المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(56) - (1063) - باب الدعاء بعرفة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ المناسك

- ‌(1) - (1008) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(2) - (1009) - بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ

- ‌(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌(4) - (1011) - بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

- ‌(5) - (1012) - بَابُ فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ

- ‌(6) - (1013) - بَابُ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ

- ‌(7) - (1014) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

- ‌(8) - (1015) - بَابٌ: الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ

- ‌(9) - (1016) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(10) - (1017) - بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

- ‌مُلْحَقَةٌ بما قبلها

- ‌(11) - (1018) - بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌(12) - (1019) - بَابٌ: النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(13) - (1020) - بَابُ مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ

- ‌ملحقة

- ‌(14) - (1021) - بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌(15) - (1022) - بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌(16) - (1023) - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌(17) - (1024) - بَابُ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌(18) - (1025) - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌(19) - (1026) - بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(20) - (1027) - بَابُ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ

- ‌(21) - (1028) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ

- ‌(22) - (1029) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ

- ‌(23) - (1030) - بَابُ الْمُحْرِمَةِ تَسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَي وَجْهِهَا

- ‌(24) - (1031) - بَابُ الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ

- ‌(25) - (1032) - بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ

- ‌(26) - (1033) - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌(27) - (1034) - بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(28) - (1035) - بَابُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ

- ‌(29) - (1036) - بَابُ الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ

- ‌(30) - (1037) - بَابُ الاضْطِبَاعِ

- ‌(31) - (1038) - بَابُ الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ

- ‌(32) - (1039) - بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌(33) - (1040) - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ

- ‌(34) - (1041) - بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا

- ‌(35) - (1042) - بَابُ الْمُلْتَزَمِ

- ‌(36) - (1043) - بَابٌ: الْحَائِضُ تَقْضي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَوَافَ

- ‌(37) - (1044) - بَابُ الْإِفْرَادِ بِالحَجِّ

- ‌(38) - (1045) - بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

- ‌(39) - (1046) - بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ

- ‌(40) - (1047) - بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌(41) - (1048) - بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ

- ‌(42) - (1049) - بَابُ مَنْ قَالَ: كانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً

- ‌(43) - (1050) - بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(44) - (1051) - بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(45) - (1052) - بَابُ العُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(46) - (1053) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ

- ‌فائدة

- ‌(47) - (1054) - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ

- ‌(48) - (1055) - بَابُ الْعُمْرَةِ مِنَ التَّنْعِيمِ

- ‌(49) - (1056) - بَابُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(50) - (1057) - بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(51) - (1058) - بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(52) - (1059) - بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(53) - (1060) - بَابُ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

- ‌ملحقة

- ‌(54) - (1061) - بَابُ الْمَنْزَلِ بِعَرَفَةَ

- ‌(55) - (1062) - بَابُ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ

- ‌(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) - (1064) - بَابُ مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ

- ‌فائدة

- ‌(58) - (1065) - بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌(59) - (1066) - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ

- ‌(60) - (1067) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

- ‌تتمة

- ‌(61) - (1068) - بَابُ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ

- ‌(62) - (1069) - بَابُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ

- ‌فائدة

- ‌(63) - (1070) - بَابُ قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌(64) - (1071) - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ

- ‌(65) - (1072) - بَابٌ: إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ .. لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا

- ‌(66) - (1073) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكبًا

- ‌(67) - (1074) - بَابُ تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(68) - (1075) - بَابُ الرَّمْيِ عَنِ الصِّبْيَانِ

- ‌تتمة في أحكام رمي الجمار

- ‌(69) - (1076) - بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

- ‌(70) - (1077) - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

- ‌(71) - (1078) - بَابُ الْحَلْقِ

- ‌تتمة

الفصل: ‌(56) - (1063) - باب الدعاء بعرفة

(56) - (1063) - بَابُ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ

(126)

- 2962 - (1) حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَة، فَأُجِيبَ:

===

(56)

- (1063) - (باب الدعاء بعرفة)

(126)

- 2962 - (1)(حدثنا أيوب بن محمد) بن أيوب (الهاشمي) الصَّالِحِيُّ مِن ولد صالح بن علي بن عبد الله بن عباس البصري المعروف بالقُلْبِ - بضم القاف وسكون اللام بعدها موحدة - ثقة، من العاشرة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي) أبو رفاعة البصري، مقبول، من السابعة. يروي عنه:(د ق).

(حدثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي) أبو كنانة، مختلف فيه، من السابعة. يروي عنه:(د ق).

(أن أباه) كنانة (أخبره) أي: أخبر عبد الله (عن أبيه) أي: أبي كنانة؛ وهو عباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، أسلم بعد يوم الأحزاب، وسكن البصرة بعد ذلك. يروي عنه:(د ق).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مختلفًا فيهما؛ وهما عبد الله بن كنانة، وهو مختلف في توثيقه، وأبوه مختلف في صحبته، والله أعلم.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية) يوم (عرفة) أي: فيما بعد الزوال؛ أي: دعا الله لهم (بالمغفرة) لذنوبهم (فأجيب) دعاؤه من جهة الله

ص: 390

"إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ مَا خَلَا الظَّالِمَ؛ فَإِنِّي آخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ"، قَالَ:"أَيْ رَبِّ؛ إِنْ شِئْتَ .. أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ مِنَ الْجَنَّة، وَغَفَرْتَ لِلظَّالِمِ"، فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّتَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بالْمُزْدَلِفَةِ .. أَعَادَ الدُّعَاءَ فَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: تَبَسَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؛ إِنَّ هَذِهِ

===

تعالى؛ أي: أجاب الله عز وجل دعاءه لأمته، فقال الله سبحانه لنبيه:(إني قد غفرت لهم) أي: لأمتك ذنوبهم صغائرها وكبائرها (ما خلا الظالم) أي: ما عدا ظلم الظالم لغيره (فإني آخذ للمظلوم منه) أي: من الظالم حقوقه.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم لربه: (أي رب) أي: يا رب؛ (إن شئت) مغفرة الظالم .. (أعطيت المظلوم) بدل حقوقه (من الجنة، وغفرت للظالم) ظلامته؛ فلا يصعب عليك الغفران للظالم (فلم يجب) النبي صلى الله عليه وسلم دعاءه مغفرة الظالم (عشيته) أي: عشية نهار عرفة (فلما أصبح) النبي صلى الله عليه وسلم (بالمزدلفة) أي: دخلها في صباح يوم النحر .. (أعاد الدعاء) النبي صلى الله عليه وسلم، أي: دعوته للظالم التي لم يجب في الأمس في عرفة (فأجيب) النبي صلى الله عليه وسلم في المزدلفة (إلى ما سأل) من دعوته مغفرة الظالم.

(قال) الراوي عباس بن المرداس: (فـ) لما أجيب دعاؤه للظالم .. (ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم بإظهار الصوت القليل، (أو قال) الرواي: فـ (تبسم) رسول الله صلى الله عليه وسلم بإظهار لِثَاتِه بلا صوت، والشك من الراوي؛ أي: ضحك أو تبسم فرحًا بإجابته دعاءه (فقال له) صلى الله عليه وسلم (أبو بكر وعمر) رضي الله تعالى عنهما، أي: قال كل منهما له: (بأبي أنت وأمي) أي: أنت يا رسول الله مفدي من كل مكروه بأبي وأمي (إن هذه)

ص: 391

لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا، فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ؟ ! قَالَ:"إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللهَ عز وجل قَدِ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لِأُمَّتِي .. أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور، فَأَضحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ".

===

الساعة (لساعة ما كنت تضحك فيها) في عادتك؛ لتضرعك إلى الله تعالى بالدعاء والاجتهاد فيه (فما الذي أضحكك) اليوم فيها؛ أي: في هذه الساعة؛ أي: فما الأمر الذي أضحكك اليوم في هذه الساعة (أضحك الله سنك) أي: أدام الله ضحكك برؤية ما يسرك؟ !

فـ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهما: سبب ضحكي (إن عدو الله إبليس) اللعين (لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي) لأمتي (وغفر لأمتي) كلهم ظالمها ومظلومها .. (أخذ التراب) من الأرض (فجعل يحثوه) أي: شرع يحثو التراب ويحفنه (على رأسه ويدعو) على نفسه (بالويل والثبور) أي: بالهلاك والعطف فيه؛ من عطف الرديف (فأضحكني ما رأيتـ) ـه منه (من جزعه) وقلة صبره على ما علمه من غفران الله عز وجل لأمتي.

قال السندي: قوله: (لأمته) أي: لمن معه في حجه ذلك، أو لمن حج من أمته إلى يوم القيامة، أو لأمته مطلقًا مَنْ حَجَّ أو لم يَحُجَّ (فأجيب أني) بفتح الهمزة؛ أي: أجابه الله بأني قد غفرت، أو بكسرها؛ أي: أجابه قائلًا: إني قد غفرت (أعطيت المظلوم من الجنة) ظاهره أنه سأل مغفرة مظالم المؤمنين، بخلاف مظالم أهل الذمة، إلا أن يقال: قوله: (من الجنة) أي: مثلًا، أو تخفيف العذاب، والله تعالى أعلم بالصواب.

وفي "الزوائد": في إسناده عبد الله بن كنانة، قال البخاري: لم يصح حديثه. انتهى، ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا تعديل. انتهى، وهو مختلف

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فيه، وأبو كنانة بن عباس مجهول أيضًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: وقال في كتاب "الضعفاء": حديثه منكر جدًّا، لا أَدْرِي التخليطُ منه أو من ابنه عبد الله، ومن أيهما كان .. فهو ساقط الاحتجاج به، وقال ابن مَنْدَه في "تاريخه": يقال: إن لكنانة صحبةً. انتهى.

ولم أر من ذكره في الصحابة على قاعدتهم في ذلك، وقد ذكرته في "الإصابة"، وأورده ابن عدي تبعًا للبخاري. انتهى من "التهذيب".

وقال السيوطي في "حاشية الكتاب": هذا الحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وأعلَّه بكنانة؛ فإنه منكر الحديث جدًّا، أورده عليه الحافظ ابن حجر بمؤلَّف سمَّاه:"فَذَّةَ الحِجَاجِ في عموم المغفرة للحُجاج"، قال فيه: حكَمَ ابن الجوزي على هذا الحديث بأنه موضوع مردود؛ فإن الذي ذكره لا ينتهض دليلًا على كونه موضوعًا، وقد اختلف قول ابن حبان في كنانة: فذكره في "الثقات"، وذكره من "الضعفاء".

وذكره ابن منده أنه قيل: إِنَّ له روايةً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وولده عبد الله مختلف فيه في كلام ابن حبان أيضًا، وكل ذلك لا يقتضي الحكم على الحديث بالوضع، بل غايته أن يكون ضعيفًا، ويعتضد بكثرة طرقه، وهو بمفرده يدخل في حد الحسن على رأي الترمذي، ولا سيما بالنظر إلى مجموع طرقه، وقد أخرج أبو داوود في "سننه" طرفًا منه، وسكت عليه، فهو صالح عنده، وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين".

وقال البيهقي بعد أن أخرجه في "شعب الإيمان": هذا الحديث له شواهد كثيرة، فذكرناها في كتاب البعث، فإن صحت شواهده .. ففيه الحجة، وإن لم

ص: 393

(127)

- 2963 - (2) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ،

===

تصح .. فقد قال الله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، وظلم بعضهم بعضًا دون الشرك، وقد جاء هذا الحديث أيضًا من حديث أنس بن مالك وابن عمر وعبادة بن الصامت وزيدٍ جَدِّ عبدِ الرحمن بن عبد الله بن زيد، وكثرة الطرق إن اخْتَلَفَتِ المخارجُ .. تزيدُ المتنَ قوة، وبعض ما في هذا الحديث له شواهد من أحاديث صحاح. انتهى من "السندي".

قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ فإن عبد الله بن كنانة قال البخاري: لم يصح حديثه، وقال غيره: لم أر من تكلم فيه بجرح ولا توثيق، فهو مختلف في توثيقه، وأبوه كنانة قال فيه ابن منده: إن له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مختلف في صحبته، وله طرق كثيرة، وله شواهد من حديث عائشة رواه مسلم وغيره، ورواه أحمد في "مسنده" من حديث العباس، فهذا الحديث: حسن متنًا وسندًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عباس بن مرداس بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(127)

- 2963 - (2)(حدثنا هارون بن سعيد) الأيلي - بفتح الهمزة وسكون التحتانية - السعدي مولاهم (المصري أبو جعفر) ثقة فاضل، من العاشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(1) سورة النساء: (48).

ص: 394

أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ عز وجل فِيهِ

===

(أنبأنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني مخرمة بن بكير) - مصغرًا - ابن عبد الله بن الأشج أبو المسور المدني، صدوق، سمع من أبيه قليلًا، من السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(عن أبيه) بكير بن عبد الله بن الأشج المخزومي مولاهم نزيل مصر، ثقة، من الخامسة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(قال) أبوه بكير: (سمعت يونس بن يوسف) بن حماس - بكسر المهملة وتخفيف الميم آخره مهملة - الليثي، ثقة عابد، من السادسة، وقال ابن حبان: هو يوسف بن يونس، ووَهِمَ مَنْ قَلَبَهُ، والله أعلم. يروي عنه:(م س ق).

حالة كون يونس (يقول) ويحدث (عن) سعيد (بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة، من الثانية، من كبار التابعين، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).

(قال) سعيد: (قالت عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما) حجازية (من) زائدة (يوم) اسم ما الحجازية مرفوع بضمة مقدرة (أكثر) خبرها منصوب (من) زائدة في تمييز اسم التفضيل (أن يعتق الله عز وجل فيه) أي: في ذلك اليوم

ص: 395

عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإنَّهُ لَيَدْنُو عز وجل ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ ".

===

(عبدًا من النار) متعلق بالإعتاق (من يوم عرفة) متعلق بأكثر؛ والتقدير: ما يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة.

وفي "المبارق": (من) الأولى والثانية زائدتان، و (من يوم عرفة) متعلق بأكثر.

وتَبْيِينُهُ: أن (ما) بمعنى: ليس، و (يوم) اسمها، فهو في محل الرفع، وإنَّ لفظَهُ مجرورٌ بـ (من) الزائدة الاستغراقية، وخبرها:(أكثر) فهو منصوب على لغة الحجاز، ومرفوع على لغة تميم، و (من) الثانية أيضًا زائدة، و (أن يعتق الله) مؤول بالمصدر في موضع التمييز، و (من) الثالثة متعلقة بـ (يعتق)، و (من) الرابعة متعلقة بـ (أكثر).

والمعنى: ليس يومٌ أكثرَ إعتاقًا فيه من النار من يوم عرفة.

وفي "المشكاة": فما من يوم أكثر عتيقًا من النار من يوم عرفة.

(وإنه) سبحانه وتعالى (ليدنو عز وجل ويقرب من أهل الموقف في ذلك اليوم دنوًّا وقربًا يليق به، نثبته ونعتقده، لا نكيفه ولا نمثله، ونصرف حقيقة اللفظ عن ظاهره؛ أي: يقرب إليهم (ثم يباهي) الله سبحانه وتعالى؛ أي: يفاخر (بهم) أي: بأهل الموقف (الملائكة) أي: الملائكة الكرام مباهاةً تليق به، نثبتها ونعتقدها، لا نكيفها، ولا نمثلها، ولا نؤولها، ونصرف حقيقة اللفظ عن ظاهره، وقال بعضهم: المعنى أنه يُظِهر على الملائكة فضل الحجاج وشرفهم.

(فيقول) سبحانه وتعالى لملائكته الكرام: (ما أراد هؤلاء) المجتمعون في عرفات؟ أي: أي شيء أراد هؤلاء الواقفون بعرفة؟

ص: 396

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال النووي: قوله: "وإنه ليدنو" أي: تدنو رحمته وكرامته، لا دنو مسافة ومماسة. انتهى.

قوله: "ثم يباهي بهم الملائكة" المراد بمباهاته بالحجاج: رضاؤه عنهم، وثناؤه عليهم؛ كما في حديث "المشكاة":"انظروا إلى عبادي، أتوني شُعْثًا غُبْرًا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني غفرت لهم".

قوله: "فيقول: ما أراد هؤلاء؟ " إشارة إلى الواقفين بعرفات؛ أي: أي شيء أراد هؤلاء حيث تركوا أهلهم وأوطانهم، وصرفوا أموالهم، وأتعبوا أبدانهم؟ أي: ما أرادوا إلا المغفرة والرضا والقرب واللقاء، ومن جاء هذا الباب .. لا يخشى الرد، أو التقدير: ما أراد هؤلاء .. فهو حاصل لهم، ودرجاتهم على قدر مراداتهم ونياتهم، أو: أي شيء أراد هؤلاء؛ أي: شيئًا يسيرًا سهلًا عندنا؛ إذ مغفرة كفٍّ من التراب، لا يتعاظم عند رب الأرباب. كذا في "المرقاة".

قال الأبي: لما كان الاستفهام محالًا على الله تعالى .. تأولوه بذلك، ويحتمل أنه استفهام استنطاق. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم؛ أخرجه في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، والنسائي في كتاب المناسك، باب ما ذكر في يوم عرفة، والحاكم في كتاب المناسك، باب ما من يوم أكثر أن يعتق، وقال: صحيح، وقال: لم يخرجاه.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 398