الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واللوم. والتقريظ، بظاء معجمة، ويقال بالضاد الساقطة أيضا: المدح. وقيل:
يختص بمدح الأنسان وهو حيّ.
فائدة: [الكميت بن زيد بن خنيس]
الكميت بن زيد بن خنيس (1) بن مجالد، أبو السهيل الأسدي الكوفي، شاعر زمانه. يقال إن شعره أكثر من خمسة آلاف بيت. روى عن الفرزدق، وأبي جعفر الباقر، ومذكور مولي زينب بنت جحش، وعنه والبة بن الحباب
الشاعر، وحفص ابن سليمان القاضوي، وأبان بن ثعلب، وآخرون. وحديثه في البيهقي في نكاح زينب بنت جحش. ووفد على يزيد وهشام ابني عبد الملك.
قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم (2). وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، ولا للبيان لسان.
أخرجه ابن عساكر، وأخرج من طريق المبرد عن الزيادي قال: كان عم الكميت رئيس قومه فقال يوما: يا كميت، لم لا تقول الشعر؟ ثم أخذه فأدخله الماء، فقال:
لا أخرجك منه أو تقول الشعر، فمرّت به قنبرة فأنشد متمثلا (3).
يا لك من قنبرة بمعمر
…
خلا لك الجوّ فبيضي واصفري
ونقّري ما شئت أن تنقّري
فقال له عمه ورحمه: قد قلت شعرا، فقال هو: لا أخرج أو أقول لنفسي.
(1) في الخزانة (الأخنس).
(2)
الخزانة: 1/ 99 (السلفية).
(3)
الأبيات تنسب الى طرفة. ويقال أن أول شعر قاله، أنه خرج مع عمه في سفر، فنصب فخا، فلما أراد الرحيل قال:
يا لك من قبرة بمعمر
…
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
…
قد رفع الفخ فماذا تحذري
لا بد يوما أن تصادي فاصبري
فما رام حتى عمل قصيدته المشهورة، وهي أوّل شعره، ثم غدا على عمه فقال:
اجمع لي العشيرة ليسمعوا فجمعهم له فأنشد:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
القصيدة الى آخرها.
وأخرج عن محمد بن عقير قال: كانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم ليس منزلا منّا إلا وفيه بركة وراثة الكميت، لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: أنشدني: طربت، فأنشده، فقال له: بوركت وبورك قومك. وكان الكميت شيعيا. قال المبرد: وقف الكميت، وهو صبي، على الفرزدق وهو ينشد فلما فرغ قال:
يا غلام: أيسرك أني أبوك؟ قال: أما أبي فلا أريد به بدلا، ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق وقال: ما مر بي مثلها! أخرجه ابن عساكر، ويقال: ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح، ومن طعن فيه وهن. أخرجه ابن عساكر، وقال بعضهم: كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وثبت الجنان، وكان كاتبا حسن الخط، وكان نسابة، وكان جدلا، وهو أول من ناظر في التشيع، وكان راميا لم يكن في بني أسد أرمى منه، وكان فارسا، وكان شجاعا، وكان سخيا دينا، أخرجه ابن عساكر.
وأخرج عن محمد بن سهل قال: قال الكميت: رأيت في النوم، وأنا مختف، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مم خوفك؟ قلت: يا رسول الله، من بني أمية.
وأنشدته:
ألم ترني من حبّ آل محمّد
…
البيت
فقال: اظهر، فإن الله قد أمّنك في الدنيا والآخرة. وأخرج عن الجاحظ قال:
ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقوله:
فإن هي لم تصلح لحيّ سواهم
…
فإنّ ذوي القربى أحقّ وأوجب
يقولون لم يورث ولولا تراثه
…
لقد شركت فيها بكيل وأرحب (1)
وأخرج عن أبي عكرمة الضبي عن أبيه قال: أدركت الناس بالكوفة من لم يرو:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
فليس بهاشميّ، ومن لم يرو:
ذكر القلب إلفه المهجور
فليس بأموي، ومن لم يرو:
وهلّا عرفت منازلا بالأبرق
فليس بمهلبيّ، ومن لم يرو:
طربت وهاجك الشوق الحبيب
فليس بثقفي.
وقال المفضل: ليس الكميت والطرماح وكثير وذو الرمة بحجة. دكره ابن الأعرابي في نوادره. قال ابن عساكر: ولد الكميت سنة ستين ومات سنة ست وعشرين ومائة. قال ابن يسعون: والكميت هذا هو الكميت الآخر، والكميت الأوسط هو الكميت بن معروف بن الكميت الأول ابن ثعلبة بن نوفل بن الأشتر بن حجوان بن فقعس الأسدي.
7 -
وأنشد قول عمر بن أبي ربيعة:
ثمّ قالوا: تحبّها؟ قلت بهرا
…
عدد الرّمل والحصى والتّراب (2)
هذا من قصيدة له كتب بها إلى الثريا بنت عبد الله بن الحارث العبشمية لما صرمته.
كذا أخرجه ابن عساكر عن الزبير بن بكار. وأول القصيدة:
(1) بكيل وارحب: قبيلتان، والبيت مع غيره في الشعراء 564
(2)
ديوانه 29 - 32، وهو في الموشح أيضا.
قال لي صاحبي، ليعلم مابي:
…
أتحبّ القتول أخت الرّباب
قلت: وجدي بها كوجدك بالعذ
…
ب إذا منعت برد الشّراب (1)
من رسولي إلى الثّريّا بأنّي
…
ضقت ذرعا بهجرها والكتاب
أزهقت أم نوفل إذ دعتها
…
مهجتي ما لقاتلي من متاب
حين قالت: قومي أجيبي، فقالت (2)
…
من دعاني؟ قالت: أبو الخطّاب
فأجابت عند الدّعاء كما لبّى
…
رجال يرجون حسن الثّواب
أبرزوها مثل المهاة تهادى
…
بين خمس كواعب أتراب
فتبدّت، حتّى إذا جنّ قلبي
…
حال دوني ولا ند بالثّياب
وهي مكنونة تحيّر منها
…
في أديم الخدّين ماء الشّباب
حين شبّ القبول والعتق منها (3)
…
حسن لون يرفّ كالزرياب
ذكرتني من بهجة الشمس لما
…
طلعت في دجنّة وسحاب
دمية عند راهب قسّيس
…
صوّروها في مذبح المحراب
فارجحنّت في حسن خلق عميم
…
تتهادى في مشيها كالحباب
ثم قالوا: تحبّها؟ قلت: بهرا
…
عدد القطر والحصى والتّراب
سلبتني مجاجة المسك عقلي
…
فسلوها بما يحلّ اغتصابي
(1) في ديوانه: (طعم الشراب).
(2)
في ديوانه: (حين قالت لها أجيبي).
(3)
رواية الديوان: (حين شب القتول، والجيد منها).
القتول: علم لامرأة منقول من الوصف، يقال: امرأة قتول، أي قاتلة.
والرباب، بالفتح: علم لامرأة منقول من اسم السحاب. والوجد: الشغف.
والعذب: الماء الطيب. ويقال: ضقت بالأمر ذرعا، إذا لم تطقه ولم تقو عليه.
وأصل الذرع بسط اليد كأنك تريد: مددت يدي إليه فلم تنله. وقوله: والكتاب:
قسم. والازهاق: اخراج الروح، يقال زهقت نفسه، خرجت. وأزهقها غيره.
قال المدرج: الزهق بكسر الهاء القاتل. والزهق، بالفتح المقتول. وقوله: مهجتي، تنازع فيه ازهقت ودعتها. ويقال: خرجت مهجته، أي روحه. وأصل المهجة الدم.
وقيل: دم القلب خاصة. والمتاب التوبة. وأبو الخطاب: كنية عمر ابن أبي ربيعة. والمهاة بفتح الميم، البقرة الوحشية، والجمع مها، بالفتح أيضا. وتهادى: مضارع حذف منه احدى التاءين، يقال: تهادت المرأة إذا تمايلت في مشيتها. والكواعب، جمع كاعب، وهي الجارية حين يبدو ثديها للنهود. والأتراب، جمع ترب، بالكسر، يقال: هذه تربة هذه أي لدتها. والولائد، جمع وليدة، وهي الصبية والأمة. وجارية مكنونة: مستورة.
وتخير الماء: اجتمع. وأديم الخدّين: جلدهما. وماء الشباب: رونقه ونضارته.
وشب: أظهر وحسن. والعتق: الكرم والجمال، يقال: ما أبين العتق في وجه فلان.
ورف لونه يرف، بالكسر، برق وتلألأ. الزرياب، بزاي ثم راء تحتية وآخره موحدة، هو الذهب أو ماؤه كما في القاموس. والدجنة، بضم المهملة والجيم وفتح النون المشدّدة، الغيم المطبق والظلمة. والدمية، بضم المهملة، الصورة من العاج.
ومذبح المحراب: من إضافة البيان. قال في الصحاح: المذابح المحاريب سميت بذلك للقرابين. وارجحنت، بجيم ثم حاء مهملة ونون مشددة، مالت واهتزت. والحباب بالضم: الحية. وقوله بهرا، قال في الصحاح أي عجبا، وجزم به ابن مالك في شرح التسهيل، وجعله مصدرا لا فعل له. وأورد البيت شاهدا على نصبه بعامل لازم الاضمار لانه بدل اللفظ بفعل قيل له موضع، وقيل التقدير: أحبها حبا بهرني بهرا، أي غلبني غلبة. وأورد الزبير بن بكار البيت
بلفظ «قلت ضعفي عدد الرمل
…
الخ.» وقوله: تحبها، على حذف همزة الاستفهام، وهو محل الاستشهاد وبه جزم أبو حيان. وقال ابن الأعرابي في نوادره: المبهور المكروب وأنشد البيت. وقيل:
معناه جهرا لا أكاتم، من قولهم: القمر الباهر أي الظاهر ضوءه. وقيل معناه: تبا كأنه قال: تبا لهم لما أنكروا عليه حبها، لأن قوله: تحبها على الانكار. والمجاجة، بجيمين، الريق يمج من الفم. والثريا المذكورة، قال إسحق الموصلي: كانت من أكمل النساء وأحسنهم خلقا، فكانت تأخذ جرّة من الماء فتفرغها على رأسها فلا يصيب باطن فخذها قطرة من عظم كفلها، وهي التي قال فيها ابن أبي ربيعة أيضا لما تزوجت سهيل بن عبد الرحمن بن عوف:(1)
أيّها النّاكح الثّريّا سهيلا
…
عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت
…
وسهيل إذا استقلّ يماني
8 -
وأنشد:
أصطبار لسلمى أم لها جلد (2)
هو لقيس بن الملوح، وتمامه:
إذا ألاقي الّذي لاقاه أمثالي؟
أي من الموت كني عنه بذلك تسلية لهذه المرأة، واستشهد به المصنف على دخول الهمزة على النفي. فإن الاستفهام هنا على حقيقته وكذا النفي.
9 -
وأنشد:
ألستم خير من ركب المطايا
…
وأندى العالمين بطون راح (3)
(1) ديوانه 586
(2)
ابن عقيل 1/ 154
(3)
ديوانه 98، والبيت في الشعراء 349 وطبقات ابن سلام 320 و 349 و 357 و 426 والأغاني 8/ 305.
هذا من قصيدة لجرير يمدح بها عبد الملك بن مروان. قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في أماليه: حدثنا أبي
ثنا أبو محمد عبد الله بن رستم قال: قال يعقوب بن السكيت: حدثني عمارة بن عقيل عن بعض أشياخهم عن جرير الخطفي قال: أوفدني الحجاج إلى عبد الملك بن مروان عاشر عشرة، فدخلت عليه وعنده الأخطل فأنشدته:
أتصحو أم فؤادك غير صاح
…
عشيّة همّ صحبك بالرّواح
فقال: لا بل فؤادك! ثم مريت في القصيدة الى قولي:
تعزّت أمّ حزرة ثمّ قالت:
…
رأيت الموردين ذوي لقاح
فقال: لا أروى الله عيمتها (1). وبعد هذا البيت:
تعلّل وهي ساغبة بنيها
…
بأنفاس من الشّبم القراح
سأمتاح البحور فجنّبيني
…
أذاة اللّوم وانتظري امتياحي
ثقي بالله ليس له شريك
…
ومن عند الخليفة بالنّجاح
أغثني، يا فداك أبي وأمّي،
…
بسيب منك إنك ذو ارتياح
فإنّي قد رأيت عليّ حقّا
…
زيارتي الخليفة وامتداحي
سأشكر أن رددت عليّ ريشي
…
وأنبتّ القوادم في جناحي
ألستم خير من ركب المطايا
…
وأندى العالمين بطون راح
فقال عبد الملك: نحن كذلك!!.
وقوم قد سموت لهم فدانوا
…
بدهم في ململمة رداح
(1) العيمة: شدة العطش.
أبحت حمى تهامة بعد نجد
…
وما شيء حميت بمستباح
لكم شمّ الجبال من الرّواسي
…
وأعظم سيل معتلج البطاح
القصيدة بتمامها. فقال: من كان مادحنا فليمدحنا هكذا، وأمر لي بمائة ناقة وثمانية أرقاء من السبي، وجام فضة. هذا إسناد جيد متصل إلى جرير، أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى ابن الأنباري، وأورد القصيدة بتمامها، وأنا انتخبتها. وله طرق أخر استوعبها ابن عساكر في تاريخه. وأم حزرة: زوج جرير وافقت كنيتها كنيته. والموردون: الذين يوردون إبلهم المياه. واللقاح، جمع لقحة، وهي الناقة التي لها لبن. والعيمة، بفتح المهملة، شدة شهوة اللبن. كما أن الغيمة بالمعجمة، شدة شهوة الماء. والأيمة: شدة شهوة النكاح، والقرم: شدة شهوة اللحم.
والساغبة: الجائعة. والانفاس: جرع لا تبلغ غاية الري. والشبم: الماء البارد. والشبم، بفتحها، البرد. والقراح: الماء الخالص الذي لا يخلط به لبن ولا غيره. سأمتاح: سأستقي، وهو مثل. والبحور كناية عن الملوك. والسيب:
العطاء. والارتياح: الخفة للعطاء. والقوادم: عشر ريشات في الجناح، وما فوق ذلك الخوافي. وسموت: ارتقيت. والدهم: الخيل الكثير. والململمة: الكتيبة التي بعضها داخل في بعض. والرداح: الضخمة. وتهامة: الناحية الجنوبية من الحجاز. ونجد: الناحية التي بين الحجاز والعراق. قال الواقدي: الحجاز من المدينة الى تبوك، ومن المدينة الى طريق الكوفة وما وراء ذلك، إلى أن تشارف أرض البصرة، فهو نجد، وما بين العراق وبين وجرة وعمرة الطايف نجد، وما كان وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز، قوله:
وما شيء حميت بمستباح
أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا لحذف العائد المنصوب بين جملة الصفة، أي حميته. والبطاح: جمع أبطح، وهو وسط الوادي، يكون فيه رمل وحصا صغار. ومعتلجة: حيث تجمع ويدفع بعضه بعضا. والمطايا: جمع مطية، وهي