الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَدَخَلَ) فِي سُنَنِ الْهَيْئَاتِ (جَهْرُ) إمَامٍ بِنَحْوِ تَكْبِيرٍ وَتَسْمِيعٍ وَتَسْلِيمَةٍ أُولَى، وَقِرَاءَةٍ فِي جَهْرِيَّةٍ. وَدَخَلَ (وَإِخْفَاتٌ) بِنَحْوِ تَشَهُّدِ تَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَسُؤَالِ مَغْفِرَةٍ وَتَحْمِيدٍ، وَقِرَاءَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جَهْرٍ. وَكَذَا بِنَحْوِ تَكْبِيرٍ وَتَسْلِيمٍ، وَتَسْمِيعٍ لِغَيْرِ إمَامٍ، إلَّا الْمَأْمُومَ لِحَاجَةٍ.
(وَ) دَخَلَ (تَرْتِيلُ) قِرَاءَةٍ (وَتَخْفِيفُ) صَلَاةِ الْإِمَامِ (وَإِطَالَةُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى)(وَتَقْصِيرُ) الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ فِي غَيْرِهَا فَهِيَ مِنْ الْهَيْئَاتِ.
وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ مِنْ سُنَنِ الْأَقْوَالِ (وَيُسَنُّ خُشُوعٌ) فِي صَلَاةٍ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ.
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ، فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]" أَيْ: الْمُخْبِتِينَ. وَالْخُشُوعُ: الْإِخْبَاتُ قَالَ: وَالْخُضُوعُ اللِّينُ وَالِانْقِيَادُ وَلِذَلِكَ يُقَالُ: الْخُشُوعُ بِالْجَوَارِحِ، وَالْخُضُوعُ بِالْقَلْبِ وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] " أَيْ: خَائِفُونَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، مُتَذَلِّلُونَ لَهُ، مُلْزِمُونَ أَبْصَارَهُمْ مَسَاجِدَهُمْ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْخُشُوعُ الْخُضُوعُ وَالْإِخْبَاتُ.
[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]
ِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: السَّهْوُ فِي الشَّيْءِ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، وَعَنْ الشَّيْءِ: تَرْكُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ (يُشْرَعُ) أَيْ: يَجِبُ، أَوْ يُسَنُّ، كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ (لِزِيَادَةٍ) فِي الصَّلَاةِ (وَنَقْصٍ) مِنْهَا سَهْوًا، وَ (لَا) يُشْرَعُ إذَا زَادَ، أَوْ نَقَصَ مِنْهَا (عَمْدًا) لِأَنَّ السُّجُودَ يُضَافُ إلَى السَّهْوِ فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ. وَالشَّرْعُ إنَّمَا وَرَدَ بِهِ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْجِبَارِ السَّهْوِ انْجِبَارُ الْعَمْدِ، لِوُجُوبِ الْعُذْرِ فِي السَّهْوِ.
(وَ) يُشْرَعُ أَيْضًا سُجُودُ السَّهْوِ (لِشَكٍّ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: بَعْضِ الْمَسَائِلِ، كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، فَلَا يُشْرَعُ لِكُلِّ شَكٍّ، بَلْ وَلَا لِكُلِّ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ.
وَ (لَا) يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ (إذَا كَثُرَ) الشَّكُّ (حَتَّى صَارَ كَوَسْوَاسٍ) لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ فَيَقْضِي الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا فَلَزِمَهُ طَرْحُهُ وَاللَّهْوُ عَنْهُ (بِنَفْلٍ) مُتَعَلِّقٍ بِشَرْعٍ (وَفَرْضٍ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ".
وَلِأَنَّ النَّفَلَ صَلَاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَشْبَهَ الْفَرِيضَةَ (سِوَى) صَلَاةِ (جِنَازَةٍ) فَلَا سُجُودَ
لِسَهْوٍ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي صُلْبِهَا فَجَبْرُهَا أَوْلَى.
(وَ) سِوَى (سُجُودِ تِلَاوَةٍ، وَ) سُجُودِ (شُكْرٍ) لِئَلَّا يَلْزَمَ زِيَادَةُ الْجَابِرِ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَ) سِوَى سُجُودِ (سَهْوٍ) حَكَاهُ إِسْحَاقُ إجْمَاعًا، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّسَلْسُلِ.
وَكَذَا لَوْ سَهَا بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِذَلِكَ (فَمَتَى زَادَ) سَهْوًا (فِعْلًا مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (قِيَامًا، أَوْ قُعُودًا، وَلَوْ) كَانَ الْقُعُودُ عَقِبَ رَكْعَةٍ، وَكَانَ (قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) سَجَدَ لِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ زَادَ جِلْسَةً أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ قَائِمًا فَجَلَسَ (أَوْ) زَادَ
(رُكُوعًا، أَوْ سُجُودًا) سَهْوًا (أَوْ نَوَى الْقَصْرَ) حَيْثُ يُبَاحُ (قَائِمٌ سَهْوًا، سَجَدَ لَهُ) وُجُوبًا إلَّا فِي الْإِتْمَامِ فَاسْتِحْبَابًا لِحَدِيثِ «إذَا زَادَ الرَّجُلُ، أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَ) إنْ كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ (عَمْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ ; لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِهَيْئَتِهَا (إلَّا فِي الْإِتْمَامِ) أَيْ: إذَا نَوَى الْقَصْرَ، فَأَتَمَّ عَمْدًا، فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ.
(وَإِنْ قَامَ) مُصَلٍّ (لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ) سَهْوًا، كَثَالِثَةٍ فِي فَجْرٍ، وَرَابِعَةٍ فِي مَغْرِبٍ، وَخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ (جَلَسَ) بِلَا تَكْبِيرٍ (مَتَى ذَكَرَ) أَنَّهَا زَائِدَةٌ وُجُوبًا لِئَلَّا يُغَيِّرَ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ (وَلَا يَتَشَهَّدُ إنْ) كَانَ (تَشَهَّدَ) قَبْلَ قِيَامِهِ، لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ.
وَإِنْ كَانَ تَشَهَّدَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
صَلَّى عَلَيْهِ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ (وَسَلَّمَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ قَبْلَ قِيَامِهِ تَشَهَّدَ وَسَجَدَ وَسَلَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا، سَجَدَ لَهَا لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: لَا فَقَالُوا: فَإِنَّكَ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى، كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» .
" وَفِي رِوَايَةِ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ، وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ» " وَفِي رِوَايَةِ قَالَ «وَإِذَا زَادَ الرَّجُلُ، أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» " رَوَاهُ بِطُرُقِهِ مُسْلِمٌ.
(وَمَنْ نَوَى) صَلَاةَ (رَكْعَتَيْنِ) نَفْلًا (فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ نَهَارًا فَالْأَفْضَلُ) لَهُ (أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوٍ) لِإِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ فَأَكْثَرَ، رَجَعَ وَسَجَدَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ.
(وَ) إنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ (لَيْلًا فَكَقِيَامِهِ إلَى) رَكْعَةٍ (ثَالِثَةٍ ب) صَلَاةِ (فَجْرٍ) نَصًّا. لِحَدِيثِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» " وَلِأَنَّهَا
صَلَاةٌ شُرِعَتْ رَكْعَتَيْنِ أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ ;
(وَمَنْ) سَهَا عَلَيْهِ فَ (نَبَّهَهُ ثِقَتَانِ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ امْرَأَتَيْنِ (فَأَكْثَرَ) سَوَاءٌ شَارَكُوهُ فِي الْعِبَادَةِ، بِأَنْ كَانَ إمَامًا لَهُمْ، أَوْ لَا (وَيَلْزَمُهُمْ تَنْبِيهُهُ. لَزِمَهُ الرُّجُوعُ) لِيَرْجِعَ لِلصَّوَابِ إلَى تَنْبِيهُهُمْ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبِلَ قَوْلَ الْقَوْمِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ ; فَإِنْ نَبَّهَهُ وَاحِدٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْجِعْ لِذِي الْيَدَيْنِ وَحْدَهُ. وَكَذَا حُكْمُ طَوَافٍ، فَإِذَا قَالَ: اثْنَانِ فَأَكْثَرُ: طُفْت كَذَا، عَمِلَ بِقَوْلِهِمَا وَإِلَّا عَمِلَ بِالْيَقِينِ.
(وَلَوْ ظَنَّ) الْمُصَلِّي (خَطَأَهُمَا) أَيْ: الْمُنَبِّهَيْنِ لَهُ، كَمَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الرُّجُوعُ إلَى شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ (مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ) مُصَلٍّ (صَوَابَ نَفْسِهِ) فَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ، كَالْحَاكِمِ إذَا عَلِمَ كَذِبَ الْبَيِّنَةِ (أَوْ) لَا مَا لَمْ (يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مَنْ يُنَبِّهُهُ) فَيَسْقُطُ قَوْلُهُمْ، كَبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا، وَ (لَا) يَلْزَمُهُ رُجُوعٌ إلَى (فِعْلِ مَأْمُومِينَ) مِنْ نَحْوِ قِيَامٍ وَقُعُودٍ بِلَا تَنْبِيهٍ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِالتَّنْبِيهِ: بِتَسْبِيحِ الرِّجَالِ، وَتَصْفِيقِ النِّسَاءِ.
(فَإِنْ أَبَاهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ (إمَامٌ) وَجَبَ عَلَيْهِ (قَامَ ل) رَكْعَةٍ (زَائِدَةٍ) مَثَلًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِتَعَمُّدِهِ تَرْكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (ك) صَلَاةِ (مُتَّبِعِهِ) أَيْ: مَأْمُومٍ تَابَعَهُ فِي الزِّيَادَةِ (عَالِمًا) بِزِيَادَتِهَا (ذَاكِرًا) لَهَا لِأَنَّهُ إنْ قِيلَ: بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ اتِّبَاعُهُ فِيهَا، وَإِنْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا فَهُوَ يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ،
وَأَنَّ مَا قَامَ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنْ تَبِعَهُ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ فَارَقَهُ صَحَّتْ لَهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم تَابَعُوا فِي الْخَامِسَةِ لِتَوَهُّمِ النَّسْخِ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَةِ، وَيَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ الْحَالَ مُفَارَقَتُهُ (وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا) أَيْ: بِالزَّائِدَةِ (مَسْبُوقٌ) دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهَا جَاهِلًا زِيَادَتَهَا ; لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا يَعْتَدُّ بِهَا الْإِمَامُ،
وَلَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا، عَلَى عَالِمٍ بِالْحَالِ، فَلَمْ يَعْتَدَّ بِهَا الْمَسْبُوقُ، وَعُلِمَ مِنْهُ: انْعِقَادُ صَلَاتِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلْعُذْرِ (وَيُسَلِّمُ) الْمَأْمُومُ (الْمُفَارِقُ) لِإِمَامِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ إلَى الزَّائِدَةِ، وَتَنْبِيهِهِ وَإِبَائِهِ الرُّجُوعَ، إذَا أَتَمَّ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةُ إمَامٍ (إنْ أَبَى أَنْ يَرْجِعَ لِجُبْرَانِ نَقْصٍ) كَمَا لَوْ نَهَضَ عَنْ تَشَهُّدٍ أَوَّلَ وَنَحْوِهِ، وَنَبَّهُوهُ بَعْدَ أَنْ قَامَ وَلَمْ يَرْجِعْ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَيَأْتِي مُوَضَّحًا.
(وَعَمَلٌ مُتَوَالٍ مُسْتَكْثَرٍ عَادَةً) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِثَلَاثٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْعَدَدِ، بَلْ مَا عُدَّ فِي الْعَادَةِ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا يُشْبِهُ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَتْحِهِ الْبَابَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
وَتَأَخُّرِهِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَفِعْلِ أَبِي بَرْزَةَ لَمَّا نَازَعَتْهُ دَابَّتُهُ، فَهَذَا لَا يُبْطِلُهَا (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ:
الصَّلَاةِ، كَلَفِّ عِمَامَةٍ وَلُبْسٍ وَمَشْيٍ (يُبْطِلُهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ (عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ) لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورِيَّةً: كَخَوْفٍ وَهَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ) كَسَيْلٍ وَحَرِيقٍ وَسَبُعٍ،
فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً لَمْ تَبْطُلْ. وَعَدَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الضَّرُورَةِ مَنْ بِهِ حَكٌّ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَسِيرًا، أَوْ لَمْ يَتَوَالَ، وَلَوْ كَثُرَ (وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ كَفِعْلِهِ) لَا كَقَوْلِهِ: فَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ إلَّا إذَا كَثُرَتْ وَتَوَالَتْ.
(وَكُرِهَ) عَمَلٌ (يَسِيرٌ) فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ) وَلَوْ سَهْوًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَلَا لِحَدِيثِ نَفْسٍ ; لِأَنَّهُ يَعْسُرُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةٌ (بِعَمَلِ قَلْبٍ) وَلَوْ طَالَ نَصًّا، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.
(وَ) لَا تَبْطُلُ أَيْضًا ب (إطَالَةِ نَظَرٍ إلَى شَيْءٍ) وَلَوْ إلَى كِتَابٍ وَقِرَاءَتِهِ مَا فِيهِ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ فَعَلَهُ (وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِأَكْلٍ وَشُرْبٍ يَسِيرَيْنِ عُرْفًا، سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا) لِعُمُومِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» " فَإِنْ كَثُرَ أَحَدُهُمْ بَطَلَتْ ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا.
(وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِبَلْعِ) مَصْلِ (مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ بِلَا مَضْغٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ وَيَسِيرٌ (وَلَوْ لَمْ يَجْرِ بِهِ) أَيْ: بِمَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ (رِيقٌ) نَصًّا، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ الْعَسْكَرِيُّ ثُمَّ الشُّوَيْكِيُّ، وَقَالَ فِي الْإِقْنَاعِ، تَبَعًا لِلْمَجْدِ: وَمَا لَا يَجْرِي بِهِ رِيقُهُ بَلْ يَجْرِي بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا لَهُ جُرْمٌ تَبْطُلُ بِهِ، أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَعْسُرُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.
وَهُوَ مَفْهُومُ الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ وَالْمُبْدِعِ، وَإِنْ تَرَكَ فِي فَمِهِ لُقْمَةً بِلَا مَضْغٍ وَلَا بَلْعٍ كُرِهَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَاكَهَا بِلَا بَلْعٍ، فَكَالْعَمَلِ إنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَا) يَبْطُلُ (نَفْلُ) صَلَاةٍ (بِيَسِيرِ شُرْبٍ عَمْدًا) نَصًّا. رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ " أَنَّهُ شَرِبَ فِي التَّطَوُّعِ " لِأَنَّ مَدَّهُ وَإِطَالَتَهُ مُسْتَحَبَّةٌ مَطْلُوبَةٌ، فَيَحْتَاجُ مَعَهُ كَثِيرًا إلَى جُرْعَةِ مَاءٍ لِدَفْعِ عَطَشٍ، كَمَا سُومِحَ فِيهِ فِي الْجُلُوسِ وَعَلَى الرَّاحِلَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ يُبْطِلُ الْفَرْضَ، وَأَنْ يَسِيرَ الْأَكْلِ عَمْدًا يُبْطِلُهُمَا ; لِأَنَّهُ يُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ الْكَثِيرَ يُبْطِلُهُمَا وَلَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا، وَهِيَ أَدْخَلُ فِي الْفَسَادِ بِدَلِيلِ الْحَدَثِ وَالنَّوْمِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَلِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَنْ الْقِيَاسِ.
(وَبَلْعُ ذَوْبِ سُكَّرٍ وَنَحْوَهُ) كَحَلْوَى وَتَرْنْجَبِيلٍ (بِفَمٍ كَأَكْلٍ) فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا مَعَ الْعَمْدِ فَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ فَتَحَ فَاهُ فَحَصَلَ فِيهِ مَاءٌ فَابْتَلَعَهُ،
فَكَشُرْبٍ.
(وَسُنَّ سُجُودُ) سَهْوٍ لِمُصَلٍّ (لِإِتْيَانِهِ بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ سَهْوًا، كَقِرَاءَتِهِ سُورَةً فِي) الرَّكْعَتَيْنِ (الْأَخِيرَتَيْنِ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ فِي ثَالِثَةِ مَغْرِبٍ (أَوْ) قِرَاءَتِهِ (قَاعِدًا) ، أَوْ رَاكِعًا (أَوْ سَاجِدًا، وَكَتَشَهُّدِهِ قَائِمًا) لِعُمُومِ «إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَالسَّلَامِ مِنْ نُقْصَانٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا كَآمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا لَمْ يُشْرَعْ لَهُ سُجُودٌ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ بِهِ مَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى ".
(وَإِنْ سَلَّمَ) مُصَلٍّ (قَبْلَ إتْمَامِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (عَمْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ ; لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا وَالْبَاقِي مِنْهَا إمَّا رُكْنٌ، أَوْ وَاجِبٌ، وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُهَا تَرْكُهُ عَمْدًا (وَ) إنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا (سَهْوًا) لَمْ تَبْطُلْ بِهِ، وَلَهُ إتْمَامُهَا ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ فَعَلُوهُ، وَبَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ لِأَنَّ جِنْسَهُ مَشْرُوعٌ فِيهَا، أَشْبَهَ الزِّيَادَةَ فِيهَا مِنْ جِنْسِهَا.
(فَإِنْ ذَكَرَ) مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا سَهْوًا: أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّهَا (قَرِيبًا عُرْفًا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) نَصًّا (أَوْ شَرَعَ فِي) صَلَاةٍ (أُخْرَى، وَتُقْطَعُ) الَّتِي شَرَعَ فِيهَا مَعَ قُرْبِ فَصْلٍ، وَعَادَ إلَى الْأُولَى (أَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ) لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: أَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَخَرَجَ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَهْوَهُ قَرِيبًا بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ عُرْفًا (بَطَلَتْ) لِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (أَوْ أَحْدَثَ) بَطَلَتْ لِأَنَّ الْحَدَثَ بِنَاءٌ فِيهَا.
(أَوْ تَكَلَّمَ مُطْلَقَا) أَيْ: إمَامًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ، عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، طَائِعًا، أَوْ مُكْرَهًا، فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا، لِمَصْلَحَتِهَا، أَوْ لَا فِي صُلْبِهَا، أَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ سَهْوًا وَاجِبًا، كَتَحْذِيرِ نَحْوِ ضَرِيرٍ، أَوْ لَا بَطَلَتْ لِحَدِيثِ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْهُ: لَا تَبْطُلُ بِيَسِيرٍ لِمَصْلَحَتِهَا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ، لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ (أَوْ قَهْقَهَ هُنَا) أَيْ: بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ سَهْوًا بَطَلَتْ (أَوْ) قَهْقَهَ (فِي صُلْبِهَا بَطَلَتْ) كَالْكَلَامِ، وَأَوْلَى.
وَ (لَا) تَبْطُلُ (إنْ نَامَ) مُصَلٍّ يَسِيرًا قَائِمًا، أَوْ جَالِسًا (فَتَكَلَّمَ، أَوْ سَبَقَ) الْكَلَامُ (عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ) لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى
الْكَلَامِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ غَلِطَ فِي الْقُرْآنِ فَأَتَى بِكَلِمَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ النَّائِمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ (وَكَكَلَامٍ) فِي الْحُكْمِ (إنْ تَنَحْنَحَ بِلَا حَاجَةٍ) فَبَانَ حَرْفًا (أَوْ نَفَخَ ; فَبَانَ حَرْفَانِ) فَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " مَنْ نَفَخَ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ تَكَلَّمَ " رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ عَنْهُمَا وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي فَإِنْ كَانَ التَّنَحْنُحُ لِحَاجَةٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَوْ بَانَ حَرْفَانِ.
قَالَ الْمَرْوَزِيِّ: كُنْت آتِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَيَتَنَحْنَحُ فِي صَلَاتِهِ لِأَعْلَمَ أَنَّهُ يُصَلِّي.
وَ (لَا) تَبْطُلُ (إنْ انْتَحَبَ) مُصَلٍّ (خَشْيَةً) مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (، أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ،، أَوْ عُطَاسٌ،، أَوْ تَثَاؤُبٌ وَنَحْوُهُ) كَبُكَاءٍ وَلَوْ بَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ وَقَالَ مُهَنَّا: صَلَّيْت إلَى جَنْبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَتَثَاءَبَ خَمْسَ مُرَّاتٍ، وَسُمِعَتْ لِتَثَاؤُبِهِ هَاه هَاه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْكَلَامِ تَقُولُ: تَثَاءَبْتُ، عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلْتُ: وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْتُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَيُكْرَهُ اسْتِدْعَاءُ اُلْبُكَا كَضَحِكٍ، وَيُجِيبُ وَالِدَيْهِ فِي نَفْلٍ وَتَبْطُلُ بِهِ،
وَيَجُوزُ إخْرَاجُ زَوْجَةٍ مِنْ نَفْلٍ لِحَقِّ زَوْجِهَا. فَصْلٌ وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ
سَهْوًا كَرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ رَفَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ طُمَأْنِينَةٍ (فَذَكَرَهُ) أَيْ: الرُّكْنَ الْمَتْرُوكَ (بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا (بَطَلَتْ) الرَّكْعَةُ (الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا) وَقَامَتْ الَّتِي تَلِيهَا مَقَامَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِدْرَاكُ الْمَتْرُوكِ، لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضِ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فَلَغَتْ رَكْعَتُهُ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ إلَى أُخْرَى، فَذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى،
فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا قَامَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ عَمَلًا لِلثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَنْحَطُّ، وَيَسْجُدُ، وَيَعْتَدُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ عَمَلًا لَهَا، جَعَلَ هَذِهِ الْأُولَى، وَأَلْغَى مَا قَبْلَهَا قُلْت: فَيَسْتَفْتِحُ، أَوْ يَجْتَزِئُ بِالِاسْتِفْتَاحِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: يُجْزِئُهُ الْأَوَّلُ قُلْت: فَنَسِيَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَمَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فَلَا تَنْعَقِدُ
بِتَرْكِهَا، وَكَذَا النِّيَّةُ إنْ قِيلَ: هِيَ رُكْنٌ (فَلَوْ رَجَعَ) مَنْ تَرَكَ رُكْنًا إلَيْهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي مَقْصُودِ الْقِيَامِ، وَهُوَ الْقِرَاءَةُ: إلْغَاءً لِعَمَلٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَإِنْ رَجَعَ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِي الرَّكْعَةِ لِأَنَّهَا فَسَدَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَعُدْ إلَى الصِّحَّةِ بِحَالٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَ) إنْ ذَكَرَ مَا تَرَكَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ لِيَأْتِيَ بِهِ (رُكْنٌ لَا يَسْقُطُ بِسَهْوٍ) وَلَا غَيْرِهِ.
وَيَأْتِي بِمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الرُّكْنِ الْمَنْسِيِّ فَلَوْ ذَكَرَ الرُّكُوعَ، وَقَدْ جَلَسَ عَادَةً فَأَتَى بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ سَجَدَ سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ، فَإِنْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ سَجَدَ الثَّانِيَةَ، وَلَمْ يَجْلِسْ وَإِلَّا جَلَسَ وَإِنْ كَانَ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ جِلْسَةِ الْفَصْلِ (إنْ لَمْ يَعُدْ) إلَى ذَلِكَ عَالِمًا (عَمْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي مَحَلِّهِ عَالِمًا عَمْدًا أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ أَخِيرَةٍ وَسَلَّمَ - ثُمَّ ذَكَرَ، وَلَمْ يَسْجُدْهَا فِي الْحَالِ (وَ) إنْ لَمْ يَعُدْ (سَهْوًا) أَوْ جَهْلًا (بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ) الْمَتْرُوكُ رُكْنُهَا بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ مَا بَعْدَهَا.
(وَ) إنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا تَرَكَهُ إلَّا (بَعْدَ السَّلَامِ فَ) ذَلِكَ (كَتَرْكِ رَكْعَةٍ) كَامِلَةٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ نَصَّ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ، أَوْ يُحْدِثْ، أَوْ يَتَكَلَّمْ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ بِتَرْكِ رُكْنِهَا لَغَتْ فَصَارَ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا فَكَأَنَّهُ سَلَّمَ عَنْ تَرْكِ رَكْعَةٍ (مَا لَمْ يَكُنْ) مَا ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ تَرَكَهُ (تَشَهُّدًا أَخِيرًا، أَوْ) يَكُنْ (سَلَامًا فَيَأْتِيَ بِهِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ.
(وَيَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ (وَيُسَلِّمُ) بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِسُجُودِ السَّهْوِ كَمَا يَأْتِي، وَمَتَى مَضَى مُصَلٍّ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، أَوْ رَجَعَ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ، عَالِمًا تَحْرِيمَهُ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ كَتَرْكِ الْوَاجِبِ عَمْدًا وَإِنْ فَعَلَهُ يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ لَمْ تَبْطُلُ، كَتَرْكِ الْوَاجِبِ سَهْوًا.
(وَإِنْ نَسِيَ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ: أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ) مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةٌ (وَذَكَرَ وَقَدْ قَرَأَ فِي) رَكْعَةٍ (خَامِسَةٍ. فَهِيَ أُولَاهُ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَارَتْ أُولَاهُ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَتِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى، ثُمَّ صَارَتْ الثَّالِثَةُ أُولَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ، ثُمَّ الرَّابِعَةُ ثُمَّ الْخَامِسَةُ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ غَيْرِ تَامَّةٍ تَبْطُلُ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
(وَ) إنْ ذَكَرَ الْمَنْسِيَّ مِنْ السَّجَدَاتِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الشُّرُوعِ فِي قِرَاءَةِ الْخَامِسَةِ فَإِنَّهُ يَعُودُ فَ (يَسْجُدُ سَجْدَةً، فَتَصِحُّ لَهُ
رَكْعَةٌ) وَهِيَ الرَّابِعَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي قِرَاءَةِ مَا بَعْدَهَا، وَتَصِيرُ أُولَاهُ (وَيَأْتِي بِثَلَاثِ) رَكَعَاتٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَ قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَغَتْ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ (بَعْدَ السَّلَامِ، بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى سَلَّمَ: كَتَارِكِ رَكْعَةٍ فَيَكُونُ هَذَا كَتَارِكِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ يَبْنِي عَلَيْهِ فَتَبْطُلُ.
(وَ) إنْ نَسِيَ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (سَجْدَتَيْنِ، أَوْ) نَسِيَ (ثَلَاثًا) مِنْ السَّجَدَاتِ (مِنْ رَكْعَتَيْنِ جَهِلَهُمَا) فَلَمْ يَدْرِ: أَهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، أَوْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، أَوْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ، أَوْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، أَوْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ؟ (أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الرَّابِعَةِ فَيَصِحُّ لَهُ رَكْعَتَانِ، يَبْنِي عَلَيْهِمَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ.
(وَ) إنْ نَسِيَ (ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا) مِنْ السَّجَدَاتِ (مِنْ ثَلَاثِ) رَكَعَاتٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَجَهِلَهَا (أَتَى بِثَلَاثِ) رَكَعَاتٍ وُجُوبًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَتَلْغُوَ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الرَّابِعَة وَتَصِيرَ أُولَاهُ فَيَبْنِيَ عَلَيْهَا.
(وَ) إنْ نَسِيَ (خَمْسًا) مِنْ السَّجَدَاتِ (مِنْ أَرْبَعِ) رَكَعَاتٍ (، أَوْ) نَسِيَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ مِنْ (ثَلَاثِ) رَكَعَاتٍ مِنْ أَرْبَعَ وَجَهِلَهَا (أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ) فَتَتِمُّ لَهُ رَكْعَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ (ثُمَّ) يَأْتِي (بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) إنْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ (أَوْ) يَأْتِي (بِرَكْعَتَيْنِ) إنْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ.
(وَ) إنْ نَسِيَ (مِنْ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى سَجْدَةً.
وَ) نَسِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ (وَ) نَسِيَ (مِنْ رَابِعَةٍ سَجْدَةً) وَأَتَى بِالثَّالِثَةِ تَامَّةً فَهِيَ أُولَاهُ وَ (أَتَى بِسَجْدَةٍ) فَتَتِمُّ لَهُ الرَّابِعَةُ، وَتَكُونُ ثَانِيَةً (ثُمَّ) يَأْتِي (بِرَكْعَتَيْنِ) فَتَتِمُّ لَهُ الْأَرْبَعُ.
(وَمَنْ ذَكَرَ) فِي صَلَاتِهِ (تَرْكَ رُكْنٍ جَهِلَهُ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ: أَهُوَ رُكُوعٌ، أَوْ رَفْعٌ مِنْهُ؟ (أَوْ) جَهِلَ (مَحَلَّهُ) بِأَنْ ذَكَرَ تَرْكَ سَجْدَةٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ: أَهِيَ مِنْ الْأَخِيرَةِ، أَوْ مِمَّا قَبْلَهَا؟ (عَمِلَ) وُجُوبًا (بِاسْتِوَاءِ التَّقْدِيرَيْنِ) فَيَجْعَلُهُ فِي الْأُولَى رُكُوعًا وَفِي الثَّانِيَةِ مِمَّا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ، فَيَقُومُ فِي الْأُولَى، وَيَرْكَعُ وَيَرْفَعُ وَيَعْتَدِلُ وَيَسْجُدُ لِتَحْصُلَ لَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ يَقِينًا وَيَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ كَذَلِكَ،
وَكَذَا كُلُّ مَا تَيَقَّنَ بِهِ إتْمَامَ صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهَا وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا، فَيَكُونَ مُغَرِّرًا بِهَا وَفِي الْحَدِيثِ «لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد،
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَيْ: لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا عَلَى يَقِينِ أَنَّهَا تَمَّتْ.
وَإِنْ نَسِيَ آيَتَيْنِ مِنْ
الْفَاتِحَةِ مُتَوَالِيَتَيْنِ جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَوَالِيَهُمَا جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ.
(وَتَشَهُّدُ) مَنْ نَسِيَ، فَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ (قَبْلَ سَجْدَتَيْ) رَكْعَةٍ (أَخِيرَةٍ) مَثَلًا (زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ) يَجِبُ السُّجُودُ لَهَا لِأَنَّهُ جَلَسَ لَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَتَشَهَّدَ بَعْدَ سَجْدَةٍ أُولَى (وَقِيلَ سَجْدَةٌ ثَانِيَةٌ) زِيَادَةٌ (قَوْلِيَّةٌ) يُسَنُّ السُّجُودُ لَهَا لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَحَلُّ جُلُوسٍ، فَلَمْ يَزِدْ سِوَى الْقَوْلِ.
(وَمَنْ نَهَضَ) إلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ (عَنْ تَرْكِ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) مَعَ (تَرْكِ) جُلُوسٍ لَهُ (أَوْ) عَنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ (دُونَهُ) أَيْ: الْجُلُوسِ لَهُ، بِأَنْ جَلَسَ وَنَهَضَ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ (نَاسِيًا) لِمَا تَرَكَهُ (لَزِمَ رُجُوعُهُ) إنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، لِيَتَدَارَكَ الْوَاجِبَ وَيُتَابِعَهُ مَأْمُومٌ، وَلَوْ اعْتَدَلَ (وَكُرِهَ) رُجُوعُهُ (إنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَأَقَلُّ أَحْوَالِ النَّهْيِ: الْكَرَاهَةُ.
وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْقِيَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ لِتَرْكِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا إلَى بَدَلٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَحَرُمَ) رُجُوعٌ (إنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ) لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الرُّكُوعِ (وَبَطَلَتْ) صَلَاتُهُ بِرُجُوعِهِ إذَنْ، عَالِمًا عَمْدًا لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا مِنْ جِنْسِهَا عَمْدًا أَشْبَهَ مَا لَوْ زَادَ رُكُوعًا.
وَ (لَا) تَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ (إذَا نَسِيَ، أَوْ جَهِلَ) تَحْرِيمَ رُجُوعِهِ. لِحَدِيثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» " وَمَتَى عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ: نَهَضَ وَلَمْ يُتِمَّهُ (وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ فِي قِيَامِهِ نَاسِيًا لِحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» " وَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَهُّدِ قَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَفَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إنْ سَبَّحُوا بِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ تَشَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يُتَابِعُوهُ، لِتَرْكِهِ وَاجِبًا وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُمْ مُتَابَعَتُهُ وَلَوْ شَرَعُوا فِيهَا، لَا إنْ رَجَعَ بَعْدَهَا لِخِطَابِهِ وَيَنْوُونَ مُفَارَقَتَهُ (وَكَذَا) أَيْ: كَتَرْكِ تَشَهُّدٍ أَوَّلَ نَاسِيًا (كُلُّ وَاجِبٍ) تَرَكَهُ مُصَلٍّ نَاسِيًا (فَيَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحِ رُكُوعٍ، وَ) تَسْبِيحِ (سُجُودٍ قَبْلَ اعْتِدَالٍ) عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ.
وَمَتَى رَجَعَ إلَى الرُّكُوعِ حَيْثُ جَازَ - وَهُوَ إمَامٌ، فَأَدْرَكَهُ فِيهِ مَسْبُوقٌ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَكَعَ ثَانِيًا نَاسِيًا وَ (لَا) يَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحٍ (بَعْدَهُ)
أَيْ: الِاعْتِدَالِ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّسْبِيحِ رُكْنٌ وَقَعَ مُجْزِئًا صَحِيحًا وَلَوْ رَجَعَ إلَيْهِ كَانَ زِيَادَةً فِي الصَّلَاةِ تَكْرَارًا لِلرُّكْنِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ اعْتِدَالٍ عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لَا نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا (وَعَلَيْهِ السُّجُودُ) لِلسَّهْوِ (لِلْكُلِّ) مِنْ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
" تَتِمَّةٌ " لَوْ أَحْرَمَ بِالْعِشَاءِ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، ظَنًّا أَنَّهُمَا مِنْ التَّرَاوِيحِ، أَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ ظُهْرٍ، ظَنًّا أَنَّهَا جُمُعَةٌ،، أَوْ فَجْرٌ فَائِتَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ أَعَادَ فَرْضَهُ، وَلَمْ يَبْنِ نَصًّا لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ نِيَّةَ الْأُولَى بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ فِي أُخْرَى وَعَمَلِهِ لَهَا مَا يُنَافِي الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مَا يُنَافِيهَا.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ، فَظَنَّ أَنَّهَا الظُّهْرُ، فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَ فَقَالَ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ.
فَصْلٌ وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ مَنْ شَكَّ فِي تَرْكِ (رُكْنٍ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي فِعْلِهِ فَيُجْعَلُ كَمَنْ تَيَقَّنَ تَرْكَهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَكَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ (أَوْ) شَكَّ فِي (عَدَدِ رَكَعَاتٍ) فَإِذَا شَكَّ: صَلَّى رَكْعَةً، أَوْ رَكْعَتَيْنِ، بَنَى عَلَى رَكْعَةٍ ;، أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا بَنَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَهَكَذَا إمَامًا كَانَ، أَوْ مُنْفَرِدًا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ: أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ لِيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ فَتَحَرِّي الصَّوَابِ فِيهِ: هُوَ اسْتِعْمَالُ الْيَقِينِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَجَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَلَا يَرْجِعُ) مَأْمُومٌ (وَاحِدٌ) لَيْسَ مَعَهُ مَأْمُومٌ غَيْرُهُ (إلَى فِعْلِ إمَامِهِ) لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ لَا يَكْفِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ شَكَّ إمَامٌ فَسَبَّحَ بِهِ وَاحِدٌ بَلْ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ كَالْمُنْفَرِدِ وَلَا يُفَارِقُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ خَطَأَهُ (فَإِذَا سَلَّمَ) إمَامُهُ (أَتَى) مَأْمُومٌ (بِمَا شَكَّ فِيهِ) مَعَ إمَامِهِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِيَقِينٍ
وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ كَمَنْ نَبَّهَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ.
(وَلَوْ شَكَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا، بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ: هَلْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا أَمْ لَا؟ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ) لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي إدْرَاكِهَا، فَيَأْتِي بِبَدَلِهَا (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ شَكَّ) مَأْمُومٌ (هَلْ دَخَلَ مَعَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى،، أَوْ) فِي الرَّكْعَةِ (فِي الثَّانِيَةِ) مَثَلًا (جَعَلَهُ) أَيْ: الدُّخُولَ مَعَهُ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (وَلَا) يُشْرَعُ (سُجُودُ) سَهْوٍ (لِشَكٍّ فِي) تَرْكِ (وَاجِبٍ) لِأَنَّهُ شَكَّ فِي سَبَبِ وُجُوبِ السُّجُودِ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُشْرَعُ سُجُودٌ لِشَكٍّ فِي (زِيَادَةٍ) بِأَنْ شَكَّ: هَلْ زَادَ رُكُوعًا، أَوْ سُجُودًا، أَوْ شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ: هَلْ صَلَّى أَرْبَعًا، أَوْ خَمْسًا وَنَحْوَهُ؟ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ فَلَحِقَ بِالْمَعْدُومِ يَقِينًا.
(إلَّا إذَا شَكَّ) فِي الزِّيَادَةِ (وَقْتَ فِعْلِهَا) بِأَنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ وَهُوَ فِيهَا: هَلْ هِيَ زَائِدَةٌ، أَوْ لَا؟ ، أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ كَذَلِكَ، فَيَسْجُدُ لِأَنَّهُ أَدَّى جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ مُتَرَدِّدًا فِي كَوْنِهِ مِنْهَا، أَوْ زَائِدًا عَلَيْهَا فَضَعُفَتْ النِّيَّةُ وَاحْتَاجَتْ لِلْجَبْرِ بِالسُّجُودِ.
وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ غَيْرِهِ، فَبَنَى عَلَى يَقِينِهِ ثُمَّ زَالَ شَكُّهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُصِيبٌ فِيمَا فَعَلَهُ لَمْ يَسْجُدْ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ عَمِلَ مَعَ الشَّكِّ عَمَلًا، أَوْ لَا، عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَخَالَفَ فِي شَرْحِهِ.
(وَمَنْ سَجَدَ لِشَكٍّ) ظَنًّا أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ (ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودٌ) لِذَلِكَ الشَّكِّ (سَجَدَ) وُجُوبًا (لِذَلِكَ) أَيْ: لِكَوْنِهِ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَتَيْنِ غَيْرِ مَشْرُوعَتَيْنِ.
وَمَنْ عَلِمَ سَهْوًا وَلَمْ يَعْلَمْ: أَيَسْجُدُ لَهُ أَمْ لَا؟ لَمْ يَسْجُدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَمَنْ شَكَّ: هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ) الْمُتَيَقَّنِ (، أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ (سَجَدَ مَرَّةً) أَيْ: سَجْدَتَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يَكْفِي لِجَمِيعِ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ.
(وَلَيْسَ عَلَى مَأْمُومٍ) سَهَا دُونَ إمَامِهِ (سُجُودُ سَهْوٍ إلَّا أَنْ يَسْهُوَ إمَامُهُ فَيَسْجُدَ مَعَهُ) وَلَوْ لَمْ يَسْهُ،، أَوْ يَسْجُدَ بَعْدَ سَلَامِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا إمَامُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ» " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمَّا سَجَدَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالسَّلَامِ مِنْ نُقْصَانٍ سَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ.
وَلِعُمُومِ «وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» " فَيَسْجُدُ مَأْمُومٌ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ (وَاجِبِ) تَشَهُّدٍ ثُمَّ (يُتِمُّهُ) بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِحَدِيثِ
«وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» " وَلَا يُعِيدُ السُّجُودَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ عَنْ إمَامِهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (مَسْبُوقًا) وَسَهَا الْإِمَامُ (فِيمَا لَمْ يُدْرِكْهُ) الْمَسْبُوقُ فِيهِ، بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ سَهَا فِي الْأُولَى وَأَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَيَسْجُدُ مَعَهُ مُتَابَعَةً لَهُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَقَصَتْ، حَيْثُ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ نَاقِصَةٍ وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ فِي السُّجُودِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ فِي بَقِيَّةِ الرَّكْعَةِ.
(فَلَوْ قَامَ) مَسْبُوقٌ (بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) ظَانًّا عَدَمَ سَهْوِ إمَامِهِ، فَسَجَدَ إمَامُهُ (رَجَعَ) الْمَسْبُوقُ (فَسَجَدَ مَعَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَشْبَهَ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ، فَيَرْجِعُ وُجُوبًا قَبْلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ، فَإِنْ اسْتَتَمَّ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ، كَمَنْ قَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَ (لَا) يَرْجِعُ (إنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ) لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ، فَلَا يَرْجِعُ إلَى وَاجِبٍ.
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ: أَدْرَكَ مَسْبُوقٌ إمَامَهُ (فِي آخِرِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ سَجَدَهَا) مَسْبُوقٌ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ إمَامِهِ (فَإِذَا سَلَّمَ) الْإِمَامُ (أَتَى) الْمَسْبُوقُ (ب) السَّجْدَةِ (الثَّانِيَةِ) لِيُوَالِيَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (ثُمَّ قَضَى صَلَاتَهُ) نَصًّا.
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ: أَدْرَكَ مَسْبُوقٌ الْإِمَامَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ: سَجْدَتَيْ السَّهْوِ (وَقَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ) مَسْبُوقٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ بَعْضًا مِنْهُ، فَيَقْضِيَ الْفَائِتَ، وَبَعْدَ السَّلَامِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ (وَيَسْجُدُ) مَسْبُوقٌ (إنْ سَلَّمَ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ إمَامِهِ (سَهْوًا) بَعْدَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا (أَوْ) يَسْجُدُ أَيْضًا (لِسَهْوِهِ) أَيْ: الْمَسْبُوقِ دُونَ إمَامِهِ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ إمَامِهِ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ.
وَلَوْ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ (وَ) يَسْجُدُ مَسْبُوقٌ أَيْضًا إذَا سَهَا (فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ) وَهُوَ مَا يَقْضِيهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.
وَلَوْ كَانَ سَجَدَ مَعَهُ لِسَهْوِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ سُجُودَهُ (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ) الْإِمَامُ وَقَدْ سَهَا عَلَيْهِ سَهْوًا يَجِبُ السُّجُودُ لَهُ (سَجَدَ مَسْبُوقٌ إذَا فَرَغَ) مِنْ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ (وَ) سَجَدَ (غَيْرُهُ) وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ مَعَ إمَامِهِ مِنْ أَوَّلِ صَلَاتِهِ (بَعْدَ إيَاسِهِ) أَيْ: الْمَأْمُومِ (مِنْ سُجُودِهِ) أَيْ: إمَامِهِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا ذَكَرَ قَرِيبًا فَسَجَدَ، أَوْ رُبَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ السُّجُودُ عَنْ الْمَأْمُومِ بِتَرْكِ إمَامِهِ لَهُ، لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَقَصَتْ بِنُقْصَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ فَلَزِمَهُ جَبْرُهَا هَذَا إنْ كَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَى وُجُوبَهُ، أَوْ تَرَكَهُ سَهْوًا، أَوْ كَانَ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وإلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَتَقَدَّمَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامٍ.