الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنها نفت الأفضلية. فتبقى المساواة. وقرّان واد (1). وقوله: (ان الخمر
…
الخ) هو النوع المسمى في المعاني بالتذييل. وفي البيت الذي يليه شاهد لجواب لو بإذن، ولحيتها: لمتها. وأسى: ماض مبنى للمفعول. قوله: (ولا هرّها. الخ) قال الأصمعي وغيره: هذا مثل، أي لا يأتيها من قبلي أذى ولو أتاني الأذى من قبلها.
والنفر: مصدر نفر. والشكاة، بالفتح والقصر، القول القبيح.
فائدة: [أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث]
أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث، بالتشديد وكسر الراء، عند ابن دريد، وفتحها غيره، ابن زبيد، مصغر، بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، شاعر مجيد أدرك الجاهلية والاسلام، ورحل الى المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فمات قبل قدومه بليلة، وأدركه وهو مسجى، وصلى عليه وشهد دفنه. وغزا الروم في خلافة عمر ومات بها.
وقيل: مات بطريق أفريقية في غزوتها. وقيل بمصر منصرفا عنها مع ابن الزبير. وقيل في طريق مكة في زمن عثمان. حكى ذلك ابن عبد البرّ في الاستيعاب. وفي الاغاني (2):
قال أبو عمرو ابن العلاء: سئل حسان من أشعر الناس؟ فقال: حيّا أم رجلا؟ قالوا:
حيا، قال: هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب قالوا: وتقدّم أبو ذؤيب على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي أوّلها (3):
أمن المنون وريبها تتوجّع
وقال الجمحي: أبو ذؤيب في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (4). قال: وأخبرني محمد بن معاذ المعمري قال (5): مكتوب في التوراة: أبو ذؤيب مؤلّف زوراء (6) واسم الشاعر بالعبرانية (مؤلف زوراء) أخرجه في الأغاني وذكره ابن عساكر في
(1) في ياقوت أن قران واد قرب الطائف.
(2)
الاغاني 6/ 250 و 256 (الثقافة).
(3)
سيأتي في بحث شاهد (اذا)، وعجزه: والدهر ليس بمعتب من يجزع. وانظر الأغاني 6/ 251، وديوان الهذليين 1/ 1.
(4)
الطبقات 103.
(5)
الطبقات 110، والاغاني 6/ 250.
(6)
في الطبقات والاغاني (زورا) باهمال الهمزة، وكلام زور ومزور: محسن مثقف.
تاريخه فقال: شاعر مجيد مخضرم كان أشعر هذيل، وهذيل أشعر أحياء العرب.
روى عنه صعصعة والد الهرماس الهذلي، ثم أخرج من طريق الهرماس بن صعصعة عن أبيه قال: حدثني أبو ذؤيب الشاعر قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل، وقع ذلك النبأ عن رجل من الحي قدم، فأوجس أهل الحيّ خيفة، فبت بليلة باتت النجوم طويلة الاباء لاينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظلت أقاسي طولها وأقارن عولها، حتى إذا كان دوين السفر وقرب السحر خفت، فهتف الهاتف وهو يقول:
خطب أجلّ أناخ بالإسلام
…
بين النخيل ومعقد الآطام
قبض النّبيّ محمد فعيوننا
…
تبدي الدّموع عليه بالتسجام
قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء، فلم أر إلّا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب. وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض، أو هو ميت، فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيأ أزجره، فعنّ لي شيهم، يعني القنفذ، قد قبض على صلّ، يعني الحية، فهو يلتوي عليه، والشيهم يقضمه، حتى أكله. فزجرت ذلك وقلت: تلوّى الصل انفتال الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أوّلت أكل الشيهم إياه غلبة القائم على الأمر. فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالعلية زجرت الطائر فأخبرني بوفاته، ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك فتعوّذت من شرّ ما عنّ لي في طريقي، وقدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج اذا أهلوا بالاحرام، فقلت: مه، فقيل:
قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فقلت: أين الناس؟ قيل: هم في سقيفة بني ساعدة، فشهدت مبايعة أبي بكر بها ورجعت فشهدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه.
قال صعصعة: وأنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لمّا رأيت النّاس في أحوالهم
…
ما بين ملحود له ومضرّح
فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت
…
جار الهموم يبيت غير مروّح
كسفت لمصرعه النّجوم وبدرها
…
وتزعزعت آكام بطن الأبطح
وتحرّكت آجام يثرب كلها
…
ونخيلها لحلول خطب مفدح
ولقد زجرت الطير قبل وفاته
…
بمصابه وزجرت سعد الأذبح
وزجرت إذ نعب المسحج سانحا
…
متفائلا فيه بفأل أقبح
قال: ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها.
وأخرج صاحب الأغاني أبو الفرج بن الحسين، وابن عساكر من طريقه، عن أبي عمر وعبد الله بن الحارث الهذلي قال: خرج أبو ذؤيب مع ابنه وابن أخ له يقال له أبو عبيد حتى قدموا على عمر بن الخطاب، فقال له: أيّ العمل أفضل يا أمير المؤمنين؟
قال: الايمان بالله ورسوله. قال: قد فعلت، فأية أفضل بعده. قال: الجهاد في سبيل الله. قال: ذلك كان عليّ ولا أرجو جنة ولا أخاف نارا. ثم خرج فغزا الروم مع المسلمين، فلما قفلوا أخذه الموت فدفن هناك فليس وراء قبره قبر يعلم للمسلمين.
وقال وهو يجود بنفسه:
أبا عبيد وقع الكتاب
…
واقترب الموعد والحساب
وعند رجلي جمل نجاب
…
أحمر في حاركه انصباب
5 -
وأنشد:
بدا لي منها معصم حين جمّرت
…
وكفّ خضيب زيّنت ببنان (1)
فو الله ما أدري وإن كنت داريا
…
بسبع رمين الجمر أم بثمان
(1) الخزانة 4/ 447، وابن عقيل 2/ 69، وديوانه 556.
هذان من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة قالها في عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، كذا قال الزبير بن بكار، أورد قبلهما:
لقد عرضت لي بالمحصّب من منى
…
مع الحجّ شمس شبّهت بيمان
وبعدهما:
فلمّا التقينا بالثّنيّة سلّمت
…
ونازعني البغل اللّعين عناني
فقلت لها: عوجي فقد كان منزلي
…
خصيب لكم ناء من الحدثان
فعجنا فعاجت ساعة فتكلّمت
…
فظلّت لها العينان تبتدران
قوله: بدا، بلا همز أي ظهر. والمعصم، بكسر الميم وفتح الصاد، موضع السوار من الساعد. وجمرت، بالفتح وتشديد الميم: رمت الجمار، والمصدر التجمير.
وكف خضيب: خضبت بالحناء ونحوه. والكف الخضيب أيضا نجم. والبنان:
أطراف الأصابع واحدها بنانة بالباء. وقوله: (وان كنت داريا) يحتمل أن تكون إن فيه نافية، أي: وما كنت داريا، فتكون تأكيدا للجملة قبلها. ويحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، أي وإني كنت قبل ذلك من أهل الدراية والمعرفة حتى بدا لي ما ذكر فسلبت الدراية. وهذا الاحتمال عندي أظهر ويؤيده ما سيأتي. وقوله: بسبع، على حذف همزة الاستفهام، أي أبسبع، وهو محل الاستشهاد. وقوله: رمين، قال البدر الدماميني: ضميره عائد إلى البنان، أو الى المرأة وصواحبها.
قلت: البيت أنشده الزبير بن بكار بلفظ:
فو الله ما أدري وإني لحاسب
…
بسبع رميت الجمر أم بثمان
بتاء المتكلم في رميت (1) وهذا أوجه بلا شك، فإن الاخبار بذهوله عن فعله يشغل قلبه بما رأى، أبلغ من الاخبار بذهوله عن فعل الغير، وفيه سلامة من التأويل المذكور.
(1) وكذا رواية الديوان.