الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النُّسُكِ أَوْ عِنْدَ الْحَصْرِ، أَوْ بِالْعُذْرِ إذَا شَرَطَ وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِهِ وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ، كَمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِفَسَادِهِ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ وَتَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَفْضِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ يَلْزَمُهُ لَهُ دَمٌ
(وَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِي بَدَنِهِ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَبِي دَاوُد عَنْهَا «كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَنْهَاهَا» وَ (لَا) يَجُوزُ لِمُحْرِمٍ (لُبْسُ مُطَيَّبٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِحَدِيثِ «لَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَإِذَا فَعَلَ) أَيْ لَبِسَ مُطَيَّبًا بَعْدَ إحْرَامِهِ فَدَى (أَوْ اسْتَدَامَ لُبْسَ مَخِيطٍ أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لَحْظَةً فَوْقَ) الْوَقْتِ (الْمُعْتَادِ مِنْ خَلْعِهِ فَدَى) ; لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ كَابْتِدَائِهِ (وَلَا يَشُقُّهُ) لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَلِأَنَّهُ إتْلَافُ مَالٍ بِلَا حَاجَةٍ وَلَوْ وَجَبَ الشَّقُّ أَوْ الْفِدْيَةُ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ لَبَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم (وَإِنْ لَبِسَ) مُحْرِمٌ (أَوْ افْتَرَشَ مَا كَانَ مُطَيَّبًا وَانْقَطَعَ رِيحُهُ) أَيْ الطِّيبِ مِنْهُ (وَيَفُوحُ) رِيحُهُ (بِرَشِّ مَاءٍ) عَلَى مَا كَانَ مُطَيَّبًا وَانْقَطَعَ رِيحُهُ (وَلَوْ) افْتَرَشَهُ (تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرَ ثِيَابِهِ لَا يَمْنَعُ الْحَائِلُ رِيحَهُ وَلَا مُبَاشَرَتَهُ فَدَى) ; لِأَنَّهُ مُطَيَّبٌ اسْتَعْمَلَهُ، لِظُهُورِ رِيحِهِ عِنْدَ رَشٍّ، وَالْمَاءُ لَا رِيحَ لَهُ وَإِنَّمَا الرِّيحُ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي فِيهِ وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ صَوَّبَ فِي الْإِنْصَافِ وَتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ
[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ تَعَلَّقَ بِإِحْرَامٍ وَمَا وَجَبَ مِنْ فِدْيَةٍ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ تَعَلَّقَ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ كَجَزَاءِ صَيْدِ حَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ (وَمَا وَجَبَ) مِنْ فِدْيَةٍ (لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ) لِ (فَوَاتِ) حَجٍّ (أَوْ) وَجَبَ (بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فِي حَرَمٍ) كَلُبْسٍ وَوَطْءٍ فِيهِ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ "(وَ) كَذَا (هَدْيُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ) وَمَنْذُورٍ وَنَحْوِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَقَالَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي (يَلْزَمُ ذَبْحُهُ) أَيْ الْهَدْيِ (فِي الْحَرَمِ) قَالَ أَحْمَدُ: مَكَّةُ
وَمِنًى وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ لِأَنَّهُ كُلُّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ
(وَ) يَلْزَمُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ) أَيْ الْهَدْيِ الْمَذْكُورِ لِمَسَاكِينِهِ (أَوْ إطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَبْحِهِ بِالْحَرَمِ التَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَحْصُلُ بِإِعْطَاءِ غَيْرِهِمْ، وَكَذَا الْإِطْعَامُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ " وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمْ كَالْهَدْيِ (وَهُمْ) أَيْ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ (الْمُقِيمُ بِهِ) أَيْ الْحَرَمِ (وَالْمُجْتَازُ) بِالْحَرَمِ (مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) وَلَوْ تَبَيَّنَ غِنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَزَكَاةٍ (وَالْأَفْضَلُ نَحْرُ مَا وَجَبَ بِحَجٍّ بِمِنًى ; وَنَحْرُ مَا وَجَبَ بِعُمْرَةٍ بِالْمَرْوَةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ
(وَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الْهَدْيَ حَيًّا (لَهُمْ) أَيْ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (فَنَحَرُوهُ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِلَّا) يَنْحَرُوهُ (اسْتَرَدَّهُ) وُجُوبًا (وَنَحَرَهُ) لِوُجُوبِ نَحْرِهِ وَإِذَا أَبَى) اسْتِرْدَادَهُ (أَوْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِرْدَادِهِ (ضَمِنَهُ) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ (وَالْعَاجِزُ عَنْ إيصَالِهِ) أَيْ مَا وَجَبَ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ (إلَى الْحَرَمِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ (يَنْحَرُهُ حَيْثُ قَدَرَ وَيُفَرِّقُهُ بِمَنْحَرِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286](وَتُجْزِئُ فِدْيَةُ أَذًى وَ) فِدْيَةُ (لُبْسٍ وَ) فِدْيَةُ (طِيبٍ وَنَحْوِهَا) كَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ (وَ) سَائِرِ (مَا وَجَبَ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فَعَلَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " يُجْزِئُ " أَيْ الْحَرَمِ
(وَلَوْ) فَعَلَهُ (لِغَيْرِ عُذْرٍ) كَسَائِرِ الْهَدْيِ (وَ) يُجْزِئُ أَيْضًا (حَيْثُ وُجِدَ) الْمَحْظُورُ، لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ بِالْفِدْيَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا بِالسُّقْيَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا (وَدَمُ إحْصَارٍ حَيْثُ أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ نَصًّا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَحَرَ هَدْيَهُ فِي مَوْضِعِهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ» وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ قَالَ تَعَالَى:{وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25] .
(وَ) يُجْزِئُ (صَوْمٌ وَحَلْقٌ بِكُلِّ مَكَان) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إلَى أَحَدٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْحَرَمِ، وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ (وَالدَّمُ الْمُطْلَقُ كَأُضْحِيَّةٍ) أَيْ يُجْزِئُ فِيهِ مَا يُجْزِئُ فِيهَا فَإِنْ قُيِّدَ بِنَحْوِ بَدَنَةٍ تَقَيَّدَ (جِذْعُ ضَأْنٍ) لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ) لَهُ سَنَةٌ (أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، أَوْ) سُبْعُ (بَقَرَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي التَّمَتُّعِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " شَاةٌ أَوْ