الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ
(69)
- 2905 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
===
(29)
- (1036) - (باب الرمل حول البيت)
وهو إسراع المشي في الطواف مع تقارب الخُطَى.
(69)
- 2905 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ).
(حدثنا أحمد بن بشير) المخزومي مولي عمرو بن حريث، أبو بكر الكوفي، صدوق له أوهام، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(خ ت ق).
(ح وحدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا محمد بن عبيد) - بغير إضافة - ابن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب، ثقةٌ حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ)، روى عن عبيد الله بن عمر، ويروي عنه:(ع)، وعلي بن محمد الطنافسي.
(قالا) أي: قال كل من أحمد بن بشير ومحمد بن عبيد: (حدثنا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري، ثقةٌ ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ .. رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَر، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.
===
وهذان السندان من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت) أي: إذا أراد الطواف بالبيت (الطواف الأول) أي: الطواف الذي يقع أول ما قدم مكة، سواء للعمرة، أو للقدوم في الحج، لكن بشرط أن يسعى بعده، فإن أراد تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة .. أخر الرمل إلى طواف الإفاضة.
وفي "شرح الأبي": ولا يخاطب بالرمل النساء، قال القرطبي: لمشقته عليهن، ولأنه يظهر منهن ما يجب ستره من الأرداف والنهود. انتهى.
والأرداف جمع ردف؛ وهو العجز، والنهود جمع نهد، وهو الصدر.
(رمل) أي: أسرع في مشيه؛ أي: مشى بسرعة مع تقارب الخطا وهز كتفيه.
(ثلاثة) من الأشواطِ الأُولِ من الحَجَرِ إلى الحَجَرِ من الأشواط السبعة (ومشى) على عادته (أربعة) الأشواط الأخيرة من الأشواط السبعة (من الحجر) بفتح الحاء المهملة والجيم (إلى الحجر) أي: رمل من الحجر إلى الحجر في جميع الأشواط الثلاثة الأول، ومشى من الحجر إلى الحجر في جميع الأشواط الأربعة الأخيرة.
قال نافع بالسند السابق: (وكان ابن عمر يفعله) أي: يفعل ما ذكر من الرمل في الثلاثة الأولى، والمشي في الأربعة الأخيرة، اجتهادًا في اتباع السنة.
وكان الحكمة في مشروعية الرمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يري المشركين قوة أصحابه، وكانوا يزعمون أن أصحاب محمد قد أوهنتهم حمى يثرب، قاله الخطابي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولو تركه أو نسيه ولو في الثلاثة .. لم يرمل في الأربعة؛ لأن ترك الرمل في الأربعة سنة، فلو رمل فيها .. كان تاركًا للسنتين، وترك إحداهما أسهل، ولو رمل في الكل .. لم يلزمه شيء، وينبغي أن يكره تنزيهًا لمخالفة السنة؛ كما في "البحر".
ولو زحمه الناس؛ فإن كانت الزحمة قبل الشروع .. وقف، وإن حصلت في الأثناء .. فلا يقف؛ لئلا تفوت الموالاة، بل يمشي حتى يجد فرجة فيرمل.
قال النووي: ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة، وأمكنه إذا تباعد عنها .. فالأولى أن يتباعد ويرمل؛ لأن الرمل هيئة للعبادة في نفسها، والقرب من البيت هيئة في موضع العبادة، لا في نفسها، فكان تقديم ما تعلق بنفسها أولى، والله أعلم، واتفق العلماء على أن الرمل لا يشرع للنساء؛ كما لا يشرع لهن شدة السعي بين الصفا والمروة، ولو ترك الرجل الرمل حيث شرع له .. فهو تارك سنة ولا شيء عليه، هذا مذهبنا، واختلف أصحاب مالك: فقال بعضهم: يلزمه دم، وقال بعضهم: لا دم؛ كمذهبنا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب الرمل، ومسلم في كتاب الحج، باب الرمل في الطواف، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الرمل، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب الرمل من الحجر إلى الحجر.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
(70)
- 2906 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا.
===
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث جابر رضي الله تعالى عنهم فقال:
(70)
- 2906 - (2)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي.
(حدثنا أبو الحسين العكلي) - بضم المهملة وسكون الكاف - زيد بن الحباب - بضم المهملة وموحدتين - الكوفي، وكان أصله من خراسان، صدوق يخطيء في حديث الثوري من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني إمام الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جعفر) الصادق (ابن محمد) الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) محمد بن علي بن الحسين، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر) بفتح الحاء والجيم (إلى الحجر ثلاثًا) من الأشواط الأول (ومشى) على عادته (أربعًا) من الأشواط الأخر، وقد مر ما فيه من المعني في الحديث الذي قبله.
(71)
- 2907 - (3) حَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب كيف كان بدء الرمل، وباب في الحج والعمرة، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، والنسائي في كتاب المناسك، باب من رمل ثلاثًا.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(71)
-2907 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا جعفر بن عون) بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، صدوق، من التاسعة، مات سنة ست، وقيل: سنة سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن هشام بن سعد) المدني أبي عباد، صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، أو قبلها. يروي عنه:(م عم).
(عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم؛ مولي عمر أبي عبد الله المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: فِيمَ الرَّمَلَانُ الْآنَ وَقَدْ أَطَّأَ اللهُ الْإِسْلَامَ
===
(عن أبيه) أسلم العدوي مولاهم؛ مولي عمر، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة ثمانين (80 هـ)، وقيل: بعد سنة ستين، وهو ابن أربع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(قال) أسلم: (سمعت عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
حالة كون عمر (يقول: فيم الرملان الآن) وفي نسخة: (فيما) بإثبات ألف ما الاستفهامية، وهي لغة، والأكثر يحذفونها، وفي نسخة "البذل":(فيم) على الأكثر (الرملان؟ ) - بفتحتين - مصد ر رمل؛ كالنزوان، وفي رواية البخاري:(ما لنا وللرمل) فهذا يؤيد أن الرملان مصدر، لا تثنية، واختاره في "البحر العميق" وبسطه، وحكى قولًا آخر: أنه تثنية رمل، وحينئذ فالمراد به: رمل الطواف والسعي، وحكي عن محب الدين الطبري أنه لا يصح؛ لأن السعي سنة قديمة من عهد هاجر.
وفي رواية أبي داوود: (اليوم) بدلَ (الآنَ) والمعنى: في أي سبب كان الرمل (الآن؟ ) أي: عَصْرَنا هذا؛ لأن سببه - وهو إِراءة المشركين قوة الصحابة - قد زال (و) لأي شيء نفعلُ الرمل؛ لأنه (قَدْ أَطَّأَ اللهُ) عز وجل أي: أَثْبَتَ وأَسَّسَ وأَحْكَمَ (الإسلامَ) والإيمانَ ونشَرَه، فلله الحمد، وهو بتشديد الطاء المهملة، أصله وطأ، فأبدلت الواو همزة؛ كما في (وَقَّت) و (أَقَّت).
قال الخطابي: إنما هو وطأ؛ أي: ثبته وأرساه، بالواو، وقد تبدل ألفًا، قال في "المجمع": أطأ الله الإسلام؛ أي: ثَبَّته وأرساه؛ وهمزته بدلٌ من واو وطأ، وفي رواية أبي داوود زيادةُ:(فيم الرملان والكَشْفُ عن المناكب؟ ) وهو الاضطباع في السعي (و) الحال أنه (قد أطأ الله الإسلام) وأسسه وأثبته
وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ؟ وَايْمُ الله، مَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
===
(ونفى الكفر) والشرك ومَحقَه (و) أهلك (أهلَه) أي: أهلك أهل الكفر وأصحابَه (و) لكن (ايم الله) واسمهُ قسمي، أي: أقسمتُ باسمه تعالى إما ندَعُ) ولا نَتْركُ (شيئًا كنَّا نفعلُه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في زمن حياته لأجل زوال سببه؛ يعني: الرمل، زاد الإسماعيلي في روايته: (ثم رمل) عمر بعدما قال ذلك.
قال الحافظ: مُحصَّلُه: أنَّ عمر رضي الله تعالى عنه كان هَمَّ بترك الرمل في الطواف؛ لأنه عُرف سببه، وقد انقضى، فهمَّ أن يتركه لِفُقدان سَبَبِه، ثم رجع عن ذلك؛ لاحتمال أن يكون له حكمةٌ مَا اطلع عليها، فرأى أن الاتباع أولى من طريق المعنى.
وأيضًا أن فاعل ذلك إذا فعله .. تذكر السبب الباعث على ذلك، فيتذكر إعزاز الإسلام وأهله، فيشكر الله على ذلك. انتهى من "بذل المجهود" مع زيادة من "العون".
ويؤيد مشروعية الرمل على الإطلاق ما ثبت في حديث ابن عباس أنهم رملوا في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نَفَى الله في ذالكَ الوقتِ الكفرَ وأهلَه عن مكة.
والرمل في حجة الوداع ثابت أيضًا في حديث جابر الطويل عند مسلم وغيره، قال الخطابي: وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يَسُنُّ الشيءَ لمعنىً، فيزول وتبقى السنة على حالها.
وممن كان يرى الرمل سنةً مؤكدةً، ويرى على من تركه دمًا .. سفيان الثوري، وقال عامة أهل العلم: ليس على تاركه شيء. انتهى، انتهى من "العون".
(72)
- 2908 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْل،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الرمل، والنسائي في "المجتبى" في كتاب المناسك، باب الرمل في الحج والعمرة، والدارمي في كتاب المناسك، باب من رمل ثلاثًا.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عمر بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فقال:
(72)
- 2908 - (4)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله بن عثمان (بن خثيم) بالمعجمة والمثلثة - مصغرًا - القاري المكي، صدوق، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي، ولد عام
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ حِينَ أَرَادُوا دُخُولَ مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ: "إِنَّ قَوْمَكُمْ غَدًا سَيَرَوْنَكُمْ فَلْيَرَوُنَّكُمْ جُلْدًا"، فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ .. اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ وَرَمَلُوا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ .. مَشَوْا إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَد، ثُمَّ رَمَلُوا حَتَّى بَلَغُوا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، ثُمَّ مَشَوْا
===
أحد، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر فمن بعده، ومات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عباس: (قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين أرادوا دخول مكة في عمرته) صلى الله عليه وسلم؛ أي: عمرته في سنة سبع، الواقعة قضاءً (بعد) عمرة (الحديبية) أي: بعد عمرة صُدُّوا عنها بالحديبية سنة ست: (إن قومكم) قريشًا (غدًا سيرونكم) أي: ينظرون إليكم هل بكم قوة أو ضعف من حمى يثرب (فـ) ليترملوا في طوافكم و (لْيروُنَّكم جُلْدًا) أي: أقوياء - بضم الجيم وسكون اللام - جمع أجلد؛ نظير حمر وأحمر؛ من الجلادة؛ وهي الصلابة.
قوله: "فَلْيَرُونَّكُم" الظاهرُ أنه صيغة أمر؛ فالوجه: أن النون فيه نون التوكيد الثقيلة.
(فلما دخلوا المسجد .. استلموا الركن) أي: الحجر الأسود (ورملوا) أي: أسرعوا في طوافهم (والنبي) والحال أن النبي صلى الله عليه وسلم معهم) في الطواف (حتى إذا بلغوا الركن اليماني .. مشوا) على عادتهم (إلى) أن وصلوا (الركن الأسود، ثم) بعدما وصلوا الحجر الأسود (رملوا) أسرعوا (حتى بلغوا الركن اليماني) في الشرط الثاني (ثم) بعدما وصلوا الركن اليماني (مشوا)
إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَد، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَشَى الْأَرْبَعَ.
===
على عادتهم (إلى) أن وصلوا إلى (الركن الأسود، ففعل) النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه (ذلك) أي: الرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ثم المشي إلى الركن الأسود (ثلاث مرات) أي: في الثلاثة الأول من الأشواط السبعة (ثم مشى) النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه (الأربع) أي: في الأشواط الأربع الأخيرة.
قوله: (حتى إذا بلغوا
…
) إلى آخره؛ أي: رملوا من الحجر الأسود إلى الركن اليماني لا في تمام الدورة، لأن المشركين كانوا في الجهات الثلاث فقط من جهات البيت الأربع، وما كان أحد منهم فيما بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود، لكن قد صح أنهم رملوا في تمام الدورة؛ كما تقدم في حديث ابن عمر وحديث جابر، والإثبات مقدم على النفي؛ لما فيه من زيادة علم، فلذالك أخذ العلماء بذلك؛ أي: بالرمل في تمام الدورة. انتهى.
قال النووي: وقد تقدم في حديث ابن عمر وحديث جابر أن الرمل شرع في جميع المطاف من الحَجَر إلى الحَجَر، وأما ما روى ابن عباس في هذا الحديث أنه أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين .. فمنسوخ بما في حديث ابن عمر وحديث جابر؛ كما تقدما، لأن حديث ابن عباس كان في عمرة القضاء سنة سبع قبل فتح مكة، وكان في المسلمين ضعف في أبدانهم، وإنما رملوا إظهارًا للقوة، واحتاجوا إلي ذلك في غير ما بين الركنين اليمانين، لأن المشركين كانوا جلوسًا في الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين، ويرونهم فيما سوى ذلك، فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع سنة عشر .. رمل من الحَجَر إلى الحَجَر، فوجب الأخذ بهذا المتأخر. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فلا معارضة بين حديثي ابن عمر وجابر، وبين حديث ابن عباس؛ فإنهما قضيتان، فالرمل في جميع الأشواط الثلاثة كان في حجة الوداع، والمشي بين الركنين كان في عمرة القضاء؛ لأنهم إذا كانوا بين الركنين .. لا تقع عليهم أعين المشركين، وفعل ذلك رفقًا بهم؛ لما كان بهم من المرض، وأمرهم بالتجلد في الجهات التي تقع عليهم فيها أعين المشركين، حين جلسوا لهم؛ ليضحكوا بهم. انتهى من "العون" بنوع تصرف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الحج، باب في الرمل، وأحمد في "المسند".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم