الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد إذا
125 -
وأنشد:
والنّفس راغبة إذا رغّبتها
…
وإذا تردّ إلى قليل تقنع (1)
هذا من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها أولادا له خمسة ماتوا بالطاعون، وأوّلها (2).
أمن المنون وريبه تتوجّع
…
والدّهر ليس بمعتب من يجزع
الى أن قال:
أودى بنيّ وأعقبوني حسرة (3)
…
بعد الرّقاد وعبرة ما تقلع
سبقوا هوىّ وأعنقوا لهواهم
…
فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع
وبقيت بعدهم بعيش ناصب (4)
…
وإخال أنّي لاحق مستتبع
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم
…
فإذا المنيّة أقبلت لا تدفع
(1) انظر ص 29، وديوان الهذليين 1/ 3، والشعراء 10 والمفضليات 422 والخزانة 1/ 202، والاستيعاب 667، واللآلي 844.
(2)
ديوان الهذليين 1/ 1 - 21، وفي الاغاني 6/ 256 (الثقافة) بعض أبيات منها، والمفضلية 126. وانظر الخزانة 1/ 202.
(3)
ويروي: (وأعقبوني غصة)، و (وأودعوني حسرة).
(4)
ويروي: (فغبرت بعدهم).
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها
…
ألفيت كلّ تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأنّ حداقها
…
سملت بشوك فهي عور تدمع
حتّى كأنّي للحوادث مروة
…
بلوى المشقّر كلّ يوم تقرع
وتجلّدي للشّامتين أريهم
…
أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع
والنّفس راغبة إذا رغّبتها
…
وإذا تردّ إلى قليل تقنع
كم من جميع الشّمل ملتئم القوى
…
كانوا بعيش قبلنا فتصدّعوا
والدّهر لا يبقى على حدثانه
…
جون السّراة له جدائد أربع
(إلى أن قال)«1» :
حميت عليه الدّرع حتّى وجهه
…
من حرّها يوم الكريهة أسفع
تعدو به خوصاء يفصم جريها
…
حلق الرّحالة فهي رخو تمزع
(ومنها)(1):
بينا تعانقه الكماة وروغه
…
يوما أتيح له جريء سلفع
قال شارع أبيات الايضاح: يروى وريبه، فالتذكير على معنى الموت، والتأنيث على معنى المنية. والمنون. قيل: جمع لا واحد له، وعليه الأخفش.
وقيل: واحد لا جمع له وعليه الأصمعي. وقال الفارسي: سميت منونا لأخذها منن الأشياء، أي قواها: فمنون بمعنى مان، كضروب بمعنى ضارب (2): والريب:
الاعتراض. وريب الدهر: ما يأتي به من المصائب. والأعتاب: ترك ما عتب عليه (3). وقوله: (أودي بنيّ) استشهد به المصنف في التوضيح على قلب واو الجمع ياء، وادغامها في ياء الاضافة. وأودى بمعنى هلك. وقوله: (سبقوا
(1) مزيدة.
(2)
قال الضبي: المنون الدهر، سمي منونا لانه يذهب بالمنة، بضم الميم وتشديد النون، أي القوة. وقيل: المنون هي المنية.
وعلى التفسير الاول روي: (وريبه) بتذكير الضمير، وعلى الثاني روي:(وريبها).
(3)
أي راجع عما تكره الى ما تحب. والعتبى: المراجعة.
هويّ) استشهد به النحاة على قلب ألف المقصور ياء عند الاضافة، إلى ياء المتكلم، في لغة هذيل (1). وأعنقوا: أي ساروا سير العنق. وتخرّموا: بالبناء للمفعول، أصيبوا واحدا واحدا لا جملة. ثم قال كالمسلي نفسه من الجزع: أن المتقدم والمتأخر لا بد له من مصرع، ولكل جنب مصرع، أي كل انسان يموت.
وعيش ناصب: أي متعب، والمراد صاحبه على حد:(عِيشَةٍ راضِيَةٍ) *. وقوله:
وإخال أنّي لاحق مستتبع
أورده المصنف في حرف اللام، شاهدا على تعليق لام الابتداء فعل القلب، مع إضمارها، والأصل: اني للاحق. وأخال: بمعنى أظن. ومستتبع: مستلحق (2).
وقوله:
فإذا المنيّة أقبلت لا تدفع
أي غير مدفوعة. وقد استشهد به الفرّاء على تراخي الفعل مع (إذا) الفجائية، وان الأكثر فيها التوافق. وقوله: وإذا المنية
…
البيت. استشهد به أهل البيان على الاستعارة المكنية التخيلية، وهي أن يذكر المشبه، ويحذف المشبه به، ويدل عليه بشيء من لوازمه، وذلك أنه يشبه المنية بالسبع، فحذف السبع، ودل عليه بشيء من لوازمه، وهو الأظفار. وألقيت: وجدت. والتميمة: العوذة، يعني لا تنفع الرقي والتعويذات إذا جاءت المنية. قوله:(فالعين بعدهم). استشهد به الفارسي في الايضاح على أن المعرّف بلام الجنس يعامل في المعنى معاملة الجمع، فلذا قال: كأن حداقها فهي عور، وليس للعين الا حدقة واحدة، لكنه أراد العيون، يعني عينه وعين من يبكي بنيه معه، من أمهم وسائر أهله. وقال بعضهم: يجوز أن يجعل قوله: كأن حداقها، مثل قولهم: جمل غليظ المشافر، ورجل ذو مناكب، وإنما للجمل مشفران، وللرجل منكبان. وقال الزجاج: جعل كل قطعة منها حدقة،
(1) أي هواي، وهي لغة هذيل في كل اسم مقصور يضاف الى ياء المتكلم، فيقولون: فتّى وعصّى، أي فتاي وعصاي. يقول: أي ماتوا قبلي وكنت أحب أن أموت قبلهم، وانظر أمالي المرتضى 1/ 293
(2)
يقول: أنا مذهوب بي وصائر إلى ما صاروا اليه.