الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما يقال بعير ذو عثانين، وانما له عثنون. وقوله: عور، مردود على الحداق.
ورده الفارسي: بأن كل خصلة تكون عثنونا، وليس كل جزء من الحدقة حدقة.
والمراد بالحدقة في ظاهر العين: سوادها المستدير. وفي الباطن: خرزتها، وتجمع أيضا على حدق وأحداق. وسلمت: فقئت. وقيل: غرزت بشوك. والعور: جمع أعور وعوراء. والمروة: الحجارة البيض (1) والمشقر: حصن بالبحرين (2).
وأتضعضع أتكسر. قوله: (والنفس راغبة
…
البيت) استشهد به المصنف على إضافة إذا الى الماضي، والى
المضارع. وظهر كل شيء: سراته. وأعلى الظهر:
السراة. وجدائد، بالجيم، جمع جدود، وهي الأتان التي لا لبن لها. والجون من الخيل والابل: الأدهم الشديد السواد. والسفعة: سواد في الوجه (3) والسلفع، بالفاء، من الرجال: الجسور. وقوله: (بينا تعانقه
…
البيت) أورده المصنف في حرف الألف (4).
فائدة: [أبرع بيت قالته العرب]
قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما: أبرع بيت قالته العرب قول أبو ذؤيب (5):
(1) المروة: حجر أبيض براق تقدح منه النار، واحد المرو.
(2)
ويروى: (بصفا المشرّق) والمشرق: مسجد الخيف بمنى، وانما خصه لكثرة الناس به، فهم يقرعون حجارته بمرورهم. والمشقر:
قال أبو عبيدة هي سوق بالطائف. وفي البكري 1232 - 1233:
المشقر: قصر بالبحرين، وقيل هي مدينة هجر.
(3)
لم يشرح السيوطي البيت: (تعدوا به خوصاء). وفي ديوان الهذليين: (تعدو به: بالمستشعر. خوصاء: فرس غائرة العينين.
وحلق الرّحالة، يعني الإبزيم. والرّحالة: سرج من جلود. فهي رخو تمزع: تسرع في عدوها. ويروى: فهي رهو تمزع).
(4)
وفي ديوان الهذليين: (يقول: هذا المستشعر بين تعنّقه الكماة وبين روغانه، أي بين أن يقبل ويراوغ إذ قتل. أتيح له: أي قدر له رجل جريء. سلفع: جرئ الصدر - سلفع يقال للذكر والانثى على السواء، ويقال أيضا في المؤنث: سلفعة، إلا أنه بلا هاء أكثر - تعنّق يتعنّق تعنّقا).
(5)
القصيدة هي في الذروة العليا من الشعر. قال الاصمعي وأبو عمرو وغيرهما: (أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب: والنفس راغبة
…
وقالوا أيضا: أحسن ما قيل في الصبر قوله: وتجلدي للشامتين).
وانظر المفضليات ص 420. وفي الشعراء 10: (حدثني الرياشي من الأصمعي، قال هذا أبدع بيت قالته العرب).
والنّفس راغبة إذا رغّبتها
…
وإذا تردّ إلى قليل تقنع
وأحسن ما قيل في الاستعفاف قول عبيد بن الأبرص (1):
من يسأل النّاس يحرموه
…
وسائل الله لا يخيب
وأحسن ما قيل في حفظ المال قول المتلمس (2):
قليل المال تصلحه فيبقى
…
ولا يبقى الكثير مع الفساد
وأحسن ما قيل في الكبر قول الآخر (3):
أرى بصري قد رابني بعد صحّة
…
وحسبك داء أن تصحّ وتسلما
وأحسن المراثي ابتداء قول أوس بن حجر (4):
أيّتها النّفس أجملي جزعا
…
إنّ الّذي تحذرين قد وقعا
(1) الشعراء 226
(2)
عيون الاخبار 2/ 195، ونهاية الأرب 3/ 64. وفي الشعراء 136، والاغاني 23/ 570 نقلا عن ابن قتيبة: (ويتمثل من شعره بقوله:
واعلم علم حق غير ظن
…
وتقوى الله من خير العتاد
لحفظ المال أيسر من بغاه
…
وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه
…
ولا يبقى الكثير على الفساد
وفي نهاية الارب: (مع الفساد) والبيت الثاني والثالث في حماسة البحتري 343. وانظر ص 209.
(3)
هو حميد بن ثور، والبيت من قصيدة في ديوانه 7، أولها:
سل الربع أني يمّمت أمّ سالم
…
وهل عادة للربع أن يتكلما
وفيه: (يريد أن الصحة والسلامة تؤديه الى الهرم). ورواه: (بعد حدة). وقال صانع الديوان: والبيت في معنى المثل أو الحديث:
كفى بالسلامة داء. وهو في الشعراء 10 وقال ابن قتيبة: (ولم يقل في الكبر شيء أحسن منه). و 349، والكامل 187 و 852 وفيه:
(وفي شعر حميد
…
ما هو أحكم مما ذكرنا وأوعظ، وأحرى أن يتمثّل به الاشراف، وتسوّد به الصحف، وهو قوله:
أرى بصري قد رأبني بعد صحة
…
وحسبك داء أن تصح وتسلما
ولا يلبث العصران يوم وليلة
…
إذا طلبا أن يدركا ما يتيمما)
وانظر اللآلي 532، وعيون الاخبار 2/ 191.
(4)
ديوانه 53، والشعراء 9، وفيه: (لم يبتدئ أحد مرثية بأحسن -
وأرثى بيت قول عبدة (1):
فما كان قيس هلكه هلك واحد
…
ولكنّه بنيان قوم تهدّما
وأمدح بيت قالته العرب قول الآخر (2):
تراه إذا ما جئته متهلّلا
…
كأنّك تعطيه الّذي أنت سائله
وأحسن ما قيل في الصبر قول أبي ذؤيب:
وتجلّدي للشّامتين أريهم
…
أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع
حتّى كأنّي للحوادث مروة
…
بلوى المشقّر كلّ يوم تقرع
وأفخر ما قيل قول امرئ القيس (3):
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة
…
كفاني ولم أطلب قليل من المال
- من هذا). وص 160 وقال: (قال الاصمعي: ولم أسمع قط ابتداء مرثية أحسن من ابتداء مرثيته: أيتها ..). وعيون الاخبار 2/ 192، وذيل اللآلي 34، والإعجاز والايجاز 38، والاغاني 11/ 74 (الدار)، والعقد الفريد 3/ 265، والكامل 1205، وشرح التبريزي 3/ 87، والعمدة 1/ 192، وفي الصناعتين 433:(وأحسن مرنية جاهلية ابتداء قول أوس بن حجر: ..) وشعراء الجاهلية 492
(1)
الشعراء 707 (فلم يك ..). وفي شرح المفضليات 134: (قال أبو عمرو بن العلاء: هذا البيت أرثى بيت قيل. وقال ابن الاعرابي:
هو قائم بنفسه، ما له نظير في الجاهلية ولا الاسلام). وهو في أمالي المرتضى 1/ 114، وحماسة الطائي بشرح التبريزي 2/ 286.
(2)
هو زهير كما في الشعراء 88، وهو في ديوانه 142، وفي الشعراء:
قال عبد الملك لقوم من الشعراء: أيّ بيت أمدح؟ فاتفقوا على بيت زهير: تراه
…
).
(3)
ديوانه 39، وشعراء الجاهلية 60، والعقد الثمين 60، ونقد الشعر 19 و 20، والعمدة 2/ 35، والخزانة: الشاهد 49، وصبح الاعشى 2/ 218، والإنصاف 1/ 84 و 92، وسيبويه 1/ 56، والموشح 27، وفيه: (وقال رؤبة: ما رأيت أفخر من قول امرئ القيس:
…
).
ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل
…
وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي
وأصدق ما قالته العرب قول الحطيئة (1):
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
…
لا يذهب العرف بين الله والنّاس
والأم ما قالته العرب قول الآخر:
تلقي بكلّ بلاد إن أقمت بها
…
أهلا بأهل وجيرانا بجيران
وأحسن ما قيل في وصف امرأة عجزاء خميصة قول أبي وجزة السعدي:
أدماء في وضح يكاد رداؤها
…
يعرى ويصنع ما أحبّ إزارها
وأجود بيت قيل في الغيث، قول الهذلي (2):
لتلقحه ريح الجنوب وتقبل الشّ
…
مال نتاجا والصّبا حالبة تمري
وأخنث بيت قالته العرب قول الأعشى (3):
قالت هريرة لمّا جئت زائرها
…
ويلي عليك وويلي منك يا رجل
(1) الكامل 537، وفي الأغاني 2/ 145 (الثقافة): (قال أبو عمرو بن العلاء: لم تقل العرب بيتا قط أصدق من بيت الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
…
لا يذهب العرف بين الله والناس
فقيل له: فقول طرفة:
ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالاخبار من لم تزود
فقال: من يأتيك بها ممن زوّدت أكثر. وليس بيت مما قالته الشعراء إلا وفيه مطعن إلا قول الحطيئة: من يفعل الخير
…
البيت.
(2)
في الكامل 774 نسب البيت: لآخر في وصف سحابة، وهو برواية:
لتلقيحها هيج الجنوب وتقبل الش
…
مال نتاجا والصّبا حالب يمري
(3)
ديوانه 57 ق 6، والأغاني 9/ 109 (الثقافة)، والموشح 51، وفيه (.. تناظر ربعي ومضري في الأعشى والنابغة، فقال المضري للربعي: شاعركم أخنث الناس حين يقول:
قالت هريرة لما جئت زائرها
…
ويلي عليك وويلي منك يا رجل
فقال الربعي: أفعلى صاحبكم تعول حيث يقول:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
…
فتناولته واتقتنا باليد
لا والله ما أحسن هذه الإشارة إلا مخنث).
وفي البيان للجاحظ (1): قال أبو عمرو بن العلاء: اجتمع ثلاثة من الرواة، فقال لهم قائل: أي نصف بيت شعر أحكم وأوجز؟ فقال أحدهم: قول حميد بن ثور الهلاليّ.
وحسبك داء أن تصحّ وتسلما
وقال الثاني: بل قول أبي خراش الهذلي (2).
نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي
وقال الثالث: بل قول أبي ذؤيب:
وإذا تردّ إلى قليل تقنع
فرد عليه أن الشطر نصف بيت مستغن بنفسه، ونصف أبي ذؤيب لا يستغني بنفسه، لأن السامع لا يفهم معناه حتى يسمع النصف الأول، وإلا فيقول من هذه التي تردّ الى قليل فتقنع؟ والصواب أن يقال قوله:
والدّهر ليس بمعتب من يجزع
وأخرج ابن عساكر عن أبي الحسن المدائني قال: قال الحجاج لابن القرية:
اخبرني بأصدق بيت قاله شاعر؟ قال:
وما حملت من ناقة فوق رحلها
…
أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد
قال: فاخبرني باشكل بيت؟ قال:
حبّذا رجعها يديها إليها
…
في يدي درعها تحلّ الإزارا
(1) البيان والتبيين 1/ 140، مختصرا.
(2)
عجز بيت وصدره:
بلى إنّها تعفو الكلوم وإنما
وانظر ديوان الهذليين 2/ 158
قال: فأخبرني بأسير بيت؟ قال (1):
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن لقيط (2): قال قتيبة بن مسلم لأعرابيّ من غنيّ: أيّ بيت قالته العرب أعف؟ قال: قول طفيل الغنوي:
ولا أكون كالزّاد أحبسه (3)
…
لقد علمت بأنّ الزّاد مأكول
قال: فأيّ بيت قالته العرب في الحرب أجود؟ قال قول الطفيل:
يجيء إذا قيل اركبوا لم يقل لهم
…
عواوير يخشون الرّدى أين نركب (4)
قال: فأيّ بيت قالته العرب في الصبر أجود؟ قال: قول نافع بن خليفة (الغنوي):
ومن خير ما فينا من الأمر أنّنا
…
متى ما نواف موطن الصّبر نصبر
126 -
وأنشد: (5)
إذا باهليّ تحته حنظليّة
…
له ولد منها فذاك المذرّع
وهو من قصيدة للفرزدق، وفيه: تقدير كان بعد إذا، لأنها لا يليها إلا الجملة الفعلية. والباهليّ: نسبة إلى باهلة، قبيلة من قيس بن عيلان. والحنظلية: نسبة إلى حنظلة، وهي أكرم قبيلة في تميم. وجملة:(له ولد) صفة له ويجوز أن تكون حالية، وفذاك جواب إذا. والمذرّع بضم الميم وفتح الذال المعجمة وتشديد الراء وعين مهملة، الذي أمه أشرف من أبيه، سمى مذرّعا من الرقتين في ذراع البغل،
(1) انظر ح رقم 1 ص 268، والبيت في عيون الاخبار 2/ 191.
(2)
الأغاني 15/ 281 (الثقافة).
(3)
في الأغاني: (وكاء المزاد ..).
(4)
عواوير، جمع عوار: الجبان.
(5)
ديوانه 514
وإنما صار باقية من قبل الحمار. وكثر في أشعار العرب ذم الانتساب إلى باهلة، فقال رجل من عبد قيس:
ولو قيل للكلب يا باهليّ
…
عوى الكلب من لؤم هذا النّسب
وقال آخر:
فما سأل الله عبد له
…
فخاب ولو كان من باهله (1)
127 -
وأنشد:
استغن ما أغناك ربّك بالغنى
…
وإذا تصبك خصاصة فتجمّل
هذا من قصيدة لعبد قيس بن خفاف بن عمرو بن حنظلة، من البراجم، إسلامي (2). وكلها حكم ووصايا، وهي بضعة عشر بيتا، فلنذكرها جميعا، قال
(1) وبعده كما في حاشية الامير 858: (وأصل باهلة، اسم امرأة من همدان، كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان، فنسب ولده إليها. حدث ابن دريد عن أبي سالم قال: قال الأصمعي: لقيت صبيا من الأعراب في فلاة ما أظنه ناهز الاحتلام، فحاورته. فاذا هو من أفصح الناس، فقلت متعنتا: هل تقول الشعر؟ فقال: وأبيك إني لأقوله وأنا دون الفصال، أي الفطام، فأخرجت درهما وقلت:
أمدحني وخذه، فقال: من أي العرب أنت؟ فقلت: من باهلة.
فقال: سوأة لي، أمدح باهليا! فقلت: فاهجني وخذه! فقال:
إني والله إليه لمحتاج، وقد كلفتني شططا، ولكن زدني معرفة، فقلت:
أنا الأصمعي، فأنشد:
ألا قل لباغي اللؤم حيث لقيته
…
عليك عليك الباهلي بن أصمعا
متى تلق يوما أصمعيا تجد له
…
من اللؤم سر بالا جديدا وبرقعا
أقذف الدرهم فإني لآخذه من يد لئيم. فقذفته، فأخذه).
(2)
كذا في الاصل، وقال شارحا المفضليات 383: «هو من بني عمرو بن حنظلة من البراجم، كما قال الأنباري، ولم يرفع نسبه. ولم نجد شيئا من ترجمته، قال أبو الفرج في الأغاني 7/ 145:(وأما عبد قيس بن خفاف البرجمي فإني لم أجد له خبرا أذكره إلا ما أخبرني به جعفر بن قدامة) فذكر قصة في أنه حمل دماء عن قومه فأسلموه فيها، وأنه أتى حاتما الطائي ومدحه، فحملها عنه. وهي أيضا في الأمالي 3/ 21. وأشار اليها المرزباني في الشعراء 325 -
يوصي ابنه (1):
أجبيل إنّ أباك كارب يومه
…
فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل (2)
أوصيك إيصاء امرئ لك ناصح
…
طبن بريب الدّهر غير مغفّل
الله فاتّقه وأوف بنذره
…
فإذا حلفت مماريا فتحلّل (3)
والضّيف أكرمه فإنّ مبيته
…
حقّ، ولا تك لعنة للنّزّل
واعلم بأنّ الضّيف مخبر أهله
…
بمبيت ليلته وإن لم يسأل (4)
ودع القوارص للصّديق وغيره
…
كيلا يروك من اللّئام العذّل
وصل المواصل ما صفا لك ودّه
…
واحذر حبال الخائن المتبدّل
واترك محلّ السّوء لا تحلل به (5)
…
وإذا نبا بك منزل فتحوّل
- معجم الشعراء 201 - . وقد ذكر ابن قتيبة في الشعراء 76 - الشعراء 117 - هجو النابغة للنعمان بن المنذر ثم قال: (ويقال إن هذا الشعر والذي قبله لم يقله النابغة، وانما قاله على لسان قوم حسدوه، منهم عبد قيس بن خفاف الرجمي). ونحو ذلك في الأغاني 9/ 158. وهذا يدل على خطأ السيوطي في شواهد المغني 95 إذ زعم أنه إسلامي، فإنه لم يزعم هذا أحد غيره، ولم يأت هو عليه بدليل).
(1)
المفضلية رقم 116 ص 383 - 385، والاصمعية رقم 87 ص 268 - 269، وانظر اللسان 2/ 206 - 207 وحاشية الامير 1/ 85، وانظر الامالي
2/ 292 واللآلي 937 والمرتضى 1/ 383.
(2)
في المفضليات والاصمعيات: (إلى العظائم).
(3)
هذا البيت من أمالي المرتضى مع غيره منسوب الى حارثة بن بدر، وصدره فيه برواية:
فاصدق إذا حدثت تكتب صادقا
معنى (تكتب صادقا)، أي تكون عند الله صادقا، وقوله:(فتحلّل) أي استغن.
(4)
في الأصمعيات: (يخبر أهله).
(5)
في حاشية الامير والاصمعيات: (تنزل به). والبيت والذي يليه في حماسة البحتري. وهو في الأغاني 7/ 140 مع ثلاثة أبيات أخر. -
دار الهوان لمن رآها داره
…
أفراحل عنها كمن لم يرحل
وإذا هممت بأمر شرّ فاتّئد
…
وإذا هممت بأمر خير فافعل (1)
وإذا افتقرت فلا تكن متخشّعا
…
ترجو الفواضل عند غير المفضل (2)
وإذا رأيت القوم فاضرب فيهم
…
حتّى يروك طلاء أجرب مهمل
واستغن ما أغناك ربّك بالغنى
…
وإذا تصبك خصاصة فتجمّل
واستأن حلمك في أمورك كلّها
…
وإذا عزمت على الهوى فتوكّل (3)
وإذا تشاجر في فؤادك مرّة
…
أمران فاعمد للأعزّ الأجمل (4)
وإذا لقيت الباهشين إلى النّدى
…
غبرا أكفّهم بقاع ممحل
فأعنهم وايسر بما يسروا به (5)
…
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
ورأيت في تاريخ ابن عساكر بسنده هذه الأبيات إلى حارثة بن بدر الغداني التميمي، وأورد الشاهد بلفظ: وإذا تكون خاصة؛ ولا شاهد فيه على هذا.
- عن اسحق منسوبة لعنترة، واستدرك أبو الفرج بأنه لم ير هذا الشعر في شيء من دواوين شعر عنترة، ثم أغرب فجزم بأن الابيات الثلاثة لعبد قيس وان البيت الأخير، يعني البيت: وأترك ..
لعنترة صحيح لا يشك به. وقال شارحا المفضليات: (والذي لا شك فيه أن هذا خطأ منه، وأن البيت لقيس لا لعنترة).
(1)
وبعده كما في المفضليات 385:
وإذا أتتك من العدوّ قوارص
…
فاقرص كذاك ولا تقل لم أفعل
(2)
البيت في أمالي المرتضى منسوب لحارثة، والبيت والذي بعده ليسا في حاشية الامير.
(3)
هذا البيت ليس في الاصمعية.
(4)
في المفضليات والاصمعيات: (للأعف الأجمل).
(5)
أصلحنا (بما يسرّ وأنه)، كذا.
وحارثة هذا يكنى أبا العبهسي (1) أدرك عليا.
قال الحاكم: وذكره بعضهم في الصحابة، وتوفي بنيسابور، وقيل مات غريقا بالأهواز في ولاية المهلب.
قوله: أجبيل، يروى بدله: أبني (2). وكارب يومه: يريد دنو أجله، من كرب الشيء يكرب دنى وقرب (3). وطبن: بفتح الطاء المهملة وكسر الموحدة ونون، حاذق، يقال: رجل طبن تبن: إذا كان عاقلا بصيرا. ولعنة: بضم اللام وسكون العين، يلعنه الناس. وبفتح العين، يلعن هو الناس. والنزل: جمع نازل.
والقوارص: بقاف ومهملة، المثالب (4). ونبا: ارتفع (5). واتئد: تأنّ ولا تستعجل.
ومهمل: متروك (6). والخصاصة: الحاجة والشدة (7). واستأن: من الأناة.
والباهش: الفرح الطالب العطاء. والقاع: الصلب. وممحل: مجدب. وأيسر:
أسرع إجابتهم. والضنك: الضيق، أي أعنهم في ضيقهم.
والبيت الأول استشهد به المصنف في التوضيح على استعمال اسم الفاعل من كرب.
128 -
وأنشد:
وبعد غد، يا لهف نفسي من غد،
…
إذا راح أصحابي ولست برائح (8)
(1) كذا في الاصل، وهو خطأ، صحتها:(أبو العنبس) كما في الإشتقاق 229، وفي حاشية الامير:(العنبسي) بالياء المثناة في آخره.
(2)
كما في حاشية الامير 1/ 85.
(3)
أو كارب يومه، بوزن اسم الفاعل، أي قريب. واستهشد به المصنف في التوضيح على فاعل كرب، كما سيأتي.
(4)
القوارص: الكلام القبيح. العزل: جمع عازل، قد اعتزل الناس.
(5)
وقوله: (دار الهوان .. الخ) يقول: من أقام في دار الهوان فهي داره، وليس من لم يقم فيها وأنف كمن احتمل الضيم وأقام.
(6)
يريد: حتى يتقوك ويتحاموك كما يتحامون الأجرب طلاءه.
(7)
والتجمل: التجلد وتكلف الصبر.
(8)
أمالي ابن الشجري 1/ 247 و 256 و 268، وشرح التبريزي 2/ 52 و 3/ 235.
عزاه جماعة إلى هدبة بن خشرم، وعزاه صاحب الحماسة إلى أبي الطّمحان شرقي بن حنظلة القينيّ من مخضرميّ الجاهلية والاسلام، ترب الزّبير ابن عبد المطلب (1) ولهدبة روى المبرد في الكامل (2). وأبو الفرج في الأغاني (3)، وابن عساكر في تاريخه، من طرق، عن محمد بن سليمان النّوفلي والأصمعي وغيرهما، دخل حديث بعضهم في بعض: أن زيادة بن زيد العذريّ قال في فاطمة أخت هدبة بن خشرم (4):
عوجي علينا واربعي يا فاطما
…
أما ترين الدّمع منّي ساجما
فقال هدبة بن خشرم في أم قاسم، أخت زيادة:
متى تقول: القلص الرّواسما
…
يحملن أمّ قاسم وقاسما (5)
فبيّت زيادة هدبة فضربه على ساعده وشجّ أباه خشرما، وقال:
شججنا خشرما في الرّأس عشرا
…
ووقّفنا هديبة إذ أتانا (6)
(1) نسبه أبو تمام إلى أبي الطمحان القيني، وقال التبريزي 3/ 233:
(واسمه حنظلة بن الشرقي، وقيل: ربيعة بن عوف بن غنم بن كنانة بن جسر). وفي شرح التبريزي 2/ 44، عن أبي رياش ذكر قصة هدية بن خشرم، والأبيات.
(2)
الكامل 1246 - 1249
(3)
21/ 277 - 297 (الثقافة)، وانظر الشعراء 671 - 676، والخزانة 4/ 81 - 87، وشرح التبريزي 2/ 43 - 52، وأسماء المغتالين 256 - 262، وسمط اللآلي 249
(4)
في الشعراء برواية:
عوجي علينا واربعي يا فاطما
…
ما دون ان يرى البعير قائما
ألا ترين الدمع مني ساجما
…
حذار دار منك أن تلائما
وفي أسماء المغتالين روى البيت الثاني بلفظ:
فعوّجت مطردا عراهما
…
رسلا يبذ القلص الرواسما
وفي شرح التبريزي والاغاني بلفظ:
فعرّجت مطردا عراهما
…
فعما يبذّ القطف الروّاسما
(5)
في الشعراء: (متى تظن
…
يبلغن: ..). وللبيت فيه صلة.
(6)
قال ابن قتيبة: وقّفنا من التوقيف في اليدين والرجلين، وهو سواد وبياض يكون فيهما وانظر الشرح. وفي شرح التبريزي (في الرأس سبعا وخذ عنا
…
). وفي جمع المراجع السابقة: (
…
هدببة إذ هجانا).
فبيّت هدبة زيادة فقتله، فرفع إلى سعيد بن العاصي، وكان أمير المدينة، رفعه عبد الرحمن، أخو زيادة، فكره سعيد الحكم بينهما فأرسلهما إلى معاوية، فلما صارا بين يديه، قال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي وقتل أخي! فقال معاوية: يا هدبة، قل. قال: إن شئت أن أقصّ عليك كلاما أو شعرا؟
قال: لا بل شعر. فقال ارتجالا:
ألا يا لقومي للنّوائب والدّهر
…
وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري
وللأرض كم من صالح قد تلمّأت
…
عليه فوارته بلمّاعة قفر
فلا ذا جلال هبنه لجلاله
…
ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر
الى أن قال:
فلمّا رأيت أنّما هي ضربة
…
من السّيف أو إغضاء عين على وتر
عمدت لأمر لا يعيّر والدي
…
خرايته ولا يسبّ به قبري
رمينا فرامينا فصادف سهمنا
…
منيّة نفس في كتاب وفي قدر
وأنت أمير المؤمنين فما لنا
…
وراءك من معد ولا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لا نضق بها
…
ذراعا وإن صبر فنصبر للصّبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت يا هدبة! فقال له عبد الرحمن: أقدني، فكره ذلك معاوية وضنّ بهدبة عن القتل، فقال: ألزيادة ولد؟ قال: نعم. قال:
أصغير أم كبير؟ قال: بل صغير. قال: يحبس هدبة إلى أن يبلغ ابن زيادة. فارسله إلى المدينة فحبس بها سبع سنين، وقيل ثلاث سنين، فلما بلغ ابن زيادة عرض عليه عشر ديات فأبى إلّا القود، وكان ممن عرض عليه الديات: الحسين (1) بن علي
(1) أصلحنا (الحسن) وانظر الكامل، وشرح التبريزي.
ابن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم. ولما دنى قتله قال:
عسى الكرب الّذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفكّ عان
…
ويأتي أهله النّائي الغريب
ولما ذهب به إلى الحرة ليقتل، لقيه عبد الرحمن بن حسان فقال له: أنشدني؟
فأنشده:
ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني
…
ولا جازع من صرفه المتقلّب
ولا أتبغّى الشّرّ والشّرّ تاركي
…
ولكن متى أحمل على الشّرّ أركب
وحرّ بني مولاي حتّى خشيته
…
متى يحرّبك ابن عمّك تحرب (1)
ولما جئ به ليقتل قال:
ألا علّلاني قبل نوح النّوائح
…
وقبل ارتقاء النّفس فوق الجوانح
وقبل غد، يا لهف نفسي من غد،
…
إذا راح أصحابي ولست برائح
إذا راح أصحابي تفيض عيونهم
…
وغودرت في لحد عليّ صفائح
يقولون: هل أصلحتم لأخيكم؟
…
وما القبر في الأرض الفضاء بصالح
ونظر الى امرأته فقال، وكان أنفه جدع في حرب:
فإن يك أنفي بان منه جماله
…
فما حسبي في الصّالحين بأجدعا
(1) في الكامل:
(.. حتى غشيته
…
متى ما يحزّبك ..).
أقلّي عليّ اللّوم يا أمّ بوزعا
…
ولا تجزعي ممّا أصاب فأوجعا
ولا تنكحي إن فرّق الدّهر بيننا
…
أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا
ضروبا بلحييه على عظم زوره
…
إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا
فسألت القوم أن يمهلوه قليلا، ثم أتت جزارا فأخذت منه مدية فجدعت أنفها، ثم أتته مجدوعة الأنف، فقالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت. ثم التفت إلى أبويه وهما يبكيان فقال:
أبلياني اليوم صبرا منكما
…
إنّ حزنا منكما اليوم يسرّ (1)
ما أظنّ الموت إلّا هيّنا
…
إنّ بعد الموت دار المستقرّ
اصبرا اليوم فإنّي صابر
…
كلّ حيّ لفناء وقدر
ثم قال:
أذا العرش إنّي عائذ بك مؤمن
…
مقرّ بزلّاتي إليك فقير
وإنّي وإن قالوا أمير مسلّط
…
وحجّاب أبواب لهنّ صرير
لأعلم أنّ الأمر أمرك إن تدن
…
فربّ وإن تغفر فأنت غفور
ثم أقبل على ابن زيادة فقال: أثبت قدميك، وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيرا، وأرملت أمّك شابّة! وسأل فكّ قيوده، ففكت فذاك حيث يقول:
فإن تقتلوني في الحديد فإنّني
…
قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد
ثم ضربت عنقه. قال ابن دريدة هو أول من أقيد بالحجاز.
(1) في الكامل: (بكما اليوم لشر)، وفي المغتالين:(عاجل ضر). وأبلاه صبرا: أداه إليه واجتهد فيه، كما يقال أبلاه عذرا.
وأخرج الدارقطني وابن عساكر عن ابن المنكدر أن هدبة العذري أصاب دما فأرسل إلى أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن استغفري لي. فقالت:
إن قتل استغفرت له. قال ابن عساكر: وهو هدبة، بضم الهاء وسكون الدال المهملة، ابن خشرم، بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين، ابن كرز بن أبي حيّة، بالمهملة والتحتية المشددة، ابن الكاهن، وهو سلمة بن الاشحم (1). شاعر فصيح متقدم من شعراء بادية الحجاز، روي عن الحطيئة، و (2) روي عنه جميل بن عبد الله العذري. قال الدارقطني: وهو ابن عم زيادة الذي قتله.
قوله: (متى تقول) استشهد به النحاة عن إجراء القول مجرى الظن، في نصب المفعولين بعد الاستفهام. والقلص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة. والرواسم:
جمع راسمة، من رسمت، بالفتح، إذا سارت فوق الزميل. ووقفتا: من التوقيف، وهو سواد وبياض يكون في اليدين والرجلين. وفي (يردي ويدري): جناس مقلوب. وتلمأت عليه الأرض: وارته. وذا جلال: نصب بمضمر على شريطة التفسير وقوله: (فإن تك في أموالنا
…
البيت) أورده المصنف في (ما) مستشهدا به على حذف فعل الشرط، أي وإن تصبر صبرا. وضمير (تك) للدية لأنها معلومة.
والصبر: الحبس. وروى: (وأن العقل في أموالنا ..). وقوله: (عسى الكرب
…
البيت) أورده المصنف في (عسى) شاهدا لوقوع خبرها مضارعا مجرّدا. والعاني:
بمهملة، الأسير. والنائي: البعيد. قوله (ولا تنكحي
…
البيت) قال المبرد: لم يأمرها أن تتزوج الأنزع القليل شعر القفا (3)، وانما أذكرها جمال نفسه ليزهذها في غيره. والغمم: أن يسيل الشعر حتى يضيق الجبهة أو القفا. والأنزع: الذي انحسر
(1) كذا في الأصل، بالشين المعجمة، وفي الاغاني ومعجم الشعراء 460 (أسحم) بالسين المهملة. وفي هامش المرزباني ما يلي:(هدبة ليس من ولد الكاهن، والكاهن هو سلمة ابن أبي حية، والصواب أن هدبة من ولد كرز بن أبي حية، وأبو حية هو ابن الاسحم بن عامر بن ثعلبة ابن قرة بن خنيش بن عمرو بن ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان).
(2)
مزيدة.
(3)
قوله الأنزع القليل شعر القفا خطأ، والصواب: أن النزع إنما يكون في مقدم الرأس لا قفاه، وهو انحسار الشعر عن جانبي الجبهة اه.
محمد محمود الشنقيطي. قلت: إن السيوطي شرح معنى الكلمة وفق شرح الشيخ الشنقيطي، وخالف شرح المبرّد.
الشعر من جانبي جبهته. قيل: ولا يوصف به إلا الكريم. قوله: (قبل نوح النوائح)(1) يروى: (قبل صدح النوائح) والصدح: شدة صوت الديك أو الغراب وغيرهما. والجوانح: ضلوح الصدر، وارتقاء النفس فوقها، كما يقال: بلغت نفسه التراقي. قوله: (وبعد غد) الذي في الحماسة وفي الروايات السابقة بأسانيدها:
وقبل غد. وقوله: (من غد) يروي بدله: (على غد). وقوله: (إذا راح ..) قال التبريزي: يجوز كونه بدلا من غد على رأي المبرد، من جواز وقوعها في موضع جر، وكونه بدلا من موضع، فيكون في موضع نصب لأن محله نصب على المفعول، مما دل عليه قوله: يا لهف نفسي، أي أتلهف من غد، وعلى ذلك أورده المصنف.
وقال المرزوقي: يجوز كونها بدلا من المجرور، وإن لم يجز وقوعها مجرورة، لأن البدل ليس من شرطه أن يحل محل المبدل منه (2). وتفيض: تسيل. وغودرت:
تركت.
129 -
وأنشد (3):
وندمان يزيد الكأس طيبا
…
سقيت إذا تغوّرت النّجوم
قال العسكري في كتاب تصحيف الشعر: هذا للبّرج، بموحدة وراء وجيم، ابن مسهر، من شعراء طيّ، أحد المعمّرين، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه عبارته ولم أر أحد ممن صنف في الصحابة ذكر البرج هذا، حتى ولا شيخ الاسلام ابن حجر مع تتبعه وذكره كل من ذكر، ولو على سبيل الوهم، أو كان مخضرما، وقد فاته هذا، وهو على شرطه لا محالة. وهو من أبيات الحماسة، وبعده:
دفعت برأسه وكشفت عنه
…
بمعرقة ملامة من يلوم (4)
(1) في البيت: (ألا عللاني قبل نوح النوائح
…
).
(2)
قال التبريزي 3/ 235: (يجوز أن يكون، إذا، في موضع الجر بدلا من غد، وأبو العباس قد جوّز وقوع، إذا، في موضع المجرور والمرفوع، ويجوز أن يكون نصبا وبدلا من، غد، أو من موضع، على غد، العامل والمعمول فيه جميعا، لان موضعها نصب على المعقول بما دل عليه قوله: يا لهف نفسي، وهو تلهف من غد).
(3)
الحماسة 3/ 239 والاغاني 14/ 12 (وقد تغورت).
(4)
في الحماسة والأغاني: (رفعت).
ومنها:
نطوّف ما نطوّف ثمّ يأوي
…
ذوو الأموال منّا والعديم
إلى حفر أسافلهنّ جوف
…
وأعلاهنّ صفّاح مقيم
وقال في الأغاني (1): أخبرني ابن دريد: حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال:
كان البرج بن الجلاء بن الطائي (2) خليلا للحصين بن الحمام ونديمه على الشراب، وفيه يقول البرج: وذكر الأبيات. ولم يذكر ما يدل على إسلام البرج، بل ذكر أنه وقع على أخت له وهو سكران فافتضها، فلما أفاق ندم واستكتم ذلك قومه، ثم أنه وقع بينه وبين الحصين فعيره بذلك في أبيات، وجرت بينهما الحرب فأسره الحصين ثم منّ عليه لتقدم صداقته، فلحق ببلاد الروم فلم يعرف له خبر الى الآن. وقال ابن الكلبي: بل شرب الخمر صرفا حتى قتلته، ثم ذكر عن أبي عبيدة أن الحصين بن الحمام أدرك الاسلام.
الواو: واورب. وندمان: النديم، وهو من ينادم على الشراب. ويزيد الكأس طيبا: أي يحسن عشرته. وتغوّرت
النجوم، ويروى: تعرّضت، أي أبدت عرضها للمغيب. ووقعت برأسه: نبهته من منامه (3)، وأزالت عنه ما كان يداخله من الغم.
يلوم اللائمين إياه على معاطاة الشراب، فان سقيته، معرقة، أي صرفا من الخمر، وهي القليلة المزاج. يقال: تعرّقت الخمر إذا مزجتها. وأعرقه الساقي: سقاه معرقا.
نطوّف ما نطوّف: أي مدة تطوافنا: أي يكثر الواحد منا الطواف على اللذات والبطالات، وليس مآل الجميع الغنيّ منا والفقير، إلا إلى حفر، يعني القبور.
ثم وصفها بأنها جوف الأسافل للحودها، وأن أعاليها، نصبت عليها حجارة كالسقوف لها، وهي دائمة على هذه أبدا. وقوله: نطوف
…
البيتين، أوردهما المصنف في الباب
(1) 14/ 12 (الثقافة).
(2)
كذا بالاصل، وفي الاغاني:(ابن حلاس الطائي).
(3)
كذا، والبيت بالاصل برواية (دفعت) وفي الاغاني والحماسة (رفعت) كما أشرنا أعلاه.
الخامس. وحكى أن بعضهم جوّز كون (ذوو) فاعلا بفعل محذوف.
130 -
وأنشد (1):
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى
…
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وأولها (2):
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى
…
من الأمر أو يبدو لهم ما بداليا
بدا لي أنّ النّاس تفنى نفوسهم
…
وأموالهم ولا أرى الدّهر فانيا
وأنّي متى أهبط من الأرض تلعة
…
أجد أثرا قبلي جديدا وعافيا
أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى
…
فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا (3)
إلى حفرة أهوي إليها مصمة (4)
…
يحثّ إليها سائق من ورائيا
كأنّي وقد خلّفت تسعين حجّة
…
خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
بدا لي أنّي عشت تسعين حجّة
…
تباعا وعشرا عشتها وثمانيا
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى
…
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
وما إن أرى نفسي تقيها عزيمتي
…
وما إن تقي نفسي كرائم ماليا (5)
(1) ديوانه 287، والخزانة 3/ 665 وسيأتي أيضا.
(2)
الديوان 283 - 292.
(3)
في الديوان برواية: (أراني اذا ما بت بت
…
فثم اذا أصبحت أصبحت ..) كما سيأتي.
(4)
في الديوان: (مقيمة).
(5)
في الديوان: (.. تقيها كريمتي .. نفسي كريمة ماليا). وقال ويروى:
كريهتي.
ألا لا أرى على الحوادث باقيا
…
ولا خالدا إلّا الجبال الرّواسيا
وإلّا السّماء والبلاد وربّنا
…
وأيّامنا معدودة واللّياليا
أراني إذا ما شئت لاقيت آية
…
تذكّرني بعض الّذي كنت ناسيا
ألم تر أنّ الله أهلك تبّعا
…
وأهلك لقمان بن عاد وعاديا
وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى
…
وفرعون جبّار معا والنّجاشيا (1)
ألا لا أرى إذا إمّة أصبحت به
…
فتتركه الأيّام وهي كما هيا
ألم تر للنّعمان كان بنجوة
…
من الشّرّ لو أنّ امرأ كان ناجيا (2)
فغيّر عنه رشد عشرين حجّة
…
من الدّهر يوم واحد كان غاويا
فلم أر مسلوبا له مثل ملكه
…
أقلّ صديقا صافيا ومواليا (3)
فأين الّذين كان يعطي جياده
…
بأرسانهنّ والحسان الحواليا
وأين الّذين كان يعطيهم القرى
…
بغلّاتهنّ والمئين الغواليا
وأين الّذين يحضرون جفانه
…
إذا قدّمت ألقوا عليها المراسيا
رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم
…
منيّته لمّا رأوا أنّها هيا
خلا أنّ حيّا من رواحة حافظوا
…
وكانوا أناسا يتّقون المخازيا (4)
(1) في الديوان: (وفرعون أردى جنده).
(2)
في الديوان: (من العيش ..).
(3)
في الديوان:
.. مثل قرضه
…
أقل صديقا معطيا ومواسيا
ويروى أيضا: (بازلا ومواسيا).
(4)
في الديوان:
(أقبوا
…
وكانوا قديما يتقون)
يسيرون حتّى حبّسوا عند بابه
…
ثقال الرّوايا والهجان المتاليا
فقال لهم: خيرا وأثنى عليهم
…
وودّعهم وداع أن لا تلاقيا
وأجمع أمرا كان ما بعده له
…
وكان إذا ما احلولج الأمر ماضيا
قال ثعلب في شرح ديوان زهير: أنكر الأصمعي كون هذه القصيدة لزهير (1).
قوله:
أراني إذا ما بتّ بتّ على هوى
…
فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا
يقول: إن له حاجة لا تنقضي أبدا (2). وقد أورد المصنف هذا البيت في (ثم) مستشهدا به على دخول العاطف عليها. وقال السيرافي: الأجود، فثم، بفتح الثاء، لكراهة دخول عاطف على عاطف. قوله: كأني وقد خلفت .. البيت. يقول: لا أجد مسّ شيء قد مضى. قوله:
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
أورده المصنف شاهدا على إبطال قول من قال إن ناصب (إذا) ما في جوابها من فعل وشبهة، لأن تقدير الجواب في البيت: إذا كان جائيا فلا أسبقه. ولا يصح أن يقال: لا أسبق شيئا وقت مجيئه، لأن الشيء إنما يسبق قبل مجيئه. وأورده غيره شاهدا على جر المعطوف، لتوهم دخول الباء في المعطوف عليه، وهو خبر ليس.
(1) في ديوان زهير 284: (وزعم بعض الناس انها لصرمة بن أبي أنس الأنصاري) وفي هامشه: (قال الأصمعي: وليست لزهير) قال أبو رياش: هي لأنس بن صرمة الانصاري. وصوابه لصرمة بن أنس. وفي الاعلم: وقال الاصمعي: ليست لزهير، ويقال هي لصرمة الانصاري ولا تشبه كلام زهير. وانظر عن صرمة الاصابة والاستيعاب.
(2)
في الديوان: (بت على هوى: على أمر أريده، فاذا أصبحت جاء أمر غير ما بتّ عليه من موت وغير ذلك. يريد: أن حاجتي لا تنقضي، ومثله:
ومن حاجة الانسان ما ليس قاضيا
ورأيته في شرح ثعلب بلفظ: ولا سابقي شيء (1). ولا شاهد فيه على هذا. وتلعة:
بفتح المثناة والعين المهملة بينهما لام ساكنة، اسم ما علي من مسيل الوادي، وما سفل.
وعاديا: هو أبو السموأل، كان له حصنين أحدهما يقال له الأبلق، ونجوة: بالجيم، أي ارتفاع. والمئين الغواليا: الأبل الغالية الأثمان. ويقال: بدا لي في هذا الأمر بداء: أي نشأ لي فيه رأي (2). وألقوا عليها المراسيا: أي ثبتوا عليها وأكلوا مثل المرسى للسفينة. وقوله: لم يشركوا .. البيت (3): أي لم يواسوه في الموت.
والمتالي: التي يتبعها أولادها. واخلولج الأمر: التوى ولم يستقم على جهة لاختلاف الآراء فيه.
قال ثعلب: سبب قول زهير هذه القصيدة، أن كسرى طلب النعمان بن المنذر ليقتله، ففرّ فأتى طيّا، فسألهم أن يدخلوه جبلهم، فأبوا، فلقيه بنو رواحة، من عبس، فقالوا له: أقم فينا، فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فقال: لا طاقة لكم بكسرى. وأثنى عليهم خيرا.
فائدة: قوله: كأني وقد خلعت
…
البيت. أورده عليه عمرو بن قمئة فقال في قصيدة لسميّه:
كأنّي وقد جاوزت تسعين حجّة
…
خلعت بها يوما عذار لجام
131 -
وأنشد (4):
متى تردن يوما سفار تجد بها
…
أديهم يرمي المستجيز المعوّرا
(1) كما في ديوان زهير.
(2)
يلاحظ هنا ان السيوطي شرح الابيات على خلاف الترتيب الوارد في القصيدة، فانظر.
(3)
أي في البيت: (رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم).
(4)
ديوانه 355 (متى ما ترد يوما ..). والمؤتلف والمختلف 32، وانظر هامش البكري ص 739 - 740.
هو للفرزدق. قال الآمدي في المؤتلف والمختلف (1): وأديهم المذكور، هو أديهم بن مرداس، وأخو عتبة بن مرداس (2) أحد بني كعب بن عمرو بن تميم بن مرّ. كان أديهم شاعرا خبيثا. والمستجيز الذي يأتي القوم يستسقيهم ماء ولبنا، وسفار ماء لهم (3). اه. والبيت: أورده المصنف على أن يوما ظرف ثان لترد، ولا يجوز
كونه ظرفا لتجد، لئلا ينتقل ترد من معموله، وهو سفار بالاجنبي، ولا بدلا من (متى) لعدم اقترانه بحرف الشرط. وأورده في الصحاح بلفظ (متى ما ترد) وقال:
سفار مثل قطام، اسم بئر. وقال في فصل العين: قال أبو عبيدة: يقال للمستجيزي الذي يطلب الماء، إذا لم يسقه: قد عورت شربه، وأورد البيت. والمستجيز، بالجيم والزاي، والمعوّر، بالمهملة وفتح الواو المشددة، اسم مفعول.
132 -
وأنشد:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
تقدم شرحه في شواهد من (4).
133 -
وأنشد:
ونحن عن فضلك ما استغنينا
هو من رجز لعبد الله بن رواحة الصحابي رضي الله عنه، كان حدا به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وتمثّل به النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل، وابن سعد في طبقاته، واللفظ له، عن سلمة بن الأكوع قال: لما خرج عامر بن الأكوع إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب النبي
(1) ص 32
(2)
انظر الشعراء 329
(3)
انظر البكري 739
(4)
كذا في الاصل، خطأ، فقد ورد الشعر في شواهم (أمّا) المفتوحة والمشددة، وانظر ص 178، الشاهد رقم 77.