الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبلت: بمثناة فوقية ثم موحدة، أي أفسدت. قال: تبّله الحب: أي أسقمه وأفسده. والفؤاد: القلب على المشهور. وقيل: باطن القلب. وقيل: غشاؤه.
والخريدة. من النساء: الحيية، وقيل العذراء. وخاؤها معجمة ودالها مهملة.
والضجيع الذي يضاجعها الى جنبها. والمراد بالبارد: البسام الثغر. ويروى: تسقى، وتشفى. والعاتق: الخمر. طمرّة: بكسرتين وتشديد الراء. قال في الصحاح:
فرس تمرّ بتشديد الراء وهو المستعد للوثب والعدو (1).
فائدة: [حسّان بن ثابت]
حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو الأنصاري الخزرجي، يكنى أبا الوليد، وقيل أبا الحسام، وقيل: أبا عبد الرحمن.
شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، له رواية، روى عنه ابنه عبد الرحمن والبراء بن عازب وسعيد بن المسيّب.
قال ابن سعد: عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين في الاسلام (2)، وكذلك أبوه وجده. وكان قديم الاسلام، ولم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا لأنه كان يجبن (3).
وأخرج أحمد وغيره عن ابن المسيب قال: مرّ عمر بحسان، وهو ينشد في المسجد، فلحظ إليه فقال: قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك. ثم التفت إلى أبى هريرة فقال: أنشدك بالله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عنيّ، أيدك الله بروح القدس! قال: نعم. وأخرج أبو يعلي عن عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد ينشد عليه قائما، ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن منده، وأبو الفرج الأصبهاني، في الأغاني،
(1)(وطمر) بدل (تمرة) في المراجع السابقة، وهو الفرس المستفز للوثب والعدو. وقال أبو عبيدة: هو المشمر الخلق.
(2)
انظر الاغاني 4/ 140، والشعراء 264
(3)
الشعراء 264.
وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم الأحزاب وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يحمي أعراض المسلمين؟
قال كعب بن مالك: أنا. وقال ابن رواحة: أنا يا رسول الله، قال: إنك لحسن الشعر، وقال حسان: أنا يا رسول الله. قال: نعم، اهجهم أنت وسيعينك عليهم روح القدس.
وأخرج ابن عساكر عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فهجته قريش، وهجوا الأنصار معه، فأتى المسلمون كعب بن مالك فقالوا: أجب عنا، فقال: استأذنوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ادعوه، فأتى حسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخاف أن تصيبني معهم تهجو من بني عمي.
فقال حسان: لأسلنّك منهم سلّ الشعرة من العجين، ولي مقول ما أحب أن لي به مقول أحد من العرب، وأنه ليفري ما لا تفريه الحربة. ثم أخرج لسانه فضرب به أنفه كأنه لسان حية بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن عروة: أن حسان ذكر عند عائشة فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذاك حاجز بيننا وبين المنافقين لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق. وأخرج ابن عساكر وأبو الفرج الأصبهاني (1) عن ابن بريدة قال: أعان جبريل عليه السلام حسان بن ثابت عند مدحه النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين بيتا. وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي عبيدة (2) قال:
اتّفقت العرب على أن أشعر أهل المدن يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدن حسان بن ثابت. وأخرج ابن عساكر عن أبي عربة قال: حسان شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى، وأفضل ذلك كله هو شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مدافع (3). وأخرج ابن عساكر عن ابن الكلبي: ان حسان بن ثابت كان لسنا شجاعا، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس: أن رسول الله
(1) الاغاني 4/ 147 (الثقافة).
(2)
الاغاني 4/ 141 (الثقافة).
(3)
في الاغاني عن أبي عبيدة: (فضل حسان بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الاسلام).
صلّى الله عليه وسلّم خرج وقد فرش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سماطين وبينهم جارية لحسان يقال لها شرين ومعها مزهر تغنيهم، وهي تقول في غنائها:
هل عليّ ويحكم
…
إن لهوت من حرج
فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا حرج.
وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي وجزة السعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس شعر حسان بن ثابت، ولا كعب بن مالك، ولا عبد الله ابن رواحة شعرا، ولكنه حكمة. وأخرج البخاري في تاريخه عن محمد بن سيرين قال: كان أشعر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت، وكعب ابن مالك، وعبد الله بن رواحة. وأخرج ابن عساكر من طريق أبى اسحق عن سعد ابن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: مرّ حسان بن ثابت برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحارث المري، فقال حسان للحارث (1).
يا حار من يغدر بذمّة جاره
…
منكم فإنّ محمّدا لا يغدر
وأمانة المرّيّ حيث لقيته
…
مثل الزّجاجة صدعها لم يجبر
إن تغدروا فالغدر منكم عادة
…
والغدر ينبت في أصول السّخبر
فقال الحارث للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أعوذ بالله وبك من هذا، ان شعر هذا لو مزج بماء البحر لمزجه. وأخرج ابن عساكر من طريق موسى بن علي بن رباح قال: حدثني شيخ صار بأفريقية من أهل المدينة، قال: سمعت حسان بن ثابت في جوف الليل وهو ينوّه باسمائه ويقول: أنا حسان بن ثابت، أنا ابن الفريعة، أنا الحسام. فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له: سمعتك البارحة تنوّه باسمائك، فما الذي أعجبك؟ قال: عالجت بيتا من الشعر، فلما أحكمته نوّهت باسمائى!
(1) الاغاني 4/ 159 (الثقافة) مع الخبر.
فقلت: وما البيت؟ قال: قلت (1):
وإنّ امرءا يمسي ويصبح سالما
…
من النّاس إلّا ما جنى لسعيد
فلما مات حسان، قال عبد الرحمن بن حسان بعد موت أبيه: أوقد نارا حتى اجتمع إليه الحي، ثم قال: أنا عبد الرحمن بن حسان، وقد قلت بيتا، فخفت أن يسقط بحدث يحدث عليّ، فجمعتكم لتسمعوه فأنشدهم:
وإنّ امرءا نال الغنى ثمّ لم ينل
…
صديقا ولا ذا حاجة لزهيد
فلما مات عبد الرحمن فعل ابنه سعيد مثل ذلك، وأنشدهم:
وإنّ امرءا لاحى الرّجال على الغنى
…
ولم يسأل الله الغنى لحسود
وأخرج ابن عساكر عن معن بن عيسى قال: قام حسان من جوف الليل فصاح:
يا آل الخزرج، فجاؤه وقد فزعوا، فقالوا: مالك؟ قال: بيت قلته فخشيت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة خذوه عني، قالوا: وما قلت؟ قال: قلت:
ربّ حلم أضاعه عدم الما
…
ل وجهل غطّى عليه النّعيم
قال ابن اسحق: مات حسان سنة أربع وخمسين وقد كف بصره.
152 -
وأنشد:
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (2)
هذا من قصيدة للراعي، واسمه عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن ابن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر، يكنى أبا جندل،
(1) ديوانه 141 - 142 وهو في الشعراء 267.
(2)
انظر ص 91 وهـ 3 ص 330.
ولقب الرّاعي لكثرة وصفه الابل. شاعر مشهور، وفد على عبد الملك بن مروان وذكره الجمحي في الطبقة الأولى من الشعراء الاسلاميين (1)، وقبله:
صلّى على عزّة الرّحمن وابنتها
…
ليلى وصلّى على جاراتها الأخر
هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة
…
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور
وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن قحافة المرّي قال: دخل الأخطل على بشر بن مروان، وعنده الراعي فقال له بشر: أأنت أشعر أم هذا؟ قال: أنا أشعر منه وأكرم.
فقال للراعي: ما يقول؟ قال: أما أشعر مني فعسى، وأما أكرم فإن كان في أمّهاته من ولدت مثل الأمير فنعم. فلما خرج الأخطل قيل له: أتقول لخال الامير أنا أكرم منك.
153 -
وأنشد:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا
…
حبّ النّبيّ محمّد إيّانا (2)
هو لكعب بن مالك الصحابي رضي الله عنه، وقيل لحسان بن ثابت، وقيل لبشير ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. والباء في بناء زائدة في الفاعل، وقيل في المفعول.
وحبّ النبي بالرفع، فاعل على الثاني، وبدل اشتمال على المحل، على الأوّل.
وفضلا تمييز. ويروى شرفا، وعلى يتعلق به. وقبله:
نصروا نبيّهم بنصر وليّه
…
فالله عزّ بنصره سمّانا
يعني أن الله عز وجل سماهم الأنصار لأنهم نصروا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن والاه، والباء في بنصر وليه، بمعنى مع. قال التدمري: يروي قوله: (على من غيرنا) برفع غير وكسرها، فالرفع على تقدير:(على من هو غيرنا)، فمن موصولة، والعائد محذوف، على حدّ قوله تعالى:(تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) في قراءة من رفع أحسن، والجر على أن من نكرة موصوفة بغير، أي على انسان غيرنا أو قوم غيرنا.
(1) الطبقات 250.
(2)
الخزانة 2/ 545
وقال الكسائي: على ان من زائدة، وعلى ذلك أورده ابن قاسم في شرح الألفية.
محمد: عطف بيان، وإيّانا: متعد جر المصدر المضاف الى فاعله.
154 -
وأنشد:
أليس عجيبا بأنّ الفتى
…
يصاب ببعض ما في يديه (1)
قال الجاحظ في البيان (2): هو لمحمود النحاس وأورده بلفظ ببعض الذي في يديه (3). وبعده:
فمن بين باك له موجع
…
وبين معزّ مغذّ إليه
ويسلبه الشّيب شرخ الشّباب
…
فليس يعزّيه خلق عليه
155 -
وأنشد:
ومنعكها بشيء يستطاع (4)
هو لرجل من تميم قاله وقد سأله بعض الملوك فرسا يقال لها سكاب فقال:
أبيت اللّعن إنّ سكاب علق
…
نفيس لا تعار ولا تباع
مفدّاة مكرّمة علينا
…
تجاع لها العيال ولا تجاع
سليلة سابقين تناجلاها
…
إذا نسبا يضمّهما الكراع
فلا تطمع أبيت اللّعن فيها
…
ومنعكها بشيء يستطاع
(1) الكامل 521 والبيان والتبيين 3/ 128 (الذي في يديه).
(2)
3/ 128.
(3)
وكذا في البيان ونسبه الى محمود الوراق، وعلى هذا فالشاهد لا يتمثل به لان قائله من المحدثين.
(4)
الخزانة 2/ 413، والحماسة 1/ 208.
وقيل هو لقحيف العجلي.
وأبيت: من الاباء، وهو الامتناع. واللّعن: الطرد، أي انه من أسباب اللّعن.
وكانت هذه تحية الملوك في الجاهلية. وسكاب: علم لفرس مبني على الكسر، كحذام. قال المصنف: هذا هو المحفوظ، والصواب فتحه إعرابا، لأن الشاعر تميمي، وتميم تعرب هذا الباب ممنوع الصرف، واشتقاقه من السكب وهو الصب.
يقال: من صفة الفرس هو بحر سكب (1). والعلق: النفيس. فالجمع بينهما للتوكيد كقوله تعالى: (سُبُلًا فِجاجاً) كذا قاله المصنف. وقال التبريزي: علق نفيس: مال يبخل به. وتعار وتباع: بالتذكير والتأنيث، الأول باعتبار نفيس. والثاني باعتبار الفرس (2). وسليلة سابقين: يعني أنها متولدة من فرسين سابقين. والتناجل:
التناسل. وضمير نسبا: للسابقين. والكراع: علم لفحل مشهور. والواو في (ومنعكها) للحال. ويروى بالفاء، المتسبب عن النهي. واستشهد به النحاة على جواز الوصل فيما اجتمع ضميران، أوّلهما أعرف، ومجروران كان الفصل فيه أرجح، وبشيء متعلق بما قبله، أو بما بعده، وعليهما. فالمعنى بشيء ما. ويستطاع:
خبر، أو بشيء خبر، ويستطاع صفة، والياء زائدة.
156 -
وأنشد:
فما رجعت بخائبة ركاب
…
حكيم بن المسيّب منتهاها (3)
الخيبة: حرمان المطلوب. والركاب: الابل التي يسار عليها، الواحدة راحلة، ولا واحد لها من لفظها. والمسيّب، هذا بالفتح لا غير، وكذا كل مسيب إلا والد
(1) قال التبريزي 1/ 208: (وسكاب إذا أعربته منعته من الصرف، لأنه علم، فلحصول التعريف فيه والتأنيث مع كثرة الحروف يمنع الصرف، والشاعر تميمي، وهذا لغة قومه، وإذا بنيته على الكسر أجريته مجرى حزام، لأنه مؤنث، وهذه اللغة حجازية، واشتقاق سكاب من سكبت إذا صببت، ويقال في صفة الفرس: هو بحر، وسكب).
(2)
وقال التبريزي في شرح معنى البيت الثاني: (أي: تغدى من كرمها وعتقها وتؤثر على العيال فتشبع ويجاع العيال، والعرب تؤثر الخيل على الأنفس والاولاد، فتشبعها وتجيعهم، قال مالك بن نويرة:
جزاني دوائي ذو الخمار وصنعتى
…
إذا بات أطواء بني الاصاغر)
(3)
الشعر للقحيف العقيلي، وهو في الخزانة 4/ 249.
سعيد بن المسيّب، فإن فيه الوجهين الفتح والكسر.
157 -
وأنشد:
فما انبعثت بمزؤد ولا وكل
صدره:
كائن دعيت إلى بأساء داهمة
كائن: بمعنى كم. والبأساء: الشدة. وداهمة: آتية على بغيه. وانبعثت:
أسرعت. والمزؤد: المذعور الخائف. والوكل: بفتح الواو والكاف، العاجز الذي يكل أمره الى غيره.
158 -
وأنشد:
وليس بذي سيف وليس بنبّال (1)
هذا هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر الكندي، وأوّلها (2):
ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي
…
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
وهل يعمن إلّا سعيد مخلّد
…
قليل الهموم ما يبيت بأوجال
وهل يعمن من كان أحدث عهده
…
ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
ديار لسلمى عافيات بذي الخال
…
ألحّ عليها كلّ أسحم هطّال
ومنها:
ألا زعمت بساسة اليوم أنني
…
كبرت، وألّا يشهد اللهو أمثالي
(1) ديوانه 33، وانظر الشاهد 195 ص 393.
(2)
ديوانه 27 - 54، والعقد الثمين 101، والخزانة 1/ 37 - 48، (السلفية)، وشعراء الجاهلية 58، ورجال المعلقات العشر 63، وانظر الشعر والشعراء 54.
فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة
…
بآنسة كأنّها خطّ تمثال
يضيء الفراش وجهها لضجيعها
…
كمصباح زيت في قناديل ذبّال
الى أن قال:
تنوّرتها من أذرعات وأهلها
…
بيثرب أدنى دارها نظر عال
نظرت إليها والنّجوم كأنّها
…
مصابيح رهبان تشبّ لقفّال
سموت إليها بعد ما نام أهلها
…
سموّ حباب الماء حالا على حال
فقالت: سباك الله إنّك فاضحي
…
ألست ترى السّمّار والنّاس أحوالي!
فقلت: يمين الله أبرح قاعدا
…
ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي
فلمّا تنازعنا الحديث وأسمحت
…
هصرت بغصن ذي شماريخ ميّال
فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا
…
ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال
حلفت لها بالله حلفة فاجر
…
لناموا فما إن من حديث ولا صال
وأصبحت معشوقا وأصبح زوجها
…
عليه القتام كاسف الظّنّ والبال
يغطّ غطيط البكر شدّ خناقه
…
ليقتلني والمرء ليس بقتّال
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي
…
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وليس بذي سيف فيقتلني به
…
وليس بذي رمح وليس بنبّال
ومنها:
كأنّي بفتخاء الجناحين لقوة
…
على عجل منها أطأطئ شيّمالي
تخطّف خزّاز الأنيعم بالضّحى
…
وقد جحرت منها ثعالب أورال
كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا
…
لدى وكرها العنّاب والحشف البالي
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة
…
كفاني، ولم أطلب، قليل من المال
ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل
…
وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي
عم: أصله أنعم، حذف منه الألف والنون تخفيفا، ويجوز في العين الفتح والكسر، من أنعم، مفتوح العين ومكسورها، وكانت تحية الجاهلية. ويقال: إنه من وعم بعم، على فعال وعد يعد، أو على مثال ومق يمق. يقولون في الغداة عم صباحا، وفي العشية عم مساء، وفي الليل عم ظلاما. وصباحا: نصب على الظرف، أي أنعم في صباحك. ويجوز كونه تمييزا منقولا نحو:(اشتعل الرأس شيبا). وعن أبي عمرو: انه من نعم المطر إذا كثر، ونعم الشجر إذا كثر زبده، كأنه دعا بالسقيا وكثرة الخير. وقال الاصمعي: مودعا بالنعيم. وهل يعمن: استفهام إنكار، وأصله ينعمن، وفيه شاهد على ورود هل في الاستفهام الانكاري، وعلى تأكيد المضارع بالنون بعد الاستفهام، و (من) فاعل، وقد استعمله في غير العقلاء، وأورده المصنف في التوضيح شاهدا لذلك. والعصر: بضمتين، بمعنى العصر بالفتح فالسكون وهو الدهر والزمان. والأوجال: جمع وجل، وهو الخوف. وعافيات: دارسات. وذو الخال:
جبل مما يلي نجد. والأسحم: الأسود، وهو أغزر ما يكون من الغيم. وهطّال:
سيّال دائم. وبسباسة: بموحدتين ومهملتين، امرأة من بني أسد. وآنسة: ذات أنس من غير ريبة. والتمثال: الصورة. وخطها: نقشها. والذبّال: بضم الذال المعجمة وتشديد الموحدة، جمع ذبالة، وهي الفتيلة. والمعنى: في ذبال قناديل.
وقوله: تنوّرتها، أي نظرت إلى نارها، وانما أراد بقلبه لا بعينه، يقال: تنوّرت النار من بعيد، أي أبصرتها، فكأنه من فرط الشوق يرى نارها. وأذرعات: بلدة بالشام. وقد أورد النحاة، ومنهم المصنف في التوضيح هذا البيت على أن نحو أذرعات يجوز فيه الكسر في النصب منوّنا وغير منوّن. والاعراب كغير المنصرف، فإن البيت روي بالأوجه الثلاثة. ويثرب: المدينة النبوية. والواو في (وأهلها) حالية.
وقوله: (وأدني دارها نظر عالي) يقول: كيف أراها وأدني دارها نظر مرتفع. وقيل معناه: أقرب دارها منا بعيد،
فكيف بها ودونها نظر عالي. وتشب: توقد. وقفّال، بضم القاف وتشديد الفاء، جمع قافل، وهو الذي قد رجع من غزوة. وسموت:
نهضت. والحباب، بفتح الحاء المهملة وتخفيف الموحدة، الطرائق التي في الماء كأنها الوشي. وسباك الله: أبعدك وأذهبك الى غربة. وقيل: لعنك. وقال أبو حاتم:
معناه سلط عليك من يسبيك. وأوصال: جمع وصل، وهي المفاصل. ويمين الله:
مبتدأ وخبره محذوف، أي على وأبرح على حذف لا، أي لا أبرح. وقد أورده المصنف في التوضيح شاهدا لذلك. وأسمحت: سهلت ولانت. وهصرت بغصن:
ثنيت غصنا، والباء زائدة ورضت: من راض يريض. وقوله: (حلفت
…
البيت) والفاجر: اللازب. وصال: المصطلي بالنار. والقتام، وكاشف البال: سيئ الخاطر.
ويغط: أي يرى له غطيط من الغيظ، كما يرى للبكر إذا خنق فشدّت الأنشوطة في عنقه. والبكر: بفتح الباء، الفتي من الابل. وليس بقتال: أي ليس بصاحب قتل.
والمشرفي: بفتح الميم، السيف المنسوب إلى مشارف الشام، وهي قرى للعرب تدنو من الروم. ومسنونه: محددة بالمسنّ، وأراد بها المشاقص. والأغوال: الشياطين، وأراد به التهويل. قال المبرد (1): لم يخبر صادق أنه رأى الغول. قوله: وليس بذي رمح: أي بفارس. والنبّال: الرامي بالنبل. وقد قال الرياشيّ: النبّال هنا ليس بجيد، لأن النبّال هو الذي يعمل النبل أو يبيعها، والذي يرمي بها يقال له نابل.
وقال أبو حاتم مثل هذا، كقولهم سياف أي يضرب بالسيف. وقد استشهد المصنف بهذا البيت على ان فعالا يأتي بمعنى صاحب. كذا، فإن نبالا بمعنى صاحب نبل استغنى به عن ياء النسب. قوله: بفتخاء الجناحين، أي لينة الجناحين، والفتح اللين.
واللقوة: بكسر اللام، العقاب. وشيمّالي، بالتشديد، أصله: شيمالي، ومعناه شيمالي زيدت فيه الياء. وروي شئمالي بالهمز، ومعناه سريعة، يقال: ناقة شملال أي سريعة. ويقال فلان يطاطئ في ماله: أي يسرع. وتخطف: أي تخطف هذه العقاب التي شبه بها فرسه. والخزّار: بكسر الخاء وتشديد الزاي المعجمتين، جمع خزر، وهو الذكر من الأرانب. وجحرت: توارت. وأورال: موضع. يقول:
(1) الكامل 822، وأورد البيت، باختلاف اللفظ.
ثعالب ذلك الموضع لا ترعى من خوف هذه العقاب. والحشف: أردأ التمر. والبالي:
العتيق. ومجد مؤثل: قديم. وقوله: (كأن قلوب الطير
…
البيت). استشهد به المصنف في التوضيح على أن رطبا ويابسا حالان متضمنان معنى الفعل، فلذا وجب تأخيرهما. واستشهد به أهل البيان على التشبيه الملفوف، وهو أن يؤتى بمشبهين ثم المشبه بهما، فإن العناب راجع إلى رطب، والحشف راجع الى يابس. قال المبرد في الكامل (1): هذا البيت أحسن ما جاء في تشبيه شيئين مختلفين في حالين مختلفين بشيئين مختلفين.
وقال ابن عساكر في تاريخه: يقال أن لبيدا قدم المدينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشعر الناس؟ فقال: يا حسان، أعلمه. فقال حسان:
الذي يقول: كأن قلوب الطير
…
البيت. فقال: هذا امرؤ القيس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أدركته لنفعته، ثم قال: معه لواء الشعر يوم القيامة حتى يتدهدأ بهم في النار.
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عفيف بن معدي كرب: ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده امرؤ القيس فقال: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسيّ في الآخرة، شريف في الدنيا خامل في الآخرة، بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار.
(1) الكامل 740، وقال ابن قتيبة في الشعراء 57: (ويستجاد من تشبيهه قوله: كأن قلوب
…
البيت).