الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهَا، وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ لَا نَفْضُ الْمَاءِ بِيَدِهِ عَنْ بَدَنِهِ.
لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ (وَ) يُبَاحُ (مُعِينٌ) لِمُتَوَضِّئٍ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ " أَنَّهُ «أَفْرَغَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَضُوئِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَسُنَّ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُعِينُ (عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ، لِيَسْهُلَ تَنَاوُلُ الْمَاءِ عِنْدَ الصَّبِّ (كَإِنَاءِ وُضُوءٍ ضَيِّقِ الرَّأْسِ) فَيَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ، لِيَصُبَّ مِنْهُ بِهِ عَلَى يَمِينِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْإِنَاءُ ضَيِّقَ الرَّأْسِ، بَلْ كَانَ وَاسِعًا (فَ) يَجْعَلُهُ (عَنْ يَمِينِهِ) لِيَغْتَرِفَ مِنْهُ بِهَا (وَمَنْ وُضِّئَ أَوْ غُسِّلَ أَوْ يُمِّمَ) بِبِنَاءِ الثَّلَاثَةِ لِلْمَفْعُولِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَفْعُولِ بِهِ (وَنَوَاهُ) أَيْ الْمَفْعُولُ بِهِ: الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ أَوْ التَّيَمُّمَ (صَحَّ) وُضُوءُهُ أَوْ غُسْلُهُ، أَوْ تَيَمُّمُهُ قَالَ الْمَجْدُ: وَكُرِهَ انْتَهَى. مُسْلِمًا كَانَ الْفَاعِلُ، أَوْ كَافِرًا لِوُجُودِ النِّيَّةِ وَالْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ.
وَ (لَا) يَصِحُّ وُضُوءُهُ أَوْ غُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ (إنْ أُكْرِهَ فَاعِلٌ) أَيْ مُوَضِّئٌ أَوْ مُغَسِّلٌ أَوْ مُيَمِّمٌ لِغَيْرِهِ، أَوْ صَابٌّ لِلْمَاءِ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ إذَا أُكْرِهَ الصَّابُّ، لِأَنَّ الصَّبَّ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ، فَيُشْبِهُ الِاغْتِرَافَ بِإِنَاءٍ مُحَرَّمٍ. وَإِنْ أُكْرِهَ الْمُتَوَضِّئُ وَنَحْوُهُ عَلَى وُضُوءٍ، أَوْ عِبَادَةٍ لَفَعَلَهَا، فَإِنْ كَانَ لِدَاعِي الشَّرْعِ، لَا لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ وُضِّئَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ; لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ نَوَاهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ أَصَالَةً وَنِيَابَةً وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ صَرَّحَ بِهِ.
[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا]
كَالْجُرْمُوقَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ، وَكَذَا عِمَامَةٌ وَخِمَارٌ (رُخْصَةٌ) وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ، وَشَرْعًا مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ. وَضِدُّهَا (الْعَزِيمَةُ) . وَهِيَ لُغَةً الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ.
وَشَرْعًا: مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَهُمَا وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ (وَ) الْمَسْحُ (أَفْضَلُ مِنْ غُسْلٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ إنَّمَا طَلَبُوا الْأَفْضَلَ وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ» وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِأَهْلِ الْبِدْعَةِ (وَ) الْمَسْحُ (يَرْفَعُ الْحَدَثَ) لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ أَشْبَهَ الْغُسْلَ.
(وَلَا يُسَنُّ أَنْ يَلْبَسَ) خُفًّا وَنَحْوَهُ (لِيَمْسَحَ) عَلَيْهِ كَسَفَرِهِ لِيَتَرَخَّصَ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم " يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إذَا كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ وَيَمْسَحُهُمَا إذَا كَانَتَا فِي الْخُفِّ ".
(وَكُرِهَ لُبْسٌ) لِمَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ (مَعَ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ) أَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ نَصًّا لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ فَكَذَلِكَ
اللُّبْسُ الَّذِي يُرَادُ لِلصَّلَاةِ وَرَدَّهُ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَبِسَهُمَا عِنْدَ غَلَبَةِ النُّعَاسِ، وَالْفَارِقُ بَيْنَ اللُّبْسِ وَالصَّلَاةِ: أَنَّ الصَّلَاةَ يُطْلَبُ فِيهَا الْخُشُوعُ وَاشْتِغَالُ قَلْبِهِ بِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ يُذْهِبُ بِهِ، وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي اللُّبْسِ.
(وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى خُفٍّ) فِي رِجْلَيْهِ.
قَالَ الْحَسَنُ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ " وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى.
مِنْهَا: حَدِيثُ جَرِيرٍ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَالَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» .
قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ " فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قِرَاءَةِ " أَرْجُلِكُمْ " بِالْجَرِّ وَحَمَلَ قِرَاءَةَ النَّصْبِ عَلَى الْغُسْلِ ; لِئَلَّا تَخْلُوَ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ عَنْ فَائِدَةٍ.
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا عَلَى (جُرْمُوقٍ) وَهُوَ (خُفٌّ قَصِيرٌ) وَيُسَمَّى أَيْضًا: الْمُوقَ ; «لِحَدِيثِ بِلَالٍ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَبِي دَاوُد " كَانَ يَخْرُجُ يَقْضِي حَاجَتَهُ ; فَآتِيه بِالْمَاءِ، فَيَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمُوقَيْهِ " وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ بِلَالٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «امْسَحُوا عَلَى النَّصِيفِ وَالْمُوقِ» .
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا عَلَى (جَوْرَبٍ صَفِيقِ) نُعِلَ أَوَّلًا لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مَنْعُولَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ النَّعْلَيْنِ. إذْ لَا يُقَالُ: مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ وَنَعْلِهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ " تُرْوَى إبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ، وَبِلَالٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ " انْتَهَى.
وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْخُفِّ إذْ هُوَ مَلْبُوسٌ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ، أَشْبَهَ الْخُفَّ وَتَكَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ بَعْضُهُمْ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ (وَالْجَوْرَبُ) : غِشَاءٌ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ لِلدِّفْءِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَفِي شَرْحِهِ: وَلَعَلَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلِ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ، مِنْ غَيْرِ الْجِلْدِ (حَتَّى لِزَمِنٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ لِعَاهَةٍ. فَيَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى هَذِهِ الْحَوَائِلِ كَالسَّلِيمِ.
(وَ) يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى نَحْوِ خُفٍّ حَتَّى (بِرِجْلٍ قُطِعَتْ أُخْرَاهَا مِنْ فَوْقِ فَرْضِ) هَا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَرَادَ غَسْلَهُ وَمَسْحَ
حَائِلَ الْأُخْرَى لَمْ يُجْزِئْ تَعْلِيمًا لِلْغُسْلِ، لِأَنَّهُ فَرْضٌ وَاحِدٌ: فَلَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ.
وَ (لَا) يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى نَحْوِ الْخُفَّيْنِ (لِمُحْرِمٍ) ذَكَرٍ (لَبِسَهُمَا لِحَاجَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ، كَالْمَرْأَةِ تَلْبَسُ الْعِمَامَةَ لِحَاجَةٍ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْمَمْسُوحِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا. كَمَا يَأْتِي. وَهُمَا لَا يُبَاحَانِ لِلْمُحْرِمِ مُطْلَقًا، بَلْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ (عَلَى عِمَامَةٍ)«لِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِمُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَسٌ وَأَبُو أُمَامَةَ وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ ".
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى (جَبَائِرَ) جَمْعُ جَبِيرَةٍ. نَحْوِ أَخْشَابٍ تَرْبُطُ عَلَى نَحْوِ كَسْرٍ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا فِي صَاحِبِ الشَّجَّةِ «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْضُدَ، أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا: وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَبِهِ قَالَ عُمَرُ: وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا عَلَى (خُمُرِ نِسَاءٍ مُدَارَةً تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ) لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ سَاتِرٌ يَشُقُّ نَزْعُهُ، أَشْبَهَ الْعِمَامَةَ، بِخِلَافِ الْوِقَايَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشُقُّ نَزْعُهَا، فَتُشْبِهُ طَاقِيَّةَ الرَّجُلِ.
وَ (لَا) يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى ((قَلَانِسَ)) جَمْعُ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ قُلَنْسِيَةٍ: مُبَطَّنَاتٌ تُتَّخَذُ لِلنَّوْمِ. وَمِثْلُهَا الدَّيِّنَاتُ: قَلَانِسُ كِبَارٌ كَانَتْ الْقُضَاةُ تَلْبَسُهَا. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هِيَ عَلَى هَيْئَةِ مَا يَتَّخِذُهُ الصُّوفِيَّةُ الْآنَ لِأَنَّهُ مَا يَشُقُّ نَزْعُهَا فَأَشْبَهَتْ الْكَلْتَة: شَيْء يُوضَعُ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ عِمَامَةٍ.
(وَ) لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى (لَفَائِفَ) جَمْعُ لِفَافَةٍ: مَا يُلَفُّ مِنْ خِرَقٍ وَنَحْوِهَا عَلَى الرِّجْلِ، تَحْتَهَا نَعْلٌ أَوْ لَا. وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ. لِعَدَمِ وُرُودِهِ (إلَى حَلِّ جَبِيرَةٍ) أَيْ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَنْ لَبِسَهَا إلَى حَلِّهَا لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ، فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. وَالضَّرُورَةُ تَدْعُو إلَى مَسْحِهَا إلَى حَلِّهَا أَوْ بُرْئِهَا.
(وَلَا يَمْسَحُ فِي) الطَّهَارَةِ (الْكُبْرَى غَيْرَهَا) أَيْ الْجَبِيرَةَ، لِحَدِيثِ «صَفْوَانَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» (وَهُوَ) أَيْ الْمَسْحُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ (عَزِيمَةٌ) لَا رُخْصَةٌ (فَيَجُوزُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ) كَالتَّيَمُّمِ، أَيْ جَوَازًا مُسَاوِيًا لِلْجَوَازِ فِي سَفَرِ الطَّاعَةِ،
فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ: أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ، وَيَجُوزُ بِهِمَا لِاخْتِلَافِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فِيهِمَا.
(وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْجَبِيرَةِ يُمْسَحُ (مِنْ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ) لَهُ (يَوْمًا وَلَيْلَةً لِمُقِيمٍ) وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ كَمَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِسَفَرٍ فَأَقَامَ وَكَمُسَافِرٍ دُونَ الْمَسَافَةِ.
(وَ) لِ (عَاصٍ بِسَفَرٍ) لِأَنَّهُ كَالْمُقِيمِ فَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الرُّخَصَ (وَثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ (بِلَيَالِيِهِنَّ لِمَنْ بِسَفَرِ قَصْرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ، بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ. وَلَوْ عَصَى فِيهِ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُقِيمُ بِالْمَسْحِ سَبْعَ صَلَوَاتٍ، وَالْمُسَافِرُ سَبْعَةَ عَشَرَ صَلَاةً، وَلَوْ مَضَى مِنْ الْمَسْحِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ أَوْ ثَلَاثٌ لِلْمُسَافِرِ وَلَمْ يَمْسَحْ، انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ، فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ، ثُمَّ أَحْدَثَ اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةَ، وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَخَافَ النَّزْعَ، لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ تَضَرَّرَ رَفِيقُهُ بِسَفَرٍ بِانْتِظَارِهِ لَوْ اشْتَغَلَ بِنَزْعِ نَحْوِ خُفٍّ، تَيَمَّمَ، فَإِنْ مَسَحَ وَصَلَّى أَعَادَ.
(أَوْ سَافَرَ) لَابِسُ نَحْوِ خُفٍّ (بَعْدَ حَدَثٍ قَبْلَ مَسْحٍ) اسْتَبَاحَ مَسْحَ مُسَافِرٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا فِي سَفَرِهِ.
(وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ، أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ، إنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِلَّا خَلَعَ فِي الْحَالِ.
(أَوْ) مَسَحَ مُقِيمًا (أَقَلَّ مِنْ مَسْحِ مُقِيمٍ) أَيْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (ثُمَّ سَافَرَ) لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ، تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ.
(أَوْ شَكَّ) مَاسِحٌ بِسَفَرٍ (فِي ابْتِدَائِهِ) أَيْ الْمَسْحِ، بِأَنْ لَمْ يَدْرِ: أَمَسَحَ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا؟ (لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَمَنْ شَكَّ)(مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا)(فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْمَسْحِ وَتَوَضَّأَ (لَمْ يَمْسَحْ) مَا دَامَ شَاكًّا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (فَإِنْ مَسَحَ) مَعَ الشَّكِّ (فَبَانَ بَقَاؤُهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (صَحَّ) وُضُوءُهُ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ. وَلَا يُصَلِّي بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ الْبَقَاءُ، فَإِنْ فَعَلَ إذَنْ أَعَادَ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ بَقَاؤُهَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءٌ.
(بِشَرْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَصِحُّ (تَقَدُّمُ كَمَالِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ) لِحَدِيثِ «الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ، فَأَفْرَغْت عَلَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِأَنْزَعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ " قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَمْسَحُ أَحَدُنَا عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ. إذَا
أَدْخَلَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ " رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَفِيَ الْبَابِ غَيْرُهُ وَأَلْحَقَ بِالْخُفِّ بَاقِي الْحَوَائِلِ.
فَإِنْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ بِتَيَمُّمٍ لَمْ يَمْسَحْ. لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، أَوْ غَسَلَ رِجْلًا ثُمَّ أَدْخَلَهَا إيَّاهُ أَوْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مُحْدِثًا. ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الْخُفَّيْنِ، أَوْ لَبِسَهُمَا مُتَطَهِّرًا، فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ الْقَدَمُ إلَى مَوْضِعِهَا، أَوْ نَوَى جُنُبٌ رَفْعَ حَدَثِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا فِي خُفَّيْهِ، ثُمَّ أَتَمَّ طَهَارَتَهُ خَلَعَ، ثُمَّ لَبِسَ قَبْلَ الْحَدَثِ، وَالْأَلَمُ يَمْسَحُ. وَكَذَا تَفْصِيلُ عِمَامَةٍ وَنَحْوِهَا.
(وَلَوْ مَسَحَ فِيهَا عَلَى حَائِلٍ) بِأَنْ تَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا مَسَحَ فِيهِ عَلَى نَحْوِ جَبِيرَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ. ثُمَّ لَبِسَ نَحْو خُفٍّ فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ رَافِعَةٌ لِلْحَدَثِ، كَاَلَّتِي لَمْ يَمْسَحْ فِيهَا عَلَى حَائِلٍ.
(أَوْ تَيَمَّمَ) فِي طَهَارَةٍ بِمَاءِ (الْجُرْحِ) فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ ثُمَّ لَبِسَ نَحْوَ خُفٍّ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. لِتَقَدُّمِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ فِي الْجُمْلَةِ.
(أَوْ كَانَ حَدَثُهُ) أَيْ لَابِسُ نَحْوِ خُفٍّ (دَائِمًا) كَمُسْتَحَاضَةٍ وَمَنْ بِهِ سَلَسٌ، وَتَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفًّا، فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. لِأَنَّهَا كَامِلَةٌ فِي حَقِّهِ، وَخُصُوصًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَلِأَنَّ الْمَعْذُورَ أَوْلَى بِالرُّخَصِ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ كَغَيْرِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ. فَإِذَا وَضَعَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِمَاءٍ نَزَعَهَا
(وَيَكْفِي مَنْ خَافَ) تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا مِنْ (نَزْعِ جَبِيرَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا طَهَارَةٌ) بِمَاءٍ (تَيَمَّمَ) عِنْدَ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا، كَجُرْحٍ غَيْرِ مَشْدُودٍ (فَلَوْ عَمَّتْ مَحَلَّهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ (مَسَحَهَا بِالْمَاءِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ. فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْآخَرُ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (سَتْرُ مَحَلِّ فَرْضٍ) وَهُوَ ثَانِي الشُّرُوطِ، فَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ الْغُسْلُ. وَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ، إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَمَا لَوْ غَسَلَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ. فَيَجِبُ غَسْلُ الْأُخْرَى.
(وَلَوْ) كَانَ السَّتْرُ (بِمُخْرَقٍ أَوْ مُفْتَقٍ وَيَنْضَمُّ بِلُبْسِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ كَوْنُهُ صَحِيحًا (أَوْ كَانَ) الْقَدَمُ (يَبْدُو بَعْضُهُ) مِنْ الْمَلْبُوسِ (لَوْلَا شَدُّهُ) أَيْ رَبْطُهُ (أَوْ شَرْجُهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ، (كَالزُّرْبُولِ) لَهُ سَاقٌ وَعُرًى يَدْخُلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، فَيَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ. فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ. أَشْبَهَ غَيْرَ ذِي الشَّرْجِ. فَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ بِلُبْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، كَبِيرًا كَانَ الْخَرْقُ أَوْ صَغِيرًا، مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَ) بِشَرْطِ (ثُبُوتِهِ
بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَعْلَيْنِ) وَهُوَ الثَّالِثُ، فَيَمْسَحُ عَلَيْهِ (إلَى خَلْعِهِمَا) مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَدِّهِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَسُيُورَ النَّعْلَيْنِ قَدْرَ الْوَاجِبِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا، قَدْرَ الْوَاجِبِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَ) بِشَرْطِ (إمْكَانِ مَشْيٍ عُرْفًا بِمَمْسُوحٍ) وَهُوَ الرَّابِعُ، لَا كَوْنُهُ يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ أَوْ مُعْتَادًا، فَيَصِحُّ عَلَى خُفٍّ مِنْ جِلْدٍ وَلُبَدٍ وَخَشَبٍ وَحَدِيدٍ وَزُجَاجٍ، لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَنَحْوِهِ، حَيْثُ أَمْكَنَ الْمَشْيُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ. أَشْبَهَ الْجِلْدَ. وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى بَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ. وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِهِ.
(وَ) بِشَرْطِ (إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا) وَهُوَ الْخَامِسُ، أَيْ مَعَ الضَّرُورَةِ وَعَدَمِهَا. فَلَا يَصِحُّ عَلَى نَحْوِ مَغْصُوبٍ وَإِنْ خَافَ بِنَزْعِهِ سُقُوطَ أَصَابِعِهِ مِنْ بَرْدٍ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ. فَلَا تُسْتَبَاحُ بِالْمَعْصِيَةِ، كَمَا لَا يَسْتَبِيحُ الْمُسَافِرُ الرُّخَصَ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ. وَكَذَا حَرِيرٌ لِرَجُلٍ، وَمُذَهَّبٌ وَنَحْوُهُ.
(وَ) بِشَرْطِ (طَهَارَةِ عَيْنِهِ) أَيْ الْمَمْسُوحِ. وَهُوَ السَّادِسُ (وَلَوْ فِي ضَرُورَةٍ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى نَجِسِ الْعَيْنِ خُفًّا كَانَ أَوْ جَبِيرَةً، أَوْ غَيْرَهُمَا (وَتَيَمَّمَ) مَنْ لَبِسَ سَاتِرًا نَجِسًا (مَعَهَا) أَيْ الضَّرُورَةِ بِنَزْعِهِ (لِمَسْتُورٍ) بِالنَّجِسِ مِنْ رِجْلَيْنِ أَوْ رَأْسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. فَإِنْ كَانَ طَاهِرَ الْعَيْنِ وَتَنَجَّسَ بَاطِنُهُ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَيَسْتَبِيحُ بِهِ مَسَّ مُصْحَفٍ لَا صَلَاةَ إلَّا بِغَسْلِهِ. أَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (وَيُعِيدُ مَا صَلَّى بِهِ) أَيْ بِالنَّجِسِ، لِحَمْلِهِ النَّجَاسَةَ فِيهَا.
(وَ) بِشَرْطِ (أَنْ لَا يَصِفَ) نَحْوَ خُفٍّ (الْبَشَرَةَ) دَاخِلَهُ (لِصَفَائِهِ أَوْ خِفَّتِهِ) وَهُوَ السَّابِعُ، فَإِنْ وَصَفَ الْقَدَمَ لِصَفَائِهِ كَزُجَاجٍ رَقِيقٍ، أَوْ خِفَّتِهِ كَجَوْرَبٍ خَفِيفٍ. لَمْ يَصِحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَشْبَهَ النَّعْلَ.
(وَ) بِشَرْطِ (أَنْ لَا يَكُونَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ بَعْضُ مَحَلِّ الْفَرْضِ) وَهُوَ الثَّامِنُ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَشْبَهَ الْمُخَرَّقَ الَّذِي لَا يَنْضَمُّ بِلُبْسِهِ (وَإِنْ لَبِسَ) لَابِسُ خُفٍّ (عَلَيْهِ) خُفًّا (آخَرَ، لَا بَعْدَ حَدَثٍ وَلَوْ مَعَ خَرْقِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ (صَحَّ الْمَسْحُ) عَلَى الْفَوْقَانِيِّ، لِأَنَّهُ سَاتِرٌ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ. أَشْبَهَ الْمُنْفَرِدَ.
وَسَوَاءٌ كَانَا صَحِيحَيْنِ أَوْ التَّحْتَانِيَّ وَحْدَهُ صَحِيحًا، لَا إنْ كَانَا مُخَرَّقَيْنِ وَلَوْ سَتَرَا. وَإِنْ لَبِسَ الْفَوْقَانِيَّ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ. لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ تَطَهَّرَ وَلَبِسَ آخَرَ بَعْدَ
مَسْحِهِ الْأَوَّلَ ; لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَى الثَّانِي. وَيَصِحُّ عَلَى خُفٍّ تَحْتَهُ لِفَافَةٌ (وَإِنْ نَزَعَ) الْخُفَّ (الْمَمْسُوحَ لَزِمَ نَزْعُ مَا تَحْتَهُ) وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ ; لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَسْحِ قَدْ زَالَ. وَنَزْعُ إحْدَى الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا. لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ مِنْ الْغُسْلِ، وَالرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا، فَصَارَ كَانْكِشَافِ الْقَدَمِ.
وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْفَوْقَانِيِّ وَمَسَحَ التَّحْتَانِيّ جَازَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ لِلْمَسْحِ. كَغَسْلِ قَدَمَيْهِ فِي الْخُفِّ مَعَ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ. وَلَوْ لَبِسَ جُرْمُوقًا فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ وَحْدَهَا. جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَعَلَى خُفِّ الْأُخْرَى.
وَفِي الرِّعَايَةِ: لَوْ لَبِسَ عِمَامَتَهُ فَوْقَ عِمَامَةٍ لِحَاجَةٍ، كَبَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ، وَقَبْلَ مَسْحِ السُّفْلَى، مَسَحَ الْعُلْيَا الَّتِي بِصِفَةِ السُّفْلَى، وَإِلَّا فَلَا. كَمَا لَوْ تَرَكَ فَوْقَهَا مِنْدِيلًا أَوْ نَحْوَهُ.
(وَشَرَطَ فِي) مَسْحِ (عِمَامَةٍ) ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا: (كَوْنُهَا (مُحَنَّكَةً)) أَيْ مُدَارًا مِنْهَا تَحْتَ الْحَنَكِ كَوْرٌ، بِفَتْحِ الْكَافِ، أَوْ كَوَرَانٌ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَا، لِأَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ الْعَرَبِ، وَهِيَ أَكْثَرُ سَتْرًا، وَيَشُقُّ نَزْعُهَا.
قَالَ الْقَاضِي: سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (أَوْ) كَوْنُهَا (ذَاتَ ذُؤَابَةٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَهِيَ طَرَفُ الْعِمَامَةِ الْمُرْخَى، مَجَازًا، وَأَصْلُهَا النَّاصِيَةُ، أَوْ مَنْبَتُهَا مِنْ الرَّأْسِ، وَهُوَ شَعْرٌ فِي أَعْلَى نَاصِيَةِ الْفَرَسِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَنَّكَةً وَلَا ذَاتَ ذُؤَابَةٍ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِي نَزْعِهَا كَالْكَلْوَتَةِ، وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ عَمَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَحْكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ، وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ كَسَفَرِ النُّزْهَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ (وَ) الثَّانِي كَوْنُهَا (عَلَى ذَكَرٍ) فَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ وَلَا خُنْثَى عِمَامَةً، وَلَوْ لِحَاجَةِ بَرْدٍ.
(وَ) الثَّالِثُ (سَتْرُ) الْعِمَامَةِ مِنْ الرَّأْسِ (غَيْرَ مَا الْعَادَةُ كَشْفُهُ) كَمُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ وَجَوَانِبِ الرَّأْسِ فَيُعْفَى عَنْهُ، بِخِلَافِ خَرْقِ الْخُفِّ لِأَنَّ هَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.
(وَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ) أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْعِمَامَةِ، لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ الرَّأْسِ. فَانْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَيْهَا، وَتَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِهَا لَكِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: نَصَّ عَلَيْهِ. «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ» فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ (وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِهَا) أَيْ أَكْثَرِ الْعِمَامَةِ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْمَمْسُوحَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ، فَأَجْزَأَ مَسْحُ بَعْضِهِ كَالْخُفِّ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الْعِمَامَةِ قَلَنْسُوَةٌ يَظْهَرُ بَعْضُهَا، فَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُمَا صَارَا كَالْعِمَامَةِ
الْوَاحِدَةِ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي
(وَ) يَجِبُ مَسْحُ (جَمِيع جَبِيرَةٍ) عَلَى كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ. لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد. فِي صَاحِبِ الشَّجَّةِ (إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ)(فَلَوْ تَعَدَّى) أَيْ تَجَاوَزَ (شَدُّهَا) أَيْ الْجَبِيرَةَ (مَحَلَّ الْحَاجَةِ) إلَيْهَا وَهُوَ مَوْضِعُ الْكَسْرِ، أَوْ الْجُرْحِ وَمَا أَحَاطَ بِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الشَّدُّ إلَّا بِهِ (نَزَعَهَا) كَمَا لَوْ شَدَّهَا عَلَى مَا لَا كَسْرَ وَلَا جُرْحَ فِيهِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا.
(فَإِنْ خَافَ) ذَلِكَ (تَيَمَّمَ لِزَائِدٍ) عَلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ، لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُخَافُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِ. فَجَازَ التَّيَمُّمُ لَهُ، كَالْجُرْحِ، فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ، وَيَمْسَحُ مِنْ الْجَبِيرَةِ عَلَى كُلِّ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْحَاجَةِ، وَيَتَيَمَّمُ لِزَائِدٍ (وَدَوَاءٍ) عَلَى الْبَدَنِ (وَلَوْ قَارًّا فِي شِقٍّ وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ. كَجَبِيرَةٍ) فِي الْمَسْحِ عَلَيْهِ، إنْ وَضَعَهُ عَلَى طَهَارَةٍ، وَمَنَعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَةٍ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا، وَكَذَا لَوْ تَأَلَّمَتْ أُصْبُعُهُ فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً، وَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى جَبِيرَةِ غَصْبٍ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ نَجِسَةٍ، وَإِذَا كَانَ بِأُصْبُعِهِ جُرْحٌ أَوْ فِصَادٌ، وَخَافَ انْدِفَاقَ الدَّمِ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، نَصًّا، ذَكَرُهُ فِي الْإِنْصَافِ مُلَخَّصًا.
(وَ) يَجِبُ مَسْحُ (أَكْثَرِ أَعْلَى خُفٍّ وَنَحْوَهُ) كَجُرْمُوقٍ وَجَوْرَبٍ، جَعْلًا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ، وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ (وَسُنَّ) الْمَسْحُ (بِأَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ أَصَابِعِهِ) أَيْ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ (إلَى سَاقِهِ) يَمْسَحُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُسْرَى لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ثُمَّ «تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ أَعْلَاهُمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أَثَرِ أَصَابِعِهِ عَلَى الْخُفَّيْنِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ " مَسَحَ حَتَّى رُئِيَ أَثَرُ أَصَابِعِهِ عَلَى خُفَّيْهِ خُطُوطًا " وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُفَرِّجَ أَصَابِعَهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يُجْزِي) مَسْحُ (أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ) أَيْ الْخُفِّ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَا يُسَنُّ) مَسْحُهُمَا مَعَ أَعْلَى الْخُفِّ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلَ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَقَدْ «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ ظَاهِرَ خُفَّيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ مَعْلُولٌ. وَقَالَ: سَأَلْت أَبَا زُرْعَةَ وَمُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إنَّهُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ
(وَحُكْمُهُ) أَيْ مَسْحِ الْخُفِّ (بِإِصْبَعٍ) فَأَكْثَرَ (أَوْ) بِ (حَائِلٍ) كَخِرْقَةٍ وَخَشَبَةٍ مَبْلُولَتَيْنِ وَحُكْمُ (غَسْلِهِ: حُكْمُ رَأْسٍ) فِي وُضُوءٍ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجْزِي مَسْحُ