الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونسلمه حتّى نصرّع حوله
…
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
الى أن قال:
وما ترك قوم لا أبالك سيّدا
…
يحوط الذّمار في مكرّ ونائل
وأبيض
…
البيت. وقد علم بذلك أن قوله: وأبيض، منصوب بالعطف على قوله:(سيدا) لا مجرورا بواو رب، فلا شاهد فيه على هذا. وممن نبه على ذلك الدمامينيّ ثم ابن حجر في شرح البخاري عند شرحه البيت. وثمال: بكسر المثلثة وتخفيف الميم، العماد، والملجأ، والمغيث، والمعين، والكافي. وعصمة للأرامل:
يمنعهم مما يضرّهم. والأرامل: جمع أرملة، وهي الفقيرة التي لا زوج لها. ويحوط:
يكلأ ويرعى. والذمار: بكسر الذال المعجمة، ما يحق على الانسان حمايته.
فائدة: [أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم]
أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه عبد مناف، وقيل شيبة بن عبد المطلب بن هاشم. قال ابن عساكر في تاريخه: قيل إنه أسلم ولا يصح إسلامه، وله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم أخرج هو والخطيب من طريق أحمد بن الحسن المعروف بدبيس، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن آبائه، عن الحسين، عن أبيه علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي، قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. وأخرجاه من طريق آخر فيه مجاهيل عن أبي رافع: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد، ان الله أمره بصلة الأرحام، وأن يعبد الله وحده، ولا يعبد معه أحد.
وأخرج الزّبير بن بكار وابن عساكر عن إسحق بن عيسى قال: سمعت بعض المشيخة يقول: لم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال، إلا أبو طالب وعتبة بن ربيعة. وقال الزبير: كان أبو طالب شفيقا على النبي صلى الله عليه وسلم
يمنعه من مشركي قريش، جاؤه يوما بعمارة بن الوليد فقالوا له: قد عرفت حال عمارة، ونحن ندفعه إليك مكان محمد وادفعه إلينا. قال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم.
وأخرج ابن عساكر من طريق المعتمر بن سليمان قال: حدّثني أبي قال: مشت قريش إلى أبي طالب فقالوا له: أنت أفضل قريش اليوم حلما، وأكبرهم سنا، وأعظمهم شرفا، وقد رأيت صنع ابن أخيك، فرّق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فادفعه إلينا نقتله ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة، وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه الى بعض العرب فهو يقتله وندفع إليك ديته ونعطيك أيّ أبنائنا شئت فيكون لك ولدا مكان هذا. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ولدي وأغذوا أولادكم؟ أفلا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحنّ الى غيره، ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد فتقتلونهم جميعا، وتقتلون معهم محمدا.
قالوا: لا لعمر أبيك، لا نقتل أبنائنا واخواننا من أجل هذا الصابئ، ولكن سنقتله سرّا أو علانية. فعند ذلك يقول:
لمّا رأيت القوم لا ودّ فيهم
القصيدة كلها. قال الواقدي: توفي أبو طالب في النصف من شهر شوّال السنة العاشرة من حين تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن بضع وثمانين سنة.
وأخرج ابن اسحق والبيهقي في الدلائل بسند فيه من يجهل عن ابن عباس قال:
لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طالب في مرضه قال له: أي عمّ، قل لا إله الا الله أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة. فقال: والله لولا ان يروا أني قلتها جزعا حين نزل بي الموت لقلتها، فلما ثقل أبو طالب رؤي يحرّك شفتيه، فأصغى اليه العباس ليسمع قوله، فرفع العباس فقال: يا رسول الله، قد والله قال الكلمة التي سألته! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أسمع.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه وسلم عارض جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحما، جزيت خيرا يا عم.
وأخرج البيهقي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما زالت قريش كاتمه عني حتى توفي أبو طالب.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: ربما ذكرت قول أبي طالب وأنا أنظر الى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يستسقى فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وأخرج البيهقي في دلائل النبوّة عن أنس: ان أعرابيا جاء فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير ينط، ولا صبي يصيح. فصعد المنبر ثم رفع يديه فقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريا مريعا، غدقا طبقا، عاجلا غير رابث، نافعا غير ضار. فما ردّ يديه في نحره حتى ألقت السماء بأردافها، وجاؤا يضجون: الغرق الغرق. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله درّ أبي طالب لو كان حيا قرّت عيناه، من ينشدنا قوله؟ فقام علي، فقال: يا رسول الله، كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم
…
فهم عنده في نعمة وفواضل
198 -
وأنشد:
ألا ربّ مولود وليس له أب
…
وذي ولد لم يلده أبوان (1)
وذي شامة سوداء في حرّ وجهه
…
مجلّلة لا تنجلي لزمان (2)
ويكمل في تسع وخمس شبابه
…
ويهرم في سبع مضت وثمان (3)
(1) الخزانة 1/ 397، والكامل 906، وسيبويه 1/ 241.
(2)
في الخزانة برواية:
مخلّدة لا تنقضي لأوان
(3)
في الخزانة 1/ 397:
ويكمل في خمس وتسع شبابه
…
ويهرم في سبع معا وثمان
قال ابن يسعون: هذه الأبيات لرجل من أزد السراة (1). وقيل هي لعمرو الجنبيّ (2) وأراد: بالأول عيسى، وبالثاني آدم، وبالثالث القمر (3). وحرّ الوجه:
ما بدا من الوجنة. ومجللة: من التجليل، وهو التغطية. وقوله:(لا تنجلي لزمان) أي وإن تطاول زمانها. وقوله: لم يلده، الأصل يلده، فسكن الأمر للضرورة، فالتقى ساكنان، فحرّك الثاني بالفتح، لأنه أخف. قال اللخمي: الصواب في الرواية (عجبت لمولود)(4) وجملة (وليس له أب) حالية، أو صفة. والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف.
وفي الكامل للمبرد (5): كل مكسور أو مضموم إذا لم يكن من حركات الاعراب يجوز فيه التسكين، وأنشد البيت. قال: ولا يجوز ذلك في المفتوح لخفة الفتحة (6).
199 -
وأنشد:
فويق جبيل شامخ لن تناله
…
بقنّته حتّى تكلّ وتعملا (7)
هذا من قصيدة لأوس بن حجر، بفتحتين. وأولها (8):
صحا قلبه عن سكره وتأمّلا
…
وكان بذكرى أمّ عمرو موكّلا
(1) أزد السراة: حي من اليمن. والسراة: أعظم جبال العرب. وانظر الخزانة 1/ 399، والبكري 8 و 9 و 730.
(2)
نسبة الى جنب، قبيلة من اليمن. وفي الاشتقاق 212:(بطن من العرب ليسوا منسوبين إلى أب ولا أم).
(3)
أضاف صاحب الخزانة: (وقيل: أراد بذي الولد البيضة، وقيل:
أراد به القوس وولدها السهم لم يلده أبوان، لانه لا تتخذ القوس إلا من شجرة واحدة مخصوصة. وهذان القولان من الخرافات، فان البيضة متولدة من أنثى وذكر، والقوس لا تتصف بالولادة حقيقة، وان أراد بها التولّد، وهو حصول شيء من شيء فليست مما ينسب اليه الوالدان).
(4)
كما في الخزانة والكامل.
(5)
انظر ص 905
(6)
انظر ص 906
(7)
ديوانه 87، واللآلي 492، وامالي ابن الشجري 1/ 21، اللسان (قلزم)، وكنايات الجرجاني 45، وشرح شواهد الشافية 1/ 192.
(8)
ديوانه 82 - 92.
وكان له الحين المتاح حمولها (1)
…
وكلّ امرئ رهن بما قد تحمّلا
ألا أعتب ابن العمّ إن كان جاهلا (2)
…
وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
وإن قال لي: ماذا ترى يستشيرني
…
يجدني ابن عمّ مخلط الأمر مزيلا
أقيم بدار الحزم ما قام حزمها (3)
…
وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا (4)
وإنّي امرؤ أعددت للحرب بعد ما
…
رأيت لها نابا من الشّرّ أعصلا
أصمّ ردينيّا كأنّ كعوبه
…
نوى القسب عرّاصا مزجّا منصّلا (5)
الى أن قال:
فقال لها: هل تذكرنّ مخبّرا (6)
…
يدلّ على غنم ويقصر معملا
على خير ما أبصرتها من بضاعة
…
لملتمس بيعا بها وتبكّلا
فويق جبيل شاهق الرّأس لم يكن
…
ليبلغه حتّى يكلّ ويعملا
ومنها، وهو آخرها:
وإنّي وجدت النّاس إلّا أقلّهم
…
خفاف العقول يكثرون التّنقّلا (7)
(1) في الديوان: (حمولة).
(2)
في الديوان: (ظالما). وانظر عيون الاخبار 1/ 34.
(3)
في ديوانه: (مادام حزمها)، وفي حماسة البحتري 120 (ما كان حزمها).
(4)
وبعده كما في الديوان:
واستبدل الأمر القوي بغيره
…
إذا عقد مأفون الرجال تحلّلا
(5)
انظر اختلاف رواية البيت في الجمهرة 1/ 51، التنبيه 68 واللسان (روى) و (زجج) والتاج (زجج) وشروح سقط الزند 195.
(6)
كذا، وفي الديوان (فقال له).
(7)
انظر البيت واختلاف اللفظ فيه في ديوانه 91، والشعر والشعراء 161 ومعاهد التنصيص 1/ 135 وكنايات الجرجاني 118.
بني أمّ ذي المال الكثير يرونه
…
وإن كان عبدا سيّد الأمر جحفلا (1)
وهم لمقلّ المال أولاد علّة
…
وإن كان محضا في العشوة (2) مخولا
وليس أخوك الدّائم العهد بالّذي
…
يذمّك إن ولّى ويرضيك مقبلا
ولكن أخوك النّائي ما كنت آمنا
…
وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
قال شارح ديوانه: قيل للأصمعي: هل يجوز في سكرة، بضم السين؟ فقال:
لم يرد السكر، إنما أراد السكرة من الغم، مثل قوله تعالى:(إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ). وتأمّل: تثبت في أمره. والحمول: الهوادج، كانت له حينا اذا مرّت به.
وقوله: (ألا أعتب) معناه: ألا اني أنا أعتب، ولم يرد الاستفهام. وقوله: مخلط الامر مزيلا، أي أخالط بأمري في موضع المخالطة، وأزايل في موضع المزايلة، أي أخلط وأميز ما ينبغي أن أميزه. وقوله: أقيم، أي ما كانت الاقامة جزما، وأحر:
أي أخلق إذا تغيرت بأن أتحوّل عنها (3). والرديني: الرمح منسوب الى ردينة (4).
وشبهه بنوى القسب (5)، لأن نواه ضامر غير منتشر. وعرّاص: كثير الاضطراب، إذا هز. ومزج: منصل معمول له زج ونصل قد ركبا فيه. وقوله: (هل تذكرنّ) أي هل تعرف رجلا يدلني على غنم تهون المؤنة فيه. وقوله:
على خير ما أبصرتها من بضاعة
(1) في اللسان (جحفل): (سيد القوم).
(2)
كذا، وفي الديوان (في العمومة)، وفي الجمهرة (في العشيرة).
(3)
لم يشرح السيوطي البيت: (وإني امرؤ أعددت ..). ففي شرح شواهد الشافية: (قوله: واني امرؤ أعددت، أي هيأت عدة، وأعصل، بمهملتين، أعوج). وقال ابن السكيت: (يقول: هي حرب قدمت وأسنت فهو أشد لها).
(4)
وهي امرأة كانت تقوم الرماح، وكان زوجها سمهر أيضا يقوم الرماح يقال لرماحه السمهرية. وانظر ص 359 حين الكلام على بيت أبي دؤاد (كهز الرديني).
(5)
القسب: تمر يابس، نواه مر صلب.
من بضائع الناس، ان أراد بها بيعا أو أراد بها غنما. والتبكل: الغنيمة، يقال تبكل، أي تغنم. وشامخ شاهق، واحد (1). يقال: هو طويل في السماء، قليل العرص، فصغره لهذا. وهو أشد لصعوده إذا دق وهب في السماء وقل عرضه.
وجحفل: كثير الشأن والاتباع، وأصله الجيش العظيم فضربه له مثلا. ويروى:
وهم لقليل المال (2). وأولاد علة: لأمهات متفرّقات. والمحض: الخالص النسب.
والمخول: الكريم الأخوال. والنائي: بالنصب، أي وأخوك الذي هو أخوك الذي ينأى عنك نائيا إذا أمنت وإذا نابتك نائبة جاءك فأعانك بنفسه. وقال: مرة، صير المصدر في موضع الصفة. قال أبو حاتم: ويجوز عندي النائي ممدود كالقاضي، فحذف الياء. قال: وأظنّ هذا البيت مصنوعا. وأعضل الأمر: اشتد. والأمر المعضل: الشديد. انتهى ملخصا من شرح الديوان.
200 -
وأنشد:
وكلّ أناس سوف تدخل بينهم
…
دويهية تصفرّ منها الأنامل
تقدّم شرحه في شواهد أم (3).
201 -
وأنشد:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
…
فألهيتها عن ذي تمائم محول (4)
هذا من معلقة امرئ القيس بن حجر المشهورة، وبعده:
إذا ما بكى من خلفها انحرفت له
…
بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل
طرقت: أتيتها ليلا. فألهيتها: شغلتها. عن ذي: أي ولد ذي. وتمائم، جمع تميمة، وهي التعويذه التي تعلق على الصبي. ومحول: أتى عليه حول، وكان قياسه محيل بالاعلال، كمقيم. إلا أنه جاء على الأصل كاستحوذ. ويروى:
(1) أي لم تكن لتبلغ رأسه. وانظر أمالي ابن الشجري 218.
(2)
أي البيت. (وهم لمقل المال أولاد علة). وانظر شرح شواهد الشافية، وفيه: أي يبغضون من لامال له وان كان شريفا).
(3)
سبق ص 150 وما بعد، وهو الشاهد 59، وهو أيضا في أمالي ابن الشجري 1/ 21
(4)
ديوانه 12
انصرفت، بدل انحرفت. ويحلحل: بدل يحول. أي لم يحرّك. والبيت استشهد به على إضمار رب بعد الفاء (1).
202 -
وأنشد:
بل بلد ذي صعد وآكام
أورده الفارسي بلفظ: ذي صعد وأصاب. والصعد، بضم المهملة:
العقبات، جمع صعود، بفتح الصاد. والآكام: بالمد، جمع آكمة، وهي التل المرتفع:
203 -
وأنشد:
رسم دار وقفت في طلله
…
كدت أقضي الحياة من جلله
هذا البيت تقدّم شرحه في حرف الجيم (2).
204 -
وأنشد:
وسنّ كسنّيق سناء وسنّما
…
زعرت بمدلاج الهجير نهوض (3)
هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر، وقيل لأبي دؤاد الأيادي، أوّلها (4):
أعنّي على برق أراه وميض
…
يضيء حبيّا في شماريخ بيض
(1) روى البيت في الديوان:
تمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا
…
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
وشرحه فقال: (من نصب، مثلك، فعلى قوله: طرقت، ومن خفضه فعلى معنى: ربّ. والتمائم: معاذات تعلّق على الصبى.
والمغيل: المرضع وأمه حبلى، أو الذي يرضع وأمه تجامع، وإنما أراد أن ينفي عن نفسه الفرك، وهو بغض النساء للرجال، فأخبر أن المراضع والحبالي معجبات به، وخصهن دون الأبكار، لان البكر أشد محبة للرجال وأبعدهن عن الفرك).
(2)
سبق ص 365، وانظر ص 366.
(3)
ديوانه 76
(4)
ديوانه 72 - 77، وانظر 394 - 396
ومنها:
وقد أغتدي والطّير في وكناتها
…
بمنجرد عبل اليدين قبيض
وآخرها:
كأنّ الفتى لم يغن في النّاس ساعة
…
إذا اختلف اللّحيان عند الجريض
ومض البرق يمض ومضا ووميضا: لمع لمعانا خفيا. والحبىّ: السحاب.
والشماريخ: جمع شمراخ: وهو رأس الجبل. وبيض: لانبات بها. قوله: (وقد اغتدى
…
البيت) نظير قوله في المعلقة المشهورة (1):
وقد أغتدي والطّير في وكناتها
…
بمنجرد قيد الأوابد هيكل
ومنجرد: فرس. وعبل اليدين: ضخمهما. وقبيض: بقاف وموحدة، سريع نقل القوائم. والجريض: بجيم وراء، الغصة بالريق عند الموت، يقال: جرض بريقه يجرض وهو يجرض بنفسه أي يكاد يقضي. والبيض: أورده الجوهري في الصحاح شاهدا على ذلك. وسنّ: الواو واو رب، والسن هنا الثور. وسنّيق:
بضم المهملة وتشديد النون وتحتية ساكنة، جبل. وسناء: ارتفاعا، ونصبه على الحال. والمعنى: أن هذا الثور لهذا الرجل طولا أي مرتفعا، وسمنا: عطف على موضع سن، لأنه في المعنى مفعول زعرت. والسنم: البقرة الوحشية. وقيل إنه اسم جبل. ومن زعم أنه عطف على سنأ فقد غلّطوه. ومدلاج: أي فرس كثير السير. والهجير: القائلة. ونهوض: بضم النون، كثير النهوض.
205 -
وأنشد:
ربّما ضربة بسيف صقيل
…
بين بصرى وطعنة نجلاء (2)
(1) انظر ص 96 - 97
(2)
الخزانة 4/ 187، ومعجم الشعراء 86، والاصمعيات 170، الأصمعية رقم 51، وشرح شواهد العيني 3/ 342. وقد نسبت بعض ابيات القصيدة الى صالح بن عبد القدوس في معجم الادباء وحماسة البحتري 340 وانظر سمط اللآلي ص 8، هامش 5.
هو من قصيدة لعديّ بن الرعلاء الغسّاني شاعر مجيد. والرعلاء اسم أمه، وقبله:
كم تركنا بالعين عين أباغ
…
من ملوك وسوقة ألقاء
فرّقت بينهم وبين نعيم
…
ضربة من صفيحة نجلاء
ليس من مات فاستراح بميت
…
إنّما الميت ميّت الأحياء
إنّما الميت من يعيش كئيبا
…
كاسفا باله قليل الرّجاء
فأناس يمصّصون ثمارا
…
وأناس حلوقهم في الماء
وعموس تضلّ فيها يد الأ
…
سي وأعيت طبيبها بالشّفاء
رفعوا راية الضّراب وقالوا
…
ليذودنّ سامر الملحاء
فدفعنا العقاب للطّير حتّى
…
جرت الخيل بينهم في الدّماء
ربّما ضربة بسيف صقيل
…
بين بصرى وطعنة نجلاء
عين أباغ: بضم الهمزة وآخره غين معجمة، موضع بين الكوفة والرقة، كانت فيه وقعة للعرب، قتل فيها المنذر بن ماء السماء. وكاسفا باله: سيئا حاله. وقوله:
البيت، أورده المصنف. والبيت استشهد به على اعمال رب مع ما. وقوله: بين بصرى: أي بين جهات بصرى، فأضاف بين إلى المفرد لاشتماله على أمكنة. ويروى:
دون بصرى. وبصرى بضم الباء، بلد بالشام. وطعنة: عطف على ضربة. ونجلاء:
بفتح النون وسكون الجيم، صفة طعنة، أي واسعة. ويقال: أمر عموس، أي شديد مظلم لا يدري من أين يؤته له (1). والآسي: الطبيب.
206 -
وأنشد:
ربّما الجامل المؤبّل فيهم
…
وعناجيج بينهنّ المهار (2)
(1) وفي المراجع السابقة: (غموس) بالغين المعجمة، وهي الطفة النجلاء
(2)
الواسعة.
الخزانة 4/ 188، وابن عقيل 1/ 245
هو من قصيدة لابي دؤاد جارية بن الحجاج الايادي، وأوّلها:
أوحشت من سروب قومي تعار
…
فأروم فشابة فالسّتار (1)
بعد ما كان سرب قومي حينا
…
لهم النّخل كلّها والبحار
فقد أمست ديارهم بطن فلج
…
ومصير بصيفهم تعشار
ربّما الجامل المؤبّل فيهم
…
وعناجيج بينهنّ المهار
ورجال من الأقارب بانوا
…
من حذوق هم الرّؤس الخيار
أوحشت: أقفرت. والسروب: جمع سرب، وهو المال السارح. وتعار بفتح المثناة الفوقية (2). وأروم: بفتح الهمزة وضم الراء. وشابة: بالشين المعجمة وفتح الباء الموحدة الخفيفة. والستار بكسر السين المهملة كلها مواضع. وكذلك بطن فلج موضع، وهو بفتح الفاء وسكون اللام وجيم، وكذا تعشار اسم موضع، وهو بكسر المثناة الفوقية وسكون العين المهملة وبالشين المعجمة. والجامل: بالجيم، جماعة من الابل لا واحد له من لفظه. وقيل: القطيع من الابل مع رعاته وأربابه. والمؤبل:
الميم وفتح الهمزة وتشديد الموحدة، يقال إبل مؤبلة إذا كانت للقنية. والعناجيج:
جمع عنجوج بضم العين المهملة وجيمين، وهي الخيل الطويلة الأعناق. والمهار:
بكسر الميم، جمع مهر، وهو ولد الفرس. وفي البيت: كف (ربّ) بما، ودخولها على الجملة الأسمية. وقال الفارسي: يجب أن يقدر (ما) اسما مجرور المعنى شيء، والجامل خبر ضمير محذوف، وتكون الجملة صفة (ما) والتقدير: رب شيء هو الجامل.
(1) البيت في البكري 142 برسم (أروم) برواية: (أقفرت من سروب ..)
(2)
قوله وتعار بفتح المثناة خطأ والصواب كسرها. قلت: انظر البكري 142.
207 -
وأنشد:
فإن أهلك فربّ فتى سيبكي
…
عليّ مهذّب رخص البنان
أخرج المعافيّ بن زكريا، وابن عساكر في تاريخه، بسند متصل عن ابن لأعرابي قال (1): بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك، فتاكا شجاعا، قد أغار على أهل حجر وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به ويأمره بالاجتهاد في طلبه. فلما وصل اليه الكتاب أرسل إلى فتية من بني يربوع، فجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا أو أتوا به أسيرا. فانطلقوا حتى اذا كانوا قريبا منه أرسلوا اليه أنهم يريدون الانقطاع اليه والتحرز به، فاطمأن اليهم ووثق بهم، فلما أصابوا منه غرة شدوه كتافا، وقدموا به على العامل، فوجه به معهم الى الحجاج. فلما أدخل على الحجاج قال له:
من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالك. قال: ما حملك على ما كان منك؟ قال:
جراءة الجنان، وجفاء السلطان، وكلب الزمان. قال: وما الذي جرى منك، فجرأ جنانك؟ قال: لو بلاني الأمير، أكرمه الله، لوجدني من صالحي الأعوان، وبهم الفرسان. ولوجدني من أنصح رعيته. وذلك أني ما لقيت فارسا قط إلا وكنت عليه في نفسي مقتدرا. قال له الحجاج: إنا قاذفون بك في حائر، فيه أسد عاقر ضار، فإن هو قتلك كفانا مؤنتك، وإن أنت قتلته خلينا سبيلك. قال: أصلح الله الأمير، عظمت المنة وقويت المحنة. قال الحجاج: فإنّا لسنا بتاركيك تقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد. فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه وأرسل به إلى السجن، فقال جحدر لبعض من يخرج إلى اليمن: تحمل عني شعرا؟ وأنشأ يقول:
تأوّبني فبتّ لها كنيعا
…
هموم لا تفارقني حواني
هي العوّاد لا عوّاد قومي
…
أطلن عيادتي في ذا المكان
إذا ما قلت قد أجلين عنّي
…
ثنى ريعانهنّ عليّ ثاني
(1) ابن عساكر 3/ 63 وانظر البلدان (حجر) والخزانة 4/ 483 والامالي 1/ 281 - 282 والبلوىّ 2/ 501 مع تقديم وتأخير في رواية أبيات القصيدة.
فإنّ مقرّ منزلهنّ قلبي
…
فقد أنفهنه فالقلب آن (1)
أليس الله يعلم أنّ قلبي
…
يحبّك أيّها البرق اليماني
وأهوى أن أعيد إليك طرفي
…
على عدواء من شغل وشان (2)
ألا قد هاجني فازددت شوقا (3)
…
بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بلحن أعجميّ
…
على غصنين من غرب وبان (4)
فقلت لصاحبيّ، وكنت أحزو
…
ببعض الطّير ماذا تحزوان
فقال: الدّار جامعة قريب
…
فقلت: بل أنتما متمنّيان
فكان البان أن بانت سليمى
…
وفي الغرب اغتراب غير داني
أليس الله يجمع أمّ عمرو
…
وإيّانا، فذاك لنا تداني (5)
بلى، وترى الهلال كما أراه
…
ويعلوها النّهار كما علاني
فما بين التّفرّق غير سبع
…
بقين من المحرّم أو ثماني
فيا أخويّ من جشم بن سعد
…
أقلّا اللّوم إن لم تنفعاني
(1) في الامالي: (وكان
…
الهم آني).
(2)
في الامالي
(
…
أن أردّ إليك
…
من شغلي وشأني)
والعدواء - كغلواء -: الشغل يصرفك عن الشيء.
(3)
في الامالي: (ومما هاجني).
(4)
البيت والذي يليه في عيون الاخبار 2/ 194 الى المعلوط السعدي.
(5)
البيت الذي سبق الاخير في العيون 1941 بدون نسبة، وهما في الشعراء 410 للمعلوط، وفي الخزانة:(والبيتان أبرد ما قيل في باب القناعة من لقاء الاحباب). وانظر نهاية الأرب 2/ 258، واللآلي 617 و 961.
إذا جاوزتما سعفات حجر
…
وأودية اليمامة فانعياني
إلى قوم إذا سمعوا بنعيي
…
بكى شبّانهم وبكى الغواني
وقولا: جحدر أمسى رهينا
…
يحاذر وقع مصقول يماني
يحاذر صولة الحجّاج ظلما
…
وما الحجّاج ظلّاما لجاني
ألم ترني عديت أخا حروب
…
إذا لم أجن كنت مجن جان
فإن أهلك فربّ فتى سيبكي
…
عليّ مهذّب رخص البنان
ولم أك ما قضيت ديون نفسي
…
ولا حقّ المهنّد والسّنان
قال: وكتب الحجاج الى عامله بكسكران يوجه إليه بأسد ضارعات (1) يجرّ على عجل، فأرسل به، فلما ورد الأسد
على الحجاج أمر به فجعل في حائر (2)، وأجيع ثلاثة أيام، وأرسل الى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة الى عنقه، وأعطي سيفا، والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم، فلما نظر جحدر الى الأسد أنشأ يقول:
ليث وليث في مجال ضنك
…
كلاهما ذو أنف ومحكّ
وشدّة في نفسه وفتك
…
إن يكشف الله قناع الشّكّ
فهو أحقّ منزل بترك
فلما نظر إليه الأسد زأر زأرة شديدة، وتمطى وأقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح وثب وثبة شديدة، فتلقاها جحدر بالسيف، فضربه ضربة حتى خالط ذياب
(1) كذا بالاصل، ولعله (الاضارع).
(2)
الحائر: شبه حوض يتحيّر فيه ماء المطر.
السيف لهواته، فخرّ الأسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الأسد وموضع الكبول. فكبّر الحجاج والناس جميعا، وأكرم جحدرا وأحسن جائزته. أخرجه ابن بكار في الموفقيات بطوله من طريق آخر عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر.
قوله تأوّبني: أي أتاني ليلا. وكنيعا: من كنع الرجل، إذا خضع ولان.
وحوان: من الحين بالفتح، وهو الهلاك (1). والنفهة: بالفاء، من نفهت نفسه بالكسر، أعيت وكلت. وأنفهها فلان أكلها. وآن: انتهى حرّه. والعدواء: بضم العين وفتح الدال المهملتين والمد. وقال في الصحاح: العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. وعدواء الشغل أيضا: موانعه. والعدواء أيضا: بعد الدار. والغرب:
بفتح الغين المعجمة والراء ضرب من الشجر. والحزو: الكهان. والمهذب: المطهر الأخلاق. والرخص: الناعم. والبنان: أطراف الاصابع.
208 -
وأنشد:
يا ربّ قائلة غدا
…
يا لهف أمّ معاويه
هو لهند زوج أبي سفيان، أم معاوية، من أبيات قالتها في وقعة بدر، أوّلها:
لله عينا من رأى
…
هلكا كهلك رجاليه
يا ربّ باك لي غدا
…
في النّائبات وباكيه
غودروا يوم القلي
…
ب غداة تلك الواعية
من كلّ غيث في السّن
…
ين إذ الكواكب خاويه
قد كنت أحذر ما أرى
…
فاليوم حقّ حذاريه
قد كنت أحذر ما أرى
…
فأنا الغداة مراميه
(1) قوله: وحوان من الحين وهو الهلاك، غلط محض، والصواب:
ان حوان جمع حانية من الأنحاء لا من الحين.
بل ربّ قائلة غدا
…
يا ويح أمّ معاويه
قوله: خاوية، قال في الصحاح: خوت النجوم تخوى خيا. أمحلت، وذلك إذا سقطت ولم تمطر في نوئها. والبيت استدل به ابن مالك على انه لا يلزم من وصف المجرور برب. قال ابن الدماميني: وقد يقال: الموصوف محذوف، أي يا رب امرأة قائلة.