المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة: [عبد الله بن رواحة] - شرح شواهد المغني - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌الإمام السيوطي:

- ‌[مقدمة]

- ‌[الكتاب الأول]

- ‌شواهد الخطبة

- ‌فائدة: [الفرزدق]

- ‌فائدة: [شاعر يكنى أبا الفرزدق]

- ‌فائدة: [ساعدة بن جوية]

- ‌شواهد الهمزة

- ‌فائدة: [امرئ القيس هذا، هو ابن حجر]

- ‌فائدة: [المسمون بامرئ القيس غير هذا جماعة]

- ‌فائدة: [القصائد الحوليّات والمنقحات والمحكمات]

- ‌فائدة: [أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث]

- ‌فائدة: [عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عمر بن المغيرة]

- ‌فائدة: [الكميت بن زيد بن خنيس]

- ‌فائدة: [جرير هو ابن عطية بن الخطفي]

- ‌فائدة: [العجاج]

- ‌فائدة: [رؤبة بن العجاج]

- ‌فائدة: [شاعر آخر يقال له رؤبة بن العجاج بن شدم الباهلي]

- ‌فائدة: [المرّية صاحبةعامر بن الطفيل:]

- ‌فائدة: [كثير]

- ‌شواهد إن المكسورة الخفيفة

- ‌فائدة: [أعرق الناس في القتل عمارة بن حمزة بن عبد الله]

- ‌فائدة: [الزبير]

- ‌فائدة: [النابغة]

- ‌فائدة: [النوابغ أربعة:]

- ‌فائدة: [زياد]

- ‌غريب الأبيات:

- ‌شواهد أن المفتوحة الخفيفة

- ‌فائدة: [جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن خيبري]

- ‌فائدة: [قولهكأنّهم لم يحسّوا به

- ‌فائدة: [ابن علس بن مالك بن عمرو بن قمامة]

- ‌فائدة: [أوس بن حجر]

- ‌فائدة: [العباس بن مرداس]

- ‌شواهد إنّ المكسورة المشدّدة

- ‌فائدة: [الأخطل]

- ‌فائدة: [عبيد الله بن قيس]

- ‌شواهد أم

- ‌فائدة: [زهير بن أبي سلمى]

- ‌فائدة: [شعيث]

- ‌فائدة: [ذو الرمّة]

- ‌فائدة: [صريم بن معشر]

- ‌فائدة: [لبيد بن ربيعة]

- ‌شواهد أل

- ‌فائدة: [الرمّاح

- ‌شواهد أما بالفتح والتخفيف

- ‌شواهد أمّا بالفتح والتشديد

- ‌شواهد إمّا المكسورة المشددة

- ‌شواهد أو

- ‌فائدة: [توبة بن الحميّر]

- ‌فائدة: [حميد]

- ‌فائدة: [جعفر بن علبة]

- ‌فائدة: [زياد الأعجم بن سليم]

- ‌شواهد الا المفتوحة الخفيفة

- ‌فائدة: [حاتم الطائي]

- ‌شواهد إلّا المكسورة المشددة

- ‌فائدة: [حضرميّ]

- ‌شواهد ألّا المفتوحة المشدّدة

- ‌شواهد ألى

- ‌شواهد أي بالفتح والسكون

- ‌شواهد أيّ المشددة

- ‌شواهد إذ

- ‌فائدة: [الأعشى]

- ‌فائدة: [العشي من الشعراء ستة عشر:]

- ‌فائدة: [الخنساء بنت عمرو]

- ‌فائدة: [عبيد]

- ‌فائدة: [عبيد بالموحدة جماعة]

- ‌شواهد إذا

- ‌فائدة: [أبرع بيت قالته العرب]

- ‌فائدة: [عبد الله بن رواحة]

- ‌فائدة: [المتلمس]

- ‌شواهد أيمن

- ‌فائدة: [نصيب بن رباح]

- ‌حرف الباء

- ‌شواهد الباء المفردة

- ‌فائدة: [نيران العرب]

- ‌فائدة: [خفاف]

- ‌فائدة: [حسّان بن ثابت]

- ‌شواهد بجل

- ‌شواهد بل

- ‌شواهد بيد

- ‌شواهد بله

- ‌فائدة: [كعب بن مالك]

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌شواهد ثم

- ‌فائدة: [أبو دؤاد جارية]

- ‌حرف الجيم

- ‌شواهد جير

- ‌فائدة: [طفيل بن عوف]

- ‌شواهد جلل

- ‌حرف الحاء

- ‌شواهد حاشا

- ‌شواهد حتى

- ‌شواهد حيث

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الراء

- ‌شواهد ربّ

- ‌فائدة: [أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌حرف السين

- ‌حرف العين

- ‌شواهد على

- ‌فائدة: [عروة بن حزام]

- ‌فائدة: [عمرو بن معدي كرب]

- ‌فائدة: [أبو خراش]

- ‌فائدة: [ابن الدّمينة]

- ‌شواهد عن

- ‌فائدة: [ذي الأصبع]

- ‌شواهد عوض

- ‌شواهد عسى

- ‌فائدة: [صخر بن جعد الخضري، والخضر ولد مالك بن طريف]

- ‌شواهد عل

- ‌فائدة: [أبو النجم]

- ‌شواهد عل

- ‌شواهد عند

- ‌فائدة: [القطامي]

- ‌حرف الغين

- ‌فائدة: [سحيم بن وثيل]

- ‌حرف [ف]

- ‌[شواهد] الفاء

- ‌فائدة: [ربيعة بن مقروم]

- ‌فائدة: [عديّ بن زيد]

- ‌فائدة: [الحطيئة]

- ‌شواهد في

- ‌شواهد القاف

- ‌فائدة: [عديّ بن زيد]

- ‌حرف الكاف

- ‌شواهد كي

- ‌شواهد كم

الفصل: ‌فائدة: [عبد الله بن رواحة]

صلّى الله عليه وسلّم يسوق به الركاب، وهو يقول (1):

تالله لولا الله ما اهتدينا

وما تصدّقنا وما صلّينا

الكافرون قد بغوا علينا

إذا أرادوا فتنة أبينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا

فثبّت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا

وأخرج الشيخان عن البراء قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعر

صدره، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة، يقول:

اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدّقنا ولا صلّينا

الأبيات

وأخرج ابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة: لو حرّكت الركاب؟ فقال: لقد تركت قولي. فقال له عمر: اسمع وأطع، فقال:

اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا

الأبيات

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارحمه. فقال عمر: وجبت.

‌فائدة: [عبد الله بن رواحة]

عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي، أبو محمد،

(1) انظر سير اعلام النبلاء للذهبي 1/ 170، وسيرة ابن سيد الناس 2/ 130، وطبقات ابن سعد 3/ 1: 79، وحاشية الامير 1/ 91.

ص: 287

ويقال أبو رواحة، ويقال أبو عمرو (1) شهد بدرا والعقبة. وهو أحد النقباء، وأحد الأمراء في غزوة مؤتة، واستشهد به سنة سبع. قاله ابن عساكر، وله رواية، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة وزيد بن أسلم، وعطاء بن يسار، ولم يدركه أحد منهم، فهو أحد من أسند من الصحابة الذين ماتوا في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم.

أخرج ابن عساكر من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن رواحة قال:

نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم، أن يطرق الرجل أهله ليلا.

وأخرج من طريق عكرمة عن عبد الله بن رواحة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب.

قال ابن سعد: عبد الله بن رواحة في الطبقة الأولى من أهل بدر، وليس له عقب، وهو خال النعمان بن بشير، وكان يكتب في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلة، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء، واستخلفه القضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى بدر الصغرى، وبعثه سرية في ثلاثين راكبا الى أسير زارم اليهودي (2) بخيبر فقتله. وبعثه الى خيبر خارصا فلم يزل يخرص عليهم الى أن قتل

بمؤتة (3). وقال أبو نعيم: روى عنه ابن عباس وأنس وأسامة.

وقال قتيبة: كان ابن رواحة أخا أبى الدرداء لأمه.

ومن مناقبه ما أخرجه ابن عساكر عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم عبد الله بن رواحة.

(1) في كنى الشعراء لابن حبيب 289: (أبو عمرو)، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 166:(أبو عمرو الانصاري الخزرجي) وقال: ويكنى أبا محمد وأبا رواحة ..).

(2)

كذا في الأصل، خطأ، والصحيح: (أسير بن رزام اليهودي، ويقال:

اليسير بن رزام) وانظر ابن سعد، وابن سيد الناس 2/ 111، وأعلام النبلاء 1/ 166.

(3)

الخرص: تقدير ما على الشجر من الثمار بالظن لا بالاحاطة. وانظر مسند الامام أحمد 3/ 367، وابن سلام 187، وكتب السيرة.

ص: 288

وأخرج عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله ابن رواحة، كان أينما أدركته الصلاة أناخ.

وأخرج عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نصلي على ظهور رواحلنا ففعلنا، ونزل ابن رواحة فصلّى في الأرض، فسعى به رجل من القوم، فبعث إليه فقال: ليأتينكم وقد لقن حجته. فأتاه، فقال له: أمرت الناس أن يصلوا على ظهور رواحلهم، فنزلت وصلّيت في الأرض. فقال: يا رسول الله، لأنك تسعى في فك رقبة قد فكها الله، وأنا إنما نزلت لأسعى في رقبة لم تفك. فقال: ألم أقل لكم انه سيلقن حجته.

وأخرج ابن عساكر، بسند فيه الكريمي، عن حسن بن علي، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن رواحة: ما الشعر؟ قال: شيء يختلج في صدر الرجل، فيخرجه على لسانه شعرا.

وأخرج عن هشام بن حسان قال: قال عبد الله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم (1):

فثبّت الله ما أتاك من حسن

كالمرسلين ونصرا كالّذي نصروا

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وإياك يا سيد الشعراء (2).

وأخرج عن محمد بن سيرين: كان شعراء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.

وأخرج أبو يعلي عن أنس قال: دخل النبيّ صلى الله عليه وسلم

(1) وكذا في حاشية الامير 1/ 91، وفي طبقات ابن سلام 188 وسير اعلام النبلاء 1/ 169:

تثبيت موسى، ونصرا كالذي نصروا

وفي ابن هشام 4/ 16 والمؤتلف والمختلف للآمدي 126: (في المرسلين

).

(2)

في أعلام النبلاء 1/ 169: (فأقبل صلى الله عليه وسلم بوجهه مستبشرا وقال: وإياك فثبّت الله).

ص: 289

مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة بين يديه وهو يقول (1):

خلّوا بني الكفّار عن سبيله،

اليوم نضربكم على تأويله

ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله (2)

فقال عمر: يا ابن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلّ عنه يا عمر، فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل.

وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن أخي الماجشون قال (3): بلغنا أنه كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرّها سرّا عن أهله، فبصرت به امرأته يوما قد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمتك على حرّتك؟ فجاحدها ذلك. قالت: فإن كنت صادقا فاقرأ آية من القرآن، فقال:

شهدت بأنّ وعد الله حقّ

وأنّ النّار مثوى الكافرينا

فقالت: زدني في آية أخرى. فقال:

(1) الرجز روي بزيادة واختلاف، فهو في ابن هشام 4/ 13

وفي ابن اسلام برواية:

خلّوا بني الكفار عن سبيله،

خلّوا، فكل الخير مع رسوله

نحن ضربناكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيله

ضربا يزيل الهام عن مغيله

ويذهل الخليل عن خليله

وفي سير اعلام النبلاء 1/ 169:

خلّوا بني الكفار عن سبيله

اليوم نضربكم على تنزيله

وفي ابن سعد 3/ 2: 80: (خلوا فإن الخير مع رسوله).

وفي ابن سيد الناس 2/ 149:

خلوا بني الكفار عن سبيله

قد أنزل الرحمن في تنزيله

بأن خير القتل في سبيله

وقال ابن هشام «نحن قتلناكم على تأويله» الى آخر الابيات، لعمار بن ياسر في هذا اليوم، كذا. وانظر رجز عمار بن ياسر في كتاب وقعة صفين:286.

(2)

الهام: جمع هامة، وهي الرأس. ومقيل الرأس: مغرزه بين الكتفين.

(3)

انظر الخبر في أعلام النبلاء 1/ 171.

ص: 290

وأنّ العرش فوق الماء طاف

وفوق العرش ربّ العالمينا

فقالت: زدني آية أخرى، فقال:

وتحمله ملائكة كرام

ملائكة الإله مقرّبينا

فقالت: آمنت بالله وكذّبت البصر. فأتى ابن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدّثه، فضحك ولم يغير عليه (1).

وأخرج ابن عساكر عن عكرمة، مولى ابن عباس: أن عبد الله بن رواحة كان مضجعا الى جنب امرأته، فخرج الى الحجرة فواقع جارية له، فاستيقظت المرأة ولم تره، فخرجت، فإذا هو على بطن الجارية فرجعت، فأخذت الشفرة، فلقيها ومعها الشفرة فقال لها: مهيم مهيم، فقالت: مهيم، أما أني لو وجدتك حيث كنت لوجأتك بها: قال: وأين كنت؟ قالت: على بطن الجارية. قال: ما كنت؟ قالت: بلى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب، فقالت: اقرأه.

فقال:

أتانا رسول الله يتلو كتابه

كما لاح مشهور من الصّبح ساطع

أتانا بالهدى بعد العمى فقلوبنا

به موقنات أن ما قال واقع

يبيت يجافي جنبه عن فراشه

إذا اشتعلت بالكافرين المضاجع

قالت: آمنت بالله وكذبت بصري. قال: فغدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فضحك حتى بدت نواجذه.

وأخرج ابن عساكر عن الهيثم بن عدي قال: ذكروا أن عبد الله بن رواحة ابتاع جارية، وكتم ذلك امرأته وقد بلغها، فقالت، له ذات يوم، وبلغها انه كان عندها:

(1) كذا في الاصل، وفي اعلام النبلاء:(ولم ينكر عليه). وفي حاشية الامير 1/ 92: (ولم يعير عليه).

ص: 291

إنه بلغني عنك أنك ابتعت جارية. فقال لها: ما فعلت. قالت: بلى، وقد بلغني أنك كنت عندها اليوم، ولا أحسبك إلّا جنبا، فإن كنت صادقا فاقرأ آيات من القرآن.

فقال:

شهدت بأنّ وعد الله حقّ

الأبيات

قالت: أما إذا قرأت القرآن فإني قد عرفت انه مكذوب عليك. قال: فافتقدته ذات ليلة فلم تجده على فراشها، فلم تزل تطلبه حتى رأته في ناحية الدار فقالت:

الآن صدقت ما بلغني، فجحدها. فقالت: إقرأ آيات من القرآن إن كنت صادقا، فقال:

وفينا رسول الله يتلو كتابه

إدا انشقّ معروف من الصّبح ساطع

الأبيات

فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فضحك حتى ردّ يده على فيه وقال: هذا لعمري من معاريض الكلام، يغفر الله لك يا ابن رواحة، ان خياركم خيركم لنسائه، فأخبرني ما الذي ردّت عليك حيث قلت ما قلت، قال:

قالت لي: أما اذا قرأت القرآن فإني أتهم ظني، وأصدقك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد وجدتها ذات فقه في الدين.

وأخرج (1)

عن أبي هريرة أنه قال في قصصه، وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان أخا لكم لا يقول الرفث، يعني بذلك عبد الله بن رواحة، حيث يقول:

وفينا رسول الله يتلو كتابه

الأبيات

وأخرج ابن سعد، وابن عساكر، عن عروة، قالت لما نزلت:(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله اني منهم. فأنزل الله: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

) (2) حتى ختم الآية.

(1) هنا بياض بالاصل، كما في النسخ التي بأيدينا.

(2)

الشعراء 26، الآية 224.

ص: 292

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال «1» : تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة، فقال لها: تدرين لم تزوجتك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة في بيته. فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل داره صلى ركعتين، لا يدع ذلك أبدا.

وأخرج البيهقي في الدلائل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (1): أنّ عبد الله بن رواحة أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ذات يوم وهو يخطب، فسمعه يقول:

اجلسوا. فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبيّ صلى الله عليه وسلم من خطبته. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات، عن هشام بن عروة عن أبيه. قال (2):

ما سمعت بأحد أجرأ ولا أسرع شعرا من عبد الله بن رواحة يوم يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل شعرا تقتضيه الساعة وأنا أنظر اليك، ثم أبدّه بصره، فانبعث عبد الله بن رواحة يقول:

إنّي تفرّست فيك الخير أعرفه

والله يعلم ما إن خانني بصر (3)

أنت النّبيّ ومن يحرم شفاعته

يوم الحساب فقد أرزى به القدر

فثبّت الله ما أتاك من حسن

كالمرسلين، ونصرا كالّذي نصروا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت فثبتك الله.

قال هشام بن عروة: فثبته الله أحسن ثبات، فقتل شهيدا، وفتحت له الجنة فدخلها.

(1) سير أعلام النبلاء 1/ 167

(2)

انظر الهامش 1 و 2 ص 289.

(3)

في ابن سلام واعلام النبلاء:

فراسة خالفتهم في الذي نظروا

ص: 293

134 -

وأنشد:

ألا إنّ قرطا على آلة

ألا إنّني كيده ما أكيد (1)

هذا للأخرم السنبسي، وبعده:

بعيد الولاء بعيد المحل

من ينأ عنك فذاك السّعيد

وعز المحل لنا بائن

بناه الإله ومجد تليد

ومأثرة المجد كانت لنا

وأورثناها أبونا لبيد

قرط: رجل من سنبس، والآلة: الحالة، ولا يقال بغيرها. و (ما) زائدة، لا نافية، لأن (ما) خبرها لا يعمل فيما قبلها، ولا موصولة ولا مصدرية، لئلا يتقدم الصلة على الموصول. والمعنى: اني أكيد كيده كما يكيدني لأكون خيرا منه (2).

وبعيد الولاء: خبر هو مقدر. وقوله: (من ينأ عنك) على طريقة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. وبائن: ظاهر. وبناه: خبر ثان، أو حال من ضمير بائن. ومجد:

عطف على فاعل بناه، أو مستأنف، أو لنا مجد تليد. والمآثر: المكارم، لأنها تؤثر، أي تروى وتنقل.

135 -

وأنشد:

آليت حبّ العراق أطعمه (3)

هو للمتلمّس، وأخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده عن عمر بن شبّة قال (4):

(1) رواية ابن هشام، وفي حاشية الأمير:(لا أكيد).

(2)

في حاشية الامير معلقا على شرح السيوطي معنى البيت: (ورحم الله السيوطي، فإن هذا لا يلائم استشهاد المصنف، ولم ينبه على ذلك).

(3)

الكتاب 1/ 17، والشعراء 135 (أكله)، وأمالي ابن الشجري 1/ 329، والاغاني 23/ 545 و 553 (الثقافة).

(4)

القصة في الشعراء 134 - 135، والاغاني 21/ 125 - 127، والخزانة 1/ 446 و 3/ 77 وانظر الاغاني 23/ 539 وما بعد (الثقافة).

و 542 - 545.

ص: 294

كان طرفة بن العبد وخاله المتلمّس وفدا على عمرو بن هند، فنزلا منه خاصة ونادماه، ثم أنهما هجواه بعد ذلك، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة، فأشخصا لتقبضاها. فخرجا من عنده، والكتابان في أيديهما، فمرّا بشيخ جالس على ظهر الطريق منكشفا يقضي حاجته، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى، فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ؟ فسمع الشيخ مقالته فقال:

ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثا، وأدخل طيبا، وأقتل عدوّا، وانّ أعجب منّي لمن يحمل حتفه بيده وهو لا يدري. فأوجس المتلمس في نفسه خيفة وارتاب بكتابه.

ولقيه غلام من الحيرة فقال: أتقرأ يا غلام؟ قال: نعم. ففض خاتم كتابه ودفعه الى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: اذا أتاك المتلمّس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حيّا.

فأقبل على طرفة فقال: تعلم والله، لقد كتب فيك بمثل هذا. فلم يلتفت الى قول المتلمس، وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة وقال:

من مبلغ الشّعراء عن أخويهم

أمّا فيصدقهم بذاك الأنفس

أودى الّذي علق الصّحيفة منهما

ونجا، حذار حبائه المتلمّس

أطريفة بن العبد إنّك حائن

أبساحة الملك الهمام تمرّس

ألق الصّحيفة، لا أبالك، إنّه

يخشى عليك من الحباء النّقرس

ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين فقتله، فقال المتلمس:

عصاني، فما لاقى رشادا وإنّما

يبين من الأمر الغويّ عواقبه

فأصبح محمولا على ظهر آلة

يمجّ نجيع الجوف منه ترائبه

وهرب المتلمس فلحق بالشام، وقال يهجو عمرو بن هند (1):

إنّ العراق وأهله كانوا الهوى

فإذا نبا بي أهله فليبعد

(1) الاغاني 23/ 555، باختلاف الرواية واللفظ.

ص: 295

فلتركبن منهم بليل يا فتى

تدع السّماك وتهتدي بالفرقد (1)

لبلاد قوم لا يرام هديّهم

وهديّ قوم آخرين هو الرّدي

كطريفة بن العبد كان هديّهم

ضربوا صميم قذاله بمهنّد (2)

إنّ الخيانة والمغالة والخنا

والغدر اتركه ببلدة مفسد

ملكا يلاعب أمّه وقطينها

رخو المفاصل أيره كالمرود (3)

بالباب يرصد كلّ طالب حاجة

فإذا خلا فإلمرء غير مسدّد

فبلغ شعره عمرا فآلى إن وجده بالعراق ليقتله، فقال المتلمس:

آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه

والحبّ يأكله في القرية السّوس

لم تدر بصرى بما آليت من قسم

ولا دمشق إذا ديس الكداديس

يال بكر ألا لله أمّكم

طال الثّواء وثوب العجز ملبوس

أغنيت شأني فأغنوا اليوم شأنكم

واستحمقوا في مراس القوم أو كيسوا

شدّوا الرّحال على بزل مخيّسة

والضّيم ينكره القوم المكاييس (4)

(1) في الاغاني قال: (فإن السماك يمان والفرقد شاميّ).

(2)

في الاغاني: (الهديّ: الجار هنا، والهديّ أيضا: الأسير، يقول:

إن جار غسان لا يضام ولا يرام بسوء).

(3)

في الأغاني: (ملك يلاعب أمه وقطينه) وقال: (يريد عمرو بن هند. والقطين: الحشم، رماه بالمجوسية ونكاح الامهات، ويقال:

بل أراد ان به تأسفا).

(4)

في الاغاني برواية:

ردّوا عليهم جمال الحيّ فارتحلوا

والظلم ينكره القوم الأكاييس

وقال: ويروى:

شدوا الجمال بأكوار على عجل

والضيم ينكره القوم المكاييس

ص: 296

وأخرج

(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعيينة بن حصن كتابا، فقال:

يا محمد، أتراني حاملا الى قومي كتابا كصحيفة المتلمّس. قال الخطابي: يقول:

لا أحمل الى قومي كتابا لا علم لي بما فيه.

وقال الفرزدق (2):

يا مرو، إنّ مطيّتي محبوسة

ترجو الحباء وربّها لم ييأس

وحبوتني بصحيفة مختومة

يخشى عليّ بها حباء النّقرس

ألق الصّحيفة يا فرزدق لا تكن

نكداء مثل صحيفة المتلمّس

قوله: آليت، أي حلفت على حبّ العراق لا آكله، مع أن الحب متيسر، فحذف الجار ونصب، وهو محل الاستشهاد. والسوس: قمل القمح ونحوه. قال الكسائي:

ساس الطعام يساس، وأساس يسيس سوسا، بالفتح، والاسم بالضم. قال العيني:

وقد اختلف في قوله: آليت، هل بضم التاء أو بفتحها، فكلام العسكري يقتضي أنه بالضم، وكذا الرواية السابقة. وقال: وصرح غيره من العلماء بالشعر واللغة بأنه بالفتح، وكذا ضبطوه في كتاب سيبويه، وقالوا: انه يخاطب بذلك عمرو بن هند، لأنه لما هجاه، حلف عمرو أنه لا يطعم المتلمس بعدها حبّ العراق، أي انه لا يقدر بعدها على المقام بالعراق، فلا سبيل له الى أكل حبها. فقال المتلمس ذلك. أي حلفت يا عمرو، لا تتركني بالعراق والطعام لا يبقى وان استبقيته، بل يسرع إليه الفساد ويأكله السوس، فالبخل به قبيح. وقوله: (لم تدر بصري

البيت) أي لم تعلم بصرى أنك حلفت، فأنا آكل من طعامها، وكذلك دمشق، فانا أكون في موضع لا أمر لك فيه، فلا أخافك على نفسي، وأنا في خصب وخير. والدهر: نصب على الظرف، وأطعمه على حذف (لا) النافية، أي لا أطعمه. وبصرى، بضم الموحدة، مدينة بالشام. والكداديس: أكداس الطعام، ولا واحد لها من لفظها، قاله النحاس.

(1) بياض بالاصل.

(2)

انظر الاغاني 23/ 546 - 549 (الثقافة).

ص: 297