الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ» وَيُسْتَحَبُّ تَفْطِيرُ الصَّائِمِ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، لِلْخَبَرِ
[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]
فَصْلٌ سُنَّ فَوْرًا لِمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ (تَتَابُعُ قَضَاءِ رَمَضَانَ) نَصًّا وِفَاقًا مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَرِّقَ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ وإنْ شَاءَ تَابَعَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلِأَنَّ وَقْتَهُ مُوَسَّعٌ وَإِنَّمَا لَزِمَ التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ أَدَاءً لِمُقِيمٍ لَا عُذْرَ لَهُ: لِلْفَوْرِ، وَتَعَيُّنِ الْوَقْتِ، لَا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي نَفْسِهِ (إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي فَاتَتْهُ مِنْ رَمَضَانَ (فَيَجِبُ) التَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ كَأَدَاءِ رَمَضَانَ فِي حَقِّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ (وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ) كُلُّهُ (قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ) تَامًّا كَانَ أَوْ نَاقِصًا كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ، فَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَصَامَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَوْ أَثْنَائِهِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَكَانَ الْفَائِتُ نَاقِصًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ الْأَيَّامِ لِلْآيَةِ (وَيُقَدَّمُ) قَضَاءُ رَمَضَانَ وُجُوبًا (عَلَى) صَوْمِ (نَذْرٍ لَا يَخَافُ فَوْتَهُ) لِسَعَةِ وَقْتِهِ لِتَأَكُّدِ الْقَضَاءِ، لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ النَّذْرِ قَدَّمَهُ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ الْقَضَاءِ (وَحَرُمَ تَطَوُّعٌ قَبْلَهُ) أَيْ: قَضَاءِ رَمَضَانَ (وَلَا يَصِحُّ) نَصًّا لِلْخَبَرِ، مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، بَلْ يَبْدَأُ بِالْفَرْضِ، حَتَّى يَقْضِيَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ صَامَهُ يَعْنِي بَعْدَ الْفَرْضِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ (وَ) حَرُمَ (تَأْخِيرُهُ) أَيْ: قَضَاءِ رَمَضَانَ (إلَى) رَمَضَانَ (آخَرَ، بِلَا عُذْرٍ) نَصًّا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ «مَا كُنْت أَقْضِي مَا عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إلَّا فِي شَعْبَانَ، لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . وَكَمَا لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ (فَإِنْ أَخَّرَ) قَضَاءَهُ إلَى آخِرَ بِلَا عُذْرٍ (قَضَى) عَدَدَ مَا عَلَيْهِ (وَأَطْعَمَ) لِتَأْخِيرِهِ (وَيُجْزِئُ) إطْعَامٌ قَبْلَهُ أَيْ: الْقَضَاءِ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " فَإِذَا قَضَى أَطْعَمَ " رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ الْمَجْدُ: الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا تَقْدِيمُهُ، مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ وَتَخَلُّصًا مِنْ آفَاتِ التَّأْخِيرِ (مِسْكِينًا لِكُلِّ يَوْمٍ) أَخَّرَهُ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ (مَا) أَيْ: طَعَامًا (يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ
وُجُوبًا) رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ (وَ) إنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ إلَى آخَرَ (لِعُذْرٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ)(قَضَى فَقَطْ) أَيْ: بِلَا إطْعَامٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ وَإِنْ أَخَّرَ الْبَعْضَ لِعُذْرٍ، وَالْبَعْضَ لِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَلَا شَيْءٍ عَلَيْهِ) أَيْ: مَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ لِعُذْرٍ (إنْ مَاتَ) نَصًّا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ بِالشَّرْعِ، مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهِ فَسَقَطَ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ كَالْحَجِّ.
(وَ) إنْ أَخَّرَهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِغَيْرِ عُذْرٍ (فَمَاتَ قَبْلَ) أَنْ يُدْرِكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، بِلَا قَضَاءٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ الْقَضَاءِ فَقَالَتْ «لَا، بَلْ يُطْعِمُ» ، رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَكَذَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَكْثَرُ أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا فَقَطْ) أَيْ: بِلَا قَضَاءٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ حَالَ الْحَيَاةِ فَبَعْدَ الْمَوْتِ كَذَلِكَ كَالصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ إطْعَامِ مِسْكِينٍ، وَلَوْ مَضَتْ رَمَضَانَاتٌ كَثِيرَةٌ.
(وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ صَوْمٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ) عَلَيْهِ نَذْرُ (حَجٍّ) فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) عَلَيْهِ نَذْرُ (صَلَاةٍ) فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) نَذْرُ (طَوَافٍ) فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) نَذْرُ (اعْتِكَافٍ) فِي الذِّمَّةِ نَصًّا (لَمْ يَفْعَل مِنْهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ (شَيْئًا مَعَ إمْكَانِ) فِعْلِ مَنْذُورٍ، بِأَنْ مَضَى مَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ مِقْدَارَ مَا بَقِيَ مِنْهَا صَادَفَ نَذْرَهُ حَالَةَ مَوْتِهِ، وَهُوَ يَمْنَعُ الثُّبُوتَ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَمَاتَ قَبْلَهُ (غَيْرِ حَجٍّ) فَيُفْعَلُ عَنْهُ مُطْلَقًا، تَمَكَّنَ مِنْهُ أَوْ لَا، جَوَازُ النِّيَابَةِ فِيهِ حَالَ الْحَيَاةِ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْلَى.
(سُنَّ لِوَلِيِّهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ (فِعْلُهُ) أَيْ: النَّذْرِ الْمَذْكُورِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَفَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، فَقَضَيْتِيهِ عَنْهَا أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَصَوْمِي عَنْ أُمِّكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي الْبَابِ غَيْرُهُ وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ " فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ النَّذْرِ ; لِلنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي النَّذْرِ وَالنِّيَابَةُ تَدْخُلُ فِي الْعِبَادَةِ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا وَالنَّذْرُ