الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَاجِبِ كَيْفَ فَعَلَ وَكَذَا الْغُسْلُ مَعَ إمْرَارِ يَدِهِ، وَكَذَا إصَابَةُ مَاءٍ. وَلَوْ مَسَحَ مِنْ سَاقِ الْخُفِّ إلَى أَصَابِعِهِ أَجْزَأَ.
(وَكُرِهَ غَسْلُ) الْخُفِّ لِعُدُولِهِ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إفْسَادِهِ.
(وَ) كُرِهَ أَيْضًا (تَكْرَارُ مَسْحِ) الْخُفِّ - بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا - اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى غَسْلِهِ. قُلْت: وَكَذَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ فِي سَائِرِ مَا يَمْسَحُ.
(وَمَتَى ظَهَرَ) بَعْدَ حَدَثٍ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ مِنْ عِمَامَةٍ مَمْسُوحَةٍ (بَعْضُ رَأْسٍ، وَفَحُشَ) أَيْ كَثُرَ ; اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، فَإِنْ لَمْ يَفْحُشْ فَلَا بَأْسَ.
(أَوْ) ظَهَرَ (بَعْضُ قَدَمٍ) مِنْ نَحْوِ خُفٍّ مَسَحَ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَفْحُشْ، أَوْ خَرَجَ الْقَدَمُ (إلَى سَاقٍ) نَحْو (خُفٍّ) اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، لِأَنَّ مَسْحَ الْعِمَامَةِ قَامَ مَقَامَ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَمَسْحُ الْخُفَّيْنِ أُقِيمَ مَقَامَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، فَإِذَا زَالَ السَّاتِرُ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا، بَطَلَ حُكْمُ الطَّهَارَةِ، كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ، وَلَوْ انْكَشَطَتْ ظِهَارَةُ الْخُفِّ وَبَقِيَتْ بِطَانَتُهُ، لَمْ يَضُرَّ.
(أَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ) الْمَمْسُوحَةِ وَلَوْ كَوْرًا، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، لِأَنَّهُ كَنَزْعِهَا لِزَوَالِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ.
(أَوْ انْقَطَعَ دَمُ مُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا) كَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ سَيَّالَةٌ وَكَذَا انْقِطَاعُ نَحْوِ سَلَسِ الْبَوْلِ. اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، لِأَنَّ طَهَارَتَهُ إنَّمَا صَحَّتْ لِلْعُذْرِ فَإِذَا زَالَ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصْلِ. كَمَنْ يَتَيَمَّمُ لِمَرَضٍ وَعُوفِيَ مِنْهُ (أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّة) أَيْ مُدَّةُ الْمَسْحِ.
(وَلَوْ) وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (فِي صَلَاةٍ [بَطَلَتْ و] اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ) لِأَنَّ طَهَارَتَهُ مُؤَقَّتَةٌ، فَبَطَلَتْ بِأَنَّهَا وَقْتُهَا كَخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ، وَسَوَاءٌ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ أَوْ لَا، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. وَعَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ. فَإِذَا خَلَعَ عَادَ الْحَدَثُ إلَى الْعُضْوِ الَّذِي مَسَحَ الْحَائِلَ عَنْهُ. فَيَسْرِي إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ. فَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ. وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: إنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ (وَزَوَالُ جَبِيرَةٍ) وَلَوْ لَمْ يَبْرَأْ مَا تَحْتَهَا (ك) زَوَالِ (خُفٍّ) وَكَذَا بُرْؤُهَا. لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غُسْلِ مَا تَحْتَهَا. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ: إلَّا أَنَّهَا إذَا مَسَحَتْ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَزَالَتْ أَجْزَأَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ مِمَّا سَبَقَ.
[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]
جَمْعُ نَاقِضَةٍ بِمَعْنَى نَاقِضٍ. إنْ قِيلَ: لَا يُجْمَعُ فَاعِلٌ وَصْفًا مُطْلَقًا عَلَى فَوَاعِلَ إلَّا
مَا شَذَّ أَوْ جَمْعُ نَاقِضٍ إنْ خُصَّ الْمَنْعُ بِوَصْفِ الْعَاقِلِ، عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ (وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ لِلتَّفْسِيرِ ; لِأَنَّ النَّقْضَ حَقِيقَةٌ فِي الْبِنَاءِ: وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعَانِي كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَالْعِلَّةُ: مَجَازٌ (ثَمَانِيَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ أَحَدُهَا (الْخَارِجُ وَلَوْ) كَانَ (نَادِرًا) كَالرِّيحِ مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّودِ وَالْحَصَى مِنْ الدُّبُرِ، فَيَنْقُضُ كَالْمُعْتَادِ، وَهُوَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ مِنْ الدُّبُرِ، لِحَدِيثِ «فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. فَأَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَدَمُهَا غَيْرُ مُعْتَادٍ. وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ. أَشْبَهَ الْمُعْتَادَ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ أَوْ رِيحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَشْمَلُ الرِّيحَ مِنْ الْقُبُلِ وَالْحَصَاةِ تَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ نَجِسَةٌ (أَوْ) كَانَ الْخَارِجُ (طَاهِرًا) كَوَلَدٍ بِلَا دَمٍ، فَيَنْقُضُ.
(أَوْ) كَانَ (مُقَطَّرًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ مُشَدَّدَةً، بِأَنْ قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا. ثُمَّ خَرَجَ فَيَنْقُضُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَّةٍ نَجِسَةٍ تَصْحَبُهُ، فَيَتَنَجَّسُ لِنَجَاسَةِ مَا لَاقَاهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْح وَلَوْ قَطَّرَهُ فِي غَيْرِ السَّبِيلِ، وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ. كَمَا لَوْ قَطَّرَهُ فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يُنْقَضْ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ (أَوْ) كَانَ (مُحْتَشًى) بِأَنْ احْتَشَى قُطْنًا أَوْ نَحْوَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ قُبُلِهِ (وَابْتَلَّ) ثُمَّ خَرَجَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، سَوَاءٌ كَانَ طَرَفُهُ خَارِجًا أَوْ لَا.
وَمَفْهُومُهُ: إنْ لَمْ يَبْتَلَّ لَا يُنْقَضْ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ مَنْفَذٌ. وَلَمْ تَصْحَبْهُ نَجَاسَةٌ. فَلَمْ يُنْقَضْ انْتَهَى. وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ الْمُحْتَشَى فِي دُبُرِهِ يَنْقُضُ إذَا خَرَجَ مُطْلَقًا.
وَفِي الْإِقْنَاعِ: يَنْقُضُ الْمُحْتَشَى إذَا خَرَجَ وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ (أَوْ) كَانَ (مَنِيًّا دَبَّ) إلَى فَرْجٍ ثُمَّ خَرَجَ (أَوْ) مَنِيًّا (اسْتُدْخِلَ) بِنَحْوِ قِطْعَةٍ فِي فَرْجٍ، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ. لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ، لَا يَخْلُو عَنْ بَلَّةٍ تَصْحَبُهُ مِنْ الْفَرْجِ.
وَالْحُقْنَةُ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ أَدْخَلَ بَعْضَ الزَّرَّاقَةِ نَقَضَتْ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْقُبُلِ أَوْ فِي الدُّبُرِ. وَ (لَا) يَنْقُضُ الْخَارِجُ إنْ كَانَ (دَائِمًا) كَدَمِ مُسْتَحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ، لِلضَّرُورَةِ (مِنْ سَبِيلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ. وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. فَيَنْقُضُ مَا خَرَجَ مِنْهُ (إلَى مَا) أَيْ مَحَلٍّ (يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ) لِأَنَّ مَا وَصَلَ
إلَيْهِ الْخَارِجُ إذَا لَمْ يَلْحَقْهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مِنْ الْخَبَثِ لَمْ يَلْحَقْ سَبَبَهُ حُكْمُ التَّطْهِير مِنْ الْحَدَثِ وَالْجَارُّ أَيْضًا مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ (وَلَوْ) لَمْ يُنْقَلْ الْخَارِجُ، بَلْ كَانَ (بِظُهُورِ مَقْعَدَةٍ عُلِمَ بَلَلُهَا) نَصًّا.
فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بَلَلُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْوُضُوءُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا طَرَفُ مُصْرَانٍ وَرَأْسُ دُودَةٍ. و (لَا) يَنْقُضُ (يَسِيرُ نَجَسٍ) خَرَجَ (مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ) أَيْ قُبُلَيْ (خُنْثَى مُشْكِلٍ غَيْرَ بَوْلٍ وَغَائِطٍ) لِلشَّكِّ فِي النَّاقِضِ. وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ فَرْجٍ أَصْلِيٍّ.
فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ كَثِيرًا أَوْ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا أَوْ خَرَجَ النَّجِسَانِ أَوْ الطَّاهِرُ مِنْهُمَا. نَقَضَ (وَمَتَى اسْتَدَّ الْمَخْرَجُ) الْمُعْتَادُ وَلَوْ خِلْقَةً (وَانْفَتَحَ غَيْرُهُ وَلَوْ) كَانَ الْمُنْفَتِحُ (أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ) أَيْ الْمُنْفَتِحِ (حُكْمُ) الْمَخْرَجِ (الْمُعْتَادِ) بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ لَهُ (فَلَا نَقْضَ بِرِيحٍ مِنْهُ) وَلَا بِمَسِّهِ، وَلَا بِخُرُوجِ يَسِيرِ نَجَسٍ غَيْرَ بَوْلٍ وَغَائِطٍ، وَلَا غُسْلٍ بِإِيلَاجٍ فِيهِ بِلَا إنْزَالٍ وَتَقَدَّمَ لَا يَجْزِي فِيهِ اسْتِجْمَارٌ (الثَّانِي خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ) غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ.
وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا (مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا كَانَ الْبَوْلُ أَوْ الْغَائِطُ أَوْ يَسِيرًا (أَوْ) خُرُوجُ (نَجَاسَةٍ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ (كَقَيْءٍ وَلَوْ) خَرَجَ الْقَيْءُ (بِحَالَةٍ) بِأَنْ شَرِبَ نَحْوَ مَاءٍ وَقَذَفَهُ بِصِفَتِهِ، لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ لَا بِاسْتِحَالَتِهِ (فَاحِشَةً) نَعْتٌ لِنَجَاسَةٍ (فِي نَفْسِ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ) .
رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْخَلَّالُ: الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ: أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَسْتَفْحِشُهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ. لَا مَا يَسْتَفْحِشُهُ غَيْرُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ حَالِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَسْتَفْحِشُهُ غَيْرُهُ حَرَجٌ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا. وَبِالنَّقْضِ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ. لِحَدِيثِ مَعْدَانُ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَتَوَضَّأَ. قَالَ فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمِشْقَ فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ: صَدَقَ، أَنَا سَكَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
قِيلَ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ ثَوْبَانَ ثَبَتَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ (وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ (بِقُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَخِرْقَةٍ (أَوْ) كَانَ (بِمَصِّ عَلَقٍ) لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُعَالَجَةٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ.
و (لَا) يَنْقُضُ مَا خَرَجَ بِمَصِّ (بَعُوضٍ) وَهُوَ صِغَارُ الْبَقِّ (وَنَحْوِهِ) كَبَقٍّ وَذُبَابٍ وَقَمْلٍ وَبَرَاغِيثَ، لِقِلَّتِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ (الثَّالِثُ: زَوَالُ عَقْلٍ) كَحُدُوثِ جُنُونٍ أَوْ
بِرْسَامٍ، كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا إجْمَاعًا (أَوْ تَغْطِيَتُهُ) أَيْ الْعَقْلِ بِسُكْرٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ (حَتَّى بِنَوْمٍ) وَهُوَ غَشْيَةٌ ثَقِيلَةٌ تَقَعُ عَلَى الْقَلْبِ، تَمْنَعُ الْمَعْرِفَةَ بِالْأَشْيَاءِ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ يَرْفَعُهُ «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اُسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ " وَالسَّهُ " حَلْقَةُ الدُّبُرِ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ أَثْبَتُ وَأَقْوَى وَفِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِمَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ كَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ فَأُقِيمَ مَقَامَهُ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ تَلَحَّمَ عَلَى الْمَخْرَجِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ (إلَّا نَوْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا. لِأَنَّ نَوْمَهُ كَانَ يَقَعُ عَلَى عَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ.
(وَ) إلَّا النَّوْمُ (الْيَسِيرُ عُرْفًا مِنْ جَالِسٍ)«لِحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ أَصْحَابُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مِنْ مُنْتَظِرِي الصَّلَاةِ، فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ.
وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ كَثِيرٌ، وَعَنْهُ لَا، وَهِيَ أَظْهَرُ، وَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ لَا يَدْرِي أَرُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ؟ فَلَا نَقْضَ.
(وَ) إلَّا الْيَسِيرُ عُرْفًا مِنْ (قَائِمٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَالِسَ فِي التَّحَفُّظِ وَاجْتِمَاعِ الْمَخْرَجِ. وَرُبَّمَا كَانَ الْقَائِمُ أَبْعَدَ مِنْ الْحَدَثِ (لَا) إنْ كَانَ النَّوْمُ الْيَسِيرُ (مَعَ احْتِبَاءٍ أَوْ اتِّكَاءٍ أَوْ اسْتِنَادٍ) فَيَنْقُضُ مُطْلَقًا كَنَوْمِ الْمُضْطَجِعِ. وَعُلِمَ مِنْهُ: النَّقْضُ بِالْيَسِيرِ أَيْضًا مِنْ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ.
(الرَّابِعُ: مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ) دُونَ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، تَعَمَّدَهُ أَوْ لَا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (وَلَوْ) كَانَ الْفَرْجُ الْمَمْسُوسِ (دُبُرًا) لِأَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ. أَمَّا مَسُّ الذَّكَرِ فَلِحَدِيثِ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ مَرْفُوعًا «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ بُسْرَةَ. وَعَنْ جَابِرٍ مِثْلُهُ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ.
وَأَمَّا مَسُّ غَيْرِ الذَّكَرِ فَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَإِذَا انْتَقَضَ بِمَسِّ فَرْجِ نَفْسِهِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَجَوَازِهِ. فَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ
أَوْلَى.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ بُسْرَةَ " مَنْ مَسَّ الذَّكَرَ فَلْيَتَوَضَّأْ " فَيَشْمَلُ كُلَّ ذَكَرٍ (أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ فَرْجُهُ (مَيِّتًا) لِمَا سَبَقَ، وَلِبَقَاءِ حُرْمَتِهِ (مُتَّصِلٍ) صِفَةٌ لِفَرْجٍ. فَلَا نَقْضَ بِمَسٍّ مُنْفَصِلٍ لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ بِقَطْعِهِ (أَصْلِيٍّ) صِفَةٌ أَيْضًا. فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ زَائِدٍ وَلَا أَحَدُ فَرْجَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْفَرْجُ (أَشَلَّ) لَا نَفْعَ فِيهِ لِبَقَاءِ اسْمِهِ وَحُرْمَتِهِ (أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ (قُلْفَةً) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَتُحَرَّكُ: جِلْدَةُ الذَّكَرِ. لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الذَّكَرِ وَحُرْمَتِهِ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ (أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ (قُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فَرْجٌ أَصْلِيٌّ، فَيَنْقُضُ مَسُّهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَائِدٌ (أَوْ) كَانَ مَسُّ غَيْرِ خُنْثَى مِنْ خُنْثَى (لِشَهْوَةٍ مَا لِلَامِسِ مِثْلِهِ) بِأَنْ مَسَّ ذَكَرٌ ذَكَرَ الْخُنْثَى لِشَهْوَةٍ، وَالْأُنْثَى قُبُلَهُ الَّذِي يُشْبِهُ فَرْجَهَا لِشَهْوَةٍ.
فَيُنْقَضُ وُضُوءُ اللَّامِسِ، لِتَحَقُّقِ النَّقْضِ بِكُلِّ حَالٍ. فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا نَقْضَ. لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ مَسَّ خُنْثَى قُبُلَ خُنْثَى آخَرَ، أَوْ قُبُلَيْ نَفْسِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِتَيَقُّنِ النَّقْضِ، وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا فَلَا، وَمَسُّ دُبُرِهِ كَدُبُرِ غَيْرِهِ. لِأَنَّهُ أَصْلِيٌّ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ. وَإِنْ تَوَضَّأَ خُنْثَى وَلَمَسَ أَحَدَ فَرْجَيْهِ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَطَهَّرَ، وَلَمَسَ الْآخَرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ أَوْ فَائِتَةً. لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا، دُونَ الْوُضُوءِ.
قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (بِيَدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَسَّ. فَلَا نَقْضَ إذَا مَسَّهُ بِغَيْرِهَا، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ " مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى ذَكَرِهِ " وَلِأَنَّ غَيْرَ الْيَدِ لَيْسَ بِآلَةٍ لِلْمَسِّ (وَلَوْ) كَانَتْ الْيَدُ (زَائِدَةً) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَطْنِ الْكَفِّ وَظَهْرِهَا وَحَرْفِهَا، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا. أَشْبَهَ بَطْنَهَا (خَلَا ظُفْرٍ) فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِالظُّفْرِ ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ (أَوْ) مَسَّ (الذَّكَرَ بِفَرْجِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا مَسَّ بِذَكَرِهِ فَرْجًا غَيْرَ الذَّكَرِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ; لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّهِ بِالْيَدِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِمَسِّ ذَكَرٍ بِذَكَرٍ. وَلَا دُبُرٍ بِدُبُرٍ. وَلَا قُبُلِ امْرَأَةٍ بِقُبُلِ أُخْرَى أَوْ دُبُرِهَا (بِلَا حَائِلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَسَّ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ. فَإِنْ مَسَّ بِحَائِلٍ فَلَا نَقْضَ، وَ (لَا) يَنْقُضُ مَسُّ (مَحَلِّ) ذَكَرٍ (بَائِنٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْجٍ وَكَذَا مَسُّ الْبَائِنِ لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا سَبَقَ.
(وَ) لَا يَنْقُضُ مَسُّ (شُفْرَيْ امْرَأَةٍ دُونَ مَخْرَجٍ) لِأَنَّ الْفَرْجَ مَخْرَجُ الْحَدَثِ، لَا مَا قَارَبَهُ. وَشُفْرَا الْفَرْجِ، بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ: حَافَّتَاهُ. وَلَا نَقْضَ بِمَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا
مَا بَيْنَ الْفَرْجَيْنِ.
(الْخَامِسُ: لَمْسُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى الْآخَرَ) أَيْ لَمَسَ ذَكَرٌ أُنْثَى، أَوْ أُنْثَى ذَكَرًا (لِشَهْوَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] وَخَصَّ الْآيَة بِمَا إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ. وَلِحَدِيثِ عَائِشَة قَالَتْ: «فَقَدْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسَتْهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَنَصْبُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي.
«وَعَنْهَا كُنْت أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ. فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْت رِجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِلَا حَائِلٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّ اللَّمْسَ لَيْسَ بِحَدَثٍ. وَإِنَّمَا هُوَ دَاعٍ إلَيْهِ فَاعْتُبِرَتْ الْحَالَةُ الَّتِي تَدْعُو فِيهَا إلَيْهِ. وَهِيَ حَالُ الشَّهْوَةِ. وَقِيسَ عَلَيْهِ مَسُّ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَمَتَى لَمْ يَنْقُضْ مَسُّ أُنْثَى اُسْتُحِبَّ الْوُضُوءُ نَصًّا (بِلَا حَائِلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِلَمْسٍ فَإِنْ كَانَ بِحَائِلٍ لَمْ يَنْقُضْ. لِأَنَّهُ لَمْ يَلْمِسْ الْبَشَرَةَ أَشْبَهَ لَمْسَ الثِّيَابِ.
وَالشَّهْوَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ كَمَا لَوْ وُجِدَتْ مِنْ غَيْرِ لَمْسٍ (وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (ب) عُضْوٍ (زَائِدٍ لِزَائِدٍ) كَالْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ كَالْأَصْلِيِّ (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ لِعُضْوٍ (أَشَلَّ) لَا نَفْعَ فِيهِ أَوْ بِهِ (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ لِ (مَيِّتٍ) لِلْعُمُومِ.
وَكَمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْمَيِّتِ (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ ل (هَرِمٍ أَوْ مَحْرَمٍ) لِمَا سَبَقَ و (لَا) يَنْقُضُ مَسٌّ مُطْلَقًا ل (شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ) وَلَا اللَّمْسُ بِهَا ; لِأَنَّهَا تَنْفَصِلُ فِي حَالِ السَّلَامَةِ أَشْبَهَ لَمْسَ الدَّمْعِ وَلِذَلِكَ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَنَحْوُهُ أَوْقَعَ بِهَا.
(وَ) لَا يَنْقُضُ لَمْسُ (مَنْ) لَهَا، أَوْ لَهُ (دُونَ سَبْعٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ.
(وَ) لَا لَمْسُ (رَجُلٍ لِأَمْرَدَ) وَهُوَ الشَّابُّ، طَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَلَوْ لِشَهْوَةٍ.
وَكَذَا مَسُّ امْرَأَةٍ امْرَأَةً وَلَوْ لِشَهْوَةٍ، لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النَّصِّ لَهُ (وَلَا إنْ وَجَدَ مَمْسُوسٌ فَرْجُهُ أَوْ مَلْمُوسٌ شَهْوَةً) يَعْنِي لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ مَمْسُوسٍ فَرْجُهُ بِشَهْوَةٍ. وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ شَهْوَةٌ، وَلَا وُضُوءُ مَلْمُوسٍ بَدَنُهُ لِشَهْوَةٍ، وَلَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ شَهْوَةٌ. بَلْ يَخْتَصُّ النَّقْضُ بِالْمَاسِّ وَاللَّامِسِ، لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النَّصِّ لَهُمَا. وَلَا نَقْضَ أَيْضًا بِانْتِشَارٍ بِفِكْرٍ أَوْ تَكْرَارِ نَظَرٍ.
(السَّادِسُ: غَسْلُ مَيِّتٍ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ الْمَيِّتِ بِالْوُضُوءِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَقَلُّ مَا فِيهِ الْوُضُوءُ " وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ الْغَاسِلَ لَا يَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ مَسِّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ. فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، كَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ (أَوْ) غَسْلُ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ فِي قَمِيصٍ، وَ (لَا) يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ (إنْ يَمَّمَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ لِعُذْرٍ، اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ.
وَغَاسِلُ الْمَيِّتِ، مَنْ يُقَلِّبُهُ وَيُبَاشِرُهُ، لَا مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ وَنَحْوَهُ (السَّابِعُ: أَكْلُ لَحْمِ إبِلٍ) عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، نِيئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا، عَالِمًا بِالْحَدِيثِ أَوْ لَا. لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ أَحْمَدُ: فِيهِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَدَعْوَى النَّسْخِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَرْدُودَةٌ.
وَقَدْ أَطَالَ فِيهِ فِي شَرْحِهِ وَ " إبِلٌ " بِكَسْرَتَيْنِ وَتُسَكَّنُ الْبَاءُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاحِدٌ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ. وَلَيْسَ بِجَمْعٍ وَلَا اسْمِ جَمْعٍ. وَجَمْعُهُ آبَالٌ (تَعَبُّدًا) فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ (فَلَا نَقْضَ) بِأَكْلِ مَا سِوَى لَحْمِ الْإِبِلِ مِنْ اللُّحُومِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُبَاحَةً أَوْ مُحَرَّمَةً وَلَا نَقْضَ (بِتَنَاوُلِ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا) أَيْ الْإِبِلِ، كَسَنَامِهَا وَقَلْبِهَا وَكَبِدِهَا وَطِحَالِهَا وَكَرِشِهَا وَمِصْرَانِهَا. لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا.
(وَ) لَا نَقْضَ أَيْضًا ب (شُرْبِ لَبَنِهَا وَ) شُرْبِ (مَرَقِ لَحْمِهَا) لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي اللَّحْمِ. وَالْحُكْمُ فِيهِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَاقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ) عَنْ الْإِسْلَامِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْإِيمَانَ فَوَجَبَ أَنْ تُبْطِلَ مَا هُوَ شَطْرُهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا مَعْنَى لِجَعْلِهَا مِنْ النَّوَاقِضِ، مَعَ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، يَعْنِي إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ، إذْ وُجُوبُ الْغُسْلِ مُلَازِمٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ، كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكُلُّ)(مَا أَوْجَبَ غُسْلًا)(غَيْرَ مَوْتٍ كَإِسْلَامٍ وَانْتِقَالِ مَنِيٍّ وَنَحْوِهِمَا) كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (أَوْجَبَ وُضُوءًا)
وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يَجِبُ وُضُوءُهُ، بَلْ يُسَنُّ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِنَحْوِ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَرَفَثٍ وَقَذْفٍ. نَصًّا، وَلَا بِقَهْقَهَةٍ بِحَالٍ. وَلَا بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ. لَكِنْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ.
وَحَدِيثُ الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا تَأْخُذُوا بِمَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَمَّنْ أَخَذَا. وَالْقَهْقَهَةُ: أَنْ يَضْحَكَ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ ضَحِكِهِ حَرْفَانِ.
ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (وَلَا نَقْضَ بِإِزَالَةِ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ) كَظُفْرٍ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَمَّا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْخُفِّ.