المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(19) - (1026) - باب ما يلبس المحرم من الثياب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(19) - (1026) - باب ما يلبس المحرم من الثياب

(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

(48)

- 2884 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَلبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟

===

(19)

- (1026) - (باب ما يلبس المحرم من الثياب) وما لا يلبسه منها

* * *

(48)

- 2884 - (1)(حدثنا أبو مصعب) أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الفقيه، صدوق، عابه أبو خيثمة؛ للفتوى بالرأي، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومىتين (242 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني إمام الفروع، ثقة ثبت إمام حافظ، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة، ويسمى عندهم بسلسلة الذهب، وهو من أصح الأسانيد.

(أن رجلًا) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه؛ أي: أن رجلًا من المسلمين (سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحكام الحج والعمرة، فقال له في سؤاله: (ما يلبس المحرم) قارنًا كان أو مفردًا أو متمتعًا (من الثياب؟ ) وعند البيهقي أن ذلك وقع والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب في مقدم مسجد

ص: 146

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ،

===

المدينة، وفي حديث ابن عباس عند البخاري في أواخر الحج أنه صلى الله عليه وسلم خطب بذلك في عرفات، فيحمل على التعدد، ويؤيده أن حديث ابن عمر أجاب به السائل، وحديث ابن عباس ابتدأ به في الخطبة، قاله في "الفتح".

والمحرم - بضم الميم وكسر الراء - اسم فاعل من أحرم الرباعي، والإحرام لغةً: مصدر أحرم الرجل؛ إذا دخل في حرمة لا تنتهك، ورجل حرام؛ أي محرم، كذا في "الصحاح".

وشرعًا: الدخول في حرمات مخصوصة؛ أي: التزامها غير أنه لا يتحقق شرعًا إلا بالنية مع الذكر والخصوصية.

والمراد بالذكر: التلبية ونحوها، وبالخصوصية: ما يقوم مقامها؛ من سوق الهدي وتقليد القلائد، فلا بد من التلبية أو ما يقوم مقامها، فلو نوى ولم يلب أو بالعكس .. لا يصير محرمًا.

وهل يصير محرمًا بالنية والتلبية، أو بأحدهما بشرط الآخر؟

المعتمد ما ذكره الحسام الشهيد أنه بالنية، لكن عند التلبية؛ كما يصير شارعًا في الصلاة بالنية، لكن بشرط التكبير، لا بالتكبير فقط؛ كما في "شرح اللباب" كذا في "رد المحتار". انتهى "فتح الملهم".

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: (لا يلبس) المحرم حجًّا كان أو عمرةً (القمص) - بضمتين - جمع قميص؛ كسبيل وسبل، وطريق وطرق؛ وهو الدرع، وذكر ابن الهمام أنهما سواء، إلا أن القميص يكون مجيبًا من قبل الكتف، والدرع من الصدر، قال العيني: في الحديث تحريم لبس القميص على المحرم، ونبه به على كل مخيط من كل معمول على قدرِ البدن أو العضوِ منه؛ وذلك مثلُ الجبة والقفازين. انتهى.

ص: 147

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "البحر": أنَّ ضابطَه لُبْسُ كُلِّ شيءٍ معمولٍ على قدرِ البَدَنِ أو بعضِه؛ بحيث يُحيط به خياطةً، أو بِتَلْزيقِ بعضهِ ببعض، أو عَقْدِ خيوطِه بعضِها ببعض؛ كالطاقية والشراريب، ويستمسك عليه بنفس لبسه، فخُصوصُ الخياطةِ غيرُ معتبر، بل لا فرق بين المخيطِ والمنسوجِ؛ كالدروع، والمعقودِ؛ كالشراريب، والمُلزقِ بَعْضُه ببعضٍ؛ كاللبد قطنًا كان أو صوفًا أو شعرًا أو كتانًا أو جلدًا أو حشيشًا منسوجًا أو غير ذلك. انتهى.

قال النووي: قال العلماء: وهذا الجواب الذي أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم السائل من بديع الكلام وبليغه؛ لأن ما لا يلبس منحصر، فحصل التصريح به في الجواب، وأما الملبوس الجائز .. فغير منحصر، فقال: لا تلبسوا كذا وكذا، وتلبسون ما سواه؛ إذ الأصل الإباحة، ولو عدد له ما يلبس .. لطال به الكلام، بل كان لا يؤمن أن يتمسك بعض السامعين بمفهومه، فيظن اختصاصه بالمحرم، وأيضًا أن المقصود من السؤال: بيان ما يحرم لبسه، لا بيان ما يحل له لبسه؛ لأنه لا يجب له لباس مخصوص، بل عليه أن يتجنب شيئًا مخصوصًا، وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس؛ لأنه الحكم العارض في الإحرام المحتاج لبيانه، فالجواز ثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب، فكان الأليق السؤال عما لا يلبس.

وقال غيره: وهذا يشبه الأسلوب الحكيم المعلوم عند البلغاء، ويقرب منه قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} الآية (1)، فعدل في الجواب عن بيان جنس المنفق؛ وهو المسؤول عنه، إلى ذكر المنفق عليه؛ لأنه أهم.

قال الدهلوي: والفرق بين المخيط وما في معناه حيث حرم عليه، وبين

(1) سورة البقرة: (215).

ص: 148

وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَات،

===

غيره حيث أحل له: أن الأول ارتفاق وتجمل وزينة، والثاني ستر عورة.

وترك الأول تواضع له تعالى، وترك الثاني سوء أدب.

(ولا العمائم) - جمع عمامة بكسر العين - وهو ما يكور ويلف على الرأس، سواء كانت له عذبة أم لا، سميت بذلك؛ لأنها تعم جميع الرأس بالتغطية.

قال النووي: ونبه صلى الله عليه وسلم بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس مخيطًا كان أو غيره، حتى العصابة؛ فإنها حرام، فإن احتاج إليها لجراحة أو صداع أو غيرهما .. شدها، ولزمته الفدية.

قال الخطابي: ذكر العمامة والبرانس معًا؛ ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر، قال: ومن النادر المكتل يحمله على رأسه.

قلت: مراده: أن يجعله على رأسه؛ كلبس القبع، ولا يلزم بمجرد وضعه على رأسه؛ كهيئة الحامل لحاجته، ولو انغمس في الماء .. لا يضره؛ فإنه لا يسمى لابسًا، وكذا لو ستر رأسه بيده. انتهى "فتح الملهم".

(ولا السراويلات) جمع سراويل؛ وهو لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، قال القاري: قوله: "السراويلات" جمع، أو جمع الجمع. انتهى.

وفي "القاموس": السراويل فارسية معربة، جمعها سراويلات؛ وهي جمع سروال وسروالة، فالسراويلات تكون جمع الجمع حينئذ؛ والسراويل: هو ما يقال في الهندية: (شلوار).

قال الحافظ: وصح أنه صلى الله عليه وسلم اشترى رِجْلَ سراويلَ من سويد بن قيس، أخرجه الأربعة وأحمد، وصححه ابن حبان من حديثه، وأخرجه أحمد أيضًا من حديث مالك بن عميرة الأسدي، قال: قدمت قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، فاشترى مني سراويل، فأرجح لي.

ص: 149

وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ

===

وقال ابن القيم في "الهدي": اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظاهر أنه إنما اشتراه ليلبسه، ثم قال: وروي في حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه. انتهى.

(ولا البرانس) جمع برنس؛ وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به؛ من دراعة أو جبة أو ممطرة أو غيره، وقال الجوهري: هي قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البرس - بكسر الباء - وهو القطن، والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربي، كذا في "عمدة القاري".

قال الحافظ: وقد كره بعض السلف لبس البرنس؛ لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه، فقال: لا بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس ها هنا، وقال عبد الله بن أبي بكر: ما كان أحد من القراء إلا له برنس.

وأخرج الطبراني من حديث أبي قرصافة قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم برنسًا، فقال:"البسه"، وفي سنده من لا يعرف، ولعل من كرهه .. أخذ بعموم حديث علي رفعه:"إياكم ولبوس الرهبان؛ فإنه من تزيا بهم أو تشبه .. فليس مني" أخرجه الطبراني في "الأوسط" بسند لا بأس به.

(ولا الخفاف) - بكسر الخاء المعجمة - جمع الخف الملبوس، وخف البعير جمعه أخفاف، قال النووي: نبه صلى الله عليه وسلم بالخفاف على كل ساتر للرجل؛ من مداس وجمجم وجورب وغيرها، وهذا وما قبله كله حكم الرجال.

أما المرأة .. فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من مخيط وغيره، إلا ستر وجهها؛ فإنه حرام بكل ساتر، وفي ستر يديها بالقفازين خلاف للعلماء، وهما قولان للشافعي، أصحهما تحريمه.

ص: 150

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الغزالي في "الإحياء": وللمرأة أن تلبس كل مخيط، بشرط ألا تستر وجهها بما يُماسُّه؛ فإن إحرامها في وجهها.

قال الزبيدي في "شرحه": أي: إن الوجه في حق المرأة كالرأس في حق الرجل، ويعبر عن ذلك بأن إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها، والأصل في ذلك ما روى البخاري من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعًا:"لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين".

قوله: "ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين" والانتقاب: لبس غطاء للوجه، فيه نقبان على العينين، تنظر المرأة منهما.

قال في "الفتح": النقاب: الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المَحَاجِرِ. انتهى قاله الشوكاني.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط والخفاف، ولها أن تغطي رأسها، لا وجهها، فتسدل الثوب سدلًا خفيفًا، تستتر به عن نظر الرجال. انتهى.

قوله: "ولا تلبس القفازين": تثنية القفاز؛ بوزن رمان.

قال في "القاموس": القفاز شيء يعمل لليدين، يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد، أو ضرب من الحلي لليدين والرجلين.

قال في "الفتح": القفاز - بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي -: ما تلبسه المرأة في يدها، فيغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء؛ كغزل ونحوه، وهو لليد كالخف للرجل.

والنقاب: الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر؛ والمحاجر: جمع محجر بوزن مجلس؛ ومحجر العين: ما يبدو من النقاب. انتهى من "العون".

ص: 151

إِلَّا أَلَّا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْن، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْن،

===

ونقل البيهقي عن الحاكم عن أبي علي الحافظ: أن (لا تنتقب المرأة) من قول ابن عمر أدرج في الخبر، وقال صاحب الإمام: هذا يحتاج إلى دليل، وقد حكى ابن المنذر أيضًا: هل هو من قول ابن عمر أو من حديثه، وقد رواه مالك في "الموطأ" عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وله طرق في "البخاري" موصولة ومعلقة. انتهى "فتح الملهم".

قال القاضي عياض: وأجمعوا على المنع من لبس ما ذكر، ونبه بالقميص والسراويل على كل مخيط، وبالعمامة والبرانس على ما يغطي الرأس مخيطًا أو غيره، وبالخفاف على ما يستر الرجل، وهذا المنع في حق الرجال والخطاب لهم، وحكمة المنع ليبعدوا عن الترفه ويتصفوا بصفة الخاشع، وليتذكروا بذلك أنهم محرمون، فيكثروا الذكر، ويبعدوا عن المذام، ويتذكروا الموت بلبسهم شبه الكفن والقيام من القبور حفاة، ولهذا المعنى منع الحاج من النساء والطيب؛ لأن المطلوب البعد عن عرض الدنيا؛ لتخلص نيته فيما خرج إليه لعل الله سبحانه يناله برحمته.

وأما المرأة .. فيباح لها ستر جميع بدنها بمخيط أو غيره، إلا وجهها وكفيها، فيحرم عليها سترهما على ما يأتي. انتهى من "الأبي".

(إلا ألا يجد نعلين) وفي "القسطلاني": والمستثنى منه محذوف، ذكره معمر في روايته عن الزهري عن سالم بلفظ:(ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين إلا ألا يجد نعلين) أي: فليحرم فيها في حال وجدانها، إلا في حال عدم وجدان نعلين (فليلبس خفين وليقطعهما) أي: وليقطع فاقد النعلين الخفين (أسفل من الكعبين) أي: فيلبسهما بشرط أن يقطعهما أسفل من الكعبين، ولا فدية عليه؛ لأنها لو وجبت .. لبينها النبي صلى الله عليه وسلم، والمقام مقام بيانها.

وأفاد بقوله: "إلا ألا يجد النعلين" أنه لو وجدهما .. لا يقطعه؛ لما فيه من

ص: 152

وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ

===

إتلاف المال بغير حاجة، أفاده في "البحر".

قال الحافظ: والمراد بعدم الوجدان: ألا يقدر على تحصيله؛ إما لفقده أصلًا أو تَرْكِ بَذْلِ المَالك له بلا عوض؛ خوفًا من المنة، أو عجزِه عن الثمن إن وجد من يبيعه أو عن الأجرة، ولو بيع بغبن .. لم يلزمه شراؤه، أو وهب له .. لم يجب قبوله، إلا أن أعير له. انتهى منه.

قال الأبي: قال ابن حبيب: لا رخصة اليوم في لبسهما مقطوعين؛ لكثرة النعال، ومن فعله .. افتدى، وينزل منزلة عدم النعلين الرفعُ في ثمنهما الرَّفْعَ المتفاحِشَ. انتهى منه.

قوله: "من الكعبين" الكعب هنا: العظم المثلث المبطن على ظهر القدم، لا العظمان الناتئان عند مفصل القَدَمِ والساقِ؛ لأن الأحوط فيما كان أكثر كشفًا وهو فيما قلنا، قاله محمد بن الحسن ومن تبعه من الحنفية، خلافًا للشافعي؛ فإن المراد بالكعبين: ما هو المراد بهما في الوضوء. انتهى من بعض الهوامش.

والمراد: قطعهما بحيث يصير الكعبان وما فوقهما من الساق مكشوفًا، لا قطع موضع الكعبين فقط؛ كما لا يخفى، وقال الأزهري: الكعبان: هما العظمان الناتئان في منتهى الساق مع القدم، وهما ناتئان عن يمنة القدم ويسرتها. انتهى.

(ولا تلبسوا) بفتح أوله وثالثه؛ لأنه من باب سمع (من الثياب) وهذا الحكم يشترك فيه النساء مع الرجال، بخلاف ما سبق؛ فإنه خاص بالرجال، والدليل على هذا العموم ما أخرجه الحاكم عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مسه الورس والزعفران انتهى "فتح الملهم".

(شيئًا مسه الزعفران) بالتعريف، وفي الرواية الآتية:(زعفران) بالتنكير.

ص: 153

أَوِ الْوَرْسُ".

===

قال الزركشي: بالتنوين؛ لأنه ليس فيه من موانع الصرف إلا الألف والنون فقط، فهما لا يستقلان بمنع الصرف، فلو سميت به .. امتنع صرفه، وهو اسم أعجمي، وقد صرفته العرب، فقالوا: ثوب مزعفر؛ أي: مصبوغ بالزعفران، وقد زعفر ثوبه يزعفره زعفرة، ويجمع على زعافر؛ وهو اسم شجر يتخذ منه الصبغ الأحمر له رائحة طيبة.

(أو) شيئًا مسه (الورس) - بفتح الواو وسكون الراء بعدها سين مهملة - وهو نبت أصفر مثل نبات السمسم طيب الريح، يصبغ به، لونه بين الصفرة والحمرة، وهو أشهر طيب في بلاد اليمن، لكن قال ابن العربي: الورس: وإن لم يكن طيبًا .. فله رائحة طيبة، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبه به وبالزعفران على اجتناب الطيب وما يشبهه في ملاءمة الشم. انتهى.

وفي معناه: العصفر؛ وهو نبت يتخذ من زهره الصبغ الأصفر، له حب يؤكل بعد قليه مع البن، كثير في بلاد الحبشة، يزرع مع الطيف، في الأرميا (صوفى)، والمانع للإحرام في الورس والزعفران: الطيب؛ وهو الرائحة؛ لكو نه داعيًا إلى الجماع، لا اللون، وهو موجود فيه وفي الزعفران، لا في غيرهما من أنواع الصبغ، وإنما فيه الزينة، والمحرم ليس بممنوع منها؛ كما حقق في محله. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في القميص والسراويل، وفي كتاب الحج، باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين، وفي كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس السروايل، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يلبس المحرم، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب ما يباح للمحرم بحج وعمرة، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في لبس السراويل عن ابن عباس، قال: وفي الباب عن ابن عمر وجابر، والنسائي في

ص: 154

(49)

- 2885 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ

===

كتاب الحج، باب الرخصة في لبس السراويل لمن لم يجد الإزار، باب الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لم يجد النعلين، والدارمي وأحمد وابن حبان.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(49)

- 2885 - (2)(حدثنا أبو مصعب) أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني، صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا مالك بن أنس) الإمام في الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم؛ مولى ابن عمر أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أنه) أي: أن ابن عمر (قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم) وكذا المحرمة (ثوبًا مصبوغًا بورس أو زعفران) لما فيهما من الطيب،

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا مما أجمعت عليه الأمة؛ لأن الورس والزعفران من الطيب، واستعمالهما ينافي بذاذة الحاج وشعثه المطلوب منه.

وأيضًا فإنهما من مقدمات الوطء ومهيجاته، والمحرم ممنوع من الوطء ومقدماته، ويستوي في المنع منهما الرجال والنساء، وعلى لابس ذلك الفدية عند مالك وأبي حنيفة، ولم يرها الثوري ولا الشافعي وإسحاق وأحمد إذا لبس ذلك ناسيًا، فأما المعصفر .. فرآه الثوري وأبو حنيفة طيبًا كالمزعفر، ولم يره مالك ولا الشافعي طيبًا، وكره مالك المفدم منه؛ أي: المشبع بالصبغ، واختلف عنه؛ هل على لَابِسِه فديةٌ أم لا؛ وأجاز مالك سائر الثياب المصبغة بغير هذه المذكورات، وكرهها بعضهم لمن يقتدى به.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللباس، باب السراويل، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح له، وبيان تحريم الطيب، أوبو داوود في كتاب المناسك، باب ما يلبس المحرم، والنسائي في كتاب المناسك، باب الرخصة في لبس السراويل، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في لبس السراويل والخفين للمحرم، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 156