المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(10) - (1017) - باب الحج عن الحي إذا لم يستطع - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(10) - (1017) - باب الحج عن الحي إذا لم يستطع

(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

(25)

- 2861 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا

===

(10)

- (1017) - (باب الحج عن الحي إذا لم يستطع)

(25)

- 2861 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(قالا: حدثنا وكيع، عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، إمام أئمة الجرح والتعديل، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن النعمان بن سالم) الطائفي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه (م عم).

(عن عمرو بن أوس) بن أبي أوس الثقفي الطائفي تابعي كبير، من الثانية، وهم من ذكره في الصحابة، مات بعد التسعين من الهجرة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي رزين العُقَيلِي) - مصغرًا - لقيط بن عامر، ويقال له: لقيط بن صبرة - بفتح المهملة وكسر الموحدة - ويقال: إنه جده، واسم أبيه عامر، فهو لقيط بن عامر بن صبرة، الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، والأكثر على أنهما اثنان. يروي عنه:(عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أنه) أي: أن أبا رزين (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن أبي شيخ كبير) السن (لا يستطيع الحج ولا العمرة) بنفسه (ولا) يستطيع

ص: 81

الظَّعَنَ، قَالَ:"حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ".

===

(الظَّعَنَ) والركوب على الراحلة، فكيف الحج عنه؟ فهل يسقط عنه أو يحج عنه؟ والظَّعَن - بكسر الظاء وبفتح العين وسكونها -: مصدر ظعن يظعن؛ من باب قطع؛ إذا سار ومشى، قاله السيوطي؛ ومعناه: ولا يقدر على السير والمشي برجله؛ لكبر سنه.

وقال السندي: الظعن بفتحتين أو سكون الثاني، وفي "المجمع": الظعن: الراحلة؛ أي: لا يقدر على السير بالرجل، ولا على الركوب من كبر السن.

فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حج عن أبيك واعتمر) عنه.

والحديث يدل على جواز حج الولد عن أبيه العاجز عن المشي، واستدل به على وجوب الحج والعمرة، وقد جزم بوجوب العمرة جماعة من أهل الحديث، وهو المشهور عن الشافعي وأحمد، وبه قال إسحاق والثوري والمزني.

والمشهور عن المالكية أن العمرة ليست واجبة، وهو قول الحنفية، ولا خلاف في المشروعية.

وقال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أقوى وأجود من هذا، ولا أصح منه. انتهى من "العون".

واستدل الكوفيون بعموم هذا الحديث على جواز حج من لم يحج عن نفسه نيابةً عن غيره وصحته، وخالفهم الجمهور، وخصوا ذلك بمن حج عن نفسه، واستدلوا بما في "السنن" و"صحيح ابن خزيمة" وغيره من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يلبي عن شبرمة، فقال:"أحججت عن نفسك؟ " فقال: لا، قال:"حج عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة"، كذا في "الفتح".

قلت: الظاهر الراجح هو قول الجمهور.

ص: 82

(26)

- 2862 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ،

===

قوله: "واعتمر" استدل به من قال بوجوب العمرة. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في "المجتبى" في كتاب المناسك، باب في العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك" في كتاب المناسك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في "التلخيص"، وابن حبان في "موارد الظمآن" في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز والاعتمار عنه، والخطيب في "تاريخ بغداد"، والطحاوي في "مشكل الآثار"، وابن خزيمة في "صحيحه".

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي رزين بحديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(26)

- 2862 - (2)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد الأموي (العثماني) المدني نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد (الدراوردي) أبو محمد الجهني

ص: 83

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَفْنَدَ،

===

مولاهم المدني، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرحمن بن الحارث) بن عبد الله (بن عياش) بتحتانية مشددة ومعجمة (ابن أبي ربيعة المخزومي) أبي الحارث المدني، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن حكيم بن حكيم بن عباد) بتشديد الموحدة المفتوحة (ابن حنيف) مصغرًا (الأنصاري) الأوسي، صدوق، من الخامسة. يروي عنه:(عم).

(عن نافع بن جبير) بن مطعم النوفلي أبي محمد المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين (99 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن امرأة) لم أر من ذكر اسمها (من خثعم) - بالخاء المعجمة المفتوحة فالمثلثة الساكنة فعين مهملة - غير منصرف؛ للعلمية والتأنيث المعنوي؛ لأنه علم لقبيلة مشهورة، ويجوز صرفه إذا كان بمعنى الحي. انتهى من "العون".

وعبارة "التحفة": هو أبو قبيلة من اليمن سموا به، ويجوز صرفه ومنعه (جاءت النبي صلى الله عليه وسلم للاستفتاء في شأن أبيها (فقالت: يا رسول الله؛ إن أبي شيخ كبير) السن (قد أفند) من الإفعال، أي: خرف

ص: 84

وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ".

===

ونقص عقله؛ والفند - بفتحتين -: ضعف الرأي من الهرم والكذب، والفعل منهما: أفند؛ إذا خرف وضعف رأيه، والجملة صفة ثانية لشيخ (وأدركته) أي: لزمته (فريضة الله على عباده في الحج) أي: من الحج؛ فـ (في) بمعنى (من) البيانية.

قال الطيبي: بأن أسلم شيخًا وله المال، أو حصل له المال في هذا الحال، لا يستطيع أن يستوي على ظهر البعير (ولا يستطيع أداءها) وفعلَها، استئناف بياني (فهل يجزئ) ويسقط (عنه) الواجب والفرض (أن أؤديها) وأفعلها نيابةً (عنه؟ ) فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة المستفتية:(نعم) يجزئ عنه فعلك لتلك الفريضة نيابة عنه، فحجي عنه بنية النيابة عنه.

قال في "سبل السلام": في الحديث روايات أخر؛ ففي بعضها: أن السائل رجل، وأنه سأل هل يحج عن أمه، فيجوز تعدد القضية، فلا معارضة.

وفي الحديث دليل على أنه يجزئ الحج عن المكلف إذا كان ميئوسًا منه القدرةُ على الحج بنفسه؛ مثل الشيخوخة؛ فإنه ميئوس زوالها، وأما إذا كان عدم القدرة لأجل مرض أو جنون يرجى برؤهما .. فلا يصح.

وظاهر الحديث مع الزيادة أنه لا بد في صحة التحجيج عنه من الأمرين: عدم ثباته على الراحلة، والخشية من الضرر عليه من شدِّه، فمن لا يضره الشد؛ كالذي يقدر على المحفة .. لا يجزئه حج الغير عنه.

ويؤخذ من الحديث أنه إذا تبرع أحد بالحج عن غيره .. لزمه الحج عن ذلك الغير وإن كان لا يجب عليه الحج؛ ووجهه أن المرأة لم تبين أن أباها مستطيع بالزاد والراحلة، ولم يستفصل صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورد هذا: بأنه

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ليس في الحديث إلا الإجزاء لا الوجوب؛ فلم يتعرض له، وبأنه يجوز أنها قد عرفت وجوب الحج على أبيها؛ كما يدل عليه قولها:(إن فريضة الله على عباده في الحج) فإنها عبارة دالة على علمها بشرط دليل الوجوب؛ وهو الاستطاعة.

واتفق القائلون بإجزاء الحج عن فريضة الغير بأنه لا يجزئ إلا عن موت، أو عدم قدرة؛ من عجز ونحوه، بخلاف النفل؛ فإنه ذهب أحمد وأبو حنيفة إلى جواز النيابة عن الغير فيه مطلقًا؛ للتوسع في النفل.

وذهب بعضهم إلى أن الحج عن فرض الغير لا يجزئ أحدًا، وأن هذا الحكم يختص بصاحبة هذه القصة، وإن كان الاختصاص خلاف الأصل، إلا أنه استدل بزيادة رواية في الحديث بلفظ:"حجي عنه، وليس لأحد بعدك"، ورد: بان هذه الزيادة رويت بسند ضعيف، وعن بعضهم أنه يختص بالولد، وأجيب عنه: بأن القياس عليه دليل شرعي، وقد نبه صلى الله عليه وسلم على العلة بقوله في الحديث:"فدين الله أحق بالقضاء "فجعله دينًا، والدين يصح أن يقضيه غير الولد بالاتفاق. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير والميت، قال: وفي الباب عن علي وبريدة وحصين بن عوف وأبي رزين العقيلي وسودة بنت زمعة وابن عباس، قال أبو عيسى: حديث الفضل بن عباس حديث حسن صحيح، روي عن ابن عباس عن حصين بن عوف المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عيسى: وسألت محمدًا - يعني: البخاري - عن هذه الروايات،

ص: 86

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال: أصح شيء في هذا الباب ما روى ابن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال محمد: ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله، ولم يذكر الذي سمعه منه.

قال أبو عيسى: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق؛ يرون أن يحج عن الميت.

وقال مالك: إذا أوصى أن يحج عنه .. حج عنه، وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحي إذا كان كبيرًا أو بحال لا يقدر أن يحج، وهو قول ابن المبارك والشافعي.

وأخرجه النسائي في كتاب الحج، باب الحج عن الميت الذي لم يحج، وباب الحج عن الحي الذي لا يستمسك على الرحل، والدارمي ومالك وأحمد.

قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى من "الترمذي" مع زيادة من "العون".

وفي "التحفة": قال الحافظ في "الفتح": وإنما رجح البخاري الرواية عن الفضل؛ لأنه ردف النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ، وكان ابن عباس قد تقدم من مزدلفة إلى منىً مع الضعفة، وقد سبق في باب التلبية والتكبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى

ص: 87

(27)

- 2863 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصيْنُ بْنُ عَوْفٍ

===

رمى الجمرة، فكان الفضل حدث أخاه بما شاهده في تلك الحالة. انتهى كلام الحافظ.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي رزين العقيلي بحديث حصين بن عوف رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(27)

- 2863 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.

(حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ) أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا محمد بن كريب) مولى ابن عباس، ضعيف، من السادسة، مات بعد الخمسين ومئة. يروي عنه:(ق).

(عن أبيه) كريب بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم المدني؛ مولى ابن عباس، أبي رشدين، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمان وتسعين (98 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

(قال) ابن عباس: (أخبرني حصين بن عوف) الخثعمي الصحابي الفاضل

ص: 88

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ إِلَّا مُعْتَرِضًا، فَصَمَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ:"حُجَّ عَنْ أَبِيكَ".

(28)

- 2864 - (4) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

===

رضي الله تعالى عنه، له حديث واحد في الحج وهو هذا المذكور هنا. يروي عنه:(ق).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه محمد بن كريب، وهو ضعيف اتفاقًا.

(قال) حصين: (قلت: يا رسول الله؛ إن أبي أدركه الحج) أي: وجب عليه الحج؛ لحصول المال له الآن (و) الحال أنه (لا يستطيع أن يحج) بنفسه (إلا) حال كونه (معترضًا) والاستثناء من أعم الأحوال، قيل: معناه: لا يثبت على الراحلة على الوجه المعهود، إنما يمكن أن يشد بحبل ونحوه بالراحلة؛ كجونية الطعام وكيس الدقيق (فصمت) أي: سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم (ساعة) أي: زمنًا قليلًا كأنه ينتظر الوحي (ثم) بعدما سكت قليلًا (قال: حج) أنت (عن أبيك) نيابةً عنه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن عباس وغيره.

فهذا الحديث درجته: أنه صحيح بما قبله وبما بعده، ضعيف سنده؛ لما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي رزين المذكور أول الباب، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي رزين بحديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(28)

- 2864 - (4)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو

ص: 89

الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ النَّحْر،

===

العثماني مولاهم (الدمشقي) ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) أبو عمرو الفقيه، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب الأصبحي المدني، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن سليمان بن يسار) الهلالي المدني مولى ميمونة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد المئة، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن عباس، عن أخيه الفضل) بن عباس رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، وهو أصح الأسانيد من أسانيد هذا الحديث؛ كما نقل عن الحافظ ابن حجر فيما سبق.

(أنه) أي: أن الفضل بن عباس (كان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: راكبًا خلفه على ناقته (غداة) يوم (النحر) في حجة الوداع من مزدلفة إلى

ص: 90

فَأَتَتْهُ امْرَأَة مِنْ خَثْعَمٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ قَضَيْتِهِ".

===

منىً (فأتته) صلى الله عليه وسلم (امرأة من خثعم) قبيلة مشهورة باليمن؛ أي: جاءته لاستفتائه عن حكم من أحكام الحج (فقالت) المرأة في استفتائها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ إن فريضة الله) سبحانه (في الحج) أي: من الحج؛ فـ (في) بمعنى (من) البيانية، أي: إن فريضة الله التي فرضها (على عباده) المؤمنين (أدركلت) أي: لزمت (أبي) ووجبت عليه، فهو مفعول أدركت؛ أي: لزمته حالة كونه (شيخًا كبيرًا) فكبيرًا صفة أولى لشيخًا؛ أي: كبير السن.

وقوله: (لا يستطيع أن يركب) الراحلة ويثبت عليها صفة ثانية له، ويحتمل أن يكون حالًا أيضًا، ويكون من الأحوال المتداخلة؛ والمعنى: أنه وجب عليه الحج؛ بأن أسلم وهو بهذه الصفة (أفأحج عنه؟ ) والهمزة فيه للاستفهام الاستخباري داخلة على محذوف، والفاء عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف؛ والتقدير: أيجزئ النيابة في الحج فأحج عنه؟ أو: أيجوز لي أن أنوب عنه فأحج عنه؟ كما هو مذهب الزمخشري، خلافًا للجمهور؛ كما بسطنا الكلام على أمثال هذا في تفسيرنا "حدائق الروح والريحان" في مواضع كثيرة.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالها: (نعم) يجزئ عنه حجك، فحجي عنه، ثم علل هذا الجواب بقوله:(فإنه) أي: فإن الشأن والحال (لو كان) ووجب (على أبيك دين) لآدمي أفـ (قضيته) وأديته عنه، فدين الله أحق بالقضاء، فحجي عنه، ففي الحديث إثبات القياس الذي هو أحد الأدلة الشرعية عند الجمهور.

ص: 91