الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْهُ) وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَكَذَا عُرْيَانٌ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً، أَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ عُرَاةٍ.
وَ (لَا) يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ (مَنْ عَلَيْهِ حَدُّ) اللَّهِ، كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَقَذْفٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ: إنْ رَجَا الْعَفْوَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ (أَوْ) كَانَ (بِطَرِيقِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ (أَوْ بِالْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ، كَدُعَاةِ الْبُغَاةِ) فَلَا يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ نَصًّا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ لِنَفْسِهِ، لَا قَضَاءُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ.
(وَيُنْكِرُهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ (بِحَسَبِهِ) أَيْ: قَدْرِ مَا يُطِيقُهُ لِلْخَبَرِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مَنْ جَهِلَ الطَّرِيقَ لِلْمَسْجِدِ، إذَا وَجَدَ مَنْ يَهْدِيهِ وَلَا أَعْمًى وَجَدَ مَنْ يَقُودُهُ بِمِلْكٍ، أَوْ إجَارَةٍ.
وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. .
[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]
ِ جَمْعُ عُذْرٍ وَهُمْ: الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْخَائِفُ وَمَنْ يُلْحَقُ بِهِمْ.
(تَلْزَمُ) صَلَاةٌ (مَكْتُوبَةٌ الْمَرِيضَ قَائِمًا) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ (كَرَاكِعٍ، أَوْ) كَانَ (مُعْتَمِدًا) فِي قِيَامِهِ إلَى شَيْءٍ (أَوْ) كَانَ (مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا) لِعُمُومِ «صَلِّ قَائِمًا» " وَلِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأُجْرَةِ صَلَّى قَاعِدًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْقِيَامِ كَذَلِكَ (أَوْ شَقَّ) عَلَيْهِ الْقِيَامُ (لِضَرَرٍ) يَلْحَقُهُ بِهِ (أَوْ زِيَادَةِ مَرَضٍ، أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ وَنَحْوِهِ) كَوَهَنٍ بِقِيَامٍ (فَ) إنَّهُ تَلْزَمُهُ الْمَكْتُوبَةُ (قَاعِدًا) وَعَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ: وَلَوْ مُعْتَمِدًا، أَوْ مُسْتَنِدًا بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا (مُتَرَبِّعًا نَدْبًا) وِفَاقًا، كَمُتَنَفِّلٍ، وَكَيْفَ قَعَدَ جَازَ (وَيُثْنِي رِجْلَيْهِ فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمُنْتَفَلٍ) وَأَسْقَطَ الْقَاضِي الْقِيَامَ بِضَرَرٍ مُتَوَهَّمٍ، وَقَالَ: إنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ، حَتَّى زَادَ مَرَضُهُ أَثِمَ،
ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْقُعُودِ (أَوْ شَقَّ) عَلَيْهِ الْقُعُودُ (وَلَوْ بِتَعَدِّيهِ بِضَرْبِ سَاقِهِ) كَتَعَدِّيهَا
بِضَرْبِ بَطْنِهَا فَنُفِسَتْ (فَعَلَى جَنْبِهِ) يُصَلِّي «لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا زَادَ النَّسَائِيُّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا» "(وَ) الْجَنْبُ (الْأَيْمَنُ أَفْضُلُ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ.
(وَتُكْرَهُ) صَلَاةُ مَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ قِيَامٍ وَقُعُودٍ (عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ) أَنْ يُصَلِّيَ (عَلَى جَنْبِهِ) وَتَصِحُّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ مَرِيضٌ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ (تَعَيَّنَ) أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا إنْ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ، أَوْمَأَ إيمَاءً. وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا وَرِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ» " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
(وَيُومِئ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) عَاجِزٌ عَنْهُمَا مَا أَمْكَنَهُ، نَصًّا، لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَجْعَلُهُ) أَيْ: السُّجُودَ (أَخْفَضَ) لِلْخَبَرِ وَلِلتَّمْيِيزِ.
(وَإِذَا سَجَدَ) مَرِيضٌ غَايَةَ (مَا أَمْكَنَهُ عَلَى شَيْءٍ رُفِعَ) لَهُ وَانْفَصَلَ لَهُ وَانْفَصَلَ عَنْ الْأَرْضِ (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي إجْزَائِهِ (وَأَجْزَأَهُ) نَصًّا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ، أَوْمَأَ.
(وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: السُّجُودِ (عَلَى وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا) بِلَا رَفْعٍ وَاحْتُجَّ بِفِعْلِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ: نَهَى عَنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ.
(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ إيمَاءٍ بِرَأْسِهِ (أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ) أَيْ: عَيْنِهِ (نَاوِيًا مُسْتَحْضِرًا) تَفْسِيرٌ لَهُ (الْفِعْلَ) عِنْدَ إيمَائِهِ.
(وَ) نَاوِيًا (الْقَوْلَ) إذَا أَوْمَأَ لَهُ (إنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ: الْقَوْلِ (بِقَلْبِهِ) مُتَعَلِّقَيْنِ بِ مُسْتَحْضِرًا أَيْ: يَسْتَحْضِرُ الْفِعْلَ عِنْدَ إيمَائِهِ بِهِ وَيَسْتَحْضِرُ الْقَوْلَ إنْ عَجَزَ عَنْهُ بِلِسَانِهِ (كَأَسِيرٍ خَائِفٍ) أَنْ يَعْلَمُوا بِصَلَاتِهِ،
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَعَ عَقْلِهِ وَفِي التَّبْصِرَةِ: صَلَّى بِقَلْبِهِ، أَوْ طَرْفِهِ وَفِي الْخِلَافِ: أَوْمَأَ بِعَيْنِهِ وَحَاجِبِهِ، أَوْ قَلْبِهِ اهـ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» " (وَلَا تَسْقُطُ) الصَّلَاةُ عَنْ مَرِيضٍ مَا دَامَ ثَابِتَ الْعَقْلِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيمَاءِ بِطَرْفِهِ مَعَ النِّيَّةِ بِقَلْبِهِ.
وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُ مَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ قِيَامٍ، أَوْ قُعُودٍ إذَا صَلَّى عَلَى مَا يُطِيقُهُ لِخَبَرِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» ".
(فَإِنْ قَدَرَ) مُصَلٍّ قَاعِدًا (عَلَى قِيَامٍ) فِي أَثَنَاءِ الصَّلَاةِ انْتَقَلَ إلَيْهِ (أَوْ) قَدَرَ مُصَلٍّ
مُضْطَجِعًا عَجْزًا عَنْ قُعُودٍ عَلَى (قُعُودٍ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (انْتَقَلَ إلَيْهِ) لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ.
وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ، وَأَتَمَّهَا (فَيَقُومُ) الْعَاجِزُ أَوَّلًا عَنْ الْقِيَامِ (أَوْ يَقْعُدُ) مَنْ كَانَ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ لِزَوَالِ الْمُبِيحِ لِتَرْكِهِ (وَيَرْكَعُ بِلَا قِرَاءَةٍ مَنْ) كَانَ (قَرَأَ) حَالَ عَجْزِهِ لِحُصُولِهَا فِي مَحَلِّهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْرَأْ حَالَ عَجْزِهِ (قَرَأَ) بَعْدَ قِيَامِهِ، أَوْ قُعُودِهِ، لِيَأْتِيَ بِفَرْضِهَا، وَإِنْ كَانَ قَرَأَ الْبَعْضَ أَتَى بِالْبَاقِي (وَإِنْ أَبْطَأَ مُتَثَاقِلًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَبْطَأَ.
(مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ) فِي أَثَنَاءِ صَلَاتِهِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهُ (فَعَادَ الْعَجْزُ) فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ كَانَ) إبْطَاؤُهُ (بِمَحِلِّ قُعُودٍ) مِنْ صَلَاتِهِ (كَتَشَهُّدٍ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ جُلُوسَهُ بِمَحَلِّهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ قُعُودٍ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَ) بَطَلَتْ (صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، وَلَوْ جَهِلُوا) لِارْتِبَاطِ صَلَاتِهِمْ بِصَلَاتِهِ.
وَكَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ (وَيَبْنِي مَنْ) ابْتَدَأَهَا قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا ثُمَّ (عَجَزَ فِيهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ: الصَّلَاةُ (عَلَى مَا فَعَلَهُ) لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا، كَالْآتِي مَنْ يَخَافُ (وَتُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ) مَنْ كَانَ يُصَلِّي قَائِمًا ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ (إنْ أَتَمَّهَا فِي) حَالِ (انْحِطَاطِهِ) لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْقُعُودِ الَّذِي صَارَ فَرْضَهُ وَ (لَا) تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ (مَنْ) صَلَّى قَاعِدًا عَجْزًا ثُمَّ (صَحَّ) فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ (فَأَتَمَّهَا) أَيْ: الْفَاتِحَةَ (فِي) حَالِ (ارْتِفَاعِهِ) أَيْ: نُهُوضِهِ، كَقِرَاءَةِ الصَّحِيحِ حَالَ نُهُوضِهِ.
(وَمَنْ قَدَرَ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُودٍ دُونَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، أَوْمَأَ بِرُكُوعٍ قَائِمًا) لِأَنَّ الرَّاكِعَ كَالْقَائِمِ فِي نَصْبِ رِجْلَيْهِ.
(وَ) أَوْمَأَ (بِسُجُودٍ قَاعِدًا) لِأَنَّ السَّاجِدَ كَالْجَالِسِ فِي جَمْعِ رِجْلَيْهِ، وَلِيَحْصُل الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِيمَاءَيْنِ.
وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَحْنِيَ رَقَبَتَهُ دُونَ ظَهْرِهِ حَنَاهَا وَإِذَا سَجَدَ قَرَّبَ وَجْهَهُ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَمْكَنَهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى سُجُودٍ عَلَى صُدْغَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ.
(وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَقُومَ) فِي الصَّلَاةِ (مُنْفَرِدًا وَ) قَدَرَ أَنْ (يَجْلِسَ فِي جَمَاعَةٍ، خُيِّرَ) بَيْنَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ جَالِسًا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ: لِأَنَّهُ يَفْعَل فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَاجِبًا وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا لِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ، بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَلِمَرِيضٍ) وَلَوْ أَرْمَدَ (يُطِيقُ قِيَامًا) الصَّلَاةُ (مُسْتَلْقِيًا لِمُدَاوَاةٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ) سُمِّيَ بِهِ لِحِذْقِهِ وَفِطْنَتِهِ (مُسْلِمٍ ثِقَةٍ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ
دِينِيٌّ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ كَافِرٌ وَلَا فَاسِقٌ كَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " صَلَّى جَالِسًا حِينَ جُحِشَ شِقُّهُ " وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ، بَلْ فَعَلَهُ إمَّا لِلْمَشَقَّةِ، أَوْ لِوُجُودِ الضَّرَرِ وَكِلَاهُمَا حُجَّةٌ وَأُمُّ سَلَمَةَ تَرَكَتْ السُّجُودَ لِرَمِدٍ بِهَا.
(وَ) لِلْمَرِيضِ أَنْ (يُفْطِرَ بِقَوْلِهِ) أَيْ: الطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ الثِّقَةِ (إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ) أَيْ: الْمَرَضَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا، أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] .
وَلَا تَصِحُّ مَكْتُوبَةٌ فِي سَفِينَةٍ قَاعِدًا لِقَادِرٍ عَلَى قِيَامٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَى رُكْنِ الصَّلَاةِ، كَمَنْ بِغَيْرِ سَفِينَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ قِيَامٍ بِهَا وَخُرُوجٍ مِنْهَا صَلَّى جَالِسًا وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ; وَدَارَ كُلَّمَا انْحَرَفَتْ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ وَتُقَامُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا مَعَ عَجْزٍ عَنْ قِيَامٍ، كَمَعَ قُدْرَةٍ عَلَيْهِ.
(وَتَصِحُّ) مَكْتُوبَةٌ (عَلَى رَاحِلَةٍ) وَاقِفَةٍ، أَوْ سَائِرَةٍ (لِتَأَذٍّ بِوَحْلٍ وَمَطَرٍ وَغَيْرِهِ) كَثَلْجٍ، أَوْ بَرْدٍ لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى إلَى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالْبَلَّةُ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهِمْ، يَعْنِي إيمَاءً، يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفَعَلَهُ أَنَسٌ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى نُزُولٍ بِلَا مَضَرَّةٍ لَزِمَهُ، وَقَامَ وَرَكَعَ كَغَيْرِهِ حَالَةَ الْمَطَرِ، وَأَوْمَأَ بِسُجُودٍ إنْ كَانَ يُلَوِّثُ الثِّيَابَ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ.
(وَ) تَصِحُّ مَكْتُوبَةٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لِخَوْفِ (انْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ) بِنُزُولٍ (أَوْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ) إنْ نَزَلَ (مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ) كَسَيْلٍ وَسَبُعٍ (، أَوْ عَجْزِهِ عَنْ رُكُوبِهِ إنْ نَزَلَ) لِلصَّلَاةِ،
فَإِنْ قَدَرَ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا نَزَلَ وَالْمَرْأَةُ إنْ خَافَتْ تَبْرُزُ وَهِيَ خَفِرَةٌ صَلَّتْ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَكَذَا مَنْ خَافَ حُصُولَ ضَرَرٍ بِالْمَشْيِ ذَكَرَهُمَا فِي الِاخْتِيَارَاتِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُصَلِّي عَلَى الرَّاحِلَةِ الْمَكْتُوبَةُ لِعُذْرِ (الِاسْتِقْبَالِ وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) مِنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ إيمَاءٍ بِهِمَا، وَطُمَأْنِينَةٍ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» " (وَلَا تَصِحُّ) مَكْتُوبَةٌ عَلَى رَاحِلَةٍ (لِمَرَضٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ أَثَرٌ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فِي زَوَالِهِ، لِسَكَنٍ إنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوبٍ إنْ نَزَلَ، أَوْ خَافَ انْقِطَاعًا وَنَحْوَهُ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا كَالصَّحِيحِ وَأَوْلَى.
(وَمَنْ أَتَى بِكُلِّ فَرْضٍ وَشَرْطٍ) لِمَكْتُوبَةٍ، أَوْ نَافِلَةٍ (وَصَلَّى عَلَيْهَا) أَيْ: الرَّاحِلَةِ (، أَوْ) صَلَّى
(بِسَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا) كَالْمِحَفَّةِ (سَائِرَةً، أَوْ وَاقِفَةً، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نَحْوِ مَطَرٍ، أَوْ مَعَ إمْكَانِ خُرُوجٍ مِنْ نَحْوِ سَفِينَةٍ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِاسْتِيفَائِهَا مَا يُعْتَبَرُ لَهَا.
(وَمَنْ بِمَاءٍ وَطِينٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ (يُومِئ) بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ (كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ) لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» " (وَيَسْجُدُ غَرِيقٌ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ) أَيْ: ظَهْرِهِ، لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ وَلَا إعَادَةَ فِي الْكُلِّ (وَيُعْتَبَرُ الْمَقَرُّ لِأَعْضَاءِ السُّجُودِ) لِحَدِيثِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ".
(فَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى قُطْنٍ مَنْفُوشٍ وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَعْضَاءُ لَمْ تَصِحَّ.
(أَوْ صَلَّى مُعَلَّقًا) ، أَوْ فِي أُرْجُوحَةٍ (وَلَا ضَرُورَةَ) تَمْنَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْأَرْضِ (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ عُرْفًا وَعَدَمِ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ.
(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (إنْ حَاذَى صَدْرُهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (رَوْزَنَةً) وَهِيَ الْكُوَّةُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (وَنَحْوَهَا) كَشُبَّاكٍ وَمَا لَا يُجْزِئُ سُجُودُهُ عَلَيْهِ.
(وَ) تَصِحُّ أَيْضًا (عَلَى حَائِلٍ صُوفٍ وَغَيْرِهِ) كَشَعْرٍ وَوَبَرٍ (مِنْ حَيَوَانٍ) طَاهِرٍ، وَلَا كَرَاهَةَ لِحَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَدْبُوغَةٍ» ".
(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَيْضًا (عَلَى مَا مَنَعَ صَلَابَةَ الْأَرْضِ) كَفِرَاشٍ مَحْشُوٍّ بِنَحْوِ قُطْنٍ (وَ) عَلَى (مَا تُنْبِتُهُ) الْأَرْضُ لِاسْتِقْرَارِ السُّجُودِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيث أَنَسٍ «صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ» ".