الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ]
ِ (وَتَكْفِينُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» (وَيَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَ) ل (حَقِّهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ (مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ; لِأَنَّهُ لَا إجْحَافَ فِيهِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ (مَا لَمْ يُوصِ) مَيِّتٌ (بِدُونِهِ) أَيْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَقَدْ تَرَكَهُ.
(وَيُكْرَهُ) أَنْ يُكَفَّنَ فِي (أَعْلَى) مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ لِأَنَّهُ إضَاعَةٌ وَلِلنَّهْيِ عَنْ التَّغَالِي فِي الْكَفَنِ.
(وَ) يَجِبُ (مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ) مِنْ أُجْرَةِ مُغَسِّلٍ وَحَمَّالٍ وَحَفَّارٍ وَنَحْوِهِ (بِمَعْرُوفٍ) لِمِثْلِهِ فَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ، الْعَادَةِ فِي طِيبٍ وَإِعْطَاءِ مُقْرِئِينَ وَإِعْطَاءِ حَمَّالِينَ وَنَحْوِهِمْ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ فَمُتَبَرِّعٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ تَرِكَةٍ فَمِنْ نَصِيبِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ (وَلَا بَأْسَ بِمِسْكٍ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ نَصًّا (مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ ب يَجِبُ أَيْ يَجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ مَيِّتٍ، وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ مِنْ رَأْسِ مَالِ مَيِّتٍ.
فَيُخْرَجُ مِنْ مَالِهِ (مُقَدَّمًا حَتَّى عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ لِأَنَّ سُتْرَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ حَمْزَةَ وَمُصْعَبًا لَمْ يُوجَدْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا ثَوْبٌ، فَكُفِّنَا فِيهِ وَلِأَنَّ لِبَاسَ الْمُفْلِسِ يُقَدَّمُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ، فَكَذَا كَفَنُ الْمَيِّتِ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِوَرَثَةٍ شَيْءٌ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ (فَإِنْ عُدِمَ) مَالُ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ تَجْهِيزِهِ (فَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ حَيَاتِهِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حَالَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا الزَّوْجَ) فَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ زَوْجَتِهِ، وَلَا مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَلَوْ مُوسِرًا لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي النِّكَاحِ وَجَبَتْ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَالْبَيْنُونَةِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ، وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ، لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِالْمِلْكِ لَا الِانْتِفَاعِ وَلِذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْآبِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا مِنْ أَقَارِبِهَا أَوْ مُعْتِقِيهَا، لَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَجَبَ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ
الْمَالِ، إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا) لِأَنَّهُ لِلْمَصَالِحِ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّهَا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ ذِمِّيًّا فَلَا لِأَنَّ الذِّمَّةَ إنَّمَا أَوْجَبَتْ عِصْمَتَهُمْ
فَلَا نُؤْذِيهِمْ، لَا الْإِرْفَاقَ بِهِمْ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ، فَكَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ كَكِسْوَةِ الْحَيِّ.
(وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّتَهُمْ قَبُولُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ (لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (سَلْبُهُ) أَيْ الْكَفَنِ الَّذِي تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ (مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بَعْدَ دَفْنِهِ) لِأَنَّهُ لَا إسْقَاطَ لِحَقِّ أَحَدٍ فِي تَبْقِيَتِهِ.
(وَمَنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ، كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصًّا (ثَانِيًا وَثَالِثًا وَلَوْ قُسِمَتْ قَبْلَ تَكْفِينِهِ الْأَوَّلِ) ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ لِلْكَفَنِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ (مَا لَمْ تُصْرَفْ فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ صُرِفَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ تَكْفِينُهُ ثُمَّ إنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَإِلَّا تُرِكَ بِحَالِهِ.
(وَإِنْ أَكَلَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ (سَبُعٌ وَنَحْوَهُ وَبَقِيَ كَفَنُهُ فَمَا) أَيْ الْكَفَنُ الَّذِي (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فَتَرِكَةٌ) يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ (وَمَا تُبُرِّعَ بِهِ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (فَ) هُوَ (لِلْمُتَبَرِّعِ) لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ بَلْ إبَاحَةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِلْوَرَثَةِ فَكَفَّنُوهُ بِهِ فَيَكُونُ لَهُمْ.
وَكَذَا لَوْ بَلِيَ وَبَقِيَ كَفَنُهُ (وَمَا فَضَلَ مِمَّا جُبِيَ) مِنْ مَالِ تَكْفِينٍ بَعْدَ صَرْفِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ (فَ) هُوَ (لِرَبِّهِ) إنْ عُلِمَ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ فَيُرَدُّ إلَيْهِ (فَإِنْ جَهِلَ) رَبَّهُ أَوْ اخْتَلَطَ مَالٌ جُبِيَ وَلَمْ يُمَيِّزْ مَا لِكُلِّ إنْسَانٍ (فَفِي كَفَنٍ آخَرَ) يُصْرَفُ إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ مِثْلُ مَا بُذِلَ لَهُ
(فَإِنْ تَعَذَّرَ) صَرْفُهُ فِي كَفَنٍ آخَرَ (تَصَدَّقَ بِهِ) لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا بُذِلَ فِيهِ (وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ لِعَدَمٍ) مَا يُكْفَنُ بِهِ مَيِّتٌ (إنْ سُتِرَ) أَيْ أَمْكَنَ سَتْرُهُ (بِحَشِيشٍ) أَوْ وَرَقِ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِلَا إهَانَةٍ.
(وَيُسَنُّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ) لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ قَالَتْ: كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ جُدُدٍ يَمَانِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ أُدْرِجَ فِيهَا إدْرَاجًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ «وَأَمَّا الْحُلَّةُ فَاشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لِيُكَفَّنَ بِهَا، فَتُرِكَتْ الْحُلَّةُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ»
(وَكُرِهَ) تَكْفِينُ رَجُلٍ (فِي أَكْثَرَ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِأَنَّهُ وَضْعٌ لِلْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ.
(وَ) كُرِهَ (تَعْمِيمُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ (تُبْسَطُ) أَيْ الثَّلَاثُ لَفَائِفَ (عَلَى بَعْضِهَا وَاحِدَةً فَوْقَ أُخْرَى) لِيُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (بَعْدَ تَبْخِيرِهَا) بِعُودٍ وَنَحْوِهِ ثَلَاثًا.
قَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ بَعْدَ رَشِّهَا بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ لِتَعَلُّقِ رَائِحَةِ الْبَخُورِ بِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مُحْرِمًا (وَتُجْعَلُ) اللِّفَافَةُ (الظَّاهِرَةُ) وَهِيَ السُّفْلَى مِنْ الثَّلَاثِ (أَحْسَنَهَا) لِأَنَّ عَادَةَ الْحَيِّ جَعْلُ الظَّاهِرِ مِنْ ثِيَابِهِ أَفْخَرَهَا، فَكَذَا الْمَيِّتُ (وَ) يُجْعَلُ (الْحَنُوطُ، وَهُوَ أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ) وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ طِيبِ الْمَيِّتِ (فِيمَا بَيْنَهَا) أَيْ يُذَرُّ بَيْنَ اللَّفَائِفِ (ثُمَّ يُوضَعُ) الْمَيِّتُ (عَلَيْهَا) أَيْ اللَّفَائِفِ مَبْسُوطَةً (مُسْتَلْقِيًا) لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِإِدْرَاجِهِ فِيهَا.
وَيَجِبُ سَتْرُهُ حَالَ حَمْلِهِ بِثَوْبٍ، وَيُوضَعُ مُتَوَجِّهًا نَدْبًا (وَيُحَطُّ مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ) أَيْ فِيهِ حُنُوطٌ (بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَتُشَدُّ فَوْقَهُ) أَيْ الْقُطْنِ (خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرَفِ، كَالتُّبَّانِ) وَهُوَ السَّرَاوِيلُ بِلَا أَكْمَامٍ (تَجْمَعُ) الْخِرْقَةُ (أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ، لِرَدِّ الْخَارِجِ وَإِخْفَاءِ مَا ظَهَرَ مِنْ الرَّوَائِحِ (وَيُجْعَلُ الْبَاقِي) مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ (عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَفَمِهِ وَأَنْفِهِ وَعَلَى أُذُنَيْهِ (وَ) يُجْعَلُ مِنْهُ عَلَى (مَوَاضِعِ سُجُودِهِ) جَبْهَتِهِ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافِ قَدَمَيْهِ تَشْرِيفًا لَهَا،
وَكَذَا مَغَابِنُهُ كَطَيِّ رُكْبَتَيْهِ وَتَحْتَ إبِطَيْهِ وَسُرَّتِهِ ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَتَبَّعُ مَغَابِنَ الْمَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ (وَإِنْ طُيِّبَ) الْمَيِّتُ (كُلُّهُ فَحَسَنٌ) لِأَنَّ أَنَسًا طَلَى بِالْمِسْكِ، وَطَلَى ابْنُ عُمَرَ مَيِّتًا بِالْمِسْكِ.
وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ: يُسْتَحَبُّ تَطْيِيبُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بِالصَّنْدَلِ وَالْكَافُورِ، وَلِدَفْعِ الْهَوَامِّ (وَكُرِهَ) تَطَيُّبٌ (دَاخِلُ عَيْنَيْهِ) أَيْضًا، لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُمَا (ك) مَا (يُكْرَهُ) تَطْيِيبُهُ (بِوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ غَيْرُ جَارِيَةٍ بِالتَّطْيِيبِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ لِغِذَاءٍ أَوْ زِينَةٍ.
(وَ) كُرِهَ (طَلْيُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِمَا يُمْسِكُهُ، كَصَبِرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتُسَكَّنُ فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ (مَا لَمْ يُنْقَلْ) الْمَيِّتُ لِحَاجَّةٍ دَعَتْ إلَيْهِ فَيُبَاحُ لِلْحَاجَةِ.
(ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ) اللِّفَافَةِ (الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ) لِلْمَيِّتِ (عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ) يُرَدُّ (طَرَفُهَا) أَيْ اللِّفَافَةِ الْعُلْيَا (الْأَيْمَنُ عَلَى) شِقِّ الْمَيِّتِ (الْأَيْسَرِ) كَعَادَةِ الْحَيِّ (ثُمَّ) يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفَافَةِ (الثَّانِيَةِ) كَذَلِكَ (ثُمَّ) يَرُدُّ (الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ) فَيُدْرِجُهُ فِيهِ إدْرَاجًا (وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ الْفَاضِلِ) مِنْ اللَّفَائِفِ عَنْ الْمَيِّتِ (مِمَّا عِنْدَ رَأْسِهِ)
لِشَرَفِهِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ (ثُمَّ يَعْقِدُهَا) لِئَلَّا تَنْتَشِرَ.
(وَتُحَلُّ) الْعُقَدُ (فِي الْقَبْرِ) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " إذَا أَدْخَلْتُمْ الْمَيِّتَ لِلَّحْدِ فَحُلُّوا الْعُقَدَ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ لِأَمْنِ انْتِشَارِهَا فَإِنْ نَسِيَ الْمُلْحِدُ أَنْ يَحُلَّهَا نُبِشَ وَلَوْ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ قَرِيبًا، وَحُلَّتْ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ.
ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ (وَكُرِهَ تَخْرِيقُهَا) أَيْ اللَّفَائِفِ لِأَنَّهُ إفْسَادٌ وَتَقْبِيحٌ لِلْكَفَنِ مَعَ الْأَمْرِ بِتَحْسِينِهِ.
قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَلَوْ خِيفَ نَبْشُهُ وَجَوَّزَهُ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ خَوْفِ نَبْشِهِ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ (تَكْفِينُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَمِيصَهُ لَمَّا مَاتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنَّ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ " إنَّ الْمَيِّتَ يُؤَزَّرُ بِقَمِيصٍ وَيُلَفُّ فِي الثَّالِثِ " وَالسُّنَّةُ أَنْ يُجْعَلَ الْمِئْزَرُ مِمَّا يَلِي جَسَدَهُ، ثُمَّ يُلْبَسُ الْقَمِيصَ، ثُمَّ يُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الْحَيُّ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ بِكُمَّيْنِ وَدَخَارِيصَ كَقَمِيصِ الْحَيِّ نَصًّا وَلَا يُحَلُّ الْأَزْرَارُ فِي الْقَبْرِ،
وَلَا يُكْرَهُ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فِي ثَوْبَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُحْرِمِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» .
(وَ) الْكَفَنُ (الْجَدِيدُ أَفْضَلُ) مِنْ الْعَتِيقِ، إنْ لَمْ يُوصِ كَمَا فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ أَحْسَنُ وَلَيْسَ مِنْ الْمُغَالَاةِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلْحَيِّ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ حَدِيثِ «إذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلِيُحْسِنْ كَفَنَهُ» (وَكُرِهَ) تَكْفِينٌ (بِرَقِيقٍ يَحْكِي الْهَيْئَةَ) لِرِقَّتِهِ نَصًّا.
وَلَا يُجْزِئُ مَا وَصَفَ الْبَشَرَةَ (وَ) كُرِهَ كَفَنٌ (مِنْ شَعْرٍ وَ) مِنْ (صُوفٍ) لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ.
(وَ) كُرِهَ كَفَنٌ (مُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ) وَلَوْ امْرَأَةً لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْحَالِ.
(وَحَرُمَ) التَّكْفِينُ (بِجِلْدٍ)«لِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَزْعِ الْجُلُودِ عَنْ الشُّهَدَاءِ» (وَجَازَ) تَكْفِينُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (فِي حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ) وَمُفَضَّضٍ (لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ عُدِمَ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ غَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْفَعُ بِهِ وَيَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، ذَكَرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ أُنْثَى، لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهَا حَالَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ زِينَةٍ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا.
(وَمَتَى لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتُرُ) الْمَيِّتَ (جَمِيعَهُ سُتِرَ عَوْرَتُهُ) كَالْحَيِّ (ثُمَّ) إنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ عَوْرَتِهِ سُتِرَ بِهِ (رَأْسُهُ) لِشَرَفِهِ (وَجُعِلَ عَلَى بَاقِيهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ