) وقدامه وورائه، وجميع جهاته، و (ما) هنا موصولة، وقوله:(من حجر أو شجر أو مدر)(من) فيه بيانية ر (ما) الموصولة، ولفظ الترمذي:(إلا لبى من عن يمينه) بـ (من) التي للعاقل.
وقال الطيبي فيه: لما نسبت التلبية إلى هذه الأشياء مع أنها غير عاقلة ..
حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا".
===
عبر عنها بما يعبر به عن العقلاء؛ وهو (من) الموصولة، وحقها أن يعبر عنها بـ (ما) الموصولة؛ لأنها من غير العقلاء؛ والمدر: هو الطين المتحجر.
(حتى تنقطع الأرض من ها هنا) أي: من جهة المشرق (و) من (ها هنا) أي: من جهة المغرب، والغاية محذوفة؛ أي: إلى منتهى الأرض، كذا في "اللمعات". انتهى من "التحفة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ كما مرآنفًا مع التفصيل فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
قال السندي: فإن قلت: أي فائدة للمسلم في تلبية الأحجار وغيره مع تلبيته؟
قلت: اتباعها إياه في هذا الذكر دليل على فضيلته وشرفه ومكانته عند الله؛ إذ ليس اتباعها له في هذا الذكر إلا لذلك، على أنه يجوز أن يكتب له أجر بذكر هذه الأشياء؛ لما أن هذه الأشياء صدر منها الذكر تبعًا .. صار المؤمن بالذكر كأنه دال على الخير، والدال على الشيء؛ كفاعله في الأجر والوزر. انتهى منه، والله أعلم.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم