المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(38) - (1045) - باب من قرن الحج والعمرة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(38) - (1045) - باب من قرن الحج والعمرة

(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

(85)

- 2921 - (1) حَدَّثَنَا نَصرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجَّةً".

===

(38)

- (1045) - (باب من قرن الحج والعمرة)

(85)

- 2921 - (1)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) البصري، ثقة ثبت، طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى) السامي - بالمهملة - أبو محمد البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي مولاهم البصري النحوي، صدوق ربما أخطأ، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس بن مالك: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة (إلى مكة) في حجة الوداع (فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول) في إحرامه بذي الحليفة: ("لبيك عمرة وحجة") أي: أجبتك يا إلهي بعمرة وحجة، وأحرمت بهما جميعًا.

قال السندي: قوله: (فسمعته

) إلى آخره، من أقوى الأدلة على أنه

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

صلى الله عليه وسلم كان قارنًا؛ لأنه مستند إلى قوله، والرجوع إلى قوله عند الاختلاف هو الواجب خصوصًا؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) وعمومًا؛ لأن الكلام إذا كان في حال امرئ وحصل فيه الاختلاف .. يجب الرجوع فيه إلى قوله؛ لأنه أدرى بحاله، وما أسند أحدٌ ممن قال بخلافه إلى قوله، فتعيَّن القران. انتهى منه.

وهذا الحديث من أدلة القائلين بأن حجه صلى الله عليه وسلم كان قرانًا، وقد رواه عن أنس جماعة من التابعين؛ منهم: الحسن البصري وأبو قلابة وحميد بن هلال وحميد بن عبد الرحمن الطويل وقتادة ويحيى بن سعيد الأنصاري وثابت البناني وبكر بن عبد الله المزني وعبد العزيز بن صهيب وسليمان التيمي ويحيى بن أبي إسحاق وزيد بن أسلم ومصعب بن سليم وأبو قدامة عاصمُ بن حسين وسويد بن حجر الباهلي، قاله الشوكاني.

والحديثُ يحتج به مَن يقول بالقران، وقد قدمنا أن الصحيح المختار في حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في أول إحرامه مفردًا، ثم أدخل العمرة على الحج وصار قارنًا، وجمعنا بين الأحاديث المتعارضة أحسنَ جمع، فحديثُ ابن عمر عند مسلم وغيره محمول على أولى إحرامه صلى الله عليه وسلم، وحديث أنس محمول على أواخره وأثنائه، وكأنه لم يسمعه أولًا، ولا بد من هذا التأويل أو نحوِه؛ لتكون روايته موافقة لرواية الأكثرين. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنهما إلى اليمن قبل

(1) سورة النساء: (59).

ص: 270

(85)

- 2921 - (م) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب، حَدَّثَنَا حُمَيْد، عَنْ أَنَسٍ

===

حجة الوداع، ومسلم في كتاب الحج، باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الإقران، والنسائي في كتاب الحج، باب القران، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الجمع بين الحج والعمرة، قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، واختاره من أهل الكوفة وغيرهم.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله تعالى عنه، فقال:

(85)

- 2921 - (م)(حدثنا نصر بن علي) الجهضمي البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي أبو محمد البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا حميد) الطويل ابن أبي حميد أبو عبيدة البصري، ثقة مدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لصحة سنده، وغرضه: بيان متابعة حميد الطويل ليحيى بن أبي إسحاق في رواية هذا الحديث

ص: 271

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ".

(86)

- 2922 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ

===

عن أنس، وفائدتها: تقوية السند الأول؛ لأن يحيى بن أبي إسحاق صدوق يخطئ.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لبيك بعمرة وحجة).

وهذه المتابعة انفرد بها ابن ماجه، ولكن أخرجه الحاكم في "المستدرك" والدارقطني في باب المواقيت، وابن حبان في "موارد الظمآن"، والخطيب والحميدي وأحمد.

فهي صحيحة كأصلها؛ لصحة سندها؛ لأن معناها كمعني أصل الحديث ولفظه.

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(86)

- 2922 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار) السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

كلاهما (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة) الأسدي مولاهم، ويقال: مولى قريش، أبي القاسم البزاز الكوفي، نزيل دمشق، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(خ م ت س ق).

(قال) عبدة: (سمعت أبا وائل شقيق بن سلمة) الأسدي الكوفي، ثقة،

ص: 272

يَقُولُ: سَمِعْتُ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَة، فَسَمِعَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ

===

من الثانية مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مئة سنة. يروي عنه:(ع).

أي: سمعته حالة كونه (يقول: سمعت الصبي) بضم الصاد المهملة وفتح الموحدة وتشديد الياء بالتصغير (ابن معبد) التغلبي - بالمثناة والمعجمة وكسر اللام - ثقة مخضرم، نزل الكوفة، من الثانية. يروي عنه:(د س ق).

أي: سمعته حالة كونه (يقول: كنت رجلًا) عربيًا (نصرانيًا) أي: متعبدًا بدين النصارى (فأسلمت) أي: دخلت في دين الإسلام (فأهللت بالحج والعمرة) قارنًا (فسمعني) أي: سمع إحرامي رجلان؛ أحدهما: (سلمان بن ربيعة) الباهلي أحد بني قتيبة بن معن بن مالك، كوفي ذكره العقيلي في الصحابة، وقال أبو حاتم الرازي: له صحبة، وهو عندي كما قالا، كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قد بعثه قاضيًا بالكوفة قبل شريح، فلما ولي سعد الولاية الثانية الكوفة .. استقضاه أيضًا، قال أبو وائل: اختلفت إلى سلمان بن ربيعة حين قدم على قضاء الكوفة أربعين صباحًا، لا أجد عنده فيها خصمًا، وكان يلي الخيل لعمر، فيقال له: سلمان الخيل، وهو كان الأمير في غزاة بلنجر.

ذكر أبو بكر بن أبي بكر بن أبي شيبة قال: أنبأنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل قال: غزونا مع سلمان بن ربيعة بلنجر، فحرَّج علينا أن نحمل على دواب الغنيمة، ورخص لنا في الغربال والحبل والمنجل، قال: وأخبرنا ابن إدريس أنه سمع أباه وعمه يذكران قالا: قال سلمان بن ربيعة: قتلت بسيفي هذا مئة مستلئم كلهم يعبد غير الله تعالى، ما قتلت رجلًا منهم صبرًا،

ص: 273

وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا بِالْقَادِسِيَّةِ فَقَالَا: لَهَذَا

===

وقتل سلمان بن ربيعة سنة ثمان وعشرين (28 هـ) ببلنجر من بلاد أرمينية، وكان عمر قد بعثه إليها فلم يقتل إلا في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه، وقيل: بل قتل ببلنجر سنة تسع وعشرين (29 هـ)، وقيل: سنة إحدى وثلاثين (31 هـ). روى عنه: عدي بن عدي، والصبي - مصغرًا - ابن معبد، والبراء بن قيس، وأبو وائل شقيق بن سلمة. انتهى من "الاستيعاب" لابن عبد البر (ج / 21 ص 61).

(و) ثانيهما: (زيد بن صوحان) - بضم الصاد المهملة - ابن حجير بن الهَجْرِي العبدي، أخو صعصعةَ وسَيْحَانَ، كان مسلمًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا سلمان، ويقال: أبو سليمان، ويقال: أبو عائشة، لا نعلم له عن النبي صلى الله عليه وسلم روايةً، إنما يروي عن عمر وعلي. روى عنه: أبو وائل، قتل يوم الجمل، ذكره محمد بن السائب الكلبي عن أشياخه في تسمية من شهد الجمل، وقال: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، هكذا قال، ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي عليه الصلاة والسلام بسبة مسلمًا، وكان فاضلًا دينًا سيدًا في قومه هو وإخوته. انتهى منه اختصارًا.

أي: سمعاني (وأنا) أي: والحال أني (أهل) وألبي وأرفع صوتي (بهما) أي: بالحج والعمرة (جميعًا) أي: بتلبيتهما جميعًا، قارنًا بينهما.

وقوله: (بالقادسية) متعلق بأهل، والباء بمعنى في؛ أي: ألبي بهما جميعًا في القادسية؛ والقادسية: اسم قرية قُرْبَ الكوفة، مر بها إبراهيم عليه السلام، فوجد بها عجوزًا، فغسلت رأسه، فقال: قدست من أرض، فسميت بالقادسية، ودعا لها أن تكون محلة الحاج. انتهى من "القاموس".

(فقالا: ) أي: قال سليمان وزيد؛ أي: قال أحدهما للآخر: (لَهذا) - بفتح

ص: 274

أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِه، فَكَأَنَّمَا حَمَلَا عَلَيَّ جَبَلًا بِكَلِمَتِهِمَا، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَلَامَهُمَا،

===

اللام؛ هي لام الابتداء - أي: لهذا الرجل الذي يلبي بالحج والعمرة قارنًا بينهما (أضَلُّ) أي: أجهلُ (من بعيره) الذي يركبه، وسبب قولهما لي ذلك أن عمر بن الخطاب قد كان منع الناس عن القران بينهما، واشتهر ذلك المنع بين الناس، وأنا لا أدري ذلك المنع وما سمعته، فقالا لي: هو والبعير الذي يركبه سواء في عدم الفهم، وفي رواية النسائي:(لأنت أضل من جملك هذا).

(فكأنما) بقولهما لي ذلك (حملا علي) ووضعا على رأسي (جبلًا) كبيرًا ثقيلًا (بكلمتهما) أي: بقولهما لي تلك الكلمة؛ أي: كانت تلك الكلمة ثقيلةً علي مؤثرةً في قلبي الحزن والغضب.

(فقدمت على عمر بن الخطاب، فذكرت ذلك له) أي: أخبرت ذلك الكلام الذي قالا لي في سبي لعمر بن الخطاب (فأقبل) عمر (عليهما) أي: على سلمان وزيد؛ أي: أقبل بوجهه، فقال لهما قولًا شديدًا (فلامهما) ووبخهما على ذلك الكلام الذي قالا لي، ولفظ رواية أبي داوود عن منصور عن أبي وائل قال: قال الصبي بن معبد: (كنت رجلًا أعرابيًا نصرانيًا، فأسلمت، فأتيت رجلًا من عشيرتي يقال له: هذيم) بالتصغير (ابن ثرملة) بالمثلثة في أوله (فقلت له: يا هنتاه) أي: يا هذا (إني حريص على الجهاد، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبَين عَليَّ، فكَيْفَ لِي بِأَن جَمَعْتُهُما؟ قال) أي: هُذيم بن ثُرْمُلة: (اجْمَعْهما واذبَحْ ما اسْتَيْسَرَ لكَ من الهَدْي، فأهلَلْتُ بهما معا، فلما أَتيتُ العُذَيْبَ) تصغيرُ عَذْبٍ؛ اسم ماء لبني تميم على مرحلة من كوفة .. (لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أُهِلُّ بهما، فقال أحدهما للآخر: ما هذا بِأفْقَهَ مِن بعيره، قال: فكأنَّما أُلْقِيَ علي جَبلٌ، حتى أتيتُ عمر بن

ص: 275

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ شَقِيقٌ: فَكَثِيرًا مَا ذَهَبْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ نَسْأَلُهُ عَنْهُ.

===

الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقلتُ له: يا أمير المؤمنين؛ إني كنتُ رجلًا أعرابيًا نصرانيًا، وإني أسلَمْتُ، وأنَا حريصٌ على الجهاد، وإني وجدتُ الحج والعمرة مكتوبَيْنِ عليَّ، فأتيتُ رجلًا من قومي، فقال في: اجمعهما واذبح ما استيسر لك من الهدى، وإني أهللت بهما معًا

) إلى آخره.

(ثم) بعدما لامهما (أقبل علي) عمر بوجهه (فقال) لي عمر: (هُدِيتَ) - بالبناء للمفعول وبتاء الخطاب - أي: هداك الله سبحانه بواسطة من أفتاك، أو المعنى: هدَاكَ من أفتاك.

فإن قلت: كان عمر يمنع الجمع بينهما أولًا، فكيف قرره على الجمع بأحسن تقرير؟ ؛

قلت: كأنه يرى جواز ذلك لبعض المصالح، ويرى أنه جَوَّزَ النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فكأنه كان يرى أن من عرض له مصلحة اقتضت الجمع في حقه .. فالجمع في حقه سنة، قاله السندي. انتهى من "العون".

أي: فقال عمر لي: هُدِيت؛ أي: وُفقت (لسنة النبي صلى الله عليه وسلم أي: لطريقته وشريعته التي شرعها لأمته، وكرره ثانيًا بقوله: (هديت لسنة النبي صلى الله عليه وسلم تأكيد للكلام توكيدًا لفظيًّا (قال هشام) بن عمار (في حديثه) وروايته: (قال شقيق) بن سلمة بالسند المذكور: (فكثيرًا ما) بزيادة (ما) تأكيدًا للكثرة؛ أي: قال شقيق: (ذهبت أنا ومسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي الكوفي إلى صُبَيِّ بن مَعْبَد حالة كوننا (نسأله) أي: نسأل صُبيًا (عنه) أي: عن ذلك الحديث الذي قاله عمر له.

ص: 276

(86)

- 2922 - (م) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَخَالِي يَعْلَى قَالُوا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ،

===

فسند هذا الحديث من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب المناسك، باب الإقران، والنسائي في "المُجْتَبى" في كتاب المناسك، باب القران، وأحمد في "مسنده".

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه بسوقه الاستشهاد به لحديث أنس بن مالك.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقال:

(86)

- 2922 - (م)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح (وأبو معاوية) محمد بن خازِمٍ الضرير التميمي الكوفي (وخالي) أي: قال علي بن محمد: وحدثنا أيضًا خَالِي وأَخُ أمي (يعلى) بن عبيد بن أبي أمية الكوفي أبو يوسف الطنافسي، ثقة إلا في حديثه عن الثوري، ففيه لين، فكل من الثلاثة ثقات أثبات، من التاسعة، مات سنة بضع ومئتين. يروي عنه:(ع).

(قالوا: حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، ثقة قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن شقيق) بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية. يروي عنه:(ع).

ص: 277

عَنِ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِنَصْرَانِيَّةٍ فَأَسْلَمْتُ، فَلَمْ آلُ أَنْ أَجْتَهِدَ فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَة، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

(87)

- 2923 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَثَنَا حَجَّاجٌ،

===

(عن الصبي بن معبد) التغلبي - بالتاء المثناة وبالغين المعجمة - الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية. يروي عنه:(د س ق).

(عن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه؛ كما يعلم من السند السابق.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، غرضه بسوقه: بيان متابعة الأعمش لعبدة بن أبي لبابة.

(قال) الصبي بن معبد: (كنت) أنا (حديث عهد) أي: قريب زمن (بنصرانية، فأسلمت) أي: دخلت في دين الإسلام (فلم آل) من ألا يألو؛ من باب دعا يدعو؛ أي: فلم أقصر في (أن أجتهد) في دين الاسلام؛ بامتثال كل المأمورات واجتناب كل المنهيات (فأهللت) أي: أحرمت (بالحج والعمرة) معًا قارنًا بينهما، (فذكر) الأعمش (نحوه) أي: نحو حديث عبدة بن أبي لبابة؛ أي: قريبه لفظًا ومعنىً.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بن مالك بحديث أبي طلحة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(87)

- 2923 - (3)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي.

(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير.

(حدثنا حجاج) بن أرطاة - بفتح الهمزة - ابن ثور بن هبيرة النخعي،

ص: 278

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ.

===

أبو أرطاة الكوفي القاضي أحد الفقهاء، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن الحسن بن سعد) بن معبد الهاشمي مولاهم الكوفي، ثقة، من الرابعة.

يروي عنه: (م د س ق).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

(قال أخبرني أبو طلحة) زيد بن سهل بن حرام الأنصاري النجاري مشهور بكنيته، من كبار الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها، مات سنة أربع وثلاثين (34 هـ) قال أبو زرعة الدمشقي: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة رضي الله تعالى عنه. يروي عنه (ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حجاج بن أرطاة، وهو ضعيف مدلس.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الحج والعمرة) عام حجة الوداع.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث أبي طلحة، ورواه مسدد في "مسنده"، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، ورواه أحمد بن منيع في "مسنده"، حدثنا ابن أبي زائدة، حدثنا الحجاج

فذكره، ورواه أبو يعلى من طريق أنس بن مالك عن أبي طلحة، ورواه من طريق أبي معاوية، وله شواهد من حديث أنس وعمر.

فدرجته: أنه صحيح المتن بما قبله من حديث أنس وعمر بن الخطاب، وبغيره مما بيناه، ضعيف السند؛ لما ذكرناه آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لحديث أنس المذكور أول الباب، فتحصل لنا أنه صحيح المتن، ضعيف السند؛ لما قلناه.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني والرابع للمتابعة، والباقيان للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 280