الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ تُجَاوِزُ مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ]
فَصْلٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ أَرَادَ مَكَّةَ نَصًّا أَوْ أَرَادَ الْحَرَمَ أَوْ أَرَادَ نُسُكًا (تَجَاوُزُ مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ تَجَاوَزَ مِيقَاتًا بِلَا إحْرَامٍ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ وَآخِرِهِ لَكِنَّ أَوَّلَهُ أَوْلَى (إلَّا) إنْ تَجَاوَزَهُ (لِقِتَالٍ مُبَاحٍ) لِدُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا ذَلِكَ الْيَوْمَ (أَوْ لِخَوْفٍ أَوْ حَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وَنَحْوِهِ) كَنَاقِلِ مِيرَةٍ وَحَشَّاشٍ فَلَهُمْ الدُّخُولُ بِلَا إحْرَامٍ لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " لَا يَدْخُلُ إنْسَانٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا إلَّا الْحَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا " احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَكَمَكِّيٍّ يَتَرَدَّدُ لِقَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ، لِتَكَرُّرِهِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ قِيمَةٍ لِلْمَشَقَّةِ (ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ) أَيْ لِمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ مِنْ أُولَئِكَ أَنْ يُحْرِمَ (أَوْ بَدَا لِمَنْ لَمْ يَرِدْ الْحَرَمَ) كَقَاصِدِ عُسْفَانَ وَنَحْوِهِ (أَنْ يُحْرِمَ) فَمِنْ مَوْضِعِهِ
(أَوْ لَزِمَ) الْإِحْرَامُ (مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ رَقِيقًا) بِأَنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَكُلِّفَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَعَتَقَ رَقِيقٌ، أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ (أَوْ تَجَاوَزَهَا) أَيْ الْمَوَاقِيتَ (غَيْرَ قَاصِدٍ مَكَّةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُهَا فَمِنْ مَوْضِعِهِ) يَحْرُمُ لِأَنَّهُ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَكَانِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ حَالَ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ
(وَأُبِيحَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ دُخُولُ مَكَّةَ مُحِلِّينَ سَاعَةً) مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ (وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا قَطْعَ شَجَرٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَامَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا كَحُرْمَتِهَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ»
(وَمَنْ تَجَاوَزَهُ) أَيْ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ (يُرِيدُ نُسُكًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (أَوْ كَانَ) النُّسُكُ (فَرْضَهُ) وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ (وَلَوْ) كَانَ (جَاهِلًا) أَنَّهُ الْمِيقَاتُ أَوْ حُكْمُهُ (أَوْ نَاسِيًا لَزِمَهُ أَنْ يَرْجِعَ) إلَى الْمِيقَاتِ (فَيُحْرِمَ مِنْهُ) حَيْثُ أَمْكَنَ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (إنْ لَمْ
يَخَفْ فَوْتَ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ) كَعَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لِصًّا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ خَافَ لَمْ يَلْزَمْهُ رُجُوعٌ وَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ
(وَيَلْزَمُهُ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ دَمٌ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» وَقَدْ تَرَكَ وَاجِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا يَسْقُطُ) الدَّمُ (إنْ أَفْسَدَهُ) أَيْ النُّسُكُ نَصًّا لِأَنَّهُ كَالصَّحِيحِ (أَوْ رَجَعَ) إلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ إحْرَامِهِ نَصًّا كَدَمٍ مَحْظُورٍ (وَكُرِهَ إحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَبْلَ مِيقَاتٍ) وَيَنْعَقِدُ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، أَحْرَمَ مِنْ مِصْرِهِ فَبَلَغَ عُمَرَ فَغَضِبَ، وَقَالَ: يَتَسَامَعُ النَّاسُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ مِنْ مِصْرِهِ " وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانِ وَلِحَدِيثِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا «يَسْتَمْتِعُ أَحَدُكُمْ بِحِلِّهِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ فِي إحْرَامِهِ» (وَ) كُرِهَ إحْرَامٌ (بِحَجٍّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ
(وَهِيَ) أَيْ أَشْهُرُ الْحَجِّ (شَوَّالُ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] الْآيَةَ أَيْ فِي أَكْثَرِهِنَّ وَإِنَّمَا فَاتَ الْحَجُّ بِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ، لَا لِخُرُوجِ وَقْتِ الْحَجِّ ثُمَّ الْجَمْعُ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضِ آخَرَ وَالْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً لِسَبْقِ اللَّيَالِي فَتَقُولُ: سِرْنَا عَشْرًا
(وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُ الْحَجِّ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] الْآيَةِ وَكُلُّهَا مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ فَكَذَا الْحَجُّ، وَكَالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ وَقَوْلِهِ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ} [البقرة: 197] الْآيَةَ أَيْ مُعْظَمُهُ فِيهَا كَحَدِيثِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " السُّنَّةُ أَنْ لَا يُحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ " عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالْإِحْرَامُ تَتَرَاخَى الْأَفْعَالُ عَنْهُ فَهُوَ كَالطَّهَارَةِ وَنِيَّةُ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ