الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
(102)
- 2938 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا أَرَى عَلَيَّ جُنَاحًا أَلَّا أَطَّوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة،
===
(43)
- (1050) - (باب السعي بين الصفا والمروة)
(102)
- 2938 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت ربما دلس، من كبار التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن هشام بن عروة) بن الزبير، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(قال: أخبرني أبي) عروة بن الزبير، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(قال) أبي عروة: (قلت لعائشة) أم المؤمنين؛ رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
أي: قلت لها: (ما أرى) ولا أظن أن (عليَّ جناحًا) وذنبًا في (ألا أطوف) ولا أسعى؛ أي: في عدم سعيي (بين الصفا والمروة) في حجتي ولا في عمرتي؛ لأنهما يَتِمَّانِ بلا سعي بينهما؛ وهما جبلا المسعى اللذان يُسعى من أحدهما إلى الآخر؛ والصفا في الأصل: جمع صفاة؛ وهي الصخرة والحجر الأملس، والمروة في الأصل: حجر أبيض براق، والصفا طرف جبل أبي قبيس، والمروة من جهة جبل الأخشبين، فنفي الجناح في ترك الطواف بينهما يدل على أن الطواف بينهما ليس ركنًا من أركان الحج والعمرة.
قَالَتْ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ .. لَكَانَ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؛ إِنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا فِي نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا أَهَلُّوا لِمَنَاةَ،
===
(قالت) في جواب سؤال عروة: (إن الله) عز وجل (يقول) في كتابه العزيز: ({هُمُ الْمُهْتَدُونَ}) أي: إن السعي بينهما ({مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}) أي: من أحكام دين الله التي ندب إليها عباده وأمرهم بالقيام بها، ومن أعمال الحج والعمرة التي أوجبها عليهم فيهما ({فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ}) أي: قصده بأعمال الحج ({أَوِ اعْتَمَرَ}) أي: أو زاره بأعمال العمرة .. ({فَلَا جُنَاحَ}) أي: فلا حرج ولا ذنب ({عَلَيْهِ}) أي: على ذلك الحاج أو المعتمر في ({أَنْ يَطَّوَّفَ}) ويسعى ({بِهِمَا})(1)؛ أي: بين الصفا والمروة.
(ولو كان) المقصود من معنى الآية (كما تقول) وتظن .. (لكان) النظم القرآني وتركيبه: (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما) بزيادة لا النافية في قوله: (أن يطوف) أي: لا جناح عليه في ترك الطواف بينهما، وكانت الآية تدل على رفع الإثم عن التارك، فتكون نصًّا في سقوط الوجوب، أما بدون لا .. فهي ساكتة عن الوجوب وعدمه، مصرحة بعدم الإثم عن الفاعل، ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التارك، فلو كان المراد مطلق الاباحة .. لنفى الإثم عن التارك (إنما أنزل هذا) أي: إنما نزول هذه الآية (في ناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا) أي: أرادوا إهلال الحج وإحرامه في الجاهلية .. (أهلوا) أي: أحرموا (لمناة) ولبوا لها -وهي بفتح الميم وتخفيف النون وبعد الألف تاء مثناة من فوق-: اسم صنم كانت لهم في الجاهلية.
(1) سورة البقرة: (158).
فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة، فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ .. ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَهَا اللهُ، فَلَعَمْرِي؛ مَا أَتَمَّ اللهُ عز وجل حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
===
قال ابن الكلبي: كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي بجهة البحر، كانوا يعبدونها، وقيل: هي صخرة لهذيل بقديد، وسميت مناة؛ لأن النسائك كانت تمنى بها؛ أي: تراق، وقال الحازمي: هي على سبعة أميال من المدينة، وإليها نسبوا زيد مناةَ. انتهى "فتح الملهم".
(فـ) من أحرم لها .. فـ (لا يحل لهم) في اعتقادهم في جاهليتهم (أن يطوفوا بين الصفا والمروة) تعظيمًا لصنمهم؛ حيث لم يكن في المسعى، وكان فيه صنمان لغيرهم؛ وهما: إساف ونائلة؛ وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة .. لم يطف بين الصفا والمروة.
(فلما قدموا) أي: الأنصار (مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج) أي: في حجة الوداع .. (ذكروا ذلك) الذي يفعلونه في الجاهلية؛ من عدم طوافهم بين الصفا والمروة (له) أي: للنبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه له (فأنزلها الله) أي: فأَنْزَلَ الله تعالى هذه الآية المذكورة في شأنهم؛ إبطالًا لما عليهم في الجاهلية، ثم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها تأكيدًا لكلامها:(فلعمري) أي: فلحياتي قسمي (ما أتم الله عز وجل حج من لم يطف بين الصفا والمروة) ولا عمرته؛ لأن السعي ركن من أركانهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج ولا العمرة إلا به، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب أمر الصفا والمروة، والترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة البقرة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في
(103)
- 2939 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْن مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ،
===
كتاب الحج، باب ذكر الصفا والمروة، ومالك في "الموطأ" في كتاب الحج، باب جامع السعي.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث أم ولد لشيبة رضي الله عنهما، فقال:
(103)
- 2939 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد) الطنافسي، (قالا: حدثنا وكيع، حدثنا هشام) بن أبي عبد الله سنبر (الدستوائي) بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح المثناة فوق ثم مد ثقة ثبت، من كبار السابعة، وقد رمي بالقدر، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن بديل) مصغرًا (ابن ميسرة) العقيلي -مصغرًا- البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وعشرين أو ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن صفية بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية، لها رؤية، وقال الدارقطني: لا تصح لها رؤية. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أم ولد لشيبة بن عثمان، وعائشة، وأم سلمة، وأم حبيبة، ثقة، من الثالثة على قول. يروي عنها:(ع).
عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِشَيْبَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ: "لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا".
(104)
- 2940 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ
===
(عن أم ولد لشيبة) بن عثمان، لم أر من ذكر اسمها رضي الله عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) أم ولد لشيبة: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة وهو) أي: والحال أنه (يقول: لا يقطع) ولا يمر (الأبطح) أي: المسيل الذي في وسط المسعئ بين الميلين الأخضرين (إلا) قطعًا (شدًا) أي: عدوًا وإسراعًا وإجراء.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب المناسك، باب السعي في بطن المسيل.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم، فقال:
(104)
- 2940 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(وعمرو بن عبد الله) بن حنش بفتح المهملة والنون بعدها معجمة ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).
قَالَا: حَدَّثَنَا وكِيعٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنْ أَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ .. فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى، وَإِنْ أَمْشِ .. فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ.
===
(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبي) الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي -بضم الراء بعدها واو بهمزة وبعدها ألف وبعد الألف مهملة- والد وكيع، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة خمس، ويقال: ست وسبعين ومئة (176 هـ). يروي عنه: (م د ت ق).
(عن عطاء بن السائب) أبي محمد، ويقال: أبي السائب الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(عن كثير بن جمهان) -بضم الجيم وسكون الميم السلمي- أو الأسلمي، أبو جعفر، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (إن أَسْعَ) وأَجْرِ وأَعْدُ (بين الصفا والمروة) أي: في مكان العدو منه؛ وهو ما بين الميلين الأخضرين من المسعى .. (فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى) ويعدو فيما بين الميلين، فلي أسوة به (وإن أمش) على هنيتي بلا عدو فيما سوى ما بين الميلين (فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي) على هينته، فلي قدوة به في ذلك (و) الحال (أنا) معذور في مشيتي ولو في مكان العدو؛ لأني (شيخ كبير) بلغت سن الكبر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الترمذي: والذي يستحبه أهل العلم أن يسعى بين الصفا والمروة؛ فإن لم يسع ومشى بين الصفا والمروة .. رأوه جائزًا. انتهى.
والمراد من السعي بين الصفا والمروة: السعي في بطن الوادي الذي بين الصفا والمروة.
قال الشوكاني في شرح حديث جابر المذكور تحت قوله: (حتى انصبت قدماه في بطن الوادي) ما لفظه: وفي "الموطأ": حتى إِذا انْصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي .. سعى.
وفي هذا الحديث استحباب السعي في بطن الوادي حتى يصعد، ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع، والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده، ولو سعى في الجميع أو مشى في الجميع .. أجزأه وفاتته الفضيلة، وبه قال الشافعي ومن وافقه، وقال مالك -فيمن ترك السعي الشديد في موضعه-: تجب عليه الإعادة، وله رواية أخرى موافقة للشافعي. انتهى، وحديث ابن عمر هذا يدل على ما قاله الشافعي وموافقوه. انتهى "تحفة الأحوذي".
وجاء في "مسند أحمد" من رواية حبيبة بنت أبي تَجْراةَ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى وهو يقول:"اسعوا؛ فإن الله كتب عليكم السعي".
وأخرج أحمد أيضًا من رواية صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة يقول: "كتب عليكم السعي، فاسعوا"، واستدل به من قال بأن السعي فرض؛ وهم الجمهور.
وعند الحنفية أنه واجب يجبر بالدم، وبه قال الثوري في الناسي، بخلاف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
العَامِد، وبه قال عطاء، وعنه أنه سنة لا يجب بتركه شيء، وبه قال أنس فيما نقله عنه ابن المنذر، واختلف عن أحمد.
وقال الطحاوي: أجمع العلماء على أنه لو حج ولم يطف بالصفا والمروة .. أن حجه قد تم وعليه دم، لكن الذي حكاه الحافظ ابن حجر وغيره عن الجمهور أنه ركن لا يجبر بالدم، ولا يتم الحج بدونه. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الحج، باب أمر الصفا والمروة، والترمذي في كتاب الحج، باب في السعي بين الصفا والمروة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الحج، باب المشي بينهما.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم