المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(18) - (1025) - باب الطيب عند الإحرام - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(18) - (1025) - باب الطيب عند الإحرام

(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

(45)

- 2881 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِم، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ

===

(18)

- (1025) - (باب الطيب عند الإحرام)

(45)

- 2881 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومىتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة ثبت إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

روى كل من سفيان وليث بن سعد، حالة كونهما (جميعًا) أي: مجتمعين على الرواية (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي أبي محمد المدني، ثقة فاضل، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، من السادسة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن) عمته (عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذان السندان من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

ص: 138

أَنَّهَا قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ

===

(أنها قالت) عائشة: (طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: جعلت جسده لا ثوبه - كما سيأتي - طيبًا بالطيب الصناعي، زيادةً على طيبه الخِلْقِي (لإحرامه) أي: عند إرادة إحرامه بالنسك (قبل أن يحرم).

فاللام في قوله: (لإحرامه) للتوقيت؛ كقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (1)؛ أي: دلوك الشمس وزوالها، أو للتعليل؛ أي: طيبته لأجل إحرامه؛ أي: لأجل إرادته الإحرام قبل أن يحرم؛ لأنه لا يمكن أن يراد بالإحرام هنا: فعل الإحرام؛ فإن التطيب بالإحرام ممتنع بلا خلاف، وإنما المراد هنا: إرادة الإحرام، وقد دل على ذلك رواية النسائي:(حين أراد الإحرام).

والمراد بقولها: (طيبت): تطييب بدنه، ولا يتناول ذلك تطييب ثيابه، وقد دل على اختصاصه ببدنه الرواية الأخرى التي فيها قولها: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ: واستدل به على استحباب التطيب عند إرادة الإحرام، وجواز استدامته بعد الإحرام، وأنه لا يضر بقاء لونه وراىحته، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام، وهو قول الجمهور، وعن مالك يحرم، ولكن لا فدية، وفي رواية عنه تجب، وقال محمد بن الحسن: يكره أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقى عينه بعده.

وقوله: (ولحله) - بكسر الحاء - معطوف على قوله: (لإحرامه) أي: وطيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله؛ أي: بعد تحلله التحلل الأول

(1) سورة الإسراء: (78).

ص: 139

قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ - قَالَ سُفْيَانُ -: بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ.

===

بالرمي والحلق (قبل أن يفيض) أي: قبل أن يطوف طواف الإفاضة، والظرف متعلق بـ (حله).

وفيه دليل على أن التطيب يحل بالتحلل الأول، خلافًا لمن ألحقه بالجماع لاستدعاىه الجماع.

قال السندي: والجمهور قد أخذوا بهذا الحديث، فقالوا باستحباب التطيب قبل الإحرام وإن بَقِي له جِرْمٌ، وكذا قبل الإفاضة. انتهى.

(قال سفيان) بن عيينة؛ أي: زاد في روايته بعد قولها: (طيبت) لفظة: (بيدي هاتين) بتشديد الياء على صيغة المثنى المضاف إلى ياء المتكلم؛ أي: طيبته بيدي هاتين لا بواسطة غيري، ففيه إشعار بتيقنها لتطييبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب الطيب عند الإحرام، باب الطيب بعد رمي الجمار، وفي كتاب اللباس، ومسلم في كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام، وأبو داوود في كتاب المناسك باب الطيب عند الإحرام، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الطيب عند الإحلال قبل الزيَارةِ، والنسائي في كتاب المناسك، باب إباحة الطيب عن الإحلال، والدارمي، ومالك، وأحمد.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:

ص: 140

(46)

- 2882 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَاىِشَةَ قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ

===

(46)

- 2882 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومىتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، ثقة عارف قارى، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح - مصغرًا - الهمداني الكوفي العطار، مشهور بكنيته، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة مىة (100 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن مسروق) بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين، ويقال: سنة ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (كأني أنظر) الآن (إلى وبيص الطيب) - بفتح الواو وكسر الموحدة بعدها ياء تحتانية ساكنة ثم صاد مهملة - هو البريق واللمعان، وقال الإسماعيلي: وبيص الطيب: تلألؤه؛ وذلك لعين قاىمة لا للريح فقط. انتهى.

وقال في "المصباح": الوبيص مثل البريق وزنًا ومعنىً؛ وهو اللمعان.

ص: 141

فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُلَبِّي.

===

انتهى، وهذا الطيب الذي ذكرته عائشة كان دهنًا له أثر فيه مسك، وبهذا يجتمع اختلاف الروايات في ذلك. انتهى من "المفهم".

قال الحافظ: قولها: (كأني أنظر) أرادت بذلك قوة تحققها لذلك؛ بحيث إنها لشدة استحضارها كأنها ناظرة إليه الآن. انتهى.

أي: كأني أنظر الآن إلى لمعان الطيب (في مفارق) وأوساط رأس (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يلبي) أي: يرفع صوته بالتلبية.

والمفارق: جمع مفرق؛ كمساجد ومسجد، وإنما ذكره بلفظ الجمع مع أن المفرق واحد؛ تعميمًا لساىر جوانب الرأس التي يفرق فيها؛ كأنهم سموا كل موضع منها مفرقًا، والله أعلم.

والمفرق - بفتح الميم وكسر الراء ويجوز فتحها؛ كما بسطنا الكلام عليه في شرحنا "مناهل الرجال على لامية الأفعال" في باب المفعل والمفعل - وهو مكان انقسام الشعر من الجبين إلى دَارةِ وَسَطِ الرَّأْسِ.

وفي "المصباح": المفرق وزان مسجد: وسط الرأس حيث يفرق فيه الشعر. انتهى.

قال السندي: مفرق الرأس: وسطه؛ والمراد به هنا: المواضع التي يفرق منها بعض الشعر عن بعض. انتهى.

وذلك الوبيص من أثر الطيب الذي طيبته قبل الإحرام، وفي رواية مسلم زيادة:(وذلك) الوبيص (طيب إحرامه) أي: أثر طيب طيبته به قبل إحرامه؛ لأن الاستدامة ليست كالبداية؛ لقولهم: يغتفر في الاستدامة ما لا يغتفر في البداية.

ص: 142

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال في "سبل السلام": وفي الحديث دلالة على جواز استدامة الطيب بعد الإحرام، وأنه لا يضر بقاء لونه وريحه، وإنما يحرم ابتداؤه في حال الإحرام، وإلى هذا ذهب جماهير الأمة من الصحابة والتابعين.

وذهب جماعة منهم إلى خلافه، وتكلفوا لهذه الرواية ونحوها بما لا يتم به مدعاهم؛ فإنهم قالوا: إنه صلى الله عليه وسلم تطيب ثم اغتسل بعده، فذهب الطيب، ومنهم من زعم أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتم ثبوت الخصوصية إلا بدليل عليها، بل الدليل قائم على خلافها؛ وهو ما ثبت من حديث عائشة:(وكنا ننضح وجوهنا بالطيب المسك قبل أن نحرم فنعرق، فنغسل وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينهانا). رواه أبو داوود، وأحمد بلفظ:(وكنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمخ جِبَاهَنا بالمسك الطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا .. سال على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا).

ولا يقال هذا خاص بالنساء؛ لأن الرجال والنساء في الطيب سواء بالإجماع، والطيب يحرم بعد الإحرام لا قبله، وإن دام حاله؛ فإنه كالنكاح؛ لأنه من دواعيه، والنكاح إنما يمنع المحرم من ابتدائه لا من استدامته، فكذلك الطيب، ولأن الطيب من النظافة؛ حيث إنه يقصد به دفع الرائحة الكريهة؛ كما يقصد بالنظافة إزالة ما يجمعه الشعر والظفر من الوسخ، ولذا استحب أن يأخذ قبل الإحرام من شعره وأظفاره؛ لكونه ممنوعًا منه بعد الإحرام وإن بقي أثره بعده.

وأما حديث مسلم في الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم يسأله كيف يصنع في عمرته، وكان الرجل قد أحرم وهو متضمخ بالطيب، فقال صلى الله

ص: 143

(47)

- 2883 - (3) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،

===

عليه وسلم: "أما الطيب الذي بك .. فاغسله ثلاث مرات

" الحديث .. فقد أجيب عنه: بأن هذا السؤال والجواب كانا بالجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان، وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر، واستدام الطيب، وإنما يؤخذ بالآخر من أمره صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يكون ناسخًا للأول. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام، وأبو داوود في كتاب المناسك الحج، باب الطيب عند الإحرام.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:

(47)

- 2883 - (3)(حدثنا إسماعيل بن موسى) الفزاري أبو محمد الكوفي، نسيب السدي أو ابن بنته، صدوق يخطئ رمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(دت ق).

(حدثنا شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم بالكوفة، صدوق يخطى كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله بن عبيد الكوفي، ثقة مكثر

ص: 144

عَنِ الْأَسْوَد، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

===

عابد من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي أبي عمرو الكوفي، ثقة مخضرم مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين (75 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات بعضهم، وليس فيهم ضعيف لا يكتب حديثه ولا يحتج به.

(قالت) عائشة: (كأني أنظر) الآن (إلى وبيص الطيب) وبريقه ولمعانه (في مفرق) ووسط رأس (رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد) مضي (ثلاثة) أيام من تطيبه (وهو) أي: والحال أنه (محرم) يلبي لم يتحلل من إحرامه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب المناسك، باب موضع الطيب.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 145