الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ندائه تاما. أخرج ابن عساكر عن الاصبغ بن عبد العزيز قال: سألت نصيبا، أي بيت قالت العرب أنسب! فقال قول امرئ القيس:
أفاطم مهلا بعض هذا التدّلل
…
البيت
فائدة: [امرئ القيس هذا، هو ابن حجر]
امرئ القيس هذا، هو ابن حجر، بتقديم الحاء المضمومة على الجيم الساكنة، ابن الحارث بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار ابن عمر بن معاوية ابن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، يكنى أبا يزيد، ويقال أبو وهب، ويقال أبو الحارث، وبه جزم ابن دريد في الوشاح. وقال العسكري في كتاب التصحيف: سألت ابن دريد عن كنية امرئ القيس واسمه فتوقف، ثم قال: يقال عدي. فسألت عنهما أبا الحسين النسابة فذكر إن اسمه مليكة وكنيته أبو كبشة، وأن أباه كان ينهاه عن قول الشعر ويرفع نفسه وولده عن ذلك، وانه سمع منه شعرا فأمر غلاما له بقتله وأن يأتيه بعينيه، فانطلق الغلام فاستودعه جبلا منيفا، وعلم أن أباه سيندم على قتله، وعمد الى جؤذر كان عنده فنحره وامتلخ عينيه فأتى بهما حجرا حتى همّ بقتل الغلام، فقال له: أبيت اللعن، إني لم أقتله. قال: أين هو؟ قال: استودعته جبل كذا. قال: فائتني به، فأتاه به، فلم يقل بعدها شعرا حتى قتل أبوه.
قال الأصمعي: وكان يقال لامرئ القيس الضّليل، ولجده عمرو الملك المقصور لأنه اقتصر على ملك أبيه. ووقع لامرئ القيس في الملك وقائع مع المنذر ابن ماء السماء وغيره وورد الروم واتبعه بحلة مسمومة فلما لبسها أحس بالموت ومات بانقرة من بلاد الروم.
ومن الأقوال في اسم امرؤ القيس حندج، بضم الحاء والدال المهملتين وسكون النون بينهما وآخره جيم، حكاه ابن يسعون في شرح شواهد الايضاح.
وقال التبريزي في شرح أبيات إصلاح المنطق: النسبة الى امرئ القيس مرقسي، وأشعر المراقسة ابن حجر هذا، وبعده امرؤ القيس الذائد، وهو أوّل من تكلم في نقد الشعر.
وقال العسكري في التصحيف: أئمة الشعر أربعة امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. وفي تاريخ النحويين للمرزباني: قال أبو عمرو: اتفقوا على أن أشعر الشعراء امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. فامرؤ القيس من اليمن، والنابغة وزهير من مضر، والأعشى من ربيعة. قال: وأشعر الأربعة امرؤ القيس ثم النابغة ثم زهير ثم الاعشى، ثم بعدهم جرير والفرزدق والأخطل.
وقال يونس: كان علماء البصرة يقدّمون امرأ القيس، وأهل الكوفة يقدمون الأعشى، وأهل الحجاز والبادية يقدمون زهيرا والنابغة. وقال ابن سلام (1): مرّ لبيد بالكوفة في بني نهد (2) فسألوه: من أشعر الناس؟ قال: الملك الضليّل. قيل:
ثم من؟ قال: الغلام القتيل، يعني طرفة. قيل: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل الجليل، يعني نفسه. وقال الأصمعي: سألت بشارا من أشعر الناس؟ فقال: أجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفه. وقيل للفرزدق: من أشعر الناس؟ قال:
امرؤ القيس اذا ركب، والنابغة اذا رهب، وزهير اذا رغب، والأعشى اذا طرب.
وقد ذكر محمد بن سلام الجمحي (3) امرأ القيس في الطبقة الأولى من الشعراء الجاهليين. وقال الفرّاء: كان زهير واضح الكلام مكتفية بيوته، البيت منها بنفسه كاف، وكان جيد المقاطع، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء والمقطع، يعرف في شعره قدرته على الشعر، لم يخالطه ضعف الحداثة. وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم، وكان لطرفة شيء ليس بالكثير وليس كما يذهب اليه بعض الناس لحداثته، وكان لو منع لبث حتى يكثر معه شعره كان خليقا أن يبلغ المبالغ. وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء.
وكان الحطيئة نقي الشعر قليل السقط حسن الكلام مستويه. وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرى واحدا في خشونة الكلام وصعوبته، وليس ذلك بمحمود عند أهل الشعر وأهل العربية، يشتهونه لكثرة عربيته، وليس يجود الشعر عند أهله حتى
(1) الطبقات 45.
(2)
أي في محلة بني نهد، وهم من قضاعة.
(3)
الطبقات 43 وما بعد.
يكون صاحبه يقدر على تسهيله وإيضاحه، فإذا نزلت عن هؤلاء فجرير والفرزدق فهما اللذان فتقا الشعر وعلما الناس وكادا يكونان خاتمي الشعراء. وكان ذو الرمة مليح الشعر يشبه فيجيد ويحسن، ولم يكن هجّاء ولا مدّاحا فيرفع، وليس الشاعر إلا من هجا فوضع أو مدح فرفع، كالحطيئة والأعشى، فإنهما كانا يرفعان ويضعان.
وقال عمر بن شبّة في طبقات الشعراء: للشعر والشعراء الأول لا توقف عليه.
وقد اختلف في ذلك العلماء وادعت القبائل كل قبيلة لشاعرها أنه الأوّل، ولم يدعوا ذلك لقائل البيتين والثلاثة لأنهم لا يسمون ذلك شعرا. فادّعت اليمانية لامرئ القيس. وبنو أسد لعبيد بن الأبرص. وتغلب لمهلهل، وبكر لعمرو بن قميئة والمرقش الاكبر، وإياد لأبي دواد. قال وزعم بعضهم أن الأفوه الأودي أقدم من هؤلاء، وأنه أوّل من قصد القصيد. قال: وهؤلاء النفر المدّعى لهم التقدّم في الشعر متقاربون، لعل أقدمهم لا يسبق الهجرة بمائة سنة أو نحوها. وقال أبو عمرو:
افتتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة. وقال أبو عبيدة، معمر بن المثنى:
الشعراء المتقدّمون، يعني النوابغ، منهم: امرؤ القيس بن حجر، والنابغة زياد بن عمرو، وزهير ابن أبي سلمى، والأعشى رابعهم. وأخرج ابن عساكر عن ابن الكلبي قال: أتى قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشعر الناس فقال: ائتوا حسان، فأتوه. فقال: ذو القروح، يعني امرأ القيس، لأنه لم يعقب ولدا ذكرا بل أناثا، فرجعوا فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق، رفيع في الدنيا خامل في الآخرة، شريف في الدنيا وضيع في الآخرة، هو قائد الشعراء إلى النار. وفي المؤتلف للآمدي: ان امرأ القيس كان يلقب ذا القروح لأنه لما لبس الحلة المسمومة تقرّح جلده ومات فقيل له ذا القروح. وأخرج ابن عساكر في تاريخه من حديث أبي هريرة مرفوعا: امرؤ القبس قائد الشعراء إلى النار، لأنه أوّل من أحكم قوافيه.
وأصل الحديث في الصحيح بدون آخره بلفظ: حامل لواء الشعراء إلى النار. وقال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو أسامة عن أبي سراعة عن عبادة بن نسى قال:
ذكر الشعراء عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا امرأ القيس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مذكور في الدنيا منكور في الآخرة، حامل لواء الشعراء في جهنم يوم القيامة. قال ابن سلام (1): سبق امرؤ القيس العرب إلى أشياء ابتدعها، استحسنتها
(1) الطبقات 46.
العرب واتّبعته فيها الشعراء، منها: استيقاف صحبه، والبكاء في الديار (1)، ورقة التشبيب، وقرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصى، وقيّد الأوابد، وأجاد في التشبيه، وفصل بين التشبيه وبين المعنى. وكان أحسن طبقته تشبيها. وأحسن الاسلاميين تشبيها ذو الرمة.
وقال أبو عمرو ابن العلاء (2): سألت ذا الرمة عن أي قول الشعراء الذين وصفوا الغيث أشعر؟ فقال: قول امرئ القيس:
ديمة هطلاء فيها وطف
…
طبق الأرض تحرّى وتدرّ
تخرج الودّ إذا ما أشجذت
…
وتواريه إذا ما تشتكر
وترى الضبّ خفيفا ماهرا
…
ثانيا برثنه ما ينعفر
وترى الشّجراء في ريّقها
…
كرؤوس قطّعت فيها الخمر
ساعة، ثم انتحاها وابل
…
ساقط الأكناف واه منهمر
راح تمريه الصّبا ثم انتحى
…
فيه شؤبوب جنوب منفجر
ثجّ حتّى ضاق عن آذيّة
…
عرض خيم فخفاف فيسر
قد غدا يحملني في أنفه
…
لاحق الإطلين (3) محبوك ممرّ
الديمة: المطر الدائم. والهطلاء: الغزيرة. ووطف: استرخاء. وتحرّى:
تقصد. وتدر: تصب الماء. والودّ: جبل. وأشجذت: أقلعت. وتواريه: تستره.
وتشتكر: يكثر ماؤها. وبرثنه: مخلبه. وينعفر: يلصق بالتراب. والشجراء:
جماعة الشجر. وريقها: أوّلها. والخمر: جمع خمار. وانتحاها: قصدها. ووابل:
أعظم المطر. وأكناف: النواحي. وواه: مسترخ. ومنهمر: سائل. وراح: جاء
(1) انظر الشعراء 82، والخزانة 1/ 507 - 508
(2)
الطبقات 78، والشعراء 58، والديوان 89 - 90.
(3)
ويروى: (الأيطل)، وهو الخاصرة والكشح.
بالعشي. وتمريه: تستخرج ماءه. وشؤبوب: مخففة. ومنفجر: سائل. وثج:
صبّ. وآذيه: موجه. وعرض: سعة. وخيم بالفتح، وخفاف بالضم، ويسر بضمتين: مواضع. وأنفه: أوّل نباته. والاطلان: الخصران. ومحبوك: قوي.
وممرّ: معتدل الخلق.
وقال أبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس ينازع من يدّعي الشعر فنازع التوءم اليشكري (1)، فقال: إن كنت شاعرا فملط (2) انصاف ما أقول فأجزها، فقال: نعم، فقال امرؤ القيس:
كأنّ هزيزه بوراء غيب (3)
فقال التوءم:
عشار واله لاقت عشارا
فقال امرؤ القيس:
فلما أن دنا لقفا أضاخ (4)
(1) وصوابه انه نازع الحارث ابن التوءم كما سينص عليه في هذه الابيات وهو الذي رواه الرواة الثقاة غير أبي عمرو. أقول: قول السيوطي أن أول ما بدأ به امرؤ القيس في ممالطته المذكورة خلاف الواقع وفيه ارجاع الضمير الى غير مذكور والصواب وهو الحق اليقين وبه الرواية المحفوظة ان الممالطة واقعة بين الحارث ابن التوءم لا التؤم وأول قول إمرئ القيس فيها وهو الدليل القاطع على صحة ما قلناه، قال امرؤ القيس يخاطب الحارث:
أحار ترى بريقا هب وهنا
فقال الحارث:
كنار مجوس تستعر استعارا
الى آخر الشعر المحفوظ ويكون الضمير هزيزه المذكور راجع الى بريق المصغر في قول امرئ القيس اه شنقيطي. قلت: ذكر ابن رشيق ان التوءم اليشكري، اسمه الحارث ابن قتادة، وكذلك ياقوت. وانظر العمدة 1/ 176 و 2/ 87.
(2)
في القاموس: (ومالطه: قال نصف بيت وأتمه الآخر كملطه تمليطا). وانظر العمدة 2/ 87.
(3)
ويروى: (كأن هزيمه بوراء غيب).
(4)
ويروى: (فلما ان علا كتفي أضاخ) و (فلما أن علا شرجي أضاخ). وأضاخ من قرى اليمامة لبني نمير، ذكره ياقوت.