المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(22) - (1029) - باب المحرم يغسل رأسه - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(22) - (1029) - باب المحرم يغسل رأسه

(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

(53)

- 2889 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ

===

(22)

- (1029) - (باب المحرم يغسل رأسه)

(53)

- 2889 - (1)(حدثنا أبو مصعب) أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني، صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا مالك) بن أنس الأصبحي المدني، ثقة إمام حجة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر أبي عبد الله المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين) الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس المدني أبي إسحاق، ثقة، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عبد الله بن حنين الهاشمي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات في أول خلافة يزيد بن عبد الملك في أوائل المئة الثانية. يروي عنه:(ع).

(أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة) بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري أبا عبد الرحمن المدني رضي الله تعالى عنهم، مات سنة أربع وستين (64 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 166

اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاء، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَي أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ

===

(اختلفا) في جواز غسل المحرم رأسه وبدنه والحال أنهما (بالأبواء) موضع بين الحرمين معروف.

وعبارة "البذل": قوله: (بالأبواء) - بالفتح ثم السكون وواو وألف ممدودة - سميت بها: لتبوؤ السيول بها، وقيل: لأنهم تبوءوا بها منزلًا؛ وهي قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا، وقيل: الأبواء على يَمينِ آرَةَ، ويمينِ الطريقِ لِلمُصْعِدِ إلى مكة من المدينة، وقد ذكره في حديث الصعب بن جثامة وغيره.

وبالأبواء قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان السبب في دفنها هناك أن عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى المدينة يمتار تمرًا، فمات بالمدينة، فكانت زوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره، فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين .. خرجت زائرةً لقبره ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صارت بالأبواء منصرفةً إلى مكة .. ماتت بها.

ويقال: إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة، وحمل معه آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع منصرفًا إلى مكة .. ماتت آمنة بالأبواء. انتهى من "بذل المجهود".

(فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه) قال عبد الله بن حنين: (فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة (الأنصاري) النجاري المدني، نزل عليه

ص: 167

أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ:

===

رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة مهاجرًا إليها رضي الله تعالى عنه حالة كوني (أسأله) أي: أسأل أبا أيوب (عن ذلك) الحكم الذي اختلفا فيه؛ أي: عن حكم غسل المحرم رأسه هل يجوز أم لا؟ ولعله عنده علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لعله سمعه منه قبل ذلك.

قال عبد الله بن حنين: (فوجدته) أي: ذهبت إلى أبي أيوب فوجدته (يغتسل بين القرنين) من البئر، وفي بعض رواية "الموطأ":(بين قرني البئر) وكذا في رواية ابن عيينة؛ والقرنان: هما العمودان المنتصبان لأجل وضع عود البكرة عليهما، وقال النووي: القرنان: هما الخشبتان القائمتان على جانبي رأس البئر وشبههما من البناء، وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به، أَوْ لِتُعلَّق عليها البكرة. انتهى منه.

وفي "المختار": وبكرة البئر - بفتحتين -: ما يستقى عليها، وجمعها بكر - بفتحتين أيضًا - وهو من شواذ الجمع؛ لأن فعلة لا يجمع على فعل إلا أحرفًا مثل حلقة وحلق، وحمأةٍ وحمإٍ، وبكرة وبكر، وتجمع على بكرات أيضًا.

(وهو) أي: والحال أن أبا أيوب (يستتر) عن الناس (بثوب) قال عبد الله بن حنين: (فسلمت عليه) أي: على أبي أيوب (فقال) لي أبو أيوب بعد رد السلام علي: (من هذا) المسلم علي؟ (فقلت) له: (أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس) حالة كوني (أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم، قال) عبد الله بن حنين:

ص: 168

فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ؛ فَصَبَّ عَلَي رَأْسِه، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.

===

(فوضع أبو أيوب يده على الثوب) أي: على الأعلى من الثوب الذي استتر به (فطأطأه) أي: فطأطأ الثوب وخفضه وكشفه عن رأسه (حتى بدا) وظهر (لي رأسه) أي: رأس أبي أيوب (ثم قال) أبو أيوب (لإنسان يصب عليه) الماء، لم أقف على تسمية هذا الإنسان:(اصبب) على رأسي ماءً (فصب) الإنسان (على رأسه) ماءً، فيه جواز الاستعانة بالصاحب والخادم في الطهارة.

(ثم) بعدما صب ذلك الإنسان على رأسه الماء (حرك) أبو أيوب (رأسه) أي: شعر رأسه (بيديه) أي: بكفيه (فأقبل بهما) أي: باليدين؛ أي: وضع بهما على قبالة رأسه ومقدمه (وأدبر) بهما؛ أي: أذهب بهما إلى دبر رأسه ومؤخره (ثم) بعدما فرغ أبو أيوب من غسل رأسه (قال) أبو أيوب: (هكذا) أي: مثل ما فعلته (رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل) أي: رأيته يفعل مثل ما فعلته في تحريك الشعر باليدين، والله أعلم.

قال القرطبي: اختلاف ابن عباس والمسور لم يكن في جواز أصل غسل الرأس؛ لأنه من المعلوم عندهما وعند غيرهما أنه يغتسل من الجنابة إن أصابته، ويغتسل لدخول مكة وللوقوف بعرفة، وإنما كان الاختلاف بينهما في كيفيته؛ هل يدلكه أو لا يدلكه؟ لأنه يخاف منه قتل الهوام أو إِنْقَاؤُهَا عن رأسِه وجسدِه وإزالة الشعث، ولإمكان هذه الأمور منه منع المسور، ولم يلتفت ابن عباس إلى إمكان تلك الأمور؛ لأنه إذا ترفق في ذلك .. سلم مما يتقى من تلك الأمور، وقد كان ابن عباس علم ذلك من حديث أبي أيوب، ولذلك أحال عليه وأرسل إليه، والله أعلم. انتهى من "المفهم".

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال القاري في "شرح المشكاة": يجوز للمحرم غسل رأسه بحيث لا ينتف شعرًا بلا خلاف، أما لو غسل رأسه بالخطمي .. فعليه دم عند أبي حنيفة، وبه قال مالك، وقال: لا صدقة، ولو غسل بأشنان فيه طيب .. فإن كان من رآه سماه أشنانًا .. فعليه الصدقة، وإن سماه طيبًا .. فعليه الدم، كذا في "قاضيخان".

ولو غسل رأسه بالحرض والصابون والسدر ونحوه .. لا شيء عليه بالإجماع، وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف أنه دخل حمامًا بالجحفة وهو محرم، وقال: ما يعبأ الله بأوساخنا؛ يعني: فليس فيه من فدية، ففيه رد على مالك أن في إزالة الوسخ صدقة، والتحقيق أنه لا ينبغي للمحرم أن يقصد بغسله إزالة الوسخ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"المحرم أشعث أغبر". انتهى.

وفي هذا الحديث فوائد؛ منها: جواز اغتسال المحرم، وغسله رأسه، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرًا، ومنها: قبول خبر الواحد، وأن قبوله كان مشهورًا عند الصحابة، ومنها: الرجوع إلى النص عند الاختلاف، وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص، ومنها: السلام على المتطهر في وضوء وغسل، بخلاف الجالس على الحدث، ومنها: جواز الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة.

واتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده عن الجنابة، بل هو واجب عليه، وأما غسله لتبرد .. فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة، ويجوز عندنا غسل رأسه بالسدر والخطمي بحيث لا ينتف شعرًا، وقال أبو حنيفة ومالك: هو حرام موجب الفدية، قاله النووي. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المحصن وجزاء الصيد، باب الاغتسال للمحرم، ومسلم في كتاب الحج، باب يجوز غسل

ص: 170

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المحرم بدنه ورأسه، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب المحرم يغتسل مطولًا، والنسائي في كتاب المناسك، باب غسل المحرم، ومالك في "الموطأ" في كتاب الحج، باب غسل المحرم، والإمام أحمد في "مسنده".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا هذا الحديث الواحد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 171