الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به في قوله: (1) جمعتهم جامعة، أي أمر من الأمور التي يجتمع لها. وقوله:
(فواعجبا) قال التدمري في شرح أبيات الجمل: يروى بالتنوين وطرحه. وقوله:
(حتى كليب تسبّني)، استشهد به المصنف في مبحث «حتى» على دخولها على جملة الابتداء. وكليب بن يربوع رهط جرير، جعلهم في الضعة بحيث لا يسابون مثله لشرفه. ونهشل ومجاشع رهط الفرزدق، وهما ابنا دارم. والبطحاء: الموضع الواسع، وأراد هنا ببطحاء مكة. والراسيات: الثابتات. والفوارع، بفاء وراء وعين مهملة: الطوال، وآفاق السماء: نواحيها. وقمراها: الشمس والقمر، من باب التغليب. وقد أورد المصنف هذا البيت في الباب الثامن شاهدا عليه. وقيل:
أراد بالقمرين هنا محمدا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسّلام، وبالنجوم الطوالع: الخلفاء الراشدين. ولئام، جمع لئيم، ضدّ الكريم. وأدقه، جمع دقيق، ضدّ الجليل. وقوله:(أشارت كليب) بالجر على حذف الجار وابقاء عمله، أي إلى كليب. ورواه ابن حبيب بالرفع، وقال: هو على تقدير: هذه كليب. وقال المصنف في شواهده: الأصل،
أشارت الى كليب الأكف بالأصابع، فأسقط الجار وقلب الكلام، فجعل الفاعل مفعولا وعكسه. وقال غيره: يروى (أشرت) بدل أشارت. يريد أشارت إليها بأنها شرّ الناس. يقال: لا تشر فلانا ولا تشنعه، يعني لا تشر اليه بشرّ ولا تذكره بأمر قبيح.
فائدة: [الفرزدق]
الفرزدق اسمه همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم (2) بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم، مقدّم شعراء العصر أبو فراس التميمي البصري.
روى عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، والحسين، وابن عمر، وابن سعيد، والطرماح الشاعر، وعنه الكميت الشاعر، ومروان الأصغر، وخالد الحذاء،
(1) اساس البلاغة: (جمع).
(2)
وكذا في الشعراء 442، وطبقات ابن سلام 250.
وأشعث بن عبد الملك، والصعق بن ثابت، وابنه لبطة بن الفرزدق، وحفيده أعين بن لبطة.
ووفد على الوليد وسليمان ومدحهما. وذكر الكلبي إنه وفد على معاوية.
قال الذهبي: ولم يصح.
قال ابن دريد: كان غليظ الوجه جهما، فلذلك لقب بالفرزدق، وهو الرغيف الضخم. وذكره الجمحي في الطبقة الاولى من الشعراء الاسلاميين (1).
قال أبو عمرو (2): وكان شعر ثلاثة من شعراء الاسلام يشبّه بشعر ثلاثة من شعراء الجاهلية، الفرزدق بزهير، وجرير بالأعشى، والأخطل بالنابغة. قيل: فهلا شبهوا جريرا بامرئ القيس؟ قال: هو بالأعشى أشبه، كانابازيين يصيدان ما بين الكركي الى العندليب. وشبه شعر الفرزدق بشعر زهير لمتنانتهما واعتسارهما.
والأخطل بالنابغة لقرب مأخذهما وسهولتهما.
قال: وأفضل الثلاثة الأخطل، ولو أدرك من الجاهلية يوما واحدا ما قدمت عليه جاهليا ولا إسلاميا.
وكان يونس يفضل الفرزدق على جرير ويقول: ما تهاجا شاعران قط في جاهلية ولا إسلام إلا غلب أحدهما على صاحبه، غيرهما فإنهما تهاجيا نحوا من ثلاثين سنة فلم يغلب واحد منهما على صاحبه.
وقال أبو عمرو بن العلاء: لم أر بدويا أقام بالحضر إلا فسد لسانه غير رؤبة والفرزدق.
وقال ابن شبرمة: كان الفرزدق أشعر الناس.
وقال يونس بن حبيب: ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق فأجمع أهل ذلك المجلس على أحدهما.
(1) ص 249 - 250 وما بعد.
(2)
أي أبو عمرو بن العلاء.
وقال ابن دابر: الفرزدق أشعر عامّة، وجرير أشعر خاصة.
وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن يونس قال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب.
وقال الجاحظ: كان الفرزدق صاحب نساء وزنى، وكان لا يحسن بيتا واحدا في صفاتهن واستمالة أهوائهن ولا في صفة عشق وتباريح حب. وجرير ضده في ارادتهنّ، وخلافه في وصفهن، أحسن خلق الله تشبيبا وأجودهم نسيبا (1).
قال أبو عمرو بن العلاء: حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه. قال: وذلك في أول سنة عشر ومائة، فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة فاجتمع إليه الناس، فما أنشدهم ولا وجدوه كما عهدوه. فقلت له في ذلك، فقال: والله أطفأ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيتي. ثم رد الى اليمامة فنعي لنا في رمضان من السنة. وقيل إنهما ماتا سنة احدى عشرة ومائة، وقيل سنة أربع عشرة ومائة.
وأخرج ابن عساكر عن أبي الهيثم الغنوي قال: لما مات الفرزدق بكى جرير، فقيل له: أتبكي على رجل يهجوك وتهجوه منذ أربعين سنة؟ قال: إليكم عني، فو الله ما تسابّ رجلان ولا تناطح كبشان، فمات أحدهما إلا تبعه الآخر عن قريب.
فمات بعده بأربعين يوما. وصعصعة جدّ الفرزدق صحابي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله رواية، وكان يحيي الموؤدات.
وأخرج ابن مندة وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن مغيرة قال: لم يكن أحد من أشراف العرب بالبادية كان أحسن دينا من صعصعة جدّ الفرزدق، وهو الذي أحيا ألف موؤدة، وحمل على ألف فرس، وهو الذي افتخر به الفرزدق فقال:
وجدّي الذي منع الوائدات
…
وأحيا الوئيد فلم يؤاد
وجدّه محمد بن سفيان أحد من سمى محمدا في الجاهلية.
(1) انظر البيان والتبيين 1/ 179 - 180.