الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) - (1010) - بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
(6)
- 2842 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أبِيه، عَنْ عُمَرَ،
===
(3)
- (1010) - (باب فضل الحج والعمرة)
(6)
- 2842 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله) بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، ضعيف، من الرابعة، مات في أول دولة بني العباس سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(د ت ق).
(عن عبد الله بن عامر) بن ربيعة العنزي أبي محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة، مشهور، ووثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين (83 هـ). روى عن: أبيه، وعمر، وعثمان، وعائشة. ويروي عنه:(ع)، والزهري، وعاصم.
(عن أبيه) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي - بسكون النون - حليف آل الخطاب، صحابي مشهور رضي الله تعالى عنه، أسلم قديمًا وهاجر، وشهد بدرًا، مات ليالي قتل عثمان. يروي عنه:(ع)، وقوله:(عن أبيه) ليس في جميع نسخ ابن ماجه، وذكر المزي أن رواية سفيان بن عيينة ليس فيها قوله:(عن أبيه) وإنما هي مثبتة في رواية محمد بن بشر الآتية.
(عن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عاصم بن عبيد الله، وهو متفق على ضعفه.
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ؛ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ".
===
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تابعوا بين الحج والعمرة) أي: قاربوا بينهما إما بالقران، أو بفعل أحدهما بعد الآخر.
قال الطيبي رحمه الله: أي: إذا اعتمرتم .. فحجوا، وإذا حججتم .. فاعتمروا (فإن المتابعة) والموالاة (بينهما) أي: بين الحج والعمرة (تنفي الفقر) أي: تزيله وتعدمه عن صاحبهما، وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد، والفقر الباطن بحصول غنى القلب (و) تنفي (الذنوب) أي: تمحوها، قيل: المراد بها: الصغائر، لكن يأباه قوله:(كما ينفي) ويزيل (الكير) والمنفاخ؛ وهو ما ينفخ فيه الحداد لاشتعال النار؛ لتصفية (خبث الحديد) أي: وسخه.
وفي الباب أحاديث كثيرة تكون شواهد لحديث عمر.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه البيهقي من هذا الوجه، وعنده زيادة:(فإن متابعة بينهما يزيدان في الأجل، وينفيان الفقر؛ كما ينفي الكير الخبث)، ورواه الحميدي في "مسنده" عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله، فذكره كما رواه البيهقي بالزيادة، ورواه ابن أبي عمر في "مسنده" عن عامر بن ربيعة عن عمر به، وله شاهد عن حديث عبد الله بن مسعود، رواه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، فظهر أنَّ لهذا الحديثِ متابعاتٍ كثيرةً وشواهدَ.
فدرجته: أنه صحيح المتن بغيره، ضعيف السند، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمر رضي الله تعالى عنه، فقال:
(6)
- 2842 - (م) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
===
(6)
- 2842 - (م)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عاصم بن عبيد الله) بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، ضعيف، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن عبد الله بن عامر بن ربيعة) العنزي - بسكون النون - المدني، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
(عن أبيه) عامر بن ربيعة بن كعب العنزي المدني الصحابي المشهور، رضي الله تعالى عنه.
(عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عاصم بن عبيد الله، وغرضه: بيان متابعة عبيد الله بن عمر بن حفص لسفيان بن عيينة في الرواية عن عاصم بن عبيد الله الضعيف، وفائدة هذه المتابعة: بيان كثرة طرقه.
وساق عبيد الله بن عمر عن عاصم (نحوه) أي: نحو حديث سفيان بن عيينة عن عاصم، والله أعلم.
(7)
- 2843 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا،
===
ثم استشهد المؤلف لحديث عمر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(7)
- 2843 - (2)(حدثنا أبو مصعب) أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الفقيه، صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني إمام الفروع، ثقة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام، ثقة، من السادسة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح السمان) المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العمرة) المنضمة (إلى العمرة) الأخرى (كفارة) أي: ماحية (لما بينهما) أي: لما وقع بينهما من الصغائر، وهذا ظاهر في فضيلة العمرة، وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال ابن التين: قوله: (العمرة إلى العمرة) يحتمل: أن تكون (إلى) بمعنى (مع) فيكون التقدير: العمرة مع العمرة مكفرة لما بينهما.
وأشار ابن عبد البر إلى أن المراد: تكفير الصغائر دون الكبائر، قال: وذهب بعض العلماء من عصرنا إلى تعميم ذلك، ثم بالغ في الإنكار عليه.
واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر، فماذا تكفر العمرة؟
والجواب: أن تكفير العمرة مقيد بزمنها، وتكفير الاجتناب عام لجميع عمر العبد، قال الحافظ: وفي حديث الباب دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار، خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية، ولمن قال: مرة في الشهر من غيرهم، واستدل لهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب، وتعقب بأن المندوب لم ينحصر في أفعاله؛ فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله؛ لرفع المشقة عن أمته، وقد ندب إلى ذلك بلفظه، فثبت الاستحباب من غير تقييد.
واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسًا بأعمال الحج، إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ونقل الأثرم عن أحمد: إذا اعتمر .. فلا بد أن يحلق أو يقصر، فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام؛ ليمكن حلق الرأس فيها.
قال ابن قدامة: وهذا يدل على كراهة الاعتمار عنده دون عشرة أيام. انتهى، انتهى من "الكوكب".
وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ".
===
(والحج المبرور) أي: المقبول المقابل بالبر؛ وهو الثواب، يقال - كما في "المصباح" -: بر الله تعالى حجه؛ أي: قبله، وبابه علم، أو الذي لم يخالطه ذنب، أو لا رياء فيه ولا سمعة ولا شهرة ولا تسمية فيه باسم الحاج، قال ابن خالويه: المبرور المقبول، وقال غيره: هو الذي لم يخالطه شيء من الذنب؛ ورجحه النووي، وقال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى؛ وهي أنه هو الحج الذي توفرت أحكامه، ووقع موقعًا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، والله أعلم، وقيل: إنه يظهر بآخره؛ فإن رجع خيرًا مما كان .. عرف أنه مبرور.
ولأحمد والحاكم من حديث جابر: قالوا: يا رسول الله؛ ما بر الحج؟ قال: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام"، وفي إسناده ضعف، فلو ثبت .. لكان هو المتعين دون غيره، كذا في "الفتح".
قلت: وفي "مجمع الزوائد" للحافظ الهيثمي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، قيل: وما بره؟ قال: "إطعام الطعام، وطيب الكلام". رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن. انتهى.
وقال ابن العربي: قيل: هو؛ أي: الحج المبرور الذي لا معصية بعده، قال الأبي: وهو الظاهر؛ لقوله في الحديث الآخر: "فمن حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق" إذ المعنى: حج، ثم لم يفعل شيئًا من ذلك، ولهذا عطفها بالفاء المشعرة بالتعقيب، وإذا فسر بذلك .. كان الحديثان بمعنىً واحد، وتفسير الحديث بالحديث أولى. انتهى.
قوله: (ليس له جزاء إلا الجنة) قال النووي: معناه: أنه لا يقتصر لصاحبه
(8)
- 2844 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ
===
من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بد أن يدخل الجنة - والله أعلم - أي: دخولًا أوليًّا. انتهى "فتح الملهم".
قوله: "إلا الجنة" أي: دخولها ابتداءً، وإلا .. فأصل الدخول فيها يكفي فيه الإيمان، ولازمه أن يغفر له الذنوب كلها صغائرها، بل المتقدمة منها والمتأخرة. انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العمرة، باب وجوب العمرة، ومسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، والترمذي في كتاب الحج، باب ما ذكر في فضل العمرة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب المناسك، باب فضل العمرة، باب فضل الحج المبرور، والإمام أحمد في "المسند"، والإمام مالك في "الموطأ" في كتاب الحج، باب جامع ما جاء في العمرة.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عمر.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عمر بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(8)
- 2844 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن مسعر) - بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح المهملة بوزن منبر - ابن كِدَامٍ
وَسُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ .. رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".
===
- بكسر أوله وتخفيف ثانيه - ابن ظهير الهلالي أبي سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين ومئة (155 هـ). يروي عنه:(ع).
(وسفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما رويا (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتَّاب - بمثناة مشددة ثم موحدة على وزن ضَرَّابٍ - الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الأشجعية الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج) وقصد (هذا البيت) المكرم؛ يعني: الكعبة بالنسك الآتي بيانه.
وفي رواية مسلم: (من أتى هذا البيت) والمراد بإتيانه: قصدُه بالحج والعمرة (فلم يرفث) أي: لم يجامع في حجه (ولم يفسق) فيه؛ أي: ولم يذنب فيه .. (رجع) من ذنوبه (كما ولدته أمه) أي: مشابهًا حاله بحاله وقت ولادة أمه إياه؛ أي: نقيًّا من الذنوب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قوله: "فلم يرفث" بتثليث الفاء في الماضي والمضارع، لكن الأفصح الضم في المضارع، والفتح في الماضي.
والرفث: الجماع، أو الفحش في القول، أو خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع، وقال الأزهري: الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، وخصه ابن عمر بما خوطب به النساء، وقال عياض: هذا من قول الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} ، والجمهور على أن المراد به في الآية: الجماع. انتهى.
قال الحافظ: والذي يظهر أن المراد به في الحديث: ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله في الصيام:"فإذا كان صوم أحدكم .. فلا يرفث". انتهى.
"ولم يفسق" أي: ولم يأت بسيئة ولا معصية، وهو بضم السين؛ من باب نصر. انتهى "قسطلاني"، وقال ملا علي: أي: لم يفعل فيه كبيرة، ولا أصر على صغيرة؛ ومن الكبائر: ترك التوبة من المعاصي، قال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1). انتهى، وفسر ابن الملك الفسق بالخروج عن حد الاستقامة. انتهى.
وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (2): الرفث: إتيان النساء، والفسوق: السباب، والجدال: المراءُ مع الرُّفَقَاءِ والمَكَّارِينَ.
ولم يذكر في الحديث: (الجدال في الحج) اعتمادًا على الآية.
(1) سورة الحجرات: (11).
(2)
سورة البقرة: (197).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا؛ لأن وجوده لا يؤثر في ترك مغفرة ذنوب الحاج، إذا كان المراد به: المجادلة في أحكام الحج؛ لما يظهر من الأدلة، أو المجادلة بطريق التعميم، فلا تؤثر أيضًا؛ لأن الفاحش منها دخل في عموم الرفث، والحسن منها ظاهر في عدم التأثير، والمستوي الطرفين لا يؤثر أيضًا، قاله في "فتح الباري".
والفاء في قوله: "فلم يرفث" عاطفة على الشرط، وجوابه قوله:"رجع كيوم ولدته أمه" بجر يوم على الإعراب، وبفتحه على البناء، وهو المختار في مثله؛ لأن صدر الجملة المضاف إليها مبني؛ أي: رجع مشابهًا لنفسه يوم ولادته في أنه يخرج بلا ذنب؛ كما خرج بالولادة نقيًّا، وهو يشمل الصغائر والكبائر والتبعات، وقال الطبري: إنه محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها.
وقال الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله خاصة دون العباد، ولا تسقط الحقوق أنفسها؛ فمن كان عليه صلاة أو كفارة أو نحوها من حقوق الله تعالى .. لا تسقط عنه؛ لأنها حقوق لا ذنوب، إنما الذنوب تأخيرها، فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي أنفسها، فلو أخرها بعده .. تجدد إثم آخر، فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا الحقوق. انتهى من "الإرشاد".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، وفي مواضع كثيرة، ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، والترمذي في كتاب الحج، باب فضل الحج ويوم عرفة، قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الحج، باب فضل الحج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم