الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلّ قرينة قرنت بأخرى
…
ولو ضنّت بها سيفترقان
وكلّ أخ مفارقه أخوه
…
لعمر أبيك إلّا الفرقدان
فكان إجابتي إيّاه إنّي
…
عطفت إليه خوّار العنان
الذؤّابة من الشعر، والجمع ذوائب. وعزفت، بمهملة وزاي وفاء، صرفت.
والفجع: من الفجيعة، وهي الرزيئة. وشجاني: أحزنني. والمؤيد: بوزن المؤمن، الأمر العظيم والداهية. والفرقدان: نجمان قريبان من القطب. وكل قرينة: أي كل نفس مقرون بأخرى ستفارقها.
فائدة: [حضرميّ]
حضرميّ هذا صحابي. قال المرزباني: يكنى أبا كدام.
أخرج ابن شاهين عن أبي هريرة قال: وفد بنو أسد بن خزيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعلم حضرميّ بن عامر سورة عبس وتولى، فقرأها فزاد فيها:(وهو الذي أنعم على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزد فيها. وأخرجه من وجه آخر. وفيه: ان السورة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى).
وروى أبو علي القالي من طريق ابن الكلبي قال (1): كان حضرميّ بن عامر عاشر عشرة من اخوته فماتوا فورثهم، فقال فيه ابن عم له يقال له جزء بن مالك:
يا حضرمي، من مثلك، ورثت تسعة اخوة فأصبحت ناعما! فقال حضرمي في أبيات (2):
إن كنت ازننتني بها كذبا
…
جزء فلاقيت مثلها عجلا
(1) الامالي 1/ 67
(2)
البيان والتبيين 3/ 190
فجلس جزء على شفير بئر هو واخوته، وهم أيضا تسعة، فانخسفت بهم، فلم ينج منهم غير جزء، فبلغ ذلك حضرمي فقال: كلمة، وافقت قدرا وأبقت حقدا.
ولم أقف لحضرمي على غير حديث واحد.
أخرج أبو يعلي وابن قانع من طريق محفوظ بن علقمة عنه: ان رسول صلى الله عليه وسلم قال: إذا بال أحدكم فلا
يستقبل الريح ولا يستنجى بيمينه.
104 -
وأنشد (1):
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة
…
قليل بها الأصوات إلّا بغامها
أنيخت: أبركت. والبلدة: الصدر، يقال فلان واسع البلدة، أي واسع الصدر. والبلدة أيضا: الأرض، تقول: أبركت هذه الناقة فألقت صدرها على الأرض، ففيه جناس تام، و (قليل بها الأصوات) صفة لبلدة المجرورة. وبغام الناقة، بضم الباء الموحدة وبالغين المعجمة، صوت لا يفصح به (2).
105 -
وأنشد (3):
لو كان غيري سليمى الدّهر غيّره
…
وقع الحوادث إلّا الصّارم الذّكر
هو للبيد، وقبله:
قالت غداة أنتجينا عند جارتها:
…
أنت الّذي كنت لولا الشّيب والكبر
فقلت: ليس بياض الرّأس عن كبر
…
لو تعلمين، وعند العالم الخبر
لو كان
…
البيت.
انتجينا بالجيم، قال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب: غيري:
(1) الشعر لذي الرمة وهو في ديوانه 638، والخزانة 2/ 51، والتاج (بلد).
(2)
في شرح الديوان: (البلدة الاولى: كركرة الصدور، والبلدة الثانية:
الأرض، يقول: ألقت كركرتها على الارض، والبغام صوت الناقة تقطعه (تقصعه) ولا تمدّ فيه، يقول: الا بغامها نعتا للأصوات كما قال تعالى: (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا) معناه: لو كان فيها آلهة غير الله، فقول: إلا الله، نعت لآلهة يقوم مقام غيره).
(3)
الكتاب 1/ 370.
اسم كان. سلمى: منداة وغيره خبر كان. وقوله: (إلا الصارم) وصف لغيري. ومعناه: انه لو كان غيره من الاشياء في موضعه لغيرته الحوادث إلا السيف فانه لا يتغير، فأنا مثل السيف في أني لا أتغير. ويجوز أن يريد: لو كان غيري من الأشياء لتغير كتغيري، إلا السيف. يريد أن كل شيء يتغير بمرور الأوقات عليه إلا السيف الصارم إنتهى. وقال غيره: الدهر، إما خبر كان، أي لو كان غيري موجودا في هذا الدهر الصعب، وصحّ الاخبار به عن الجثة
كما في قولك: نحن في يوم طيب. وإما مفعول بفعل محذوف، أي يقاسي. ووقع الحوادث: سقوطها، وهي جمع حادثة، وهي ما يطرق من الوقائع والنوائب. والصارم: السيف القاطع.
والذكر من السيوف: ما كان ذا ماء ورونق.
106 -
وأنشد (1):
حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة
…
على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا
هو لذي الرمّة. حراجيج: جمع حرجوج، بضم الحاء، وهي الناقة الضامر أو الطويلة، بحاء مهملة في الأوّل وجيمين بينهما ياء. والخسف: النقصان، يقال رضي فلان بالخسف أي بالنقيصة. وبات على الخسف أي جائعا. وربطت الدابة على الخسف أي على غير علف. والبلد: هنا مطلق الأرض. والقفر: المفازة التي لا نبات فيها ولا ماء. قال ابن الشجري في أماليه: وليس دخول إلا في هذا البيت خطأ كما توهم بعضهم، لان بعض النحاة قدر في ينفك التمام، ونصب مناخة على الحال، فتنفك هنا مثل منفكين حتى تأتيهم البينة. فالمعنى: ما ينفصل عن جهد ومشقة إلا في حال اناختها على الخسف، ورمى البلد القفر بها، أي تنتقل من شدة الى شدة.
107 -
وأنشد (2):
وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله
(1) ديوانه 173، والخزانة 4/ 49 و 53 واللسان (فك).
(2)
الخزانة 2/ 96.
قال ابن جنى (في ذا القد)(1): قائله بعض بني سعد، وتمامه:
وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا
المنجنون، بفتح الميم، الدولاب الذي يستقى عليه، وجمعه مناجين، وهو مؤنث، أي: وما الزمان إلا يدور دوران منجنون، تارة يرفع وتارة يضع. فنصبه نصب المصدر. وقيل: بفعل محذوف، أي يشبه منجنونا. وزعم ابن بابشاذ أن أصله إلا كمنجنون، ثم حذف الجار فانتصب. ورواه المازني بلفظ:
أرى الدّهر إلّا منجنونا بأهله
ثم حكم بزيادة إلا، وخرجه غيره على إضمار لا كقوله:(تَاللَّهِ تَفْتَؤُا) والدليل عليه الاستثناء المفرغ.
* * *
(1) في هامش الخزانة: (ذا القد: كتاب جمعه ابن جني من كلام شيخه أبي علي رحمهما الله تعالى).