الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِضَافَةٍ أَوْ نَزْحٍ. لِأَنَّ الْأَوَانِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَا تَطْهُرُ إلَّا بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ. فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ الْمَاءُ حَسَبَ غَسْلَهُ ثُمَّ تُكْمَلُ، وَلَا يَطْهُرُ الْإِنَاءُ بِدُونِ إرَاقَتِهِ (وَيُمْنَعُ غَيْرُ خَلَّالٍ) أَيْ صَانِعِ الْخَلِّ (مِنْ إمْسَاكِهَا) أَيْ الْخَمْرِ (لِتُخَلَّلَ) أَيْ لِتَصِيرَ خَلًّا، لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إمْسَاكِهَا وَهِيَ مَأْمُورٌ بِإِرَاقَتِهَا.
وَأَمَّا الْخَلَّالُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ، وَالْخَلُّ الْمُبَاحُ أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلٌّ قَبْلَ غَلَيَانِهِ، حَتَّى لَا يَغْلِيَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ فَغَلَى؟ فَقَالَ يُهْرَاقُ (ثُمَّ إنْ تَخَلَّلَتْ) الْخَمْرَةُ بِنَفْسِهَا بِيَدِ مُمْسِكِهَا وَلَوْ غَيْرَ خَلَّال حَلَّتْ (أَوْ اتَّخَذَ عَصِيرًا لِتَخْمِيرٍ فَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ ضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ، وَلَا نُقِلَ بِقَصْدِ تَخْلِيلٍ (حَلَّ) أَيْ طَهُرَ، لِمَا تَقَدَّمَ
(وَمَنْ بَلَعَ لَوْزًا أَوْ نَحْوَهُ) كَبُنْدُقٍ (فِي قِشْرِهِ ثُمَّ قَاءَهُ أَوْ نَحْوِهِ) بِأَنْ خَرَجَ مِنْ أَيَّ مَحَلٍّ كَانَ (لَمْ يَنْجُسْ بَاطِنُهُ) لِصَلَابَةِ الْحَائِطِ (كَبَيْضٍ فِي خَمْرٍ صُلِقَ) وَنَحْوِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ، فَلَا يَنْجُسُ بَاطِنُهُ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ نَحْوِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ
(وَأَيُّ نَجَاسَةٍ خَفِيَتْ) فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ (غُسِلَ) مَا احْتَمَلَ أَنَّ النَّجَاسَةَ أَصَابَتْهُ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ غَسْلَهَا) لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ، فَإِنْ جَهِلَ جِهَتَهَا مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ، غَسَلَهُ كُلَّهُ وَإِنْ عَلِمَهَا فِي إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ إحْدَى كُمَّيْهِ وَنَسِيَهُ، وَإِنْ عَلِمَهَا غَسَلَهُمَا.
فِيمَا يُدْرِكُهُ بَصَرُهُ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، غَسَلَ مَا يُدْرِكُهُ مِنْهَا فَإِنْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ، لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْمَانِعَ فَهُوَ كَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَ (لَا) يَلْزَمُهُ غَسْلٌ إنْ خَفِيَتْ النَّجَاسَةُ (فِي صَحْرَاءَ وَنَحْوِهَا) كَالْحُوشِ الْوَاسِعِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ (وَيُصَلِّي فِيهَا بِلَا تَحَرٍّ) دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا كَالْبَيْتِ وَالْحُوشِ الصَّغِيرِ وَخَفِيَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ، لَزِمَهُ غَسْلُهُ كُلِّهِ كَالثَّوْبِ.
[فَصْلٌ فِي النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]
فَصْلٌ فِي ذِكْرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (الْمُسْكِرُ) نَجَسٌ، خَمْرًا كَانَ أَوْ نَبِيذًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ - إلَى قَوْلِهِ - رِجْسٌ " وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ. أَشْبَهَ الدَّمَ
وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ النَّبِيذَ شَرَابٌ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ. أَشْبَهَ الْخَمْرَةَ. وَكَذَا الْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ. قَالَهُ فِي شَرْحِهِ.
(وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ فَمَا فَوْقَ الْخَمْرِ خِلْقَةً) نَجَسٌ، كَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَالْحِدَأَةِ وَالْبُومَةِ وَالنَّسْرِ وَالرَّخَمِ وَغُرَابِ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعِ وَالْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْفَهْدِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَابْنِ آوَى وَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَالسِّمْعِ وَالْعِسْبَارِ. وَأَمَّا مَا دُونَ ذَلِكَ فِي الْخِلْقَةِ فَهُوَ طَاهِرٌ، كَالنِّمْسِ وَالنَّسْنَاسِ وَابْنِ عُرْسٍ وَالْقُنْفُذِ وَالْفَأْرِ
(وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَ) غَيْرِ (سَمَكٍ، وَ) غَيْرِ (جَرَادٍ، وَ) غَيْرِ (مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ كَالْعَقْرَبِ) نَجِسَةٌ. وَأَمَّا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرَةٌ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَلِحَدِيثِ «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» لِأَنَّهُ لَوْ نَجِسَ لَمْ يَطْهُرْ بِالْغُسْلِ. وَأَجْزَاؤُهُ وَأَبْعَاضُهُ كَجُمْلَتِهِ. وَمَيْتَةُ السَّمَكِ وَسَائِرِ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ وَالْجَرَادِ طَاهِرَةٌ أَيْضًا. لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهَا، بِخِلَافِ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَمَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، كَالضُّفْدَعِ.
وَمَيْتَةُ مَا لَا نَفْسَ أَيْ دَمَ لَهُ يَسِيلُ، كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالذُّبَابِ وَالنَّحْلِ وَالزُّنْبُورِ وَالنَّمْلِ وَالدُّودِ مِنْ طَاهِرٍ وَالْقَمْلِ وَالصَّرَاصِيرِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا طَاهِرَةٌ. لِحَدِيثِ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَمْقُلْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي لَفْظٍ " فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ " وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ بَارِدٍ وَحَارٍّ وَدُهْنٍ مِمَّا يَمُوتُ الذُّبَابُ بِغَمْسِهِ فِيهِ. فَلَوْ كَانَ يُنَجِّسُهُ كَانَ آمِرًا بِإِفْسَادِهِ (إلَّا الْوَزَغُ وَالْحَيَّةُ) فَمَيْتَتُهُمَا نَجِسَةٌ لِأَنَّ لَهُمَا نَفْسًا سَائِلَةً
(وَالْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا حَيَوَانٌ. وَلَوْ) كَانَ (آدَمِيًّا أَوْ طَاهِرًا) نَجِسَةٌ لِأَنَّهَا دَمٌ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ (وَالْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا) نَجِسَةٌ كَالْعَلَقَةِ. وَكَذَا بَيْضُ مَذَرٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
وَفِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ. وَنَقَلَ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ ابْنِ تَمِيمٍ أَنَّ الصَّحِيحَ: طَهَارَتُهَا
(وَلَبَنُ) غَيْرِ آدَمِيٍّ وَمَأْكُولٍ كَلَبَنِ هِرٍّ نَجَسٌ (وَمَنِيُّ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَمَأْكُولٍ) نَجَسٌ. وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَأْكُولِ فَطَاهِرٌ. وَكَذَا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى عَنْ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. فَلَا يَجِبُ فَرْكٌ وَلَا غُسْلٌ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَنْ اسْتِجْمَارٍ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَخْرَجِ نَجَاسَةٌ، فَالْمَنِيُّ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ.
ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَبَيْضُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ نَجَسٌ (وَالْقَيْءُ) مِمَّا لَا يُؤْكَلُ نَجَسٌ (وَالْوَدْيُ) مِمَّا لَا يُؤْكَلُ نَجَسٌ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ غَيْرُ لَزِجٍ (وَالْمَذْيُ) مِمَّا لَا يُؤْكَلُ نَجَسٌ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَزِجٍ، كَمَاءِ السَّيْسَبَانِ يَخْرُجُ عِنْدَ مَبَادِي
الشَّهْوَةِ وَالِانْتِشَارِ
(وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ أَوْ) مِنْ (آدَمِيٍّ) نَجَسٌ. وَأَمَّا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ. لِحَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فِي الْإِبِلِ. وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. وَكَذَا مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً، كَمَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ (وَالنَّجَسُ هُنَا) كَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (طَاهِرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَ) مِنْ (سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ) عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَكْرِيمًا لَهُمْ
(وَمَاءُ قُرُوحٍ) نَجَسٌ كَدَمٍ (وَدَمٌ) نَجَسٌ (غَيْرِ) مَا يَبْقَى مِنْهُ (فِي عِرْقٍ مَأْكُولٍ) بَعْدَ ذَبْحِهِ (وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ) أَيْ حُمْرَةُ دَمِ عِرْقِ الْمَأْكُولِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ. وَكَذَا مَا يَبْقَى فِي خَلَلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ طَاهِرٌ (وَ) غَيْرُ دَمِ (سَمَكٍ وَ) غَيْرُ دَمِ (بَقٍّ وَقَمْلٍ وَبَرَاغِيث وَذُبَابٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ فَدَمُهُ طَاهِرٌ (وَ) غَيْرُ دَمِ (شَهِيدٍ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ فُصِلَ عَنْهُ فَنَجَسٌ (وَقَيْحٌ) نَجَسٌ (وَصَدِيدٌ نَجَسٌ) لِأَنَّهُمَا مُتَوَلِّدَانِ مِنْ الدَّمِ النَّجَسِ (وَيُعْفَى فِي غَيْرِ مَائِعٍ، وَ) غَيْرُ (مَطْعُومٍ عَنْ يَسِيرٍ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ) خُرُوجُ قَدْرِهِ مِنْ الْبَدَنِ (مِنْ دَمٍ. وَلَوْ) كَانَ الدَّمُ (حَيْضًا وَنِفَاسًا وَاسْتِحَاضَةً) كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَ) يُعْفَى أَيْضًا فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ يَسِيرٍ مِنْ (قَيْحٍ وَصَدِيدٍ) لِتَوَلُّدِهِمَا مِنْهُ، فَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ بِالْعَفْوِ (وَلَوْ) كَانَ الدَّمُ وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ (مِنْ غَيْرِ مُصَلٍّ) بِأَنْ أَصَابَتْ الْمُصَلِّيَ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْهُ.
وَ (لَا) يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمٍ أَوْ قَيْحٍ أَوْ صَدِيدٍ (مِنْ حَيَوَانٍ نَجَسٍ) كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ، لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ فَضَلَاتِهِ، كَعَرَقِهِ وَرِيقِهِ، فَدَمُهُ أَوْلَى (أَوْ) كَانَ الدَّمُ أَوْ الْقَيْحُ أَوْ الصَّدِيدُ مِنْ (سَبِيلٍ) قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ: فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ.
(وَ) يُعْفَى (عَنْ أَثَرِ اسْتِجْمَارٍ بِمَحَلِّهِ) بَعْدَ الْإِنْقَاءِ وَاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ بِلَا خِلَافٍ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى مَحَلُّهُ إلَى الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَيُعْفَى أَيْضًا عَنْ يَسِيرِ سَلَسِ بَوْلٍ بَعْدَ كَمَالِ التَّحَفُّظِ، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.
(وَ) يُعْفَى أَيْضًا عَنْ (دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَغُبَارِهَا وَبُخَارِهَا مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ) أَيْ الدُّخَانِ وَالْغُبَارِ وَالْبُخَارِ (صِفَةٌ) فِي الشَّيْءِ الطَّاهِرِ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَتَكَاثَفْ
(وَ) يُعْفَى أَيْضًا عَنْ (يَسِيرِ مَاءٍ نَجَسٍ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ) كَدَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ (قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ) فِي رِعَايَتِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَعَنْ يَسِيرِ الْمَاءِ النَّجَسِ بِمَا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ مِنْ دَمٍ وَنَحْوِهِ (وَأَطْلَقَهُ) أَيْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الْمَاءِ النَّجَسِ (الْمُنَقَّحُ) فِي التَّنْقِيحِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ ابْنِ حَمْدَانَ، فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا عُفِيَ عَنْ
يَسِيرِهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَنَجِّسَ بَلْ كُلَّ مُتَنَجِّسٍ حُكْمُهُ حُكْمُ نَجَاسَتِهِ. فَإِنْ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهَا كَالدَّمِ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ، وَإِلَّا كَالْبَوْلِ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ. لِأَنَّهُ فَرْعُهَا. وَالْفَرْعُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ أَصْلِهِ (وَيُضَمُّ) نَجَسٌ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ (مُتَفَرِّقٌ بِثَوْبٍ) وَاحِدٍ. فَإِنْ كَانَ فِيهِ بُقَعٌ مِنْ دَمٍ أَوْ قَيْحٍ أَوْ صَدِيدٍ. فَإِنْ صَارَ بِالضَّمِّ كَثِيرًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ.
(وَلَا) يُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ فِي (أَكْثَرَ) بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ ثَوْبٍ عَلَى حِدَتِهِ (وَ) يُعْفَى عَنْ (نَجَاسَةٍ بِعَيْنٍ) وَتَقَدَّمَ: لَا يَجِبُ غَسْلُهَا لِلتَّضَرُّرِ بِهِ (وَ) يُعْفَى أَيْضًا عَنْ (حَمْلِ كَثِيرِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (فِي صَلَاةِ خَوْفٍ) لِلضَّرُورَةِ (وَعَرَقٍ وَرِيقٍ مِنْ) حَيَوَانٍ (طَاهِرٍ) مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ طَاهِرٍ.
(وَالْبَلْغَمُ) مِنْ صَدْرٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ مَعِدَةٍ طَاهِرٌ (وَلَوْ أَزْرَقَ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا - وَوَصَفَهُ الْقَاسِمُ - فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ» " وَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَةً لَمَا أَمَرَ بِمَسْحِهَا فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَحْتَ قَدَمِهِ، وَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَنَجَّسَ الْفَمَ ; وَلِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ الْأَبْخِرَةِ أَشْبَهَ الْمُخَاطَ (وَرُطُوبَةُ فَرْجِ آدَمِيَّةٍ) طَاهِرَةٌ، لِأَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ، وَلَوْ عَنْ جِمَاعٍ،
فَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَكَانَ نَجِسًا لِخُرُوجِهِ مِنْهُ (وَسَائِلٌ مِنْ فَمِ) : ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ (وَقْتَ نَوْمٍ) طَاهِرٌ كَالْبُصَاقِ (وَدُودُ قَزٍّ) وَبُزَيْرُهُ طَاهِرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: بِلَا خِلَافٍ (وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ) طَاهِرَانِ، وَهُوَ سُرَّةُ الْغَزَالِ. وَانْفِصَالُهُ بِطَبْعِهِ كَالْجَنِينِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَكَذَا. الزَّبَادُ طَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ، وَقِيلَ: لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ: نَجَسٌ ; لِأَنَّهُ عِرْقُ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ.
قَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي مُفْرَدَاتِهِ: قَالَ الشَّرِيفُ الْإِدْرِيسِيُّ: (الزَّبَادُ) نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ يُجْمَعُ مِنْ بَيْنِ أَفْخَاذِ حَيَوَانٍ مَعْرُوفٍ يَكُونُ بِالصَّحْرَاءِ، يُصَادُ وَيُطْعَمُ اللَّحْمَ، ثُمَّ يَعْرَقُ فَيَكُونُ مِنْ عَرَقٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ حِينَئِذٍ. وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ الْأَهْلِيِّ. (وَالْعَنْبَرُ) طَاهِرٌ، وَطِينُ شَارِعٍ ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ طَاهِرٌ. وَكَذَا تُرَابُهُ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ. فَإِنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ،
وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَهُوَ فَضْلُ مَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ غَيْرُ دَجَاجَةٍ مُخْلَاةٍ، أَيْ غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ فَيُكْرَهُ سُؤْرُهَا، احْتِيَاطًا. وَقِيلَ: وَسُؤْرُ الْفَأْرِ ; لِأَنَّهُ يُنْسِي. وَلَوْ أَكَلَ هِرٌّ