الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالكسر، لبن المرأة خاصة. واسحم داج: قيل: الليل. والباء: ظرفية، أي تحالفا في ليل شديد السواد. وقيل: هو الرحم، أي تحالفا في ظلمة الأحشاء قبل الولادة.
وقيل: هو الرماد، أي تحالفا عند الرماد. وقيل: زق الخمر، وللعرب عادة في التعاقد عند الشراب بذلك. وقال الدمامينيّ: الأظهر، أن المراد به الليل، لأنه زمن ايقاد النار للأضياف. وهذا البيت أورده المصنف في عوض (1).
فائدة: [نيران العرب]
قال العسكري (2): نيران العرب بضع عشرة نار: نار القرى، توقد للأضياف ليهتدي الطارقون إلى المنزل. ونار الاستمطار: كانوا اذا احتبس المطر عنهم يجمعون البقر ويعقدون في أذنابها وعراقيبها السّلع والعشر (3) ويصعدون بها في الجبل الوعر (4) ويشعلون فيها النار. ويزعمون ان ذلك من أسباب المطر. قال أميّة بن أبي
الصلت (5):
سلع ما ومثله عشر ما
…
عائل ما وعالت البيقورا (6)
(1) أورده ابن هشام في باب (عوض) ولم يذكره السيوطي هناك كاملا.
(2)
انظر الحيوان 4/ 461 وما بعد.
(3)
السّلع - بالتحريك، والعشر - بضم ففتح: ضربان من الشجر، كان العرب يأخذون حطبها ويشعلون فيها النار.
(4)
وروى عكسه، أي انهم كانوا يحدرونها من الجبال.
(5)
من قصيدة ذكرها الجاحظ في الحيوان 4/ 466 - 467، وهي:
سنة أزمة تخيّل بالنّا
…
س ترى للعضاه فيها صريرا
إذ يسفّون بالدّقيق وكانوا
…
قبل لا يأكلون شيئا فطيرا
ويسوقون باقرا يطرد السّهل
…
مهازيل خشية أن يبورا
عاقدين النيران في شكر الأذ
…
ناب عمدا كيما تهيج البحورا
فاشتوت كلها فهاج عليهم
…
ثم هاجت إلى صبير صبيرا
فرآها الإله ترشم بالقط
…
ر وأمسى جنابهم ممطورا
فسقاها نشاصه واكف الغي
…
ث منه إذا رادعوه الكبيرا
سلع ما ومثله عشر ما
…
عائل ما وعالت البنقورا
(6)
في الحيوان: (هكذا كان الاصمعي ينشد هذه الكلمة، فقال له علماء بغداد: صحفت، إنما هي البيقور، مأخوذ من البقر). وقال الاستاذ هارون محقق الحيوان: «والرواية: (البيقورا) بمعنى البقر، كما نبه وكما في اللسان (بقر، عيل) والديوان. يقال عال الشيء فلانا: -
وقال الودك الطائي (1):
لا درّ درّ رجال خاب سعيهم
…
يستمطرون لدى الأزمات بالعشر
أجاعل أنت بيقورا مسلّعة
…
ذريعة لك بين الله والمطر (2)
ونار التحالف: كانوا يعقدون حلفهم عندها، ويذكرون منافعها، ويدعون بالحرمان والمنع من خيرها، على من ينقض العهد، ويهوّلون بها على من يخاف منه الغدر، وخصّوا النار بذلك دون غيرها من المنافع لأن منفعتها تختص بالانسان لا يشركه فيها الحيوان. قال أوس بن حجر (3):
إذا استقبلته الشّمس صدّ بوجهه
…
كما حيد عن نار المهوّل حالف (4)
- ثقل عليه. القاموس. يقول: أثقلت البقر بما حملته من السلع والعشر. انظر اللسان (عيل) وأنشد البيت صاحب اللسان مرة ثالثه في (على) بعد أن قال: (وعال عليّ: أي احمل) فكأنه جعل (عالت) مرة أخرى من المعالاة، والبيت استشهد به ابن هشام في المغني على زيادة (ما) ثلاث مرات. وقد نقل السيوطي في المزهر 2/ 223 ما كتبه الجاحظ هنا عن تصحيف الأصمعي، وفيه (النيقورا). وليس احد التصحيفين بأولى من الإثبات من صاحبه، ونقل الألوسي في بلوغ الأرب 2/ 301 أن تصحيف الأصمعي هو:(وغالت البيقورا) بالغين المعجمة».
(1)
كذا في الاصل، وفي الحيوان 4/ 468:(وأنشد القحذمي للو. ر. ل الطائي). وكذا في اللسان (بقر) نقلا عن الجوهري، حيث أنشد البيتين. وفي اللسان (سلع): الورك، بالراء المهملة. والقحذمي هو الوليد بن هشام القحذمي، وانظر البيان 1/ 67 و 205 و 2/ 198 ولسان الميزان 6/ 228.
(2)
مسلعة: وضع في أذنابها وبين عراقيبها السلع.
(3)
ديوانه 69، وهو من قصيدة مضت ص 112 - 114، الشاهد 40، واللسان والتاج، والاساس (هول)، والبيان 3/ 6، والخزانة 3/ 214، ومعجم مقاييس اللغة 6/ 20، والفائق 3/ 44 والمعاني الكبير 434.
(4)
في المعاني الكبير: (كانوا يحلفون بالنار، وكانت لهم نار يقال إنها كانت بأشراف اليمن له سدنة، فإذا تفاقم الأمر بين القوم فحلف بها انقطع بينهم، وكان اسمها هولة والمهولة. وكان سادنها إذا أتى برجل هيبه من الحلف بها. ولها قيم يطرح فيها الملح والكبريت فإذا وقع فيها استشاطت وتنفضت فيقول: هذه النار قد تهددك، فان كان -
ونار الطرد: كانوا يوقدونها خلف من يمضي، ولا يشتهون رجوعه. قال شاعر قديم:
وجمّة أقوام حملت ولم تكن
…
لتوقد نارا خلفهم للتّندم
ونار الأهبة للحرب: كانوا اذا أرادوا حربا أوقدوا نارا على جبل ليبلغ الخبر أصحابهم فيأتونهم، قال عمرو بن كلثوم (1):
ونحن غداة أوقد في خزاز
…
رفدنا فوق رفد الرّافدينا
فاذا جدّ الأمر أوقدوا نارين، قال الفرزدق (2):
لولا فوارس تغلب ابنة وائل
…
نزل العدوّ عليك كلّ مكان
ضربوا الصّنائع والملوك وأوقدوا
…
نارين أشرقتا على النّيران (3)
ونار الصيد: توقد للظباء لتعشى إذا نظرت إليها، ويطلب بها بيض النّعام، قال طفيل (4):
- مريبا نكل وإن كان بريئا حلف). وفي الاساس (هول) 489:
(وإنه لهولة من الهول: للقبيح المنظر، وأصلها النار التي كانت توقد في بئر ويطرح فيها ملح وكبريت فإذا انتفضت واستشاطت، قال المهوّل، وهو الطارح للمستحلف عندها: هذه النار قد تهددتك فينكل عن اليمين) وأورد البيت.
(1)
الحيوان 4/ 475، والبكري 496، وخزاز جبل لغني، ويوم خزاز من ايام العرب، وهو يوم طخفة، وهو أيضا يوم ذات كهف، وانظر عنه العمدة 2/ 191 - 192، والبكري 496 - 497، والعقد 3/ 365
(2)
من قصيدة يهجو بها جريرا، وهي في الديوان 882 - 883، والخزانة 3/ 214، ومحاضرات الراغب 2/ 278، والحيوان 4/ 475.
(3)
في المراجع السابقة البيت الاول في الحيوان: (سدّ العدو عليك).
ورواية البيت الثاني (نارين أشرفتا) بالفاء، وفي الديوان (قتلوا الصنائع ..).
(4)
الامالي 2/ 83، واللآلي 717، والحيوان 4/ 348 و 484.
عوازب لم تسمع نبوح مقامة
…
ولم تر نارا تمّ حول مجرّم
سوى نار بيض أو غزال بقفرة
…
أغنّ من الخنس المناضر توأم
ونار الأسد: كانوا يوقدونها إذا خافوه، وهو إذا رأى النار استهالها فتشغله عن السابلة.
ونار السليم: توقد للملدوغ والمجروح إذا نزف، وللمضروب بالسياط، ولمن عضّه الكلب، لئلا يناموا فيشتد بهم الأمر حتى يؤدّيهم الى الهلكة. قال الأعشى في نار المجروح (1):
أبا ثابت إنّا إذا يسبقوننا
…
سنركب خيل أو ينبّه نائم
بدامية يغشى الفراش رشاشها (2)
…
يبيت لها ضوء من النّار جاحم
ونار الفداء: كان الملوك إذا سبوا القبيلة خرجت إليهم السادة للفداء والاستيهاب، فكرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن، أو في الظلمة فيخفى قدر ما يحبسون لأنفسهم من الصفى، فيوقدون النار لعرضهن. قال الأعشى (3):
ومنّا الّذي أعطاه بالجمع ربّه
…
على فاقة وللملوك هباتها
نساء بني شيبان يوم أوارة (4)
…
على النّار إذ تجلى له فتياتها
ونار الوسم: يقال للرجال: ما نارك؟ أي ما سمة إبلك (5).
(1) ديوانه 81 من قصيدته المشهورة: هريرة ودعها وإن لام لائم، وفيه برواية:(.. إذا تسبقنا سيرعد سرح).
(2)
في الديوان: بمشعلة يغشى.
(3)
ديوانه 87 من المقطوعة 10 وفيه (.. في الجمع ربه ..).
(4)
في الديوان (سبايا بني شيبان).
(5)
الوسم: التعليم على الإبل بالميسم، وهو المكواة.
قرّب بعض اللصوص إبلا للبيع، فقيل له: ما نارك؟ وكان قد أغار عليها من كل وجه. وإنما يسأل عن ذلك لأنهم يعرفون ميسم كلّ قوم وكرم إبلهم من لؤمها، فقال (1):
تسألني الباعة أين نارها
…
إذا زعزعوها فسحت أبصارها (2)
كلّ تجار إبل تجارها
…
وكلّ دار لأناس دارها
وكلّ نار العالمين نارها
وقال الآخر (3):
يسقون آبالهم بالنّار
…
والنّار قد تشفي من الأوار
يقول: لما رأوا نارها خلوا لها المنهل، فشربت لعز أصحابها.
ونار الحرب مثل لا حقيقة لها. ونار الحباحب: كل نار لا أصل لها، مثل ما ينقدح بين نعال الدواب وغيرها. قال أبو حيّة:
وأوقدن نيران الحباحب والتقى
…
غضّى نتراقى بينهنّ ولاوله
ونار اليراعة وهو طائر صغير، إذا طار بالليل حسبته شهابا، وضرب من الفراش إذا طار بالليل حسبته شرارة.
ونار البرق: العرب يسمون البرق نارا (4).
(1) الخزانة 3/ 213 والحيوان 4/ 492، ومحاضرات الراغب 2/ 290، وأمثال الميداني 2/ 74.
كذا في الاصل، ورواية الحيوان:
(2)
تسألني الباعة ما نجارها
…
إذ زعزعوها فسمت أبصارها
وكذا في الخزانة وبرواية: (إذ زعزعتها).
(3)
سيأتي ص 316، الشاهد رقم 141.
(4)
في الحيوان 4/ 487: (وقال الأعرابي، وذكر البرق:
نار تعود به للعود جدّته
…
والنار تشعل نيرانا فتحترق
-
ونار الحرّتين: كانت في بلاد عبس، تخرج من الأرض فتؤذي من مرّ بها، وهي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه الصلاة والسلام. قال خليد:
كنار الحرّتين لها زفير
…
تصمّ مسامع الرّجل السّميع
ونار السعالى: شيء يقع للمتغرّب والمتقفر. قال عبيد بن أيوب (1):
ولله درّ الغول أيّ رفيقة
…
لصاحب ودّ خائف متقفر
أرنّت للحن بعد لحن وأوقدت
…
حواليّ نيرانا تبوخ وتزهر
والنار التي توقد بالمزدلفة، حتى يراها من دفع من عرفة، فهي توقد إلى الآن.
وأوّل من أوقدها قصيّ. انتهى كلام العسكري ملخصا.
وأخرج الطستيّ في مسائله عن ابن عباس، عن نافع بن الأزرق، سأله عن قوله تعالى:(عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) قال: القط الجزاء، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال:
نعم، أما سمعت قول الأعشى:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته
…
بنعمته يعطي القطوط ويطلق
138 -
وأنشد:
ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني (2)
قاله رجل من بني سلول، وتمامه:
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني
- يقول: كل نار في الدنيا فهي تحرق العيدان وتبطلها وتهلكها، إلا (نار البرق)، فإنها تجيء بالغيث، وإذا غيثت الارض ومطرت أحدث الله للعيدان جدّة، وللأشجار أغصانا لم تكن).
(1)
عبيد بن أيوب شاعر بني العنبر، وترجم له في الشعراء 758 - 761، واللآلي 383 - 384 والبيتان في الخزانة 3/ 213، واللآلي 384 والحيوان 4/ 483 و 6/ 165، والشعراء 759.
(2)
الخزانة 1/ 173 و 2/ 161 و 166 و 293 و 497، وابن عقيل 2/ 57.
وبعده:
غضبان ممتلئا عليّ إهابه
…
إنّي وربّك سخطه يرضيني (1)
اللئيم: الدنيء الأصل. وجملة (يسبّني) صفة لأن اللام فيه جنسية. وقيل:
حال. و (يعنيني) بمعنى يقصدني. وقوله: فمضيت: بمضى أمضى. قال الشيخ سعد الدين في حاشية الكشاف: وانما عبر بلفظ الماضي تحقيقا لمعنى الاغضاء والاعراض. واستشهد ابن مالك في شرح التسهيل به على أن المضارع المعطوف عليه ماض يكون ماضي. المعنى: فامرّ ماضي، المعنى لعطف مضيت عليه. وثمّت:
حرف عطف لحقتها الثاء. قال الشيخ سعد الدين: وذلك في عطف الجمل خاصة (2).
139 -
وأنشد:
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا (3)
هو لجرير من قصيدة أولها:
متى كان الخيام بذي طلوح
…
سقيت الغيث أيّتها الخيام
تنكّر من معالمها ومالت
…
دعائمها وقد بلي الثّمام
أقول لصحبتي وقد ارتحلنا
…
ودمع العين منهمل سجام
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا
…
كلامكم عليّ إذن حرام
(1) في الخزانة 1/ 173: (وحقّك سخطه ..).
(2)
وبعده شرح البيت الثاني كما في الخزانة: (وغضبان بالنصب: حال من اللئيم، أو بالرفع: خبر مبتدأ محذوف. وممتلئا: حال سببية من ضمير غضبان. وإهابه: فاعل ممتلئا، وهو في الاصل الجلد الذي لم يدبغ، وقد استعير هنا لجلد الانسان. والسخط بالضم: اسم مصدر، والمصدر بفتحتين بمعنى الغضب، والفعل من باب تعب.
وروى الأصمعي بيتين في هذا المعنى، وهما: -
قال المصنف في شواهده: هكذا أنشده الكوفيون، وأنشده بعضهم (1):
أتمضون الرّسوم ولا تحيّا
وفيه أيضا: حذف الجار والتقدير: (أتمضون عن الرّسوم).
قلت: وكذا رأيته في ديوانه. وقال شارحه: هو بمعنى أتتركون. وقال النحاس:
سمعت علي بن سليمان، يعني الأخفش الصغير، يقول: حدثني محمد بن يزيد، يعني المبرّد قال: حدثني عمارة بن بلال بن جرير قال: إنما قال: (2)
جدّي مررتم بالدّيار
وعلى هذا فلا شاهد فيه.
والثّمام، بضم المثلثة، جمع ثمامة، وهو نبت. وذو طلوح: بضم الطاء، اسم
=
لا يغضب الحرّ على سفلة
…
والحرّ لا يغضبه النذل
إذا لئيم سبّني جهده
…
أقول: زدني فلي الفضل
وأنشد سيبويه البيت الشاهد، على أن (مرّ) قد وضع موضع مررت، وجاز أمرّ في معنى مررت، لأنه لم يرد ماضيا منقطعا، وإنما أراد أن هذا أمره ودأبه، فجعله كالفعل الدائم. وقيل: معنى (ولقد أمر): ربما أمرّ، فالفعل على هذا في موضعه).
(1)
ديوانه 512، والكامل 1/ 33، وابن عقيل 1/ 188، والخزانة 3/ 671.
(2)
وهي رواية الديوان، ورواية المبرد، كرواية الشاهد بالاصل، وقال المبرد 1/ 34: ورواية بعضهم له (اتمضون الدّيار) فليسا بشيء. والسماع الصحيح، والقياس المطرد، لا تعترض عليه الرواية الشاذة. أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد قال قرأت على عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
مررتم بالدّيار ولم تعوجوا
فهذا يدلك على أن الرواية مغيّرة.
قلت: وبهذه الرواية لا شاهد فيه على حذف الجار.
وانظر بعض أبيات من القصيدة في الأمالي 1/ 120 واللآلي 355 والكامل 635 - 636 وطبقات الشعراء 353، وأمالي المرتضى 1/ 541 و 2/ 256، وهي في الديوان 512 - 515.
موضع (1). وسجام، بكسر أوله، مصدر، سجم الدمع: أي سال. وتعوجوا:
من العوج، وهو عطف رأس البعير بالزمام، أي لم تميلوا الينا. وبعد هذا البيت:
أقيموا إنّما يوم كيوم
…
ولكنّ الرّفيق له ذمام
بنفسي من تجنّبه عزيز
…
عليّ ومن زيارته لمام
ومن أمسي وأصبح لا أراه
…
ويطرقني إذا هجع النّيام
قال في شرح ديوان زهير قول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح
أي كانه لم يكن بذي طلوح خيام قط (2). ومن أبيات هذه القصيدة بيت استشهد به على ترك التاء من الفعل المسند إلى المؤنث، للفصل بينهما بالمفعول:
لقد ولد الأخيطل أمّ سوء
…
على باب استها صلب وشام
صلب: بضمتين، جمع صليب. وشام: جمع شامة.
(1) ذو طلوح، ذكره البكري 893 عن عمارة بن عقيل أنه واد في أود يصب في رقمة فلج، والرقمة في أرض بني العنبر .. ، وأنشد البيت.
(2)
في شرح ديوان زهير (نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 87 أدب)، قال (زهير) يمدح هرم بن سنان ابن أبي حارثة:
كم للمنازل من عام ومن زمن
…
لآل أسماء بالقفّين فالرّكن
ساءه دروس هذه المنازل فقال: كم لها ليت شعري من الأعوام حتى صارت إلى هذا. وهذا كقول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح
…
سقيت الغيث أيتها الغمام
اشتد حزنه على أهلها فقال: متى كان الخيام، أي كأن لم يكن بذي طلوح خيام قط. وانظر شرح ديوان زهير ص 116.
140 -
وأنشد:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم
…
قطينا لهم حتّى إذا نبت البقل (1)
هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح بها سنان بن أبي حارثة، وأولها (2):
صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو
…
وأقفر من سلمى التّعانيق فالثّقل
وقبل هذا البيت:
إذا السّنة الشّهباء بالنّاس أجحفت
…
ونال كرام المال في الجحرة الأكل (3)
وبعده:
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
…
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
وفيهم مقامات حسان وجوهها
…
وأندية ينتابها القول والفعل
على مكثريهم حقّ من يعتريهم
…
وعند المقلّين السّماحة والبذل
وما بك من خير أتوه فإنّما
…
توارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطّيّ إلّا وشيجه
…
وتغرس إلّا في منابتها النّخل
والتّعانيق والثّقل: موضعان (4). والجحرة: بتقديم الجيم المفتوحة، السنة
(1) ديوانه 111، وفيه (أنبت البقل).
(2)
القصيدة في الديوان 96 - 115 وفيه (وقال أيضا في هرم بن سنان ابن أبي حارثة والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري). وفي بعض نسخ الديوان والأعلم (وقال أيضا لسنان بن أبي حارثة).
(3)
في الديوان: (في السنة الأكل).
(4)
التعانيق: موضع ببلاد غطفان، وأنشد البيت:(فالثجل)، والثجل:
موضع في شق العالية، ذكره ياقوت، وأنشد البيت. وهو في اللسان: -
الشديدة. والبيت أورده في الصحاح شاهدا على ذلك (1). و (رأيت) جواب (اذا) ويروى: بضم التاء وفتحها. قال ابن قتيبة في أبيات المعاني: والقطين: الحشم والأهل. يقول: يلزمونهم حتى يسمنون. والجمع: قطن. زاد ثعلب: والقطن:
الساكن النازل في الدار. وقوله: نبت البقل: أي أخصب الناس (2) وقوله:
(يستخبلوا) قال ابن قتيبة، قال الاصمعي، قال أبو عمرو بن العلاء: لا أعرف الاستخبال، وأراه قال (يستخولوا). والاستخوال: أن يملكوهم إياهم. وقال أبو عبيدة: أنشدنا أبو عمرو: (يستخولوا المال يخولوا) وقال: لم أسمع يستخبلوا.
وقال يونس: بلى، قد سمعه، ولكنه نسى. وقال غير الأصمعي: الاستخبال، أن يستعير الرجل من الرجل إبلا فيشرب من ألبانها وينتفع بأوبارها، فاذا أخصب ردها (3).
وقوله: ييسروا، من الميسر، أي يغلوا في الميسر، أي يأخذون سمان الأبل لا ينحرون إلا غالية. والمقامات: المجالس. قال ثعلب: وإنما سمّيت مقامات، لأن الرجل كان يقوم في المجلس فيحضّ على الخير ويصلح بين الناس. والأندية:
جمع ندي، وهو المجلس. و (ينتابها القول والفعل)، أي يقال فيها الجميل ويفعل به. ومكثريهم: مياسيرهم. ويعتريهم: يطلب منهم. والخطّي، بفتح الخاء المعجمة: الرمح، نسبة الى الخطّ، وهو سيف البحر عند عمان والبحرين.
ووشيجه، بالمعجمة والجيم، أصله. قال في الصحاح: الوشيجة عرق الشجرة (4).
ومعنى البيت: لا تنبت القناة إلا القناة، يعني أنهم كرام لا يولد الكريم إلا في موضع
- (الثقل). وصحا القلب: يريد قلبي، فجعل الالف واللام بدلا من الاضافة. وصحا: أفاق. يقول: أفاق القلب عن حب سلمى بعدها منه، وقد كاد لا يسلو أي لا يفيق لشدة تعلقه بها.
(1)
في الديوان 110: (الشهباء: البيضاء من الجدب لكثرة الثلج ليس فيها نبات. والأكل: لا يجدون لبنا فينحرون الإبل. والجحرة:
السنة الشديدة لانها أجحرت الناس وأجحفت بأموالهم. ويروى:
(في الأزمة).
(2)
يريد: إذا أجدب الناس رأيت ذوي الحاجات، يعني الفقراء المحتاجين قطينا لهم يلزمون بيوتهم، يعيشون من أموالهم حتى يخصب الناس وينبت البقل.
(3)
انظر اللسان: (خبل) و (خول).
(4)
في الديوان: (والوشيج: القنا، واحدها وشيجة. والوشوج:
دخول الشيء بعضه في بعض).
كرمه. وقد استشهد المصنف بهذا البيت في التوضيح على تقدم المفعول على الفاعل لأجل الحصر.
وأخرج الطستيّ في مسائله عن ابن عباس: أن نافع بن الازرق سأله عن قوله تعالى: (والمعتر) هو الذي يعتر من الأبواب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال:
نعم، أما سمعت قول الشاعر:
على مكثريهم حقّ من يعتريهم
…
وعند المقلّين السّماحة والبذل (1)
141 -
وأنشد:
قد سقيت آبالهم بالنّار (2)
هذا أنشده العسكري في كتاب الاوائل هكذا:
يسقون آبالهم بالنّار
…
والنّار قد تشفي من الأوار
والمراد بالنار: نار الوسم، كما تقدّم شرحه قريبا، يعني انها إذا وردت المنهل ورأوا وسمها عرفوا أصحابها، فخلوا لها المنهل لتشرب، تكريما لأصحابها، فكانت النار التي هي آلة الوسم سببا لشربها. والآبال، بالمد، جمع إبل. والأوار بضم الهمزة وتخفيف الواو: حرارة العطش.
142 -
وأنشد:
وليت لي بهم قوما إذا ركبوا
…
شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا
تقدم شرحه في شواهد إذن (3).
(1) ويروي: (على مكثريهم رزق من يعتريهم). يريد: أن مياسيرهم يقومون بحق فقرائهم، كما أن فقراءهم يسمحون ويبذلون بمقدار جهدهم وطاقتهم.
(2)
سبق ص 309.
(3)
انظر ص 68 - 70
143 -
وأنشد:
أربّ يبول الثّعلبان برأسه
…
لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب
هو لراشد بن عبد ربه السلّمي الصحابي رضي الله عنه.
أخرج أبو نعيم في دلائل النبوّة من طريق حكيم بن عطاء السّلمي، ولد راشد ابن عبد ربه، عن أبيه، عن جدّه، عن راشد بن عبد ربه قال: كان الصنم الذي يقال له سواع بالمعلاة بين رهاط تدين له هذيل، وبنو ظفر من سليم (1)، فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية إلى سواع، قال راشد: فالفيت مع الفجر إلى صنم قبل صنم سواع، وإذا صارخ يصرخ من جوفه: العجب كل العجب من خروج نبيّ من بني عبد المطلب، يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام، وحرست السما، ورمينا بالشهب، العجب كل العجب. ثم هتف هاتف من جوف صنم آخر ترك الضمار، وكان يعبد: خرج أحمد نبي يصلي الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام والبر والصلات للأرحام، ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف:
إنّ الّذي ورث النّبوّة والهدى
…
بعد ابن مريم من قريش مهتدي
نبيّ يخبر بما سبق وما يكون في غد
قال راشد: فالفيت عند سواعا مع الفجر ثعلبين يلحسان ما حوله، ويأكلان ما يهدى له، ثم يعرجان عليه ببولهما. فعند ذلك يقول راشد:
أربّ يبول الثّعلبان برأسه
…
لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب
وذلك عند مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة. فخرج راشد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. ومعه كلب له، واسم راشد يومئذ ظالم، واسم كلبه راشد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ قال: راشد.
(1) انظر الاصنام لابن الكلبي 9 - 10
قال: وما اسم كلبك؟ قال: ظالم. فضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم. وبايع النبي صلى الله عليه وسلم وأقام معه، ثم طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيعة برهاط، ووصفها له. فاقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم شأو الفرس، ورمية ثلاث مرات بحجر، وأعطاه ارواة مملوءة من ماء وتفل فيها وقال له: فرغها في أعلى القطيعة، ولا تمنع الناس فضولها، ففعل. فجاء الماء معينا فجمه الى اليوم، فغرس عليها النخل.
ويقال: ان رهاط كلها تشرب منه، وسماه الناس ماء الرسول. وأهل رهاط يغتسلون منه ويستسقون به. وغدا راشد على سواع فكسره. هذا أخرجه بطوله وأخرجه ابن أبي حاتم بسند له بلفظ: انه كان عند الصنم يوما، إذ أقبل ثعلبان، فرفع أحدهما رجله فبال على الصنم، وكان سادنه غاوي بن ظالم، فأنشد:
أربّ يبول الثّعلبان
…
البيت
ثم كسر الصنم، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أنت راشد بن عبد الله.
وقال المرزباني في معجم الشعراء: كان اسمه غويا، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم راشدا. وقال المدائني: راشد هذا هو صاحب البيت المشهور (1):
فألقت عصاها واستقرّت بها النّوى
…
كما قرّ عينا بالإياب المسافر
وفي طبقات ابن سعد: كان اسمه غاوي بن عبد العزي (2)، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم راشد بن عبد ربه.
وفيها: أن قدومه وإسلامه كان عام الفتح، وأنه شهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم. وضبط الحافظ شرف الدين الدمياطي:
الثّعلبان في البيت بضم المثلثة واللام وقال: هو ذكر الثعالب، وهو ما ذكره الكسائي وجماعة. وقال بعضهم: انه وهم، وأن أبا حاتم الرازي رواه بفتح الثاء واللام وكسر النون على انه تثنية ثعلب.
144 -
وأنشد:
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت (3)
(1) البيت في الاشتقاق 181 (استقر) ومعجم الشعراء 90 منسوب الى معقر بن اوس البارقي، وهو في عيون الأخبار 2/ 259 بدون نسبة.
(2)
انظر الإصابة 2/ 185.
(3)
ديوان الهذليين 1/ 51
هو من قصيدة لابي ذؤيب الهذلي وتمامه:
متى لجج خضر لهنّ نئيج
وقبله:
سقى أمّ عمرو كلّ آخر لبلة
…
حناتم سود ماؤهنّ ثجيج
وأول القصيدة (1):
صحا قلبه بل لجّ وهو لجوج
…
وزالت له بالأنعمين حدوج
الأنعمان: اسم موضع (2). وحدوج، بضم الحاء المهملة، جمع حدج: وهي مراكب النساء. وحناتم، بالحاء المهملة، الجرار الخضر. جمع حنتمة. شبه السحاب بها (3). وثجيج، من الثج، وهو السيلان. وترفعت: توسعت. ولجج بضم اللام، جمع لجة، وهي معظم الماء. ونئيج، بفتح النون وكسر الهمزة بعدها تحتية ساكنة وجيم، يقال: نأجت الريح تنأج نئيجا تحركت، فهي نؤج، ولها نئيج، أي مرّ سريع مع صوت. والبيت استشهد به المصنف هنا على ورود الباء بمعنى:
(من التبعيضية) واستشهد في التوضيح بعجزه على ورود (متى) حرف جر، بمعنى (من) وقد روي بلفظ (4):
تروّت بماء البحر ثمّ تنصبّت
…
على حبشيّات لهنّ نئيج
(1) في الديوان 1/ 50 برواية: (صبا صبوة بل لج وهو لجوج، وزالت لها ..)
(2)
الانعمان - تثنية أنعم -: موضع بناحية عمان، وهو وادي التّنعيم (البكري 200)، وقد ذكرها ياقوت ولم يعين موضعها.
(3)
في ديوان الهذليين: (حناتم: يعني السحاب في سواده. والحنتم:
الجرّة الخضراء).
وقال السكري: (الحناتم: السحاب الأسود. والأخضر عند العرب الأسود، ويقال للسحاب إذا كان ريان (أسود كأنه حنتم). والبيت في اللسان (ثجج وحنتم) وفيه (سحم) بدل (سود).
(4)
وهي رواية الديوان.
فلا شاهد فيه على واحد من الأمرين.
145 -
وأنشد:
شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج (1)
هو من أبيات عزاها بعضهم لعبيد بن أوس الطائي، وصاحب الصحاح لجميل، وقد رأيتها في ديوانه. ووقفت عليها مسندة من وجه آخر لعمر بن أبي ربيعة في قصة طويلة. أخرج أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني (2) وابن عساكر في تاريخه من طريقه، أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني أبو علي الأسديّ، بشر بن موسى بن صالح، حدثني أبي عن أبي بكر القرشي قال: كان عمر بن أبي ربيعة جالسا بمنى في كساء بمضربه (3) وغلمانه حوله إذ أقبلت امرأة برزة (4) عليها أثر النعمة.
فسلّمت وقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال: ها أنا هو. قالت: هل لك في محادثة أحسن الناس وجها، وأتمهنّ خلقا، وأكملهنّ أدبا، وأشرفهنّ حسبا. قال:
ما أحبّ ذلك اليّ. قالت: علي شرط، قال: قولي، قالت: تمكنني من عينيك حتى أشدّهما وأقودك حتى إذا وصلت الموضع الذي أريد حللت الشدّ ثم أفعل ذلك (بك)(5) عند عودك، قال: شأنك، ففعلت. فقال: قال عمر: فلما انتهت بي الى المضرب الذي أرادت كشفت عن وجهي فإذا بامرأة على كرسيّ لم أر مثلها جمالا وكمالا، فسلّمت وجلست، فقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت: نعم،
(1) ديوان عمر 120، والاغاني 1/ 190 (دار الكتب)، واللسان (حشرج)، ونسب الى جميل كما في ديوانه 41 و 42 ووفيات الاعيان 1/ 161 - 164، وقال ابن برى إنها لجميل وليست لعمر، وفي الكامل 350 - 251:
وأنشدني أبو العالية: (قيل إن الشعر لعروة بن أذينة. وفي شرح العيني بهامش الخزانة 3/ 279 - 282: (أن قائل هذا الشعر هو عمر بن أبي ربيعة، وقيل هو جميل وهو الأصح وكذا قاله الجوهري).
وفي الحماسة البصرية قائله عبيد بن أوس الطائي في أخت عدي بن أوس الطائي.
(2)
1/ 190 - 192، وديوانه 116 - 123.
(3)
كذا في الاصل. وفي الأغاني والديوان: (فناء مضربه).
(4)
البرزة من النساء: (البارزة الجمال، أو التي تبرز للقوم يجلسون إليها ويتحدثون معها).
(5)
مزيدة.
قالت: أنت الفاضح للحرائر؟ قلت: وما ذاك؟ جعلني الله فداك، قالت: ألست القائل:
قالت: وعيش أخي وحرمة والدي
…
لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج (1)
فخرجت خوف يمينها فتبسّمت
…
فعلمت أنّ يمينها لم تحرج (2)
فتناولت رأسي لتعلم مسّه
…
بمخضّب الأطراف غير مشنّج
فلثمت فاها آخذا بقرونها
…
شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج
قم فاخرج. ثم قامت وجاءت المرأة فشدّت عينيّ ثمّ أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي وانصرفت. فحللت عينيّ وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله أعلم به، وبتّ ليلتي، فلما أصبحت اذا أنابها، فقالت: هل لك في العود؟ فقلت: شأنك، فشدّت عينيّ حتى انتهت بي الى الموضع، وإذا بتلك الفتاة على كرسي فقالت: أيها يا فضّاح الحرائر! فقلت: بماذا؟ جعلني الله فداءك. قالت: بقولك (3):
وناهدة الثّديين قلت لها اتّكي
…
على الرّمل من جبّانة لم توسّد
فقالت: على اسم الله أمرك طاعة
…
وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد
فلمّا دنا الإصباح قالت: فضحتني
…
فقم غير مطرود، وإن شئت فازدد
قم فاخرج عنّي، فخرجت ثم رددت، فقالت: لولا وشك الرّحيل، وخوف الفوت ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك، لأقصيتك. هات
(1) في ديوان عمر: (وعيش أبي وحرمة أخوتي) وفي العيني: (وعيش أبي وعدة إخوتي). وفي الاغاني: (ونعمة والدي). وفي الكامل:
(وعيش أبي وأكبر أخوتي).
(2)
لم تحرج: لم تضق ولم تكن جادة. ويروى (لم تلجج). وانظر اختلاف رواية ألفاظ البيت في المراجع السابقة.
(3)
ديوانه 154
الآن كلّمني وحدّثني وأنشدني، فكلّمت آدب الناس وأعلمهم بكلّ شيء، ثم نهضت، فإذا أنا بتور فيه خلوق (1)، فأدخلت يدي فيه، ثم خبأتها في ردني، ثم جاءت العجوز فشدّت عينيّ ونهضت بي تقودني حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها على المضرب ثم صرت الى مضربي، فدعوت غلماني فقلت: أيّكم يقفني على باب مضرب عليه خلوق كأنه أثر كفّ فهو حرّ وله خمسمائة درهم، فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال: قم، فنهضت معه فإذا أنا بكفّ طريّة، وإذا المضرب مضرب فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، فأخذت في أهبة الرّحيل، فلما نفرت نفرت معها، فبصرت في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة فسألت عن ذلك، فقيل لها: هذا عمر بن أبي ربيعة، فساءها أمره وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليه: قولي له نشدتك الله والرّحم أن لا تفضحني، ويحك، ما شأنك وما الذي تريد؟ انصرف ولا تفضحني وتشيط بدمك (2).
فصارت إليه العجوز فأدّت إليه ما قالت فاطمة، فقال: لست بمنصرف أو توجّه إليّ بقميصها الذي يلي جلدها، فأخبرتها ففعلت ووجّهت إليه بقميص من ثيابها، فزاده ذلك شغفا، ولم يزل يتبعهم لا يخالطهم حتى إذا صاروا على أميال من دمشق انصرف وقال في ذلك (3):
ضاق الغداة بحاجتي صدري
…
ويئست بعد تقارب الأمر
وذكرت فاطمة الّتي علّقتها
…
عرضا فيا لحوادث الدّهر
(1) التور: إناء صغير، وسمّي بذلك لانه يتعاور ويردّد، أو سمي بالتور وهو الرسول الذي يتردّد ويدور بين العشاق. والخلوق: نوع من الطيب.
(2)
هذه الواو ينصب بعدها الفعل، والشرط فيها أن يتقدم الواو نفي أو طلب كقوا، تعالى:(وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، وكقول القائل:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
وسمّى الكوفيون هذه الواو واو الصرف وذلك لانها لا يستقيم عطف ما بعدها على ما قبلها. وانظر المغني وشواهد حرف الواو المفردة من هذا الكتاب واللسان مادة (وا).
وقوله: تشيط بدمه، أي أهدره وعرض نفسه للقتل.
(3)
ديوانه 268 - 270
ممكورة ردع العبير بها
…
جمّ العظام لطيفة الخصر
وكأنّ فاها بعد ما رقدت
…
يجري عليه سلافة الخمر
وبجيد آدم شادن خرق
…
يرعى الرّياض ببلدة قفر
لمّا رأيت مطيّها حزقا
…
خفق الفؤاد وكنت ذا صبر
فتبادرت عيناي بعد همّ
…
وانهلّ مدمعها على الصّدر
ولقد عصيت ذوي أقاربها (1)
…
طرّا وأهل الودّ والصّهر
حتّى إذا قالوا وما كذبوا
…
أجننت أم بك داخل السّحر
قوله: غير مشنّج، بضم الميم وفتح الشين المعجمة وتشديد النون وجيم، والتشنج: تقبض في الجلد. واللثم: بمثلثة، القبلة. قال في الصحاح: وقد لثمت فاها بالكسر، إذا قبلتها، وربما جاء بالفتح. قال ابن كيسان: سمعت المبرّد ينشد قول جميل (2):
فلثمت فاها آخذا بقرونها
بالفتح انتهى. والقرون: ضفائر شعر الرأس. والنزيف: بزاي وفاء فعيل، بمعنى مفعول: أي منزوف ماؤه، وأراد به المنزوف من الخمر، نزف من إنائه ومزج بالماء البارد. والحشرج: بفتح المهملة والراء بينهما شين معجمة ساكنة آخره جيم، قال ابن السكيت: وحشرج، ماء يكون فيه حصى. وقال غيره: هو ماء تنشقه الأرض من الرمل، فإذا صار إلى صلابته أمسكته فتحفر عنه الأرض فستخرج. وقوله شرب النزيف، بالنصب، صفة مصدر محذوف، وتقديره:
فلثمت فاها ومصصت ريقها وشربتها شربا مثل:
شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج
(1) كذا في الاصل والاضافة فيه غير صحيحة، وفي الديوان: ذوي القرابة فيكم).
(2)
الكامل 251، وفيه ان الشعر لعروة بن أذينة، ونسبه ابن عساكر في تاريخه الى جميل.
فشرب مصدر مضافا لفاعله، وبرد مفعول، والباء فيه زائدة، وفي: بقرونها للتبعيض. وقوله:
فقالت على اسم الله أمرك طاعة
أورده المصنف في الكتاب الخامس شاهدا على أن لمحذوف في نحو قوله تعالى (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) المبتدأ، أي أمرنا للتصريح به في البيت.
146 -
وأنشد:
كنواح ريش حمامة نجديّة
…
ومسحت باللّثّتين عصف الإثمد (1)
هذا لخفاف بن ندبة. قال الأعلم: أراد، كنواحي، فحذف الياء ضرورة.
وقد استشهد به سيبويه على ذلك. ووصف في البيت شفتي امرأة، فشبهها بنواحي ريش الحمامة في رقتها ولطافتها وحزنها، وخص الحمامة النجدية، لأن الحمام عند العرب كل مطوّق كالقطا وغيره. وإنما قصده منها إلى الحمام الورق، وهي تألف الجبال والحزون. والنجد: ما ارتفع من الأرض، ولا تألف الفيافي والسهول كالقطا ونحوه. قال: والرواية الصحيحة: ومسحت، بكسر التاء، وأراد أن لثاتها تضرب الى السمرة، فكأنها مسحت بالأثمد. وعصف الأثمد: ما سحق منه، وهو من عصفت الريح، إذا هبت بشدة فسحقت ما مرت به وكسرته، وهو مصدر، أريد به المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق. ويروى: بضم الثاء، ومعناه قبلتها، مسحت عصف الاثمد في لثمها، انتهى. وقال الزمخشري: البيت عزاه قوم لابن المقفع، وليس كما قالوا. وأراد بالحمامة النجدية: الفاختة لأنها لا تسكن الغور وتهامة وما والاهما، وإنما تسكن في نجد. والعصف: ورق الزرع، وليس الأثمد بشيء ينبت فيكون له ورق، لأنه حجارة ولكنه من الأشياء التي لا تكون ببلاد العرب، فلا يقفون على حقيقته كقوله:
ولم تذق من البقول الفستقا
شبه سواد لثة المرأة بسواد أطراف ريش الحمامة. وأراد مسحت اللثتين بعصف الأثمد، فقلب لعدم الألتباس. وقال بعضهم: عصف الأثمد: سحيقه، وهم يجعلون
(1) سيبويه 1/ 9، والانصاف 546، والعمدة 2/ 255 والموشح 94.