الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَزَادَ " وَالصَّلَاةُ " وَفِي إسْنَادِهِ: بَقِيَّةُ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ ثِقَةٍ، رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْمُوَالَاةُ لَأَمَرَهُ بِغَسْلِ اللُّمْعَةِ فَقَطْ. وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْحَدَثُ. فَاشْتُرِطَتْ لَهَا الْمُوَالَاةُ كَالصَّلَاةِ. وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَوَضَّأَ إلَّا مُتَوَالِيًا. وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْغُسْلِ تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ ; لِأَنَّ الْمَغْسُولَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ وَاحِدٍ (وَيَسْقُطَانِ) أَيْ: التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ (مَعَ غُسْلٍ) عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ، لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِيهِ، كَانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ.
(وَهِيَ) أَيْ: الْمُوَالَاةُ (أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ مَا) أَيْ: الْعُضْوُ (قَبْلَهُ) أَوْ بَقِيَّةُ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ أَوَّلُهُ (بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ أَوْ قَدْرَهُ) أَيْ: قَدْرَ الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمُعْتَدِلِ، بِأَنْ كَانَ حَارًّا أَوْ بَارِدًا (وَيَضُرُّ) أَيْ: تَفُوتُ الْمُوَالَاةُ (إنْ جَفَّ) عُضْوٌ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ غَسْلِ مَا بَعْدَهُ، أَوْ بَقِيَّتُهُ (لِاشْتِغَالٍ بِتَحْصِيلِ مَاءٍ) يُتَمِّمُ بِهِ وَضُوءَهُ (أَوْ جَفَّ) ذَلِكَ (لِإِسْرَافٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ) لَيْسَتْ بِمَحَلِّ التَّطْهِيرِ.
(أَوْ) إزَالَةِ (وَسَخٍ وَنَحْوِهِ) كَجَبِيرَةٍ حَلَّهَا (لِغَيْرِ طَهَارَةٍ) بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا لَمْ يُؤَثِّرْ ; لِأَنَّهُ إذَنْ مَنْ أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ، و (لَا) يَضُرُّ اشْتِغَالُهُ (بِسُنَّةٍ) مِنْ سُنَنِ الْوُضُوء، (كَتَخْلِيلِ) لِحْيَةٍ وَأَصَابِعَ (وَإِسْبَاغِ) الْمَاءِ أَيْ: إبْلَاغِهِ مُوَاضِعَهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِأَنْ يُؤْتِيَ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ (وَإِزَالَةِ شَكٍّ) بِأَنْ يُكَرِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ اسْتَكْمَلَ غَسْلَهُ (أَوْ) إزَالَةِ (وَسْوَسَةٍ) ; لِأَنَّهَا شَكٌّ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى فُرُوضِ الْوُضُوءِ شَرَعَ فِي شُرُوطِهِ، جَامِعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ اخْتِصَارًا، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَكْثَرِهَا.
[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ نِيَّةٌ]
فَقَالَ: فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَلَوْ مُسْتَحَبَّيْنِ نِيَّةٌ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ لَا عَمَلَ جَائِزٌ وَلَا فَاضِلٌ إلَّا بِهَا. وَلِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى الثَّوَابِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ، وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ مَنْوِيٍّ إجْمَاعًا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ لِلتَّمْيِيزِ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ.
وَمِنْ شَرْطِهَا: النِّيَّةُ ; وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فَنِيَّةُ الصَّلَاةِ تَضَمَّنَتْهُمَا، لِوُجُودِهِمَا فِيهَا حَقِيقَةً، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. فَإِنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ حُكْمُهُ. وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ، لَا حَقِيقَتُهُ. وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَوَضَّأُ، وَكَانَ
مُتَوَضِّئًا وَدَامَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ السَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ (سِوَى غُسْلِ كِتَابِيَّةٍ) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُسْلِمٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ.
(وَ) سِوَى غُسْلِ (مُسْلِمَةٍ مُمْتَنِعَةٍ) مِنْ غُسْلٍ لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، حَتَّى لَا يَطَأَهَا (فَتُغْسَلَ قَهْرًا) لِحَقِّ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا (وَلَا نِيَّةَ) أَيْ: يَسْقُطُ اشْتِرَاطُهَا (لِلْعُذْرِ) كَمُمْتَنِعٍ مِنْ زَكَاةٍ (وَلَا تُصَلِّي بِهِ) أَيْ: بِالْغُسْلِ الْمَذْكُور الْمُسْلِمَةُ الْمُمْتَنِعَةُ. وَقِيَاسُهُ: مَنْعُهَا مِنْ طَوَافٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُشْتَرَطُ لَهُ الْغُسْلُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ وَطْؤُهَا لِحَقِّ زَوْجِهَا فِيهِ. فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ، وَلَا يُنْوَى عَنْهَا لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا مِنْهَا ; بِخِلَافِ الْمَيِّتِ.
(وَيَنْوِي) الْغُسْلَ (عَنْ مَيِّتٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ (وَ) عَنْ (مَجْنُونَةٍ) مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ حَاضَتْ وَنَحْوِهِ (غُسْلًا) لِتَعَذُّرِ النِّيَّةِ مِنْهُمَا.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي، فِي الْمَجْنُونَةِ: لَا نِيَّةَ. لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا مَآلًا ; لِأَنَّهَا تُفِيقُ بِخِلَافِ الْمَيِّتَةِ، وَأَنَّهَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إذَا أَفَاقَتْ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (طَهُورِيَّةُ مَاءٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمِيَاهِ.
(وَ) الثَّالِثُ (إبَاحَتُهُ) فَلَا يَصِحُّ وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ بِنَحْوِ مَاءٍ مَغْصُوبٍ، لِحَدِيثِ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
(وَ) الرَّابِعُ " إزَالَةُ مَا يَمْنَعُ وُصُولَهُ " أَيْ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، لِيَحْصُلَ الْإِسْبَاغُ الْمَأْمُورُ بِهِ.
(وَ) الْخَامِسُ (تَمْيِيزٌ) ; لِأَنَّهُ أَدْنَى سِنٍّ يُعْتَبَرُ قَصْدًا لِصَغِيرٍ فِيهِ شَرْعًا: فَلَا يَصِحُّ وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ (إسْلَامٌ وَعَقْلٌ) وَهُمَا السَّادِسُ وَالسَّابِعُ (لِسِوَى مَنْ تَقَدَّمَ) وَهُوَ الْكِتَابِيَّةُ وَالْمَجْنُونَةُ إذَا اغْتَسَلَتَا مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ. لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (لِوُضُوءٍ) وَحْدَهُ (دُخُولُ وَقْتٍ عَلَى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ لِفَرْضِهِ) أَيْ فَرْضِ ذَلِكَ الْوَقْتِ ; لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةً. فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ. فَإِنْ تَوَضَّأَ لِفَائِتَةٍ أَوْ جِنَازَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ طَوَافٍ وَنَحْوِهِ. صَحَّ كُلُّ وَقْتٍ. وَهَذَا الثَّامِنُ لِلْوُضُوءِ.
(وَ) التَّاسِعُ (فَرَاغُ خُرُوجِ خَارِجٍ) مِنْ سَبِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَيْءٍ. لَكِنْ لَوْ قَالَ: انْقِطَاعُ مُوجِبٍ، وَعَدَّهُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ، لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ. إذْ لَا يَشْمَلُ نَحْوَ لَمْسٍ (وَ) الْعَاشِرُ فَرَاغُ (اسْتِنْجَاءٍ) بِمَاءٍ (أَوْ اسْتِجْمَارٍ) بِنَحْوِ حَجَرٍ، وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ (وَ) يُشْتَرَطُ (لِغُسْلِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَرَاغُهُمَا) أَيْ: انْقِطَاعُ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، لِمُنَافَاةِ وُجُودِهِمَا الْغُسْلَ لَهُمَا. وَكَذَا فَرَاغُ إنْزَالٍ وَجِمَاعٍ. وَلَوْ قَالَ: فَرَاغُ وُجُوبِهِ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَالنِّيَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِنَحْوِ صَلَاةٍ (قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ) بِفِعْلِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لِنَحْوِ صَلَاةٍ (أَوْ) قَصْدُ (اسْتِبَاحَةِ مَا) أَيْ: فِعْلٍ
كَصَلَاةٍ، أَوْ قَوْلٍ، كَقِرَاءَةٍ (تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ) أَيْ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ، وَفِيَ مَعْنَاهُ: قَصْدُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِنَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَتْهُ.
(وَتَتَعَيَّنُ) الصُّورَةُ (الثَّانِيَةُ) وَهِيَ قَصْدُ الِاسْتِبَاحَةِ (لِمَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ) كَمُسْتَحَاضَةٍ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ قُرُوحٌ سَيَّالَةٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ، صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَإِنْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بِطُرُوٍّ) حَدَثٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الدَّائِمِ، كَمَا لَوْ كَانَ السَّلَسُ بَوْلًا، وَخَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ فَيَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ لَا رَفْعَ الْحَدَثِ، لِمُنَافَاةِ الْخَارِجِ لَهُ صُورَةً وَإِنْ قُلْنَا يَرْتَفِعُ جَعْلًا لِلدَّائِمِ كَالْعَدَمِ لِلضَّرُورَةِ.
(وَتُسَنُّ) النِّيَّةُ (عِنْدَ أَوَّلِ مَسْنُونٍ وُجِدَ قَبْلَ وَاجِبٍ) كَغُسْلِ الْكَفَّيْنِ، إنْ كَانَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ، فَيُثَابَ عَلَيْهَا.
(وَ) يُسَنُّ (نُطْقٌ بِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (سِرًّا) لِيُوَافِقَ لِسَانُهُ قَلْبَهُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ بِهَا، وَتَكْرِيرُهَا، بَلْ مَنْ اعْتَادَهُ يَنْبَغِي تَأْدِيبُهُ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ، قَالَ: وَيُعْزَلُ عَنْ الْإِمَامَةِ إنْ لَمْ يَنْتَهِ.
(وَ) يُسَنُّ (اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَهَا فِي جَمِيع الطَّهَارَةِ، لِتَكُونَ أَفْعَالُهَا كُلُّهَا مَقْرُونَةً بِالنِّيَّةِ (وَيُجْزِئُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِأَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا فَإِنْ عَزَبَتْ كُلُّهَا عَنْ خَاطِرِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَا فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ الْمَجْدُ: إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْغُسْلِ غَيْرَهُ، فَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ تَبَرُّدًا أَوْ تَنَظُّفًا أَوْ اسْتِحْمَامًا مَعَ عُزُوبِ النِّيَّةِ عَنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُ.
(وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ النِّيَّةُ (عَلَى الْوَاجِبِ) أَيْ عَلَى أَوَّلِ وَاجِبٍ، وَهُوَ التَّسْمِيَةُ، لِتَشْمَلَهُ النِّيَّةُ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْوَاجِبَاتِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (وَيَضُرُّ كَوْنُهُ) أَيْ التَّقَدُّمِ (بِزَمَنٍ كَثِيرٍ) كَالصَّلَاةِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِيَسِيرٍ لَمْ يَضُرَّ كَالصَّلَاةِ، و (لَا) يَضُرُّ (سَبْقُ لِسَانِهِ) عِنْدَ تَلَفُّظِهِ بِالنِّيَّةِ (بِغَيْرِ قَصْدِهِ) كَقَوْلِ مَنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ: نَوَيْت الصَّوْمَ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ لَا اللِّسَانُ (وَلَا إبْطَالُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ وَفِي نُسْخَةٍ: إبْطَالُهَا، أَيْ الطَّهَارَةِ أَوْ النِّيَّةِ (بَعْدَ فَرَاغِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ صَحِيحًا، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُفْسِدُهُ فِيهِ.
(أَوْ شَكَّ فِيهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ أَوْ النِّيَّةِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ، عَمَلًا بِالْيَقِينِ، فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ قَبْلَ فَرَاغِهِ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ وَبِمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ أَبْطَلَ النِّيَّةَ فِي نَحْوِ أَثْنَاءِ وُضُوءٍ بَطَلَ مَا مَضَى مِنْهُ، وَإِنْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَبَعْضَهَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ، ثُمَّ أَعَادَ مَا غَسَلَهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ
أَجْزَأَ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ وَهْمًا كَالْوَسْوَاسِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ
(فَلَوْ نَوَى) بِوُضُوئِهِ (مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (كَقِرَاءَةِ) قُرْآنٍ (وَذِكْرِ) اللَّهِ تَعَالَى (وَأَذَانٍ وَنَوْمٍ وَرَفْعِ شَكٍّ وَغَضَبٍ وَكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَفِعْلِ نُسُكٍ) مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ نَصًّا (غَيْرَ طَوَافٍ) فَإِنَّهُ مِمَّا يَجِبُ لَهُ الْوُضُوءُ (وَ) ك (جُلُوسٍ بِمَسْجِدٍ، وَقِيلَ وَدُخُولِهِ) وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَ) قِيلَ و (حَدِيثٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ) وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَفِيَ الْمَعْنَى وَغَيْرِهِ (وَأَكْلٍ) وَفِي النِّهَايَةِ (وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَأْتِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِوَطْءٍ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ، لِجُنُبٍ وَنَحْوِهِ.
(أَوْ) نَوَى بِوُضُوئِهِ (التَّجْدِيدَ إنْ سُنَّ) لَهُ التَّجْدِيدُ (بِأَنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ وَكَانَ أَحْدَثَ، وَلَكِنْ نَوَى التَّجْدِيدَ (نَاسِيًا حَدَثَهُ ارْتَفَعَ) حَدَثُهُ بِالْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ وَالتَّجْدِيدِ، لِأَنَّهُ نَوَى طَهَارَةً شَرْعِيَّةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَحْصُلَ لَهُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ نَوَى شَيْئًا مِنْ ضَرُورَتِهِ صِحَّةُ الطَّهَارَةِ، وَهِيَ الْفَضِيلَةُ الْحَاصِلَةُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَةٍ.
فَإِنْ نَوَى التَّجْدِيدَ عَالِمًا حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ لِتَلَاعُبِهِ، و (لَا) يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ (إنْ نَوَى طَهَارَةً) وَأَطْلَقَ (أَوْ) نَوَى (وُضُوءًا وَأَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِهِ لِنَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ، لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ، إذْ لَا تَمْيِيزَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مَشْرُوعًا وَغَيْرُهُ.
(أَوْ) نَوَى (جُنُبٌ الْغُسْلَ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْوُضُوءِ، فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ وَالِدُهُ فِي قِطْعَتِهِ عَلَى الْوَجِيزِ: يَعْنِي بِ وَحْدَهُ إطْلَاقَ نِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ عَادَةً وَتَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً.
(أَوْ) نَوَى جُنُبٌ الْغُسْلَ (لِمُرُورِهِ) فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ، لِأَنَّ هَذَا الْقَصْدَ لَا تُشْرَعُ لَهُ الطَّهَارَةُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ بِمَسِّ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: لَوْ نَوَى الْغُسْلَ لِمُرُورِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَنَابَةِ.
(وَمَنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا) وَعَلَيْهِ وَاجِبٌ (أَوْ) نَوَى غُسْلًا (وَاجِبًا) فِي مَحَلِّ مَسْنُونٍ (أَجْزَأَ عَنْ الْآخَرِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ نَوَى التَّجْدِيدَ نَاسِيًا (وَإِنْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْوَاجِبَ وَالْمَسْنُونَ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ (حَصَلَا) أَيْ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُهُمَا، لِأَنَّهُ نَوَاهُمَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْوَاجِبِ أَوَّلًا ثُمَّ لِلْمَسْنُونِ.
(وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَحْدَاثٌ) أَيْ مُوجِبَاتُ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ (وَلَوْ) وُجِدَتْ (مُتَفَرِّقَةً تُوجِبُ غُسْلًا أَوْ) تُوجِبُ (وُضُوءًا وَنَوَى) بِغُسْلِهِ أَوْ وُضُوئِهِ (أَحَدَهَا) أَيْ الْأَحْدَاثِ (لَا) إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ (عَلَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ مِنْ