الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمؤمن العائذات الطّير يمسحها
…
ركبان مكّة بين الغيل والسّند
وقال شارحه: المؤمن، الله أمن الطير وأعاذها. والغيل والسند: أجمتان كانتا منافع ما بين مكة ومنى. وقوله:
ما قلت من سيّئ مما أتيت به
كذا هو في منتهى الطلب. وفي الأشعار الستة ومعه في ديوان النابغة. كما أنشده المصنف:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه
والشاهد فيه في زيادة إن بعد ما النافية. ويروى من إن نديت، أي ما سبق اليك مني، يقال: ما ينداه مني شيء منه (1) وقوله:
إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي
توارد عليه جماعة من شعراء العرب وكأنه جرى عندهم مجرى المثل، منهم أنس ابن زنيم الصحابي قال من قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم لما أسلم:
ونبي رسول الله إنّي هجوته
…
إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي
فائدة: [النابغة]
النابغة هذا، اسمه زياد بن معاوية بن ضباب، بالكسر، ابن جابر بن يربوع بن عيط بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان، بضم الذال وكسرها، ابن بغيض بن ريث ابن غطفان بن سعد بن قيس غيلان بن مضر. أبو أمامة الذبياني، أحد شعراء الجاهلية المشهورين، ومن أعيان فحولهم المذكورين. عدّه الجمحيّ في الطبقة الأولى بعد
(1) في الشعراء: (ما إن بدأت بشيء أنت تكرهه).
امرئ القيس (1)، قال ابن دريد في الوشاح، وسمي النابغة بقوله (2):
رحلت في بني القين بن جسر
…
فقد نبغت لنا منهم شؤون
وقال الأصمعي: يكنى أبا ثمامة. قال ابن عساكر: والمحفوظ أبو أمامة. وفي الوشاح لابن دريد: إنه يكنى أبا أمامة وأبا عقرب.
وأخرج ابن عساكر بسنده عن الشعبي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أشعر العرب النابغة، وأخرج من وجه آخر عن الشعبي عن ربعي بن خراش قال:
وفدنا الى عمر بن الخطاب فقال: من الذي يقول (3):
حلفت فلم تترك لنفسك ريبة
…
وليس وراء الله للمرء مذهب
فلست بمستبق أخا لا تلمّه
…
على شعث أيّ الرّجال المهذّب؟
قالوا: النابغة! قال: فمن القائل:
إلّا سليمان إذ قال المليك له
…
قم في البريّة فازجرها على فند
قالوا: النابغة! قال: فمن القائل (4):
أتيتك عاريا خلقا ثيابي
…
على وجل تظنّ بي الظّنون
فألفيت الأمانة لم تخنها
…
كذلك كان نوح لا يخون (5)
قالوا: النابغة. قال: فمن القائل:
(1) الطبقات ص 43.
(2)
انظر الخزانة 2/ 5 (السلفية).
(3)
انظر ديوانه 57 وطبقات الشعراء 47 و 50 والشعراء 124 والخزانة 2/ 6 السلفية.
(4)
الشعراء 109، واللسان 19/ 272، والاغاني 11/ 4، والرواية:
(على خوف).
(5)
انظر ابن سلام 50.
لست بداخر لغد طعاما
…
حذار غد لكلّ غد طعام
قالوا: النابغة. قال: النابغة أشعر شعرائكم وأعلم الناس بالشعر. وأخرج الزبير بن بكار والاصبهاني وابن عساكر عن ابن عباس انه سئل من أشعر الناس؟
فقال: الذي يقول (1):
فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركى
…
وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
قالوا: هذا النابغة. وأخرجوا أيضا عن حسان بن ثابت انه سئل: من أشعر الناس؟ قال: أبو أمامة، يعني النابغة الذبياني. وأخرج ابن عساكر من طريق ابن الأنباري عن ثعلب عن عمر بن شبة عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال:
كان أوس بن حجر فحل العرب، فلما أنشأ النابغة طأطأ منه. وأخرج عن الأصمعي قال: ذكر عند أبى عمرو بن العلاء النابغة وزهير فقال أبو عمرو: ما كان زهير يصلح أن يكون أخيذا للنابغة، يعني راويا عنه. وأخرج عن الأصمعي قال: سألت بشارا الأعمى: من أشعر الناس؟ فقال: اختلف الناس في ذلك فأجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفة بن العبد، وأجمع أهل الكوفة على بشر بن أبي خازم والأعشى الهمداني، وأجمع أهل الحجاز على النابغة وزهير، وأجمع أهل الشام على جرير والفرزدق والأخطل؛ وكان الأخطل دونهما. قلت: فجرير أشعر أو الفرزدق؟ فقال:
كان جرير يقول المراثي، ولقد ناحوا على النوار امرأة الفرزدق بشعر جرير. وأخرج عن الأصمعي قال: أول ما تكلم به النابغة من الشعر أنه حضر مع عمه عند رجل، وكان عمه يشاهد به الناس ويخاف أن يكون عييا، فوضع الرجل كأسا في يده وقال:
تطيب كؤوسنا لولا قذاها
…
ويحتمل الجليس على أذاها
فقال النابغة: رحمى لذلك:
قذاها أنّ صاحبها بخيل
…
يحاسب نفسه بكم اشتراها
(1) ديوانه 55، والخزانة 2/ 7 (السلفية)، والشعراء 110 و 123 و 303